مدن عربية|  غزة  هاشم الجريحة … تاريخ ممتد وذاكرة تأبى النسيان

غزة  هاشم الجريحة : قطاع غزة

يقع قطاع غزة بين صحراء النقب وسيناء من جهة والبحر الأبيض المتوسط.  ولذلك مثل نقطة اتصال  تاريخية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا  (خرائط غزة).

يبلغ طول قطاع غزة 41 كم، ويتراوح عرضه من 6 إلى 12 كم، وتبلغ مساحته الإجمالية 365 كم2.

خرائط غزة

يعيش في القطاع 2.23  مليون نسمة،  مما يجعل الكثافة السكانية مماثلة لتلك الموجودة في هونغ كونغ.  يسكن غزة  مسلمون سنة ومسيحيون من الارتوذوكس والكاثوليك. ويبلغ معدل النمو السكاني السنوي في غزة 1.99% (تقديرات 2023)، مما يجعلها تحتل المرتبة 39 من حيث أعلى المعدلات في العالم.

وتعرضت غزة منذ معركة طوفان الأقصى في  7  أكتوبر 2023 لغزو بربري من اسراءيل بحجة حق الدفاع عن الناس،  بينما تتركز العمليات العسكرية على تدمير البنية التحتية والمباني السكنية ، وقتلت 23 الف شهيد (حتى 7 كانون ثاني يناير ، 2024). إضافة إلى قرابة 8 آلالف مفقود تحت ركام الأبنية، و قرابة 60 ألف جريح. وتعكس  المواد المرئية على وسائل التواصل الاجتماعي،  أن أهل غزة كانوا العلامة الفارقة، وأن اصرارهم وصمودهم وتحديهم لظروف بالغة القسوة ، تفوق قدرة الإنسان على التحمل، ويعكس تمسكهم بالارض، توارث الأجيال الفلسطينية الذاكرة الجمعية الحافلة بالتهجير والموت والأسر، وأن  غزة، تأبى وتقاوم النسيان.

غزة  هاشم الجريحة : نشأة غزة

تمثل غزة أحد أقدم المدن التي عرفها التاريخ.  وقد استمدتأهميتها الاستراتيجية لكونها همزة الوصل بين فلسطين ومصر ونقطة التقاء للقوافل التي كانت تنقل بضائع جنوب الجزيرة العربية والشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط، ومركز توزيع هذه البضائع إلى سوريا وآسيا الصغرى وأوروبا.

كانت غزة ذات يوم، ملتقى لحضارات عالمية نظرًا لموقعها الاستراتيجي على تقاطع طرق مرورية تجارية رئيسة تربط طريق التوابل والبخور بين المحيط الهندي عبر اليمن ومكة وغزة من ناحية وبين طريق الحرير من الصين وسمرقند وبلاد ما بين النهرين مرورًا بدمشق وبيسان ومجدو. وعُرف السهل الساحلي الجنوبي لفلسطين في العصور القديمة باسم طريق البحر،  الذي تتصدره غزة باعتبارها من أهم موانىئ البحر الأبيض المتوسط  للتجارة الدولية في العالم القديم قبل تحول السفن التجارية إلى ميناء يافا في القرن التاسع عشر.

واكتسب قطاع غزة اهميته من عمقه التاريخي، إذ كانت أحد  معاقل شعب العمالقة الجبارين الكنعانيين كما وصفوا تاريخياً، منذ ما قبل الالفية الثانية قبل الميلاد. وتعدّ خربة تل العجول (خرائط غزة ) من أقدم مدن فلسطين والتي غالبا ما تُدعى غزة القديمة،  وتقع عند مصب وادي غزة المنحدر من جبل الخليل مارًا عبر النقب اتجاه البحر الأبيض المتوسط، جنوب غزة الحديثة.

أدى موقع غزة الاستراتيجي لاشتداد الصراعات حولها على مر العصور. فقد احتلت غزة مركزًا رئيسًا للتجارة الدولية في العالم القديم، جعلها مطمع كل الغزاة فتنازع عليها الفراعنة وبنو إسرائيل والأشوريون والبابليون والفرس واليونانيون والرومان والبيزنطيون والصليبيون، والعثمانيون والفرنسيون والمصريون والبريطانيون. 

وتشير التوراة والقرآن إلى أن أصل وجود اليهود  هو سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي جاء ومعه قلة قليلة، في بدايات الألف الثانية ق . م  هاربا من العراق إلى فلسطين طالبا الحماية.  و هاجر أحفاده ، وهم أبناء يعقوب عليه السلام من فلسطين إلى مصر واستقروا فيها  وكانوا لا يزيدون عن 70 شخصأ.  

 وهرب سيدنا موسى وأتباعه من فرعون مصر إلى فلسطين عبر سيناء،  “قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (المائدة: 22) .  ودخلوا في التيه في أرض سيناء 40 سنة في الفترة (بين 1500 ق.م إلى 1460 ق.م تقريبا).  وبعد وفاة نبيُّ الله موسى، خرج  يوشع بن نون  (1463 –  1353 ق . م) ببني إسرائيل من التيه غازياً لمدن أرض كنعان ، ارض الجبارين ، وسار إلى مدينةِ  أريحا المحصنة بأسوار قوية. ثم إلى بيت المقدس (القدس) بعد حصار لقتال الجبارين  و تم فيها الاستيلاء على معظم أرض كنعان.  وامتد عهد الغزاة من بني اسرائيل حتى القرن الثامن  ق . م ، وشملت هذه الفترة عهود سيدنا داود وسيدنا سليمان (1004-923 ق.م) ونشوء مملكة يهوذا وعاصمتها القدس (أورشاليم) ومملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة في نابلس. 

قام الآشوريون بتدمير مملكة السامرة عام 722 ق.م وسبي اليهود للعراق، ودمر االكلدانيون مملكة يهوذا بقيادة الملك نبوخذ نصر  الذي سبي يهود مملكة يهوذا إلى بابل عام 586 ق.م.  . وظهر اسم فلسطين (بليستو) في الوثائق الآشورية. 

وادي غزة

وتمكن الملك الفارسي قورش الثاني في عام 539 ق.م من تدمير مملكة بابل بمساعدة اليهود، وسمح لهم بالعودة إلى فلسطين لمعاونته في الحكم وعاشوا تحت حكم الفرس.  وعاد بعضهم لفلسطين ، وذهب الكثير منهم لبلاد عربية اخرى عُرفت بوجود جاليات يهودية في مصر والعراق وسوريا وغيرهم.

 واحتل الإسكندر الأكبر غزة التي كانت تحت حكم الفرس بعد غزو صور في القرن الرابع  ق . م ، في طريقه لاحتلال مصر، وبدأ عصر جديد سادت فيه الحضارة اليونانية (الهلنستية). و أطلقت الثقافة اليونانية خطابًا توفيقيًا نشطت فيه أشكال ثقافية من الفن والعمارة والفلسفة والدين مستوحاة من الأساطير اليونانية والعلوم والفلسفة والمنطق الإغريقي.

انقسمت إلامبراطورية اليونانية في الشرق الأوسط بين السلوقيين في سوريا وفلسطين ، و البطالمة في مصر. وإنشأت المملكة الحشمونية في القرن الثاني ق . م ، وأسس الأدوميون -وهم تحالف من القبائل العمورية- امتدت مملكتهم في الجنوب من جبل الخليل حتى غزة.

غزى الرومان فلسطين عام 63 قبل الميلاد، وبدأت عملية الكتابة بالحروف اللاتينية؛ وأنشأت مدن رومانية الطابع مثل القدس، وقيسارية، وسبسطية، وبيسان. واصبح هيرودس الكبير (عربي أدومي)، حاكمًا على فلسطين في عام 37 ق.م. وشمل التنوع العرقي المجتمعات العربية الأدومية والنبطية والصيداويين واليونانيين في الجنوب واليونانيين، واليهود السامريين وغيرهم من الأقليات الإثنية في الشمال.

موضوعات ذات صلة

دمشق حاضرة الدولة الأموية | أقدم عاصمة لأكبر دولةٍ في تاريخِ الإسلام

مدن عربية | أريحا .. أقدم مدينة في العالم .. التي نشأت مع التاريخ

مدن عربية | دار السلام بغداد … التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)

مدن عربية | مدينة المنصور بغداد … حاضرة الدنيا .. وملتقى طرق العالم (1)

مدن عربية | الإسكندرية .. التي سبقت مدن المستقبل في العالم

مدن عربية | … في ميزان تصنيف المدن العالمية 2020

مدن عربية | مدن في مصاف المدن العالمية

كان ميلاد السيد المسيح وانتشار المسيحية،  نقطة تحول اكتسبت بعدها فلسطين أهمية قصوى كمركز للحج المسيحي. وفي عام 325م أعلن الإمبراطور قسطنطين أن المسيحية هي الدين الرسمي للدولة، فقامت والدته هيلانة بزيارة المواقع المرتبطة بحياة وموت وقيامة ومعجزات يسوع ومريم العذراء وبنت الكثير من الكنائس لإحياء ذكرى هذه المواقع المقدسة. وشملت كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم  وكنيسة الصعود فوق جبل الزيتون،  والتي اكتسبت قيمة دينية عظيمة الشأن؛ كونها ارتبطت جغرافيًا بالأماكن التي عاش فيها يسوع المسيح ووعظ ومات وقام، حتى اصبح مصطلح الأراضي المقدسة،  مُرادفًا لاسم أرض كنعان وفلسطين.

تضرب المسيحية الرهبانية في غزة جذورًا عميقة فارتبطت بالقديس هيلاريون الذي ولد في طاباثا عام 291 م، وهي قرية جنوب غزة. ويعدّ هيلاريون أبو الرهبنة الفلسطينية، وقد بنى الدير الذي يحمل اسمه في جباليا . كذلك تعدّ كنيسة القديس برفيريوس لطائفة الروم، ثالث أقدم كنيسة في العالم، وتقع في حي الزيتون في البلدة القديمة في غزة، وقد سُميت على اسم أسقف غزة في القرن الخامس، القديس برفيريوس الذي دفن فيها.  وقد تعرضت للقصف من جيش الاحتلال الإسرائيلي وقتل يعض المحتمين بداخلها في طوفان الأقصى.

وفي القرن الخامس، أصبح النبيذ علامة تجارية في تجارة في البحر الأبيض المتوسط، عرفت بجرة غزة. وذاع صيت نبيذها وامتدت شهرتها إلى أماكن بعيدة مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وألمانيا، كما بلغت بنغازي وقرطاج وتونس والإسكندرية.  وراجت تجارتها منذ العصر الروماني وحتى نهاية العصر البيزنطي وبداية العصر الإسلامي المبكر في فلسطين.

تم تحرير القدس من السيطرة البيزنطية عام 637 م، بعد ثلاث سنوات من معركة أجنادين، بالقرب من بيت جبرين جنوب غزة. وبعد فترة وجيزة تم بناء قبة الصخرة المشرفة على الصخرة المقدسة، وجنوبها المسجد الأقصى ضمن المجمع المقدس المعروف بالحرم الشريف.

في عهد العباسيين في بغداد (750-969)م، والفاطميين في القاهرة (969-1073)م، والسلاجقة في دمشق (1073-1098)م، استمرت فلسطين في الازدهار واكتسبت القدس مكانة رفيعة كمركز للحج والتعلم الإسلامي، ولم تتعرض السيطرة العربية على فلسطين عامة وغزة خاصة للتهديد مرة أخرى حتى الحملة الصليبية الأولى عام 1099م حين انتزع الصليبيون السيطرة على غزة من الفاطميين عام 1100م، ولكن تم دحرهم في عام 1187م على يد صلاح الدين، مؤسس السلالة الأيوبية.

بدأت السيطرة المملوكية عام 1277م. وفي عام 1293م، جعل ابن قلاوون الناصر محمد غزة عاصمة لولاية غزة. تغطي هذه المحافظة السهل الساحلي من رفح جنوباً إلى قيسارية شمالاً، وتمتد شرقاً إلى المنحدرات الغربية للسامرة وجبال الخليل. وكانت هذه فترة ازدهار لغزة هاشم. فوصف الجغرافي الدمشقي غزة عام 1300م بأنها غنية بالأشجار لدرجة أنها تبدو وكأنها قطعة قماش من الديباج منتشرة على الأرض.

في عام 1516م، بعد وقت قصير من حُكم العثمانيين، تم تقسيم فلسطين إلى ست مقاطعات، بما في ذلك قضاء غزة (سنجق غزة) الذي امتد من يافا في الشمال إلى بيت جبرين في الشرق ورفح في الجنوب. وكان من أوائل ولاة غزة كارا شاهين مصطفى. ، وتبعه ابنه رضوان باشا واليًا على غزة، وبنى قصراً فيها. وهو سلف سلالة الرضوان، التي اختارت غزة مقرًا لعائلتها، وحيث حكم أفراد الأسرة على التوالي تقريبًا حتى عام 1690م.

كانت الحملة الفرنسية عام 1799م بمثابة نقطة تحول  . إذ شملت مذابحه مدن غزة ويافا واللد، و التي قتل أهلها واستبيحت وسلبت مقدراتها. وأقام قائد الحملة مسكنه في قصر رضوان باشا، واستمرت سيطرتهم عاما واحداً.

احتل  إبراهيم باشا، نجل محمد علي، غزة ووصل إلى أسوار عكا حيث أوقف البريطانيون تقدمه.

زار إدوارد روبنسون غزة عام 1838م، ووصفها بأنها مدينة “ذات كثافة سكانية” أكبر من القدس، حيث تقع مدينتها القديمة على قمة تل، بينما تقع ضواحيها على السهل المجاور. وذكر كذلك أن تربتها غنية تزخر بكروم وبساتين المشمش الوفيرة وتتميز بمذاق التوت اللذيذ.

في عام 1881 بدأت الموجة الأولى من الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وكان هرتزل قد أعلن هدف إقامة وطن لليهود في فلسطين في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897. وفي عام 1916، اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم بلاد العرب التابعة للدولة العثمانية فيما بينهما. واحتلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي القدس وفي عام 1917،. وفي نفس العام أعلنت الحكومة البريطانية في وعد بلفور تأييدها لإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين.

بعد الحرب العالمية الأولى، منحت عصبة الأمم السلطة الاستعمارية على الأراضي العثمانية السابقة لبريطانيا العظمى وفرنسا، وأصبحت غزة جزءًا من الانتداب البريطاني على فلسطين. وعملت السلطات البريطانية  على تقسيم فلسطين، والتي بلغت ذروتها بخطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة في عام 1947 لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين: اليهودية والعربية.

وتؤشر موجات الغزو إلى أن اليهود  جاؤوا غزاة  إلى بلاد كنعان، كما جاء كثيرون غيرهم ، وعاشوا فيها  كأحد الأديان في فلسطين. وجاء اتباع الصهيونية الاستعمارية الغربية من دول العالم غازين إلى  فلسطين لاحتلالها واستعمارها وأنشأؤوا إسرائيل عام 1948.  ولجأ في النكبة عام 1948، أكثر من 200 ألف شخص إلى غزة، مما جعلها معقل القومية الفلسطينية. وتولت مصر إدارة غزة والمنطقة المحيطة بها، والتي أصبحت تسمى قطاع غزة. وفي عام 1959، مع إلغاء حكومة عموم فلسطين، وضعت غزة تحت الحكم العسكري المصري المباشر حتى احتل الإسرائيليون غزة في عام 1967.

غزة

غزة  هاشم الجريحة : ما بعد احتلال قطاع غزة عام 1967

بدأت المقاومة في مخيم جباليا للاجئين و بلغ ذروتها بين عامي 1969 و1971. واندلعت الانتفاضة الأولى في غزة عام 1987.  وكان اتفاق أسلو في عام 1993 . وانسحبت القوات الإسرائيلية من غزة، تاركة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة المدينة وحمايتها.

وابتداء من عام  2008، شرعت إسرائيل في غاراتها الجوية على غزة وشددت من حصارها المتواصل، وتكررت  الغارات الكبيرة في سنوات 2012 و 2014 و 2019 و 2021 و 2022  ذهب ضحينها اكثر من 4000 شهيد وتدمير عشرات الألوف من المنازل.  وساءت الظروف الاقتصادية في غزة وتدهورت الظروف المعيشية بعد كل عدوان. 

وفي 7 أكتوبر 2023، كانت عملية طوفان الأقصى والتي تبعها حرب اسرائلية تدميرية على غزة لتدمير البنية المادية  والاجتماعية، وجعل غزة مكاناً غير قابل للعيش. وردد بنيامين نتنياهو أساطير توراتية قديمة (في القرن 21)؛ نبوءة إشعياء،  لتبريره حرب الإبادة والتدمير على قطاع غزة، وسوف ننتصر نحن شعب النور على أبناء الظلام (شعب غزة) وسوف نحقق نبوءة إشعياء (الذي عاش في القرن الثامن ق .م) ويجب أن تتذكروا ما فعله العماليق بكم، كما يقول الكتاب المقدس (التوراة)، وسنحقق نصرا ساحقا في حربه على غزة وسعيه لتحقيق نبوءة أشعياء التي تتكلم عن دمار العراق ودمشق واليمن و مصر  وقيام “إسرائيل الكبرى” بين النهرين النيل والفرات.

وكان نتنياهو في استدلال باطل لمعتقدات خرافية يشير لنبوءات تحت ما يُعرف بـسِفر أشعيا في العهد القديم (التوراة) ويضمّ مجموعة من 66 فصلاً. وورد في فصل صموئيل الأول اصحاج 15  حيث قَالَ صَمُوئِيلُ لِلملك شَاوُلَ: … الآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَاراً. …

وقد ربط غُلاة اليهود هذه النبوءة بعودة المسيح مع عودة المنفيين اليهود إلى فلسطين، ولكن غالبية اليهود حتى القرن 19، حرمت العودة لفلسطين قبل المجيء الثاني للمسيح، إلا أن دول الغرب تبنت مزاعم القوى الصهيونية لإقامة إسرائيل عام 1948. ويروج الصهاينة لهذه النبوءة لاستدراج اليهود إلى فلسطين كجزء من تحقيق خطة الله !!، حيث سيأتي المجيء الثاني بأيام مجيدة،  وستعيش البشرية جمعاء وحتى الحيوانات،  فيي سلام.  ولقيت هذه النبوءة دعماً من المتطرفين المسيحيين الأمريكيين اليمينيين لإسرائيل.

غزة  هاشم الجريحة : مَن بنى غزة ؟

أُنشئت غزة في الالفية الثالثة ق.م على موقع تل العجول (خرائط غزة). وقيل أنه في الالفية الثانية ق.م  في عهد الهكسوس أقيمت مدينة جديدة في الموقع الحالي لغزة نظراً لانتشار الملاريا.

ويُذكر في كتاب “تاريخ غزة”  أنها من بين أقدم مدن العالم. حيث سُكنت من قبل الكنعانيين، ذرية حام بن نوح.

وفي رواية أخرى أن الكنعانيون استولوا عليها من العموريين نهاية القرن الثالث  ق . م .  ويعود الكنعانيون بأنسابهم للعمالقة  كما ذكر ابن خلدون. وذكر أن قسمًا كبيرًا من سور المدينة، الذي عُثر على بقاياه، تم بناؤه في عهد الكنعانيين. ويُشير “العارف” إلى أن الكنعانيين كانوا أوائل من عرفوا زراعة الزيتون في هذه الأرض. وقاموا بتطوير صناعات مثل النسيج والفخار والتعدين. كما أنهم اخترعوا الحروف الهجائية ووضعوا الشرائع والقوانين.

وتقول روايات تاريخية أخرى، أن غزة القائمة اليوم لا تزال في موقعها القديم. وأن تل العجول كانت ميناءًا تجاريًا لغزة. أو  أن غزة القديمة قد دمِّرت على يد الإسكندر الأكبر في أواخر القرن الأول ق . م ، ولا تبتعد غزة الحديثة عن موقعها الأصلي.

ويُشير العارف إلى أن المعينيين في اليمن، الذين يُعتبرون أقدم شعب عربي. أسسوا مدينة غزة كمركز لتجارتهم في الألفية الأولى ق . م ، مما منح مدينة غزة شهرتها التاريخية.  وكانت التجارة تبدأ من اليمن، حيث تتلاقى تجارة البلاد وتجارة الهند. وتتجه شمالًا نحو مكة والمدينة والبتراء، ومن ثم تفرع إلى فرعين. أحدهما في غزة على البحر المتوسط، والثاني على طريق الصحراء إلى تيماء ودمشق وتدمر.

غزة  هاشم الجريحة : تسمية ومعنى غزة

عُرفت غزة باسم “غزة هاشم”، لارتباطها الوثيق بالجد الأكبر للنبي محمد، هاشم بن عبد مناف،  الذي يُعتقد أنه مدفون في مسجد يحمل اسمه في حي الدرج. ويعود الفضل إلى سيدنا هاشم وهو مؤسس قبيلة الهاشميين في إحياء التحالفات العربية القبلية التي تحمي طريق التوابل والبخور من غزة إلى مكة من ناحية وطريق الحج التي سلكها المسيحيون الأوائل إلى دير سانت كاترين وجبل الطور في سيناء.

وقد ولد في غزة الإمام الشافعي، مؤسس المذهب الشافعي وأحد المذاهب السنية الأربعة.

 ويقول العارف في كتابه “تاريخ غزة” إن الكنعانيين كانوا يطلقون عليها هزاتي، أما المصريون القدماء فكانوا يسمونها غازاتو  و أطلق عليها الصليبيون غادريس.

ويشير العارف إلى أن تسمية غزة  تعني العِزة والمَنَعة والقوة، وتعود تاريخياً  إلى الحروب الكثيرة التي شهدتها المدينة ومحيطها وصمودها القوي أمام الاعتداءات ، تا كما حدث بعد أكتوبر 7 ، 2023.

وهناك تسمية أخرى فارسية ويونانية تشير إلى أن معنى غزه، هو الخزينة أو الثروة. ويوضح المؤرخ المقدسي عارف العارف إلى أن “غزه” تحمل هذا الاسم منذ قبل أن تخضع للاحتلال الفارسي واليوناني والروماني في فترات زمنية مختلفة.

غزة  هاشم الجريحة : أحياء مدينة غزة

تضم غزة عدداً من الأحياء الرئيسية وتشمل ما يلي (خريطة الاحياء : شكل ):

1. حي  التفاح   وهو من الأحياء القديمة ويقع شمال شرق المدينة، وتعود هذه التسمية لكثرة أشجار التفاح في هذا الحي.  ويضم الحي فرعاً  لجامعة الإسراء  و مسجد علي ابن مروان الأثري.

2. حي الشجاعية: من أكبر أحياء مدينة غزة، وبه معبر المنطار التجاري ، وهو حي قديم بُنى خلال عهد الأيوبيين . وينقسم الحي إلى قسمين الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (الجديدة). بضم الحي أكبر منطقة صناعية في غزة ويعمل معظم سكانه على صناعات خفيفة مثل الخياطة والزراعة وغيرها، ويمتاز بأنه منطقة تجارية فيها كل الأشكال التجارية والورش.

3. حي الرمال:  أحد أرقى أحياء مدينة غزة وأكبرها مساحة بُني في ثلاثينات وأربعينيات القرن العشرين.  وينقسم إلي الرمال الشمالي والجنوبي. ويحده شمالاً حي النصر وحي الشيخ رضوان  وجنوبا حي الشيخ عجلين وحي تل الهوى.

4. حي النصر:  أقيم حي النصر في عهد جمال عبد الناصر  في خمسينيات القرن العشرين وأعطي اسم الزعيم الخالد.

5. حي الزيتون ويعتبر أحد أكبر أحياء مدينة غزة، حيث يقطنه أكثر من 100 ألف نسمة. وقد أخذ الحي هذا الإسم من كثرة أشجار الزيتون المزروعة فيه، ولكن تم اقتلاع وتجريف الكثير منها خلال انتفاضة الأقصى و من قبل الجيش الإسرائيلي في عام 2008 م.

6. حي الدرج: وكان يسمى سابقاً حي بني عامر، نسبة لقبيلة بني عامر العربية التي سكنته مع بداية الفتح الإسلامي ثم سمي حي البرجلية،  نسبة للمحاربين المدافعين عن أبراج المدينة في العصر المملوكي.

7. حي الصبرة: من أحياء غزة القديم، ويقغ بين حي الدرج وحي الزيتون.

8. حي الشيخ رضوان: ويقع في اقصى شمال المدينة غربي جباليا.  وتعود تسمية الحي لرجل صالح يدعى رضوان، يقع ضريحه (مزاره) على تل في المنطقة، وتخليدًا لسيرته الطيبة أطلق عليه حي الرضوان .

9. تل الهوى: وهو أحد الأحياء الجديدة وبرزت فيه العمارة بعد قدوم السلطة الفلسطينية إلى غزة عام 1993رحيث أقيمت أغلب المؤسسات الحكومية في هذا الحي.

10. حي الشيخ عجلين: هو حي يقع في جنوب مدينة غزة بالقرب من الطريق الساحلي.  وقد هاجمت  القوات الإسرائيلية الحي، ودمّرت مكاتب تعود للسلطة الوطنية الفلسطينية في عام 2002.

غزة  هاشم الجريحة : محافظات قطاع غزة

تضم المحافظات شمال غزة  و غزة  ودير البلح وخان يونس ورفح. ويضم القطاع ثمانية مخيمات لللاجئين الذين هجروا من مدنهم وقراه في عام 1948، وهذه المخيمات هي جباليا والشاطئ ودير البلح والنصيرات والبريج والمغازي وخان يونس ومخيم رفح.   ويمتد شارع صلاح الدين شرق القطاع من بيت حانون إلى رفح، بينما يمتد شارع الرشيد هلى امتداد ساحل القطاع (خرائط قطاع غزة).

شمال غزة

تضم محافظة  شمال غزة قرية أم النصر وبلدات بيت لاهيا  وبيت حانون وجباليا  ومخيم جباليا  (شكل 2 : خارطة غزة).  وقدر عدد سكانها  370 الف نسمة في عام  2017 وتشكل 17% من إجمالي مساحة محافظات قطاع غزة.

ومدخل المدينة هو شارع صلاح الدين الذين يمر إلى معسكر جباليا ومدينة غزة ويمتد الى رفح. وهناك معبر بيت حانون البرى يربط قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 .

 يوجد في جباليا المسجد العمري الذي يعود تاريخه للقرون الوسطى.  وتشير بلاطة مثبتة فوق مسجد النصر في بيت حانون لذكرى معركة في عام  1239 م هزم فيها الفرنجة.

تعتبر شمال غزة  محافظة زراعية وتشتهر بلداتها  بزراعة الحمضيات والخضراوات. وتشتهر بيت لاهيا بزراعة الفراولة  والزهور والخضروات والحمضيات والتفاح. وتشكل المساحة المخصصة للزراعة نسبة 45% من إجمالي مساحة المدينة، و29% من المساحة المزروعة في القطاع. والتي تضاءلت نتيجة لتعرض البلدة لاعتداءات تدميرية واسعة من اسرائيل خلال العقدين الماضيين، شملت تجريف مساحات كبيرة منها. 

يوجد في بيت حانون منطقة صناعية على مساحة 261 دونم وهذه المنطقة يوجد بها عدد من المصانع والورش الخفيفة .

وكان فيها مصانع الخياطة منتشرة حيث كان إنتاجها يصدر إلى الخارج .

محافظة غزة

تشمل المحافظة مدينة غزة ومخيم الشاطىء والمغراقة ومدينة الزهراء التي انشأها ياسر عرفات عام 1998 وجحر الديك.  وقدر عدد سكانها  650 الف نسمة في عام  2017، منهم 91% في غزة و 7% في مخيم الشاطىء الذي تعود أصول معظم سكانه إلى قرى وبلدات فلسطين المحتلة التي هجروا منها في عام 1948. ومدينة غزة هي مركز محافظة غزة إداريًا  تبعد عن مدينة القدس مسافة 78 كم إلى الجنوب الغربي.

بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، استلمت السلطة الوطنية الفلسطينية بعض مناطق قطاع غزة، ووضعتها تحت سيطرتها المدنية والأمنية أو المدنية فقط. وفي نهاية عام 2005، جرت إزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين والقواعد العسكرية وإنهاء الحكم العسكري في القطاع. وسيطرت حركة حماس على سلطة الحكم في عام 2006.

ويقع مسجد السيد هاشم،   وهو احد أقدم مساجد غزة في حي الدرج بالمدينة القديمة، وأُسِّس على يد المماليك، ثم جُدِّد بواسطة السلطان عبد المجيد العثماني في عام 1830م.

محافظة دير البلح

تقع محافظة دير البلح في وسط قطاع غزة على امتداد ساحل شرق البحر الأبيض المتوسط، وتبعد  مدينة دير البلح  15  كم جنوب مدينة غزة ، وعلى بُعد 10كم جنوب دير البلح، أمّا مدينة غزة فتقع 92 كم إلى الجنوب الغربي من القدس. وقدر عدد سكانها  273 الف نسمة في عام  2017، منهم 27% في دير البلح و 20% في النصيرات.  وتمتد المنطقة الحضريّة للمحافظة حتى طريق صلاح الدين الرئيسيّ شرقاً.

وتشمل المحافظة مدن وبلدات ومخيمات النصيرات والبريج والمغازي (شمال المدينة)  وبلدات الزوايدة والمصدر ووادي السلقا (حنوب المدينة).

محافظة خان يونس 

تضم المحافظة مدن وبلدات خان يونس وبني سهيلا وخزاعة والقرارة وعبسان الجديدة والكبيرة والفخاري. وقدر عدد سكانها  414 الف نسمة في  تعداد عام  2021، أكثر من نصفهم في مدينة خان يونس، التي تقع على بُعد 10كم جنوب دير البلح.

محافظة رفح 

تقع محافظة رفح  في أقصى جنوب قطاع , وتضم مدينة ومخيم رفح وبلدة النصر. قدر عدد سكان المحافظة في عام  2017  217 ألف نسمة ، 80% منهم في مدينة رفح. وتعد مدينة رفح مركز المحافظة. ويقع فيها مطار ياسر عرفات الدولي، الذي دمرته القوات الإسرائيلية في الانتفاضة الثانية.

غزة  هاشم الجريحة : إقتصاد غزة

أدى الحصار المستمر منذ أكثر من 17 سنة إلى تفريغ اقتصاد غزة، مما دفع 80% من السكان للاعتماد على المساعدات الدولية. ويتوقع تقرير حديث لمنظمة الاسكوا للامم المتحدة  ان خسائر حرب غزة ان توقف عند الشهر الثالث ديسمبر  2023 ستبلغ 2.5 مليار دولار، هذا فضلاُ عن خسائر الحروب منذ عام 2008-2022 والتالي قدرها البنك الدولي بقيمة 2.23 بليون دولار.

وتـقدر الأمم المتحدة أن الخسـائر الاقتصاديـة من بدايـة الحصـار البري والحروب المتلاحقـة كبدت قطـاع غزة خسائر مبـاشرة وغير مبـاشرة  16.5 مليـار دولار خلال الـفترة 2018-2007. 

يبين جدول 1 المؤشرات الاقتصادية والاجتماعبة في دولة فلسطبن وقطاع غزة ، والتي تعكس مدى تأثير الحصار المستمر على غزة . وقد بلغ متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في غزة 0.4% بين عامي 2007 و 2022، وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 37% بمعدل سنوي متوسط ​​قدره 2.5% في ضوء النمو السكاني % 2.25 (مقابل، 5.1 و2.8 % على التوالي في الضفة الغربية خلال نفس الفترة).  وتقلصت حصة غزة في الاقتصاد الفلسطيني من 31% إلى 17.4% بين عامي 2006 و 2022 ، وإلى ما دون 5%  في عام 2023

بلغ معدل البطالة في غزة 45% في عام 2022،وبلغت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الوطني 53%، مقارنة بـ 13 و14%، على التوالي، في الضفة الغربية. وكان دخل الفرد في الضفة الغربية أعلى بأكثر من أربعة أضعاف منه في غزة.

وقد شهد قطاع غزة خلال الربع الرابع 2023 انكماشاً حادا في الناتج المحلي الإجمالي في بنسبة تجاوزت 80% ، رافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 74%، كما طال هذا التراجع أيضاً اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 22%، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 29% وفي النتيجة، أدى ذلك إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين في عام 2023 بحوالي 6%،ووصل انعدام الأمن الغذائي في غزة إلى 66 % مقارنة بـ 17 % في الضفة الغربية، وكان معدل الفقر متعدد الأبعاد أعلى في غزة 45 % مقارنة بـ 11 % في الضفة الغربية، مع عدم وجود نظام للضمان الاجتماعي، بينما يعتمد 80% من سكان غزة على المساعدات الدولية. 

أدى الحصار إلى خنق القطاع الصناعي في غزة، الذي ظل راكدا طوال الفترة، في حين توسع في الضفة الغربية. كانت القطاعات الديناميكية الوحيدة في غزة، هي الخدمات، وإعادة البناء، والتجارة، والزراعة، بينما كانت التجارة والخدمات والصناعة من المحركات الرئيسية في الضفة الغربية.  وبلغ متوسط ​​النمو السنوي في غزة في قطاع البناء 20% وفي قطاع الزراعة   2.1 (2007-2022) مقارنة بـ 8  و 0.2% على التوالي في الضفة الغربية. وبالمثل، كان متوسط ​​إنتاجية العمل في غزة ضعف نظيره في الضفة الغربية في قطاعي الزراعة والبناء في عام 2015. وبلغ متوسط ​​النمو السنوي للصادرات الزراعية 13.5% خلال الفترة 2015-2021.   وشكل حجم التبادل التجاري لقطاع غزة قبل عام 2006 نحو 23% من إجمالي التبادل التجاري لفلسطين، و انخفضت هذه النسبة إلى ما دون  4% خلال الربع الرابع من العام 2023.  

أدى نقص الاستثمار في غزة إلى إعاقة خدمات البنية التحتية بشكل كبير، ولا سيما توفير الكهرباء. مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي 12 ساعة يومياً.  ويتم توفير الكهرباء في غزة من خلال محطة توليد الكهرباء في غزة التي تعمل بالديزل  ومؤسسة الكهرباء الإسرائيلية التي تزود ثلثي كهرباء غزة  ومن مصر حتى عام 2018.  . وتدفع السلطة الفلسطينية تكلفة الكهرباء الإسرائيلية ، بينما كانت دفعت قطر على مدى السنوات الخمس الماضية، تكاليف إمدادات الوقود إلى محطة كهرباء غزة . وتتأثر مشاريع البنية التحتية الأخرى في غزة أيضًا بنقص الكهرباء مثل محطات معالجة المياه ومياه الصرف الصحي ومحطة تحلية المياه المركزية في غزة. ولذلك، يُعد تعزيز البنية التحتية لقطاع الكهرباء محوري في تنمية غزة. 

وهناك اعتماد  قسري غير متوازن للاقتصاد الفلسطيني على إسرائيل، أدى لبروز عجز تجاري مزمن . وتمارس إسرائيل سيطرتها على التجارة في الضفة الغربية عبر موانئها البحرية والبرية ومع الأردن، مما يؤخر عمليات النقل لاسباب أمنية وجمركية ويترتب عليه تكاليف إضافية . 

وقد وصل إجمالي الواردات إلى 70% للضفة الغربية و54% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة .  بينما كان إجمالي الصادرات 21% للضفة الغربية و6.5% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة، وتشكل نسبة السلع المصدرة إلى إسرائيل أكثر من 80%.  

ويؤدي الافتقار إلى العملة الوطنية والاعتماد على الشيكل الإسرائيلي إلى غياب سياسة نقدية تدعم القدرة التنافسية للمنتجين الفلسطينيين في الأسواق المحلية والأجنبية. وهناك قيود مفروضة على الوصول إلى المعدات ومدخلات الإنتاج الرئيسية ومزدوجة الاستخدام (مثل الأسمدة الزراعية) تزيد من عرقلة التجارة والإنتاجية لإنتاج الصلب والمواد الصيدلانية وتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .  

ومنذ يونيو/حزيران 2007، تعرضت غزة لعدة عمليات عسكرية وخضعت لإغلاق بري وبحري وجوي. ويحتاج سكان غزة إلى تصاريح للتنقل داخل القطاع وخارجه عبر معبرين بريين تسيطر عليهما إسرائيل. وقد أدت القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، وتدمير الأصول الإنتاجية في العمليات العسكرية المتكررة، والحظر المفروض على استيراد التقنيات والمدخلات الرئيسية، إلى إضعاف أو شل اقتصاد غزة. وهناك قيود شديدة على الروابط والتكامل الاقتصادي مع الضفة الغربية.  ويتم تطبيق إجراءات أمنية أكثر صرامة على البضائع التي تخرج من غزة، مما يؤدي إلى مزيد من التأخير وتلف البضائع. ويتأثر قطاع البناء في غزة بشدة بالقيود المفروضة على واردات مواد البناء بما في ذلك الأسمنت والخشب والصلب. مما يزيد من تأخير جهود إعادة الإعمار واستكمال مشاريع البنية التحتية الأساسية.

 وقد زادت تجارة غزة مع مصر  ، وتتألف الواردات بشكل أساسي من مواد البناء و المنتجات الغذائية والماشية.وتضم الصادرات بشكل رئيسي خردة الحديد والبطاريات الخردة. وتورد مصر مشتقات نفطية عبر معبر صلاح الدين وصلت إلى 5649 شاحنة في عام 2022.  

غزة  هاشم الجريحة : الزراعة في غزة

تبلغ مساهمة الزراعة  في الناتج المحلي الإجمالي 6% في دولة فلسطين في عام 2022 حسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2023 ، غير أن هذه النسبة ترتفع في قطاع غزة إلى 10.6 %.  يتراوح المتوسط السنوي لكمية الامطار بين 236  ملم في رفح إلى 433  ملم في بيت لاهيا بمتوسط عام للقطاع 359 ملم. وتمثل  المياه الجوفية المصدر الوحيد للمياه المستخدمة في الشرب والزراعة.   وتستهلك الزراعة أكثر من 55٪ من كميات المياه المستخرجة.  ويؤدي الاستخراج المفرط للمياه إلى تسرب مياه البحر إلى الطبقة الجوفية، مما يزيد من ملوحة المياه الصالحة للاستخدام الآدمي مما يتطلب تحليتها. 

تسود الزراعة  المكثفة  مثل الزراعة المحمية والعمودية وخاصة في  زراعة الفراولة  . وهناك 19 ألف دونم مزروعة بالمحاصيل  في غزة.   وهناك مشاريع ريادية تهدف لإدخال الزراعة المائية في غزة. ومنعت سلطة الاحتلال أي نشاط فلسطيني لتطوير البنى الأساسية للمياه. وألحقت الغارات  الجوية المتكررة وعمليات القصف أضرارا في البنى الأساسية  الزراعية والمائية، وأدى تقييد استيراد مواد البناء إلى تأخير إعادة إعمار هذه البنى الأساسية وإعادة تأهيلها.  

بلغ عدد القوارب المخصصة للصيد في قطاع غزة نحو 2500  وفق وزارة الزراعة في عام 2022 ، يبحر عليها أكثر من 10 آلاف صياد، بينهم 4 آلاف مسجلون لدى نقابة الصيادين.

بلغت قيمة الإنتاج الزراعي لعام 2022 638 مليون دولار موزعة على الإنتاج النباتي 373 مليون دولار، والإنتاج الحيواني 244 مليون دولار، والإنتاج السمكي 21 مليون دولار. وارتفعت قيمة الصادرات الزراعية إلى 82 مليون دولار من الخضار (66% بندورة وخيار) والأسماك مسجلة زيادة بنسبة  30% عن عام 2021. وشكلت الصادرات إلى الضفة الغربية 81% من الصادرات.

وقدر الجهاز المركزي للإحصاء خسائر القطاع الزراعي جراء تعطل الإنتاج بسبب الحرب على قطاع غزة بأكثر من 180 مليون دولار حتى نهاية نوفمبر 2023. وهذا لا يشمل قيمة المباني والمنشآت والممتلكات ومنها أكثر من ثلث الثروىة الحيوانية المدمرة (أبقار وأغنام ودواجن) وتجريف شامل لثلث المساحات المزروعة بالمحاصيل الحقلية، والخضار، والأشجار المثمرة الموجودة في شمال غزة، ولانقطاع مياه الري لعدم القدرة على تشغيل المضخات وعوامل أخرى في وسط غزة.

 بلغ إجمالي المساحة المزروعة في فلسطين خلال العام الزراعي 2020/2021 كما يبين جدول 2 حوالي 1.1 مليون دونم.

ويبين الجدول أعداد الأبقار والضان والماعز والدجاج اللاحم والبيضاء وخلايا النحل.

شكلت المساحة المزروعة 18.9% من المساحة الكلية في فلسطين ؛  18.5% في الضفة الغربية و24.6% في قطاع غزة.

شكلت المساحة المزروعة في غزة  10.6%  من قطاع غزة  ( 116 ألف دونم).  وتوزعت هذه المساحة في قطاع غزة بنسبة 30% في شمال غزة و 9% في محافظة غزة ، و 15% في ديرالبلح  و 32% في خان يونس  و 14% في رفح .

بلغ عدد الحيازات الزراعية 140 ألف حيازة  في فلسطين، منها قرابة 25 الف حيازة في قطاع غزة، مما يشير إلى أن متوسط مساحة الحيازة هو 4.7 دونم . وكانت نسبة الحائزين الذكور في فلسطين  92% ،  ونسبة الحيازات النباتية 73%.

 يبين جدول 2 المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة والخضروات والمحاصيل في فلسطين، وفق النتائج الاولية للتعداد الزراعي 2021 في دولة فلسطين. وهناك 36 ألف دونم في قطاع غزة مزروعة بالأشجار المثمرة، تشمل الزيتون (60%) و 7550 دونم مزروعة بالحمضيات  و 1000 دونم تين في منطقة الشيخ عجلين جنوب غرب غزة و 500  دونم مزروعة بالمانجو في منطقة طيبة جنوب غزة. وهناك 62 ألف دونم مزروعة بالخضروات ، تشمل 7 آلاف دونم مزروعة بمحصول البندورة 4.3 ألف دونم مزروعة بالفراولة حيث تُستخدم أساليب الزراعة العمودية . وهناك 19 ألف دونم مزروعة بالمحاصيل  في غزة.

المصادر

تاريخ غزة ، عارف العارف، 1943

https://www.akhbarelbalad.net/ar/1/10/7687/

https://www.bbc.com/arabic/articles/ckmejj6e40mo

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%B2%D8%A9

https://library.mas.ps/App_Resources/Stream.ashx?Id=1754&attype=0

https://www.elibrary.imf.org/view/journals/002/2023/327/article-A001-en.xml

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%BA%D8%B2%D8%A9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *