أهوار العراق : التعريف والمفهوم
الأهوار هي أراضي رطبة ومسطحات مياه ضحلة وتسودها النباتات العشبية غير الشجرية. وأهوار العراق هي مجموعة من المسطحات المائية والبحيرات والتي تغطي المنخفضات الارضية الواقعة في السهل الرسوبي في جنوب العراق بأعماق مختلفة.
تتسع مساحة الاراضي المغطاة بالمياه في أوقات الفيضانات في اواخر الشتاء في بداية فصل الربيع . ويطلق على الأهوار اسم البطائح، لأن المياه تتبطح فيها، فتسيل وتتمدد في الأرض وينبت فيها نباتات عشبية من أهمها القصب والبردي.
موضوعات ذات صلة
مدن عربية | مدينة المنصور بغداد … حاضرة الدنيا .. وملتقى طرق العالم (1)
مدن عربية | دار السلام بغداد… التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)
العراق أرض الحضارات (1) | أول من أقام دولة القانون.. واليوم..من الأكثر حاجة لها في العالم
العراق أرض الحضارات (2)|العهد الملكي.. دولة وطنية جامعة…في انتظار تجديد المسيرة
معالم حضرية عربية| برج ساعة الأعظمية…تجربة كاشفة لحضارة العراق
معالم طبيعية| محمية ضانا .. جراند كانيون الأردن
معالم طبيعية | أرخبيل جالطة وواحات تونس
معالم طبيعية| مغارة الشموع والبحر الميت في فلسطين والأردن
معالم طبيعية| مغارة جعيتا في لبنان
معالم طبيعية | شلالات صلالة ومعالم في سلطنة عمان
معالم طبيعية| … في صحاري وجبال المملكة العربية السعودية
معالم طبيعية| جبل مرَة وكسلا وحديقة الدندر في السودان
معالم طبيعية| الصحراء البيضاء ومحميات طبيعية في مصر العربية
معالم طبيعية| واحات أوباري في الصحراء الليبية
معالم طبيعية| مغارة بني عاد وشلالات لوريط في تلمسان بالجزائر
معالم طبيعية|الهقار وتاسيلي في الجزائر
معالم طبيعية| شلالات أوزود ومغارة إمي نفري في المغرب
معالم طبيعية| سقطرى … جوهرة الجزيرة العربية
موريتانيا| المحمية الوطنية لحوض آرغين.. حيث تتعانق الصحراء والبحر
تشكل الأهوار العراقية أكبر الأراضي الرطبة في جنوب شرق آسيا، وتمثل نظاماً بيئياً مائياَ للمياه العذبة متميزاً بالنسبة للمحيط الصحراوي وللبيئة الطبيعية والحياة البشرية في المنطقة، ولها تأثير كبير على الحد من التصحر في المنطقة.
تتميز الأهوار بتنوع بيولوجي كبير وتوفر موئلاً للحياة البرية فيها العديد من انواع الطيور والأسماك، وتعتبر مستوطنة دائمة للعديد من أنواع الطيور ومعبراً ومحطة أساسية للطيور الموسمية المهاجرة بين القارات وكذلك لهجرة الأسماك من الخليج العربي.
موقع أهوار العراق
تقع أهوار العراق في جنوب العراق، وتشكل مثلثاً تقع على رؤوسه مدن العمارة شرقاً والناصرية غرباً والبصرة جنوباً.
وتتوزع منطقة الأهوار بمساحة تبلغ 5300 كم2 على ضفتي نهر دجلة الشرقية والغربية، وتضم أهوارالحويزة شرقي النهر وهور الحَمّْار غربي النهر. وتتوزع أهوار الفرات الوسطى، التي تغطي مساحة 3000 كم2، جنوب منطقة العمارة بين فرعي الفرات (الحلة والهندية) وتمتد شمال وغرب البصرة.
تتراوح تقديرات المساحة الإجمالية للأهوار بين 9 – 20 ألف كم2، حيث تتوسع مساحة الأهوار بشكل كبير في فترة الفيضانات، وقد تزيد عن هذه المساحة، في فصل الربيع عند توفر تدفقات كبيرة من النهرين.
الأهمية البيئية لأهوار العراق
تسود النباتات العشبية في أهوار العراق ويتسم الغطاء النباتي بالتنوع وفيه الكثير من النباتات التي تستخدم في غذاء الإنسان ولأغراض طبية وغذاء للحيوانات أو الأسماك أو الطيور. ويضم نباتات القصب والبردي ونباتات أخرى تتحمل الملوحة العالية مثل النسل والخويصة والعرمط والكاط وزنابق الماء.
ومن أهم نباتات أهوار العراق نبات القصب (القيصوب، البوص، الغاب Common reed) Phragmites communis ونبات البردى (Bardy)Typha augustata التي تتشابه في شكل الأوراق وتنموبقوة في الأراضي الرطبة في المناطق الدافئة.
وينتمي القصب إلى الفصيلة النجيلية، وو نبات عشبي معمر قد يتعدى طول سيقانه 4 م، وله جذور أرضية رايزوميه قد تمتد إلى مترين داخل التربة، يتكاثر النبات بواسطتها أو بالبذور. وهو نبات مائي يتحمل ملوحة التربة، لذلك ينمو على جوانب الأودية والجداول المائية والمستنقعات.
ونبات البردي هو نبات عشبي دائم خصائص علاجية متعددة ويعيش في الأراضي الرطبة في الأراضي المائلة للملوحة، و أوراقه مسطحة ورفيعة وسيقانه طويلة و له جذور ريزومية قوية سميكة قد تمتد لما يقارب المتر .
يترك الغطاء النباتي المتنوع تأثيراً إيجابياً كبيراَ على البيئة، ويحقق وفرة من الإحتياجات الغذائية للأسماك والطيور والجاموس وحيوانات التربية الأخرى. كما تحقق نباتات القصب والبردي فوائد بيئية كبيرة لمعالجة وتنقية المياه الملوثة بالمواد العضوية .
ويقوم نبات القصب بامتصاص الأكسجين من الهواء الجوي وعندما يصل إلى الريزومات، يرفع نسبة الأكسجين الذائب في البيئة بشكل كبير جداً. ومن ثم يقوم الأكسجين بأكسدة المادة العضوية الملوثة وتقليل الروائح الكريهة وامتصاص العناصر الثقيلة السامة مثل الرصاص والكادميوم والزرنيخ وغيرها.
ويساعد نبات القصب في تكوين محميات طبيعية للطيور، وتوفر لها مكاناً ملائماً ومواداً تساعدها في بناء أعشاشها. وتوفر أهوار العراق ملجأً وحضانة مثالية لتوفير التغذية ولتكاثر أسماك المياه العذبة وأسماك المياه البحرية مثل البياح (البوري) والروبيانات، وبذلك تدعم النظام البيئي البحري والحياة البحرية في الخليج العربي، كما تعمل على تنقية المياه من المخلفات والمواد الملوثة في نهري دجلة والفرات مما يحول دون تدهور ساحل الخليج .
أهوار العراق على لائحة التراث العالمي ورامسار
تضم قائمة المواقع في العراق التي أدرجتها لجنة التراث العالمي في اليونسكو ضمن برنامج مواقع التراث العالمي مواقع ثقافية وهي مملكة الحضر في عام 1985 وآشور (القلعة الشرقية) في عام 2003، ومدينة سامراء الأثرية في عام 2007، وقلعة أربيل في عام 2014 و أهوار جنوب العراق، وهو موقع طبيعي وثقافي.
وقد أدرجت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في يوليو/ تموز 2016 أهوار العراق ضمن لائحة التراث العالمي باعتباره موقع يجسد التنوع البيولوجي والحضارات في بلاد ما بين النهرين.
وتتألف أهوار العراق من سبعة مواقع تضم ثلاثة مواقع أثرية وأربع مناطق من المستنقعات الرطبة في جنوب العراق. و تعتبر الأهوار فريدة من نوعها ، باعتبارها واحدة من أكبر أنظمة الدلتا الداخلية في العالم، في بيئة جافة شديدة الحرارة.
وقد وقع العراق على معاهدة رامسار الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة التي تأوي إليها الطيور المهاجرة في
عام 2008. وإدرجت أهوار الحويزة في عام 2008 في قائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية ، وتم بالمثل إدراج أهوار الحَمًار والأهوار المركزية في عام 2014 بمساحة كلية تزيد عن نصف مليون هكتار للمواقع الثلاثة .
ويكتسب إدراج أهوار العراق ضمن لائحة التراث العالمي ومعاهدة رامسار أهمية في مجال ممارسة ضغط دولي على تركيا وسوريا وإيران لإنجاز إتفاقية عادلة لتقاسم المياه وتزويد الأهوار بالحد الأدنى من كميات المياه الذي يكفل المحافظة عليها.
أهوار العراق: تراث إنساني ممتد
نشأت أهوار العراق نتيجة تعرج وتفرع نهري دجلة والفرات في جنوب العراق، والفيضانات الكبيرة للنهرين على مر القرون الماضية وإلى ما قبل الميلاد. وقد أدت الفيضانات إلى تشكيل سلسلةً من البحيرات العذبة والأهوار (المياه الضحلة)، والسهول الفيضية المغمورة موسمياً والتي عادةً ما تفيض وتندمج في تجمعاتٍ أكبر خلال فترات الفيضانات الكبيرة. ويتفاوت عمق المياه في المستنقعات ما بين نصف متر في موسم الجفاف إلى مترين في موسم الأمطار كما في موسم أمطار عام 2019، وقد يصل عمقها إلى عدة أمتار في البحيرات الدائمة.
ظلت أهوار العراق مستقرة في سلسلة طبيعية ممتدة لآلاف السنين وما تزال جزءً حيويا من تاريخ العراق ومن وجدان العراقيين. وقد نشأت حولها حضارات قديمة يشهد عليها انتشار عشرات المواقع الاثرية السومرية، الأمر الذي يؤشر على أنها كانت مهد حضارة السومريين التي يعود تاريخ بعضها إلى 2800 سنة قبل الميلاد ودون ذلك. ويعتقد البعض أن المنطقة هي ما كان يُطلق عليه في الكتب الدينية بجنات عدن.
سكان أهوار العراق
ينظر البعض إلى سكان الاهوار على أنهم أحفاد السومريين، بينما يرى البعض الآخر أن أصولهم عربية وينحدرون من قبائل عربية معروفة في الجزيرة العربية. وهم يشكلون جزءاً من حضارات إنسانية ممتدة لها آدابها وفنونها وشعرها وموسيقاها وصناعاتها اليدوية الاصيلة.
ويطلق على سكان الأهوار الذين يربون الجاموس بالمعدان، بينما يشكل الفلاحون أغلبية السكان الذين يزرعون الرز والقمح والشعير والذرة البيضاء.
يعتاش الناس على صيد الأسماك وزراعة الأرز وتربية الجاموس بشكل رئيسي التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه. وقد كانت منطقة الأهوار بغطائها النباتي الواسع وتنوعها الحيوي وثروتها المائية مصدرا للكثير من المواد الغذائية كالأسماك والمحاصيل الزراعية ومنتجات الجاموس، وصيد الطيور حيث تشكل المنطقة مأوى للطيور المهاجرة في فصل الشتاء.
وتشكل الأسماك وحليب الجاموس الطازج والشاي والخبز المصنوع منزليًا والرز وجبات أساسية.
وهناك نباتات برية قابلة للإستخدام كغذاء ومنها نبات الكاط ونبات البردى الذي ينتج زهرة قد يزيد طولها عن 30 سم وتحمل حبوب اللقاح وهي ناعمة صفراء اللون، وتقوم نساء الأهوار بجمع هذه المادة الناعمة وتستخدم في صنع حلوى الخرّيط. وتستخدم الأجزاء الشعرية من الزهرة في صنع الآنية الفخارية.
ويحصل أهل الأهوار على دخل من مبيعات منتجات الألبان، وخاصة قيمر حليب الجاموس، والمنتجات الزراعية، والبسط من صوف الحيوانات والمفارش والأدوات المصنعة من ورق القصب والبردي ونبات الجولان العشبي.
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مُنشأة في الأهوار، وقد بنى سكان الأهوار العرب على مر العصور جزراً عائمة وبيوت من القصب، وطوروا تجمعات سكانية أو قرى، مرتبطة بشبكات من القنوات الرئيسية والثانوية، الأمر الذي يعطي أهوار العراق قيمة تاريخية وثقافية غير عادية.
ويعيش السكان في بيوت من القصب والبردي المبنية في الجزر الأرضية أو العائمة فوق المسطحات المائية والتي تتلائم مع بيئة ومناخ المنطقة. وهذه البيوت مصنوعة بالكامل من القصب والطين بدون استخدام أي مسامير أو خشب أو زجاج. وقد اعتبرت منظمة اليونسكو بيوت القصب والبردي العائمة تراثاً إنسانياً.
وتتبنى منظمات البيئة الدولية والعراقية استخدام المواد الطبيعية المتوفرة في بيئة الأهوار، كالقصب والبردي، في إعادة تأهيل بيوت أو أكواخ القصب التي تعُد من التراث الانساني، وفي بناء مدارس الأطفال داخل الأهوار، ولا تشجع استخدام مواد البناء المصنعة (الطوب، الطابوق، الاسمنت ..) في أعمال اعادة الترميم والتأهيل لعدم ملاءمتها للبيئة الطبيعة للمنطقة .
ويستخدم القصب والبردى أيضاً في بناء القوارب ويطلونه بالقار والذي يسمونه بالمشحوف، وهي الطريقة ذاتها التي استعملها السومريون في صناعة القارب أو الزورق. ويستخدم المشحوف بشكل واسع لأغراض التنقل داخل الأهوار ولأغراض النقل.
وتستخدم أعواد القصب في صنع أدوات موسيقية المعروفة بالناي او المزمار، كما تستخدم أوراق القصب والبردي في صناعة المفارش الأرضية .
ويوجد في أهوار العراق بيت ضيافة من القصب لكل قبيلة يساهم أفراد القبيلة في تجهيزها وتوفير خدماتها من خلال شيخ القبيلة، وتجهز بمفارش أرضية لجلوس الزوار، ومنها ما يصنع من أوراق القصب والبردي.
وتعتبر هذه البيوت التي تسمى بالمضايف، منبراَ اجتماعياً وسياسياً ودينياً وقضائياً وتستخدم في المناسبات المشتركة في الأحزان والإفراح والأعياد ومناقشة وحل مشاكل المجتمع ولأغراض الضيافة.
أهوار العراق: تراث عالمي يتعرض لأخطار الجفاف
أخذ وضع الأهوار في التدهور منذ ما يزيد على 6 عقود. وقد طرحت مشاريع لتجفيف الأهوار منذ الخمسينات حين لم ترى السلطة المستعمرة بريطانيا أي قيمة اقتصادية للأهوار. وقد وضعت خططاً لسلسلة من السدود والجسور والقنوات، وتم شق قناة رئيسية لتجفيف جزء من الأهوار المركزية في الخمسينيات. ورأى كثيرون بأن الأهوار كانت دائماً مرتبطة بالمرض والتخلف، وكان هناك دائما خطط لتصريف مياه الأهوار، ولم يكن جيل الخمسينات مدركاً، ولم يعطي قيمة للتنوع البيولوجي.
وبدأت العراق وامتداداً إلى الأهوار في الجنوب تتعرض لأخطار بيئية خارجية تتصل بانحسار مصادر مياه الأنهار التي ترفد نهر الفرات والتي تنبع من تركيا بنسبة تزيد عن 80% نتيجة بناء السدود في تركيا وسد الطبقة في سوريا منذ عام 1974. وتم تجفيف مستنقع كبير في الثمانينيات لأغراض استكشاف النفط.
وتعرضت أهوار العراق لأضرار جسيمة حين بدأ تنفيذ مشروع تجفيف الأهوار في عام 1985. وتوسع تنفيذ المشروع في تسعينات القرن الماضي لدوافع سياسية واقتصادية. وأقيمت سدود ترابية لمنع تدفق المياه من النهرين لتغذية الأهوار ومن ثم توجيهها لتصب في مجرى نهر الفرات العام . كما تم إنشاء سدود ترابية داخل الأهوار نفسها لتجفيفها بسرعة، وجرى حرق واسع لنباتات القصب.
وكان من شأن تنفيذ مشروع تجفيف الأهوار، انحسار مساحة الأهوار بنسبة تزيد عن 90%، وتجفيف 6 آلاف كم2 من الأهوار وتخصيصها للزراعة، وخفض عدد السكان منطقة الأهوار والمدن التي تعتمد عليها الذي كان يبلغ قرابة 400 ألف شخص بنسبة تزيد عن 75% ، وكان 20% منهم يعيشون داخل الأهوار.
وقد أخذت مصادر مياه الأنهار التي ترفد نهر دجلة والتي تنبع من إيران في الإنحسار في العقد الأخير بنسبة تزيد عن 80% نتيجة بناء السدود . وقد جرى تحويل مياه روافد نهر دجلة لمشاريع زراعية داخلية تصل إلى 43 رافداً من بين 45 رافداً ، وأهمها نهري الكرخة والزاب الذي كان يصب في نهر دجلة ونهر الكارون الذي يقع في الأحواز العربية ويصب في شط العربالذي تم تغيير مجراه كاملاً قبل أن يعاد إلى مجراه جزئياً في عام 2018 (غير أن كميات الأمطار التي هطلت على إيران، في أواخر آذار 2019 أجبرتها على فتح سدودها وأنهارها باتجاه العراق كما سيوضح تالياً).
وكان من شأن الأثر التراكمي لجميع هذه العوامل تعريض أحد أغنى مناطق البلاد بالتنوع الاحيائي والبيولوجي وأكبر نظام بيئي للمسطحات المائية في الشرق الاوسط لكارثة بيئية مدمرة.
وأدى انحسار كميات مياه النهرين إلى زيادة الملوحة والتى تزداد حدة على امتداد نهر دجلة جنوباً مرورا بشط العرب ووصولاً إلى البصرة حيث ترتفع نسبة ملوحة مياه الشرب لسكان المدينة.
كما أدى إلى الإضرار بشكل كبير بالتنوع الحيوي والإرث الطبيعي وانقراض مجموعة من الحيوانات المتوطنة في الأهوار والطيور المهاجرة وإزالة المخزون الجيني للمسطحات المائية، وانخفاض كبير في اعداد وإنتاجية الأبقار والجاموس في منطقة الأهوار بسبب نقص العلف الاخضر بالاضافة إلى تغيرات مناخية كبيرة.
قطعت إيران 42 نهراً يغذي العراق بالمياه، ومنا نهر الكارون، و بدأت تركيا في ملء سد إليسو خلال الفترة السابقة من مياه نهر دجلة، والتسبب بنقص تدفق المياه بقرابة 10 مليار م3 . وكان من شأن ذلك الإضرار بالعراق والتسبب في الجفاف للأراضي الزراعية في صيف عام 2019 والأعوام التالية.
غير أن النجدة لشعب العراق جاءت من السماء، فبعد معاناة الأهوار في جنوب العراق لسنوات من الجفاف، كان موسم الأمطار 18-2019 كريما جدا على العراق. وقد عادت المياه لتغمر الأهوار بالكامل، ووصلت إلى مستوى لم تصله منذ عشرات السنين، على أثر كميات الأمطار التي هطلت على إيران، في أواخر آذار 2019 وأجبرتها على فتح سدودها باتجاه العراق.
إحياء أهوار العراق تحت الخطر
تم إعادة تأهيل أكثر نصف مساحة الأهوار التي تم تجفيفها منذ بداية الألفية الثالثة (3500 كم2) وفق خطط وزارة الموارد المائية.
وقد بدأ سكان المنطقة بأنفسهم في إزالة السدود والحواجز التي أقيمت في التسعينات،وتدفقت المياه عبر منطقة الأهوار، مما سمح للنباتات والماشية بالازدهار.
كما نشأت منظمات غير حكومية بمبادرات فردية، وساعدت على توفير الإمكانيات المالية والفنية لإحياء الأهوار، ولكن 90% من أعمال إعادة إحياء المنطقة جاءت بمبادرات ومساهمات من سكان الأهوار.
وقد كان تعافي وتحسن البيئة سريعاً، إذ أنه في في خلال عدة أشهر، أخذت أعشاب الأهوار المختلفة في الظهور والنمو بشكل ذاتي من خلال بذور وجذور الأعشاب التي ظلت محمية تحت سطح التربة، وعادت نباتات القصب إلى سيرتها الأولى بقوة الطبيعة. وأخذ الناس في العودة، وعادت الطيور والجواميس، وتم إعادة تأهيل ما يزيد عن نصف مساحة الأهوار التي تم تجفيفها في التسعينات.
الأخطار المحيقة بأهوار العراق
رغم نجاح جهود إحياء جزء هام من أهوار العراق، فإن هناك أخطار كبيرة ماثلة أمام الأعين لا تزال تتهددها. وتتمثل الأخطار الكبيرة في الجفاف وتغير المناخ وشدة التبخر وزيادة التملح نظراً لتواصل انحسار مصادر مياه الأنهار التي ترفد نهري دجلة والفرات نتيجة لزيادة الكميات التي تحجز خلف سدود تركيا وإيران (غير أن تساقط الأمطار غير المسبوق في تركيا وأيران والعراق قد سمح بدفق كبير أدى إلى توفير 32 مليار متر مكعب وملء معظم السدود وتغطية الأهوار بالكامل كمل سيوضح لاحقاً).
كما أن هناك أخطار أخرى تعود لضعف إدارة المياه في الأهوار والصيد الجائر للطيور المستوطنة والمهاجرة. ويحظر القانون العراقي الصيد الجائر، ويفرض عقوبات على المخالفين. ولكن مواقع على شبكات المعلومات تُظهر الطيور المصطادة المذبوحة تعرض للبيع في الشاحنات الصغيرة وفي محال بيع لحوم طيور التي تم صيدها في الأهوار. كما تُظهر الصيادين وهم يجاهرون بنشر صورهم وهم يصيدون الطيور بالشباك وغيرها، وكذلك وهم يحملون صيدهم من الطيور النادرة المهددة بالانقراض في أهوار العراق ومنها الفلامنجو ويعرضونها للبيع للتسلية.
ويأتي الفلامنجو مهاجراً في أسراب صغيرة من مناطق عديدة من العالم، حيث يضع بيضه ويفرخ في الأهوار خلال فصل الشتاء نظراً لأنه موسم استقرار العديد من أنواع الطيور النادرة في أهوار العراق خلال موسم الهجرة.
وفي مواجهة العوامل السلبية المتصلة بانحسار تدفق مياه النهرين والتغير المناخي، وزيادة الملوحه والصيد الجائر، يتعين وضع خطط طويلة ومتوسطة الأجل لتحقيق قدر من التوازن البيئي للحفاظ على التنوع الحيوي من خلال انشاء محميات طبيعية في المساحات الأكثر ملاءمة من من أراضي الاهوار والتي يمكن حمايتها وتطويرها .
وقد أنقذت رحمة السماء الأهوار في نهاية آذار 2019، في انتظار رحمته من ظلم الإنسان بإجراءات حاسمة من الحكومة العراقية لتطبيق إجراءات عملية تمنع وتعاقب صيد الطيور المهاجرة خارج القانون، وإية ممارسات تضر بالتنوع الاحيائي والبيولوجي.
رحمة من السماء| الأهوار تعود للإمتلاء في آذار 2019
قطعت إيران 42 نهراً يغذي العراق بالمياه، ومنا نهر الكارون، و بدأت تركيا في ملء سد إليسو خلال الفترة السابقة من مياه نهر دجلة، والتسبب بنقص تدفق المياه بقرابة 10 مليار م3 . وكان من شأن ذلك الإضرار بالعراق والتسبب في الجفاف للأراضي الزراعية في صيف عام 2019 والأعوام التالية.
غير أن النجدة لشعب العراق جاءت من السماء، فبعد معاناة الأهوار في جنوب العراق لسنوات من الجفاف، كان موسم الأمطار 18-2019 كريما جدا على العراق. وقد عادت المياه لتغمر الأهوار بالكامل، ووصلت إلى مستوى لم تصله منذ عشرات السنين، على أثر كميات الأمطار التي هطلت على إيران، في أواخر آذار 2019 وأجبرتها على فتح سدودها باتجاه العراق.
وقد وصلت إلى نهر الكارون الذي ينبع من الأحواز العربية في إيران ويصب في شط العرب بمدينة البصرة، تدفقات كبيرة جداً من إيران غير مسبوقة أجبرت إيران على إعادة فتح النهر نحو العراق.
وقد زاد مخزون سدي حديثة والموصل حتى 23 آذار 2019 ، من 3 مليار م3 إلى أكثر من 27 مليار م3.
وقد ذكرت وزارة المواد المائية أن أمطار العام 2019 وفرت للعراق 32 مليار م3 من المياه في 27 آذار 2019 تم استيعابها في بحيرة الثرثار في الأنباروسعتها 45 مليار م3 وفي سد الموصل وسعته 10 مليار م3 .
الحياة البرية والمائية في أهوار العراق
تشكل أهوار العراق موطناً لـعدد كبير من الطيور وعدة أنواع من الأسماك وحيوانات أخرى . وكانت الأهوار في الماضي مقرأ أو معبراً لهجرة لملايين الطيور المستوطنة والمهاجرة . وتضم هذه الطيور النحام والبجع ومالك الحزين أثناء انتقالها من سيبيريا إلى إفريقيا . ويعيش في الأهوار أعداد كبيرة من البط الرخامي Marbled teal، ومن هازجة قصب البصرة (عصفور القصب) وأبو منجل المقدس African sacred ibis المعرضة للخطر وغراب بلاد ما بين النهرين Hooded & Mesopotamian crows.
وتوجد أنواع مهددة بالإنقراض من حيوانات المستنقعات ومنها حيوان النيص Indian crested porcupine، والفئران القصيرة الذيل Bunn’s short-tailed bandicoot rat والذئب الرمادي وثعلب الماء (القضاعة ناعمة الفراء) Eurasian otter والسلحفاة (رفش الکرخة) Rafetus euphraticus.
وهناك عدد كبير من الأسماك في مياه الأهوار تضم 26 نوع أو أكثر من الأسماك. ومن أهم هذه الأسماك البز Barbus esocinus Heckel والجصان Barbus kersin والبني Barbus sharpeyi والكطان Barbus xanthopterus Heckel والهامور spotted grouper وهي من أنواع الاسماك الكبيرة المرغوبة وسمك الزُبَيْدي Pampus argenteus والشبوط Cyprinidae ويضم الكارب العادي، والشلك Aspius vorax Heckel .
السياحة البيئية في أهوار العراق
شجع تدفق السياح على منطقة الأهوار في جنوب العراق سكان المنطقة على بناء أماكن استضافة ومقاه وزوارق لتوفير احتياجات الزائرين، وأصبحت منطقة الأهوار مقصدا لقضاء العطلات للعراقيين والأجانب.
وقد تمت إقامة متحف تراثي لعرب الأهوار في العراق في أحد بيوت الضيافة يعرض قطع ومشغولات من النحاس وأدوات منزلية وأدوات الصيد والزراعة.
ويفضل السياح الإقامة في بيوت القصب التقليدية أثناء زيارتهم للأهوارالمجهزة بمفارش أرضية. ويعكس بناء بيوت من القصب طريقة الحياة الطبيعية لقاطنيها والهوية المميزة لسكان الأراضي الرطبة .
ومن السلع المتداولة من منتجات المنطقة بين زوار المنطقة القيمر من حليب الجاموس والحصائر (المفارش) المصنعة من ورق البردي والجولان والبسط من شعر الحيوانات.
وهذا يتطلب وضع برامج لتنمية الأهوار سياحياً من حيث توفير المرافق العامة وتدريب أبناء على نشاطات خدمات السياحة في المنطقة والحفاظ على نظافة المنطقة ومنع الصيد الجائر وتنظيم المهرجانات والمحافظة على الطابع التراثي للأهوار في المباني داخل الأهوار وللحفاظ على الأهوار كمحمية طبيعية .
المصادر