مدينة المنصور بغداد
مدينة المنصور بغداد .. ثاني أكبر المدن العربية ، بعد مدينة القاهرة، وقد قدر عدد سكانها في عام 2020 بما يزيد عن سبعة ملايين نسمة .
تقع مدينة بغداد وسط العراق على نهر دجلة، وتبلغ مساحتها نحو 204 كم2، ويقسمها نهر دجلة إلى الكرخ على الضفة الغربية للنهر، والرصافة في الضفة الشرقية، ويربط بينها ثلاثة عشر جسراً في بغداد على مجرى نهر دجلة.
مدينة المنصور بغداد : حاضرة الدنيا
يمتد تاريخ مدينة المنصور بغداد إلى القرن الثامن الميلادي إلى عهد الدولة العباسية في العراق (750-1258 م)، حين قام الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين (754-775م) ببناء بغداد (758-766 م:141-149هـ) وسماها مدينة المنصور (أو المنصورية) وجعلها عاصمة له (766 م).
أخذت بغداد في تاريخها العديد من الاسماء، فضلا عن مدينةُ المنصور الذي لم يشيع استخدامه. وكان منها؛ مدينةَ الزوراء والتي تعني المدينةَ المُتعرجة حيث انها تقعُ على الضِفاف المُتعرِجة لنهر دجلةَ، ومدينة الروحاءُ لانبساط مجرى نهرِ دجلةَ في سهل مدينة بغداد.
وكان من أسماء بغداد، عاصمة الرشيد، لانها بلغت عصرها الذهبي في زمن الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد.
وسميت بغداد بالمدينة المُدوَّرة، إذ بنيت بشكلِ دائري ومستدير، وكان هذا النَّمطُ العُمراني فريداً في بناءِ المُدن الإسلامية وفي العالم في حينها، و علامة فارقة في تاريخ التصميم الحضري.
وسميت بغداد بمدينة أو دار السلام نسبة إلى مجرى نهر دجلة الذي كان يُسمَّى وادي السلام.
أصبحت بغداد عاصمة الدنيا، ومركزاً حضارياً وقبلة للثقافة في العالم، وعاصمة الإسلام دون منازع، وموطن الرواد من علماء الفلك والرياضيات والشعراء والموسيقيين والمؤرخين ورجال القانون والفلاسفة.
وقال عنها كثيرون ومنهم ياقوت الحموي في معجم البلدان؛ إنها حاضرة الدنيا، ومن لم يزر بغداد، فأنه لم يرى شيئآ،
وقال أبو إسحاق الزجاج؛ بغداد حاضرة الدنيا، وما عداها برية،
وقال الامام محمد بن ادريس الشافعي؛ من لم يرى بغداد، لم يرى الدنيا ولا الناس.
ظلت بغداد عاصمة العباسيين وحاضرة الدنيا حتى عام 1258 حين تعرضت لغزو المغول بقيادة هولاكو الذين قتلوا الخليفة المستعصم واسرته ورجاله واستباحوا بغداد ولم يرحموا شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة ، واحرق المغول مكتبة بيت الحكمة وإغرقوا كتبها في مياه نهر دجلة، وكانت تعتبر أعظم مكتبة علمية وأدبية وفنية في ذلك الوقت. وانتقلت الخلافة العباسية إلى القاهرة،
أفقد المغول بغداد مكانتها واحتل تيمور لنك العراق في اواخر القرن الرابع عشر. وحكم المغول الفرس من التتار الذين جاؤوا إيران (الأيلخانيين والجلائيريين) و قاموا منها بغزو العراق حتى القرن السادس عشر، واشتهر مغول فارس بقسوتهم الشديدة على جيرانهم المُسلمين.
ومع بدايات القرن السادس عشر، تبادل الصفويون والعثمانيون السيطرة على بغداد، حتى استقرت في يد العثمانيين في منتصف القرن رغم نجاح الصفويين في إعادة احتلالها لبعض الوقت، وظلت كذلك حتى عام 1917، حين وقع العراق تحت الانتداب البريطاني.
أصبحت بغداد عاصمة للمملكة العراقية عام 1921، واستمر العهد الوطني حتى عام 1958، حيث شهد هذا العهد طفرة كبيرة في بناء المرافق العامة في المدن الكبرى؛ المعاهد والجامعات والطرق وسكة الحديد ومراكز الصحة والجسور والسدود. ولم يشهد العراق استقرارا بعد ذلك، في انتظار قيامته، في ضوء الصحوة الوطنية العامة التي بدا يشهدها العراق في نهاية عام 2019 سعياً لإقامة دولة القانون والمواطنة لجميع أبناء العراق بكل طوائفه ومذاهبه وإبعاد المنظمات المسلحة ذات الولاءات العابرة للحدود.
مقالات ذات صلة
دمشق حاضرة الدولة الأموية | أقدم عاصمة لأكبر دولةٍ في تاريخِ الإسلام
مدن عربية | أريحا .. أقدم مدينة في العالم .. التي نشأت مع التاريخ
مدن عربية | الإسكندرية .. التي سبقت مدن المستقبل في العالم
مدن عربية | دار السلام بغداد… التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)
العراق أرض الحضارات (1) | أول من أقام دولة القانون.. واليوم..من الأكثر حاجة لها في العالم
العراق أرض الحضارات (2)|العهد الملكي.. دولة وطنية جامعة…في انتظار تجديد المسيرة
زها حديد| سيدة العمارة في العالم من العراق
سدود بلاد العرب | سدود العراق… أكبر وأهم سدود المشرق العربي (5)
جسور عربية | جسور المشرق العربي… القديم والحديث في جسور بلاد العرب (5)
متاحف عربية | متاحف الهلال الخصيب .. بوابة تطل على حضارات بلاد الرافدين والشام (8)
معالم حضرية عربية| برج ساعة الأعظمية…تجربة كاشفة لحضارة العراق
الخط العربي| دُرًةَ الفن الإسلامي.. الذي ولد في العراق
أهوار العراق | تراث إنساني عالمي لبلاد الرافدين أنقذته رحمة السماء في نهاية آذار
مدينة المنصور بغداد : المدينة المدورة … إبداع حضري
انطوى بناء بغداد على قدر كبير من التخطيط الدقيق والمُلهِم للمدينة، الذي تشهد عليه الوثائق التفصيلية الخاصة ببنائها وفق العالم الخطيب البغدادي الذي عاش في القرن الحادي عشر في كتابه تاريخ بغداد والذي يعد مرجعاً للمعلومات حول بناء المدينة،
بدأت عملية التخطيط لإقامة المدينة عندما أخذ الخليفة المنصور يبحث عن موقع لعاصمته الجديدة, واخذ يجوب نهر دجلة سعياً للعثور على موقع مناسب لإقامة المدينة من حيث طبيعته ومناخه وقدرته على تأمين الحماية للمدينة، وساعده في ذلك مشورة تلقاها من رهبان نسطوريون عاشوا في منطقة حول النهر. وقد بنيت المدينة في منطقة الكرخ عند أقصر مسافة بين نهري دجلة والفرات تقارب 60 كم في الموقع الذي تشغله حاليا المنطقة الخضراء في بغداد (خريطة احياء بغداد).
جاء تصميم المدينة كما رآه الخليفة على شكل دائري، وفقا للمفاهيم الهندسية لإقليدس التي علم وأعجب بها الخليفة المنصور، وهو شكل لم يوجد له مثيل بين مدن عالم ذلك الزمان. ووضع للمدينة سورين؛ سور داخلي وسور خارجي، ويحيط المدينة خندق مياه تاتي بالمياه من الفرات غلى دجلة. وبذلك، فإن دخول المدينة عبر أحد الأبواب،كان يتطلب عبور الخندق المائي.
جاء التصميم الدائري ليكون قصر البوابة الذهبية للخليفة في المركز كما يبين شكل مخطط المدينة المدورة، على نفس المسافة من بقية أجزاء المدينة. وكانت مساحة القصر تمتد على مساحة 33 ألف م2، وكان يعلوه قبة خضراء، ترتفع 40 م، وتوفر رؤية شاملة تمتد لعدد كيلومترات، ووُضِع عليها تمثال لخَيَّال يحمل سيفاً في يده .
كان الجامع الكبير، أول مساجد بغداد، إلى جانب القصر، وبمساحة 8 آلاف م2 . وشكل المبنيان اتحادًا بين السلطة الروحية والسلطة الدنيوية للخليفة . وجاء حولهما قصور أبناء الخليفة ومنازل الموظفين في البلاط ، وثكنات الخيالة من الحرس، ومقرات رجالات الدولة.
كانت منطقة المركز محمية بجدار داخلي. وجاءت أماكن المعيشة والمباني التجارية في حلقة بين جداري المدينة الخارجي والداخلي.
قسم التصميم المدينة إلى أربعة أجزاء بواسطة شارعين قُطريين يمتدان إلى الجدار الخارجي وينتهيان بأربعة أبواب للمدينة. وبذلك كان هناك أربعة طرق مقنطرة Arched streets تمتد من الأبواب إلى وسط بغداد، ضمت بين السورين أسواق ومتاجر ، وتفرعت منها ممرات تؤدي إلى الساحات والمنازل.
أحيطت المدينة بسورين وخندق ماء، والخندق مدعم بمسناة كبيرة من الطوب (سد لحجز مَاء السَّيْل بِهِ مخارج للمياه تُفتَح على قدر الْحَاجة). ويعلوا الأسوار أبراج للمراقبة . وكان ارتفاع السور الخارجي 25-30 م ويتفاوت عرضه بين 45 م في الأساس، و 12م في الأعلى.
تتساوى الأبواب الأربعة في المسافة بينها، وكانت بوابة الكوفة في الجنوب الغربي، وبوابة البصرة في الجنوب الشرقي وتؤدي إلى قناة مائية (قناة سارات) التي شكلت جزءًا أساسيًّا من شبكة المياه في المدينة، إذ تجر المياه من الفرات إلى دجلة وإلى بيوت المدينة. وكانت بوابة الشام في الشمال الغربي، وتؤدي إلى طريق الأنبار والصحراء نحو سوريا، ووقعت بوابة خراسان في الشمال الشرقي، وتؤدي إلى جسر من القوارب في نهر دجلة. وضم سطح بوابة خراسان استراحة للخليفة المنصور حين يشتد الحر في الظهيرة.
شيد على قمة البوابات الأربعة نقاط حراسة لتأمين رؤية تتيح السيطرة على المدينة من الداخل، وتطل على بساتين النخيل الممتدة خارجها، والسهول الخضراء المحيطة بنهر دجلة.
وقد ذكر الجغرافي والمؤرخ العربي في القرن التاسع أحمد اليعقوبي أن موقع مدينة بغداد على نهر دجلة وبالقرب من الفرات، كان ميزة لحركة التجارة، وجعل من مدينة المنصور بغداد في ملتقى طرق العالم في ذلك الحين، هذا فضلاً عن كونها عاصمة دار الإسلام البارزة، وموطنًا للعلماء والفلاسفة والمؤرخين والأدباء.
أشرف الخليفة المنصور بنفسه على اعمال البناء، وفرض عليها رقابة صارمة. وقد أشار على العمال لرسم خطوط من الرماد على الأرض بحيث تحقق مخططات المدينه المستديرة ووفقا للمفاهيم الهندسية لإقليدس.
تجول الخليفة، بعد رسم الخطوط بالرماد، في الموقع، ولما تحقق من دقة تخطيط الدائرة، طلب وضع كرات قطنية مبللة بسائل نفطي على امتداد الخطوط العريضة التي تشكل الدائرة بشكل دقيق، وجرى إشعال النار فيها لتترك الرماد وبقايا الحرق اللازمة لتحديد موضع الجدران المزدوجة.
في منتصف عام 762 م (145 هـ)، وضع حجر الأساس، وأمر الخليفة بتنظيم فرق العمال وبدء البناء، ويقدِّر اليعقوبي أن عدد العاملين المشاركين قارب مئة ألف، من عمال ومعماريين ومسَّاحين ونجارين وحدادين وغبرهم، جاء بهم المنصور من أنحاء الدولة العباسية. وقد اكتمل بناء المدينة الدائرية في عام 766 م.
كان محيط المدينة يزيد عن 6 كم ، وكانت الجدران الضخمة من الطوب الأحمر ترتفع عند ضفاف نهر دجلة ، وشكلت علامة مميزة لمدينة المنصور المستديرة.
وذكر العالم الخطيب البغدادي، مرجع المعلومات حول بناء المدينة، أن العمال قد صبوا ما يقارب نصف مليون طوبة (آجر، فرشي) من تربة المنطقة، والتي جرى استخدامها في بناء السور الخارجي.
كانت المدينة المدورة في منطقة الكرخ في موقع منطقة العطيفية والشالجية وأحياء الكندي والمنصور حالياَ، وبقيت آثارها حتى نهاية القرن الثامن عشر، ثم اندثرت تماماً ، وتحتل المنطقة الخضراء حاليا جانباً من موقع المدينة المدورة كما تبين خريطة أحياء بغداد.
مدينة المنصور بغداد : أبواب بغداد القديمة في الرصافة
اكتمل بناء بغداد المدورة في الضفة الغربية لدجلة، في جانب ما يعرف اليوم بالكرخ في عام 149 هـ في عهد المنصور. وكان للمدينة 4 أبواب؛ بوابتي الكوفة والبصرة في جنوب المدينة وبوابتي خراسان والشام في الشمال.
اتسعت مدينة المنصور بغداد ، فأمر الخليفة المنصور ابنه وولي عهده المهدي في عام 157 هـ أن يوسع مدينة بغداد إلى الضفة الشرقية لنهر دجلة ، فيما يعرف باليوم بالرصافة.
واستخدم السكان جسورًا عائمة تتألف من قوارب مربوطة ومثبتة إلى الضفتين، واعتُبرت تلك الجسور بصمة مميزة لمدينة المنصور بغداد. ولم تشهد المدينة جسورًا ثابتة حتى العهد الملكي في القرن العشرين.
كان حجم هذا المشروع الحضري الكبير أكثر الجوانب المميزة في ملحمة بناء مدينة المنصور بغداد ، وكان من أعظم مشروعات الدولة العباسية. وجاء بناء الشطر الشرقي من بغداد في جانب الرصافة في منطقة الأعظمية ليكون مقراً لولي العهد، حيث تم بناء قصر المهدي وجامع الرصافة الكبير بجانبه.
وبوشر ببناء سور لبغداد الشرقية بعد اكثر من ثلاثة قرون في عهد الخليفة المستظهر بالله في عام 1095 م (489 هـ) ، واستمرت اعمال البناء حتى عهد الخليفة الناصر لدين الله (1180-1225 م).
كان طول سور بغداد الشرقية (الرصافة) يقارب 10 كم ويمتد من ثلاث جهات هي الشمال والشرق والجنوب. وكان يحيط بالسور خندق مملوء ماء لتعزيز دفاعات المدينة على غرار سور المدينة المدورة.
وقد ضم سور الشطر الشرقي أربعة أبواب ايضاً؛ 1. باب السلطان أو باب المعظم شمالاً (خريطة أحياء بغداد) والمؤدي إلى جامع الامام في الأعظمية، وقد تهدم بقية الباب عند دخول الجيش البريطاني إلى بغداد في عام 1917 . 2. باب الطلسم الذي سمي كذلك لوجود تمثال لرجل يتوسط ثعبانين، أو باب الحلبة لوجود حلبة للسباق في منطقة إقامة السور. وجعل العثمانيين حول الباب مخزناً للذخيرة، وعندما خرج العثمانيون من بغداد في عام 1917 ، فجر قائد قواتهم الباب عند انسحابه كي لا يقع في يد الجيش البريطاني. 3. الباب الشرقي جنوب المدينة، 4. الباب الوسطاني، وهو الباب الوحيد المتبقي من أبواب بغداد الشرقية (المبين أدناه)، و قامت دائرة الآثار بعمليات الترميم والصيانة للباب في سنوات 1936 و1979 و2003 .
ظل سور الشطر الشرقي لبغداد قائماً لثمانية قرون حتى عام 1869 حين قرر والي بغداد مدحت باشا هدم السور واستخدام طوب بناء السور لبناء الطابق العلوي في مبنى القشلة والسراي (في شارع المتنبي حالياً). ولم يعي الوالي القيمة التراثية والتاريخية للسور رغم أنه اشتهر بقيامه بالعديد من الإصلاحات لمؤسسات الجهاز الإداري والنظام المالي والضريبي وتنظيم الجيش وتطوير طرق ووسائط المواصلات وانشاء المدارس الرسمية والحديثة مثل المدرسة الرشيدية ومدرسة الصنائع وتأسيس أول مطبعة آلية وإصدار أول صحيفة (زوراء)، وبناء مستشفى عام في الكرخ وإقامة مصنع للنسيج وإنشاء خط للترام تجره الخيول يربط بغداد بقضاء الكاظمية وإنشاء مؤسسة مصرفية حكومية وحديقة وطنية عامة.
مدينة المنصور بغداد : مركزاً للتجارة الدولية
مع انتقال عاصمة الخلافة الإسلامية من دمشق إلى بغداد، تحولت خطوط التجارة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي، إذ ارتبطت العاصمة بغداد مائيا بواسطة نهري دجلة والفرات وروافدهما، والتي شكلت شبكة من القنوات الملاحية بشمال العراق وبموانئ البصرة والخليج، وبذلك تركزت خطوط التجارة العالمية البحرية بين الشرق والغرب في القرن الثامن الميلادي على الخليج العربي والبحر الأحمر.
وقد ذكر أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي، عالِم الجغرافيا والمؤرخ العربي في العهد العباسي ومؤلف «كتاب البلدان»، أن موقع بغداد على ضفاف دجلة وقرب نهر الفرات، أعطى المدينة فرصة لتكون نقطة تقاطع كونية. وبذلك أصبحت بغداد مركزاً للتجارة الدولية وكان ذلك من الملامح العظيمة للعصر العباسي الزاهر، وأصبحت المدينة العظيمة سوقاً رائجة لمختلف السلع من الشرق والغرب. وقال الجــاحظ أنه اجتمع فيها ما هو متفرق من جميع الأقاليم من انواع التجارة والصناعات.
وازدهرت الملاحة البحرية وانتعشت التجارة في موانىء الخليج وتعززت مكانته الاقتصادية، وشهرته التجارية العالمية، وتدفقت عليه السلع من بلاد المشرق الأقصى وشرق أفريقيا نتيجة ازدهار الحياة الإقتصادية في الدولة العباسية، ودورها في تأمين الموانئ والملاحة البحرية من القراصنة ومختلف الأخطار.
كانت السفن التجارية تلعب دور الوسيط، إذ ىتحمل البضائع من العراق ومن الخليج إلى شرق إفريقيا، وتحمل منها البضائع ايضا إلى الصين والهند وتعود من هذه الموانئ بالبضائع للخليج والعراق.
كانت السفن المتجهة للشرق تحمل التمور من الخليج والعراق واللؤلؤ والأحجار الكريمة والمنسوجات والثياب والعنبر والأسماك المجففة والمملحة من الخليج إلى الشرق وإلى بغداد، كما حملت السفن الخيول والسجاد إلى الصين والهند.
وكانت السفن تاتي من إفريقيا بالعاج والبخور والذهب والنحاس وجلود النمر وحيوانات أخرى وزيت النخيل وخشب الأبنوس. وكانت تأتي بالعطور (العود وخشب الصندل والمسك) والتوابل (الفلفل والقرفة والقرنفل والزنجبيل والهيل وحوزة الطيب) والياقوت والسيوف والحديد والكتان والصوف والقطن من الهند وسيرلانكا واخشاب لصناعة السفن في الخليج والحرير والمنسوجات الحريرية والخيزران من الصين.
كانت التجارة تجري بالمقايضة بين البضائع بصورة رئيسية أو بالدرهم الفضي والدينار الذهبي كوسيلة لتبادل السلع في عهد الدولة العباسية . وكانت قيمة العملة العباسية التبادلية مماثلة لقيمتهما الأصلية من الذهب أو الفضة. وكان صك النقود قد بدأ على يد الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان، وهو أول من اتخذ عملة رسمية من الذهب والفضة لا يجوز التعامل بغيرها، قبل أن ينقل العباسيون دار ضرب النقود الى العراق. وحرص كثير من الخلفاء العباسيين في العراق على ضبط العملة وتحديد صلاحيتها للتدوال من حيث وزن العملة ونقاءها من الشوائب، وكانوا يشرفون على دور سك النقود بما يقدمه الناس من سبائك وفقاً لمعيار المثقال، وجعلوا ادارتها من الوظائف الشرعية، لأن قيمتها تأتي من وزن المواد النقية التي تصنع منها.
المصادر
https://manshoor.com/life/history-building-baghdad-city/
https://www.theguardian.com/cities/2016/mar/16/story-cities-day-3-baghdad-iraq-world-civilisation