متاحف عربية | متاحف وادي النيل … شاهد على حضارات الماضي المجيد (3)

المتحف المصري... دُرَة المتاحف العربية

متاحف وادي النيل : شواهد على حضارات ممتدة

تعود حضارة وادي نهر النيل إلى العصور السابقة للتاريخ (ق . م)، وبداية استيطان سكان الوادي عند الألفية الخامسة ق . م  واعتمادهم على زراعة المحاصيل في السهول المحيطة بمجرى نهر النيل الممتد على مسافة تقارب 7 آلاف كم.

تلك كانت بداية الحضارة والثقافة المصرية، في فترة ما قبل الأسر الفرعونية بين الألفية الرابعة والثالثة ق . م . وقد وفرت خصوبة أراضي الوادي نتيجة فيضانه الموسمي، وجغرافيا وادي نهر النيل المتمثلة في محيط صحراوي وبحار واسعة في شمال وشرق الوادي حاجزاً ضد الحروب وانتقال الأمراض، الأمر الذي سمح بنشوء وتطور  الحضارة المصرية.

وكانت بداية عصر الدولة القديمة للفراعنة في القرن الثالث ق . م، الذي يوصف بعصر بناة الأهرامات ، وشهد نشوء حكومة مركزية، حين قام الملك مينا (المعروف بإسم نارمر أو نعومر) بتوحيد مصر. وعرفت مصر الكتابة الهيروغليفية، وتأسست ممفيس (قرب موقع القاهرة الحالي) كأول عاصمة لمصر. وشهد هذا العصر بناء هرم سقارة والذي يعد أول هرم وأول بنيان حجري في العالم وأقيم في العام 2861 ق.م، وهرم خوفو  الذي بناه  الملك خوفو. وشهد هذا العصر تطور الزراعة والصناعة  والفنون، وإنشاء أسطول نهري بري لنقل المنتجات، وازدهار حركة التجارة بين مصر والسودان.


موضوعات ذات صلة  


وبرز في بداية القرن الثاني ق . م من ملوك الفراعنة منتوحتب الثاني  حيث ازدهرت الزراعة في عصره وتطورت المصنوعات اليدوية، وترك تراثا كبيراً في الأقصر والفيوم وعين شمس، كما برز من ملوك هذا العصر أمنمحات الأول و أمنمحات الثالث .

ظهرت الدولة الفرعونية الحديثة في النصف الثاني من هذا القرن بقوة عسكرية كبيرة، كانت في عصرها قوة عظمى، وحاز ملوكها شهرة عالمية في ميادين الثقافة والحضارة.   وبدأ هذا العصر بالملك أحمس وزوجته الملكة نفرتاري ، والذي أنهى غزو الهكسوس القصير لمصر، وأمنحوتب الأول الذي أصدر قانونا بمنع السخرة،  و تحتمس الأول المحارب الذي نشر التعليم وفتح المناجم وصناعة التعدين، و تحتمس الثاني ثم  تحتمس الثالث صاحب الشهرة العسكرية وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم،  وتحتمس الرابع أول من دون المعاهدات الدولية.

واشتهر من الملوك أيضاً في الدولة الفرعونية الحديثة امنحوتب الثالث ووزوجته الملكة تي بنت الشعب، وهو أغنى ملك في العالم القديم والذي فتح المدارس “بيوت الحياة” لنشر التعليم والفنون ، وإخناتون وزوجته الملكة نفرتيتي ، وهو أول من نادى بتوحيد الآلهة الفرعونية ورمز لها بقرص الشمس،         وتوت عنخ آمون الذي يحوز على شهرة في العالم المعاصر، والملك رمسيس الثانى الذي هزم الحيثيين وبنى المعابد ومن أشهرها معبد أبو سمبل، والملكة حتشبسوت التي شيدت معبد الدير البحري ومعبد الكرنك في وادي الملوك في الأقصر، والذي يعد أكبر معبد في العالم القديم ورمسيس الحادي عشر آخر ملوك الفراعنة الذي بنى مدينة تانيس.

وتلى ذلك في النصف الأول من الألفية السابقة للتاريخ غزو ملوك النوبة (مملكة كوش) والأشوريين والفرس لمصر، وهزيمة الفرس على يد الإغريقي الإسكندر المقدوني الذي أسس مدينة الإسكندرية، وحكم البطالمة وهم سلالة بطليموس من قادة الإسكندر مصر منذ 333 حتى 30 ق·م.  وذاعت في عهدهم  شهرة الإسكندرية، وبُنيت فيها جامعة الإسكندرية (القديمة) وضمت اول متحف في التاريخ  ومكتبة الإسكندرية، وكانت الميناء الأول في البحر المتوسط بفضل منارتها الشهيرة التي اعتبرها الإغريق إحدى عجائب الدنيا السبع.

تغلب الرومان على البطالمة في عهد الملكة كليوباترا السابعة وأصبحت مصر جزءاً من الامبراطورية الرومانية في عام 30 ق·م وسلة الغذاء فيها، وصارت الإسكندرية ثاني أهم مدن الإمبراطورية بعد روما، وقد حافظوا على جامعة الأسكندرية (القديمة)، واشتهرت صناعة الزجاج والورق والكتان والعطور.

ودخلت المسيحية مصر في منتصف القرن الأول الميلادي، وذلك بدخول القديس مرقس إلى الإسكندرية وتأسست الكنيسة المرقصية، أول كنيسة في مصر وأفريقيا. واتخذ الأقباط من بداية عهدالإمبراطور الروماني دقلديانوس بداية للتقويم السنوي لدى المسيحيين الأقباط.

وبدأ العهد الإسلامي في مصر في منتصف القرن السابع على يد عمرو بن العاص في عهد عمر بن الخطاب. وشهد العهد تقدما في العمارة والفنون الإسلامية وبناء المساجد والقلاع والأسوار. وبُني الجامع الأزهر في عهد الخلافة الفاطمية، الذين جعلوا من مدينة القاهرة (قاهرة الخلافة العباسية) عاصمتهم، وبُنيت قلعة صلاح الدين الشهيرة في العصر الأيوبي وتطورت  العمارة في العصر المملوكي.

أصبحت مصر ولاية عثمانية  تحت إدارة ذاتية من بداية القرن السادس عشر وتحت نفوذ المماليك، وتلى ذلك أسرة محمد علي، مؤسس مصر الحديثة، في بداية القرن التاسع عشر. أنشأ محمد علي المدارس وأرسل البعثات إلى أوروبا ونقل العلوم الحديثة، وأنشأ جيشاً قوياً ومدرسة حربية، وأقام صناعة للسفن وترسانة بحرية في الإسكندرية، وبنى القناطر والسدود والقنوات والمصانع والمعامل وإنشأ أسطولاً للتجارة الخارجية. وأنشأ الخديوى إسماعيل دار الأوبرا ومد خطوط السكك الحديدية، وطوَر الإدارة والصناعة والزراعة والعمارة وافتتح قناة السويس للملاحة الدولية في عام 1869.

وقد خلفت هذه العصور المتعاقبة إرثاً حضارياً كبيراً وفريداُ على ضفاف وادي النيل، والتي وجدت طريقها إلى متاحف مصر وفي قائمة كبيرة من المتاحف العالمية في المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، شواهد ماثلة على حضارات عريقة.

متاحف عربية : متاحف وادي النيل (إقليم الوسط)

يضم إقليم الوسط، وبصورة رئيسية وادي النيل كما يبين جدول 1، أقل من خمس المتاحف العربية (16%)، ويأتي في المرتبة الرابعة من حيث عدد المتاحف في العالم العربي، غير أنه يضم أهم المتاحف العربية. وتضم مصر أكثر من 90% من هذه المتاحف التي تقدر بـ 113متحفاً وفقا افضل المراجع الموثقة التي تم الوصول اليها.

متاحف وادي النيل : متاحف مصر

تقع مسؤولية الإشراف على المتاحف في مصر على دائرة قطاع المتاحف التابعة لوزارة الآثار.  وتتفاوت أعداد المتاحف في مصر، حيث لا يوجد قائمة موحدة في موقع وزارة الآثار. ويرصد قطاع المتاحف بوزارة الآثار 28 متحفاً تضم المتاحف الكبرى (4) ومتاحف الإسكندرية (4) و متاحف إقليمية (14) ومتاحف تاريخية (4)  متاحف نوعية (2).

وتشير قائمة أخرى للمتاحف في موقع وزارة الآثار  إلى 33 متحفاً، تضم 17 متحفاً غير واردة في القائمة السابقة، وبذلك يكون هناك 45 متحفاً.  وتُظهر قائمة للمتاحف في مصر في الموسوعة الحرة أن عدد المتاحف هو 104 متاحف، الأمر الذي يشير إلى أن عدداً كبيراً من هذه المتاحف هي متاحف صغيرة يديرها أفراد أو منظمات أهلية، ولا تخضع للإشراف المباشر لقطاع المتاحف في وزارة الآثار.

وقد تعرضت مجموعات كبيرة من آثار مصر القديمة  للسلب من السلطات المستعمرة وتُعرض في أكبر وأهم متاحف العالم في متحف اللوفر في باريس والمتحف البريطاني في لندن  ومتحف الميتروبوليتان للفنون في نيوبورك ومتحف الفاتيكان في إيطاليا وفي برلين في ألمانيا وتورين في إيطاليا.

وتشير صفحة قطاع المتاحف بوزارة الآثار  إلى أن المتاحف الكبرى تضم المتحف المصرى والمتحف الإسلامى والمتحف القبطى والمتحف اليونانى الرومانى والمتحف المصري الكبير .

متاحف مصر : المتحف المصري

تأسس  المتحف المصري  بداية في عام 1835 في حديقة الأزبكية وتنقل في عدة أماكن حتى استقر في عام ١٩٠٢ في موقعه الحالي في ميدان التحرير في وسط القاهرة.

ويعتبر المتحف المصري أهم واكبر متحف في مصر وفي العالم العربي، وأحد أهم متاحف العالم، و يضم أكبر مجموعة من آثار مصر القديمة في العالم، إذ يحوز على 120 الف قطعة أثرية.

يتكون المتحف من طابقين رئيسيين، يعرض الطابق الأول الآثار الكبيرة التي تضم منحوتات ولوحات وتوابيت وفق التسلسل التاريخي، كما يعرض مجموعة واسعة من أوراق البردي والعملات المعدنية المستخدمة في العالم القديم.

ويضم الطابق الثاني قاعتين للمومياوات الملكية، ويعرض مجموعات أثرية متنوعة من آخر سلالتين لمصر القديمة ، تضم قناع الملك توت عنخ آمون، وكنوز مدينة تانيس (صان الحجر) الأثرية، وصلاية الملك نعومر (لوحة فرعونية من حجر الشيست الأخضر كُتب عليها إسم الفرعون نعومر أو الملك مينا) ، وتمثال الملك خوفو و مقابر الفراعنة تحتمس الثالث والرابع وتماثيل أمنحوتب الثالث وزوجته تي، وتماثيل الملكة حتشبسوت والعديد من القطع الأثرية المأخوذة من وادي الملوك الشهير.

متاحف مصر : المتحف اليوناني الروماني

تأسس المتحف اليوناني الروماني  كمتحف للآثار في مدينة الإسكندرية بالقرب من مكتبة الإسكندرية في عام 1892 م علي طراز المباني الإغريقية السائد في الإسكندرية القديمة التي بنيت لتخليد ذكرى الإسكندر المقدوني، وهو ثاني أقدم المتاحف في مصر بعد المتحف المصري.

بدأ تجديد المتحف في عام 2005، ويعاد افتتاحه في بداية العام 2020، وسيضم أكثر من 30 قاعة للعرض لعرض قرابة 20 ألف قطعة أثرية ترجع للعصور اليونانية والرومانية وفق نظم العرض المتحفي الحديثة.

ويعرض المتحف مجموعات واسعة من الآثار التي عثر عليها في الإسكندرية ومحيطها من آثار من العصر البطلمي والعصر الروماني منذ نشأة الإسكندرية من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث بعد الميلاد، إضافة لمقتيات فرعونية أحضرت من القاهرة.

ويضم المتحف مجموعات تمثل جوانب الحياة اليومية من أوانٍ وأباريق وأكواب وأدوات طعام وملبس وعملات معدنية وأثاث وحلي نسائية، إلى جانب تماثيل لرأس من الرخام الأبيض يمثل يوليوس قيصر وأخر للإسكندر الأكبر، ومومياء من العصر الروماني عليها صورة المتوفى بالألوان من الفيوم، ومجموعة آثار الحضارة البيزنطية والقبطية التي تم اكتشافها في أديرة الإسكندرية.

متاحف مصر : متحف الفن الاسلامي

تم افتتاح متحف الفن الإسلامي في عام ١٩٠٣م، في ميدان باب الخلق، أحد أشهر ميادين القاهرة التاريخية، وعلى مقربة من أشهر المعالم المعمارية الحضارية الإسلامية كجامع ابن طولون، ومسجد محمد علي، وقلعة صلاح الدين،. واستوحي تصميم المتحف من العمارة الاسلامية التي تتسم بالزخرفة، وهو ثالث أقدم المتاحف المصرية الكبيرة.

جاء إنشاء المتحف لجمع الآثار والوثائق الإسلامية من العديد من أرجاء العالم  من مصر وشمال أفريقيا وبلاد الشام والهند، والصين، وإيران، وشبه الجزيرة العربية، والأندلس، التي وفَرت مجموعات فنية تُمثل مختلف الفنون الإسلامية عبر العصور بما يسهم في إثراء دراسة الفن الإسلامي.

ويُعد متحف الفن الإسلامي أحد أكبر متاحف الفنون الاسلامية في العالم، حيث يضم حوالي ١٠٠ ألف تحفة أثرية متنوعة؛ مما يجعله منارة للفنون والحضارة الإسلامية على مر العصور.

ويضم المتحف قاعة تضم مقتنيات عصر محمد علي، وعدة أقسام تضم المخطوطات والمصاحف وقسم الخزف من العصر الأموي والخزف ذو البريق المعدني الذي اشتهر به العصر الفاطمي، ومجموعة من نماذج الفن الإسلامى على الزجاج، وأشهرها المشكاوات، ومعروضات النسيج ومنها نسيج القباطي المصري (نسبة للأقباط)، الذي استخدم في كسوة الكعبة.

متاحف مصر : المتحف القبطي

تأسس المتحف القبطي خلال عام ١٩١٠م في داخل حدود حصن بابليون الروماني في مصر القديمة بالقرب من كنائس القديمة؛ كنيسة القديس أبى سرجة التي بُنيت في القرن الرابع، وكنيسة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة التي بُنيت في القرن السابع. وجاء إنشاء المتحف لجمع الآثار والوثائق التي تسهم في التعريف بالفن القبطي في مصر.

يتكون المتحف من جناحين؛ الجناح القديم الذي تم تشيده عند تأسيس المتحف في عام ١٩١٠م، والجناح الجديد الذي افتتح في عام ١٩٤٧م.

ويعد هذا المتحف أكبر متحف في العالم للآثار القبطية، يعرض مزيجًا غنيًا من التقاليد المصرية واليونانية والرومانية والبيزنطية والعثمانية، التي تربط مصر القديمة والإسلامية، ومنها مسرجة (سِراج) من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب.

و يعرض المتحف القبطي أكثر من 15 ألف قطعه أثرية من نماذج الفنون القبطية موزعة على أقسام المتحف المختلفة، التي تضم قسم المنحوتات الحجرية والنقوش الجصية، وتطور الكتابة القبطية والمخطوطات والأقمشة والمنسوجات والعاج والأيقونات والأخشاب والمعادن والفخار والزجاج.

متاحف مصر : المتحف المصري الكبير

يقع المتحف المصري الكبير غرب القاهرة بالقرب من أهرامات الجيزة، وقد اختير هذا الموقع ليكون هذا المشروع الضخم شاهداً على حضارة مصر؛ حيث تم تصميم المتحف ليكون أكبر متحف للآثار في العالم؛ إذ تبلغ مساحة البناء 11 هكتاراً ضمن المساحة الكلية للمتحف التي تزيد عن 45 هكتاراً.

بدأ تنفيذ مشروع المتحف في عام 2002 ، ويتوقع اكتمال إنجازه في العام 2020. وجاء تصميم واجهة المبنى بشكل يحاكي أهرامات الجيزة. وسيضم مدخل المتحف أحد التماثيل الضخمة الذي يصل وزنه إلى 83 طن وهو تمثال الفرعون رمسيس الثاني ، والذي تم نقله من ميدان رمسيس من وسط القاهرة.

سيحوي المتحف أكثر من ١٠٠ ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية واليونانية والرومانية. ويضم مشروع المتحف مركزاً لعلوم المواد القديمة والترميم، وحديقة متحفية ستزرع بها الأشجار التي عرفها المصري القديم.

وقد تم نقل كميات كبيرة من مقتنبات المتحف وإنجاز مركز الترميم (على مساحة 3 هكتارات) الذي يضم عدداً من معامل الفحوص والتحاليل مثل معملي الميكروبيولوجي والميكروسكوب الإلكتروني الماسح، بالإضافة إلى معامل صيانة وترميم المومياوات، ومعامل الأخشاب، والأحجار والخزف والزجاج والمعادن.

المصادر

https://bit.ly/399rOL1

https://bit.ly/2P1Qqfp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *