مفهوم المدن العالمية
المدينة العالمية Global City هي تلك المدن التي تتشابك بشكل كبير مع الإقتصاديات والمدن العالمية في مجالات الأعمال، وتدار في إطار من الحوكمة الرشيدة.
وهي تلك القادرة على جذب رأس المال والأعمال والموارد البشرية المتميزة والزائرين، وخلق بيئة مواتية لازدهار الابتكار والنشاط التجاري وإمكانية تبادل المعلومات و التفاعل الثقافي وتوفير الرفاهية والفرص الاقتصادية.
وهي مراكز للتكامل ولتنظيم الاقتصاد العالمي، ومحركات وطنية للنمو ولتعزيز الموارد وإنتاج الابتكارات.
هذه الخصائص تجعل من مدنٍ مثل نيويورك ولندن ودبي وباريس وسنغافورة مراكز جذب لأفضل الشركات والمواهب ولأكبر الإستثمارات، وتسمح بتوفير بيئة للأعمال مواتية لازدهار الاقتصاد والسكان.
موضوعات ثقافية وعامة ذات صلة
مدن عربية | … في ميزان تصنيف المدن العالمية 2020
مدن عربية | أريحا .. أقدم مدينة في العالم .. التي نشأت مع التاريخ
مدن عربية | مدينة المنصور بغداد … حاضرة الدنيا .. وملتقى طرق العالم (1)
مدن عربية | دار السلام بغداد … التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)
تصنيف المدن العالمية
يجري تصنيف المدن من خلال الشبكة البحثية للعولمة والمدن العالمية Globalization and World Cities (GaWC) Research Network التي تعتبرا رائدة في تصنيف مدن العالم. وتجري الشبكة تصنيفها بشكل دوري منذ عام 2000، وكان التصنيف الأخير في عام 2016 .
وهناك منظمات أعمال تقوم بعملية التصنيف مثل منظمة كيرني A.T. Kearney وهي شركة استشارية عالمية أمريكية في مجال الإدارة . وتركز هذه المنظمة على خصائص المدن، وليس مدى عولمتها، فيما يتصل بالنشاط التجاري ورأس المال البشري وتبادل المعلومات والمشاركة السياسية والخبرات الثقافية. ويساعد توفر هذه الخصائص وفق الدراسة على جذب أفضل الشركات وأفضل المواهب وأكثر الإستثمارات وتحقيق الازدهار. ويتوفر المزيج المناسب من هذه العوامل في مدن مثل نيويورك ولندن وباريس وسنغافورة وفق الدراسة، ولم تشمل التصنيفات خلال الفترة 12-2018 أي مدينة عربية في أول 25 مدينة.
وقد صنف معهد الاستراتيجيات الحضرية في مؤسسة موري ميموريال في طوكيو المدن العالمية في دراسة شاملة في عام 2017. واستخدمت ستة معايير تضم 69 مؤشراً (8-14 مؤشر لكل منها) لعوامل داخلية في معظمها، وتركز على حجم الإقتصاد الكلي والأعمال، وفي قدرات وإنجازات البحث والتطوير، والمرافق السياحية والثقافية وعدد الأجانب المقيمين والزائرين، وجودة الحياة وتكاليف المعيشة، وجوانب جودة البيئة، ومرافق المواصلات الداخلية والخارجية. وتعكس هذه المعايير وفق الدراسة مدى انفتاح الإقتصاد، واستدامته وانفتاحه على الإقتصاديات العالمية وقدرته على الإبتكار. كما يستطلع المعهد آراء عينة من مدراء الأعمال، والباحثين والفنانين والزائرين والمقيمين.
غير أن تصنيف الشبكة البحثية للعولمة يبقى الأكثر استخداماً وإنتشاراً لأنه يركز على جوانب عولمة المدن ومدى تشابكها وترابطها مع المدن والإقتصاديات العالمية، ولأنه يجري بشكل دوري من خلال مؤسسة أكاديمية متخصصة ويضم عدداً اكبر من المدن في جميع القارات، بينما تركز التصنيفات الأخرى على مؤشرات داخلية للمدن مثل حجمها ومرافقها ومؤشرات للإقتصاد الكلي بشكل رئيسي.
من هي الشبكة البحثية للعولمة والمدن العالمية
تم إنشاء الشبكة البحثية للعولمة والمدن العالمية (GaWC) من مجموعة من الأكاديميين في قسم الجغرافيا في جامعة لوبورو Loughborough University في عام 1998 في مدينة ليستر Leicester وسط إنجلترا في المملكة المتحدة، ودراسة العولمة وعالمية المدن هي في صميم اختصاص الباحثين في الجغرافيا الإقتصادية.
ويتناول تصنيف الشبكة البحثية أبعاد العولمة في المدن، ومدى ترابط أو اندماج المدينة في شبكة المدن العالمية. وهذا يشمل مدى انفتاحها واندماجها وكونها مركزاً لمنظمات الأعمال الدولية والخدمات المالية والمصرفية والقانونية وتشابك هذه الخدمات في شبكة المدن العالمية.
معايير تصنيف المدن العالمية
تتضمن معايير تصنيف المدن توفر بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئة أعمال وبيئة معرفية تسمح باندماج المدن في شبكة المدن والإقتصاديات العالمية:
- بيئة سياسية وتنظيمية منفتحة جاذبة للأعمال والإستثمار:
- بيئة سياسية توفر الحرية الإقتصادية والأمن لقطاع الأعمال في إطار سيادة القانون.
- بيئة تنظيمية توفر الحرية المالية وسياسة ضريبية جاذبة وحرية ممارسة الأعمال والتجارة والاستثمار والتمويل.
- بيئة سياسية وتنظيمية تسمح للمدينة بأن تكون مركز اتخاذ قرارات كبيرة على أساس يومي وعلى المستوى العالمي.
- بيئة اقتصادية تنافسية:
- كون المدينة مركزاً للتجارة والاقتصاد لمنطقة كبيرة وسائدة على الساحة الوطنية، ولها قيمة عالمية كبيرة.
- وجود مراكز صناعية كبيرة ومرافق ميناء مجاور وحاويات،
- بنية تحتية متعددة الوظائف تضم أفضل مرافق النقل الجوي والبري والبحري.
- بيئة الأعمال الدولية:
- كون المدينة مقراً أو مركزاً إقليمياً لشركات متعددة الجنسيات،
- توفر خدمات مالية دولية وخاصة في مجالات التمويل والتأمين والعقارات والمحاسبة والتسويق،
- توفر خدمات دولية مصرفية واستشارات إدارية وخدمات قانونية وإعلانية،
- أن تكون سوقاً دولية للأوراق المالية وخدمات البورصة.
- بيئة تكنولوجية متقدمة:
- أن تشكل مراكز للأفكار الجديدة والابتكارات في مجالات الأعمال والاقتصاد والثقافة والسياسة،
- أن تكون مركزاً لوسائل الإعلام والاتصالات للشبكات العالمية،
- أن يعمل نسبة عالية من السكان العاملين في قطاع الخدمات وقطاع المعلومات.
- بيئة اجتماعية منفتحة:
- أن يتوفر فيها مؤسسات تعليمية شهيرة وعالية الجودة ومرافق بحثية ويرتادها دارسون من أنحاء العام،
- أن يتوفر فيها بنية تحتية لتقديم أفضل الخدمات الطبية والترفيهية في البلاد،
- أن يكون هناك تنوع كبير في اللغة والثقافة والدين والإيديولوجيات.
تصنيف الشبكة البحثية للعولمة والمدن العالمية (GaWC)
يضم هذا التصنيف ثلاثة فئات رئيسية وهي الفئة ألفا وتضم أربعة فئات فرعية، والفئة بيتا وتضم ثلاثة فئات فرعية والفئة جاما وتضم ثلاثة فئات فرعية. ويعرض الجدول أعلاه المدن العربية المصنفة في هذه الفئات وأمثلة على مدن عالمية لكل فئة.
المدن العالمية المصنفة ألفا
تتصف المدن المصنفة ألفا بتشابك وترابط على مستوى عالٍ بينها وبالتكامل في خدماتها عالمياً ولمحيطها الدولي وتربط بين المناطق والدول الاقتصادية الرئيسية في الاقتصاد العالمي. تشكل فئة المدن أ++ الأكثر تكاملاً من جميع المدن الأخرى، وقد تراوح متوسط التشابك في مدن ألفا في تصنيف عام 2008 بين 99.8% لفئة المدن أ++ و 51.3% لفئة المدن أ- .
وتضم هذه الفئة مدنا عربية وهي مدينة دبي في فئة أ+ ، و مدن كبرى ومنها باريس وطوكيو وسنغافورة وبكين وشنغهاي من كبريات مدن العالم. وتضم الفئة أ- مدينة الرياض وعواصم عالمية مثل واشنطن وفيينا وستوكهولم، وكانت الرياض في عام 2000 مصنفة في الفئة جاما.
صنفت مدينة دبي في فئة أ+ ، وقد دخلت هذا التصنيف في عام 2010. وتتركز استراتيجية دبي في العولمة على ميناءها الجوي حيث تحتل المرتبة الأولى في العالم في ترتيب رحلاتها الجوية، مع رحلات جوية بدون توقف ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع إلى 93٪ من المدن العالمية خارج منطقتها الأصلية. وقد جعلها موقعها المحوري ومناخ الأعمال الذي توفره مناسبًا للشركات التي تتطلع إلى إنشاء مقر أو نقطة حضور في الشرق الأوسط، باعتبارها مفترق طرق عالمي. وتتميز دبي بتنوع بشري لا مثيل له بين المدن العالميـة إذ أن 86٪ من سكانها ولدوا خارج دبي. وتتميز دبي ببنية تحتية وتوفر خدمات متطورة في جميع المجالات مثل المواصلات والإتصالات والصحة والتعليم والإسكان والتجارة والصناعة ووسائل الترفيه.
صنفت مدينة الرياض في فئة أ- في عام 2016 متقدمة درجتين على تصنيفها في عام 2012 في الفئة ب. وتستضيف الرياض عاصمة السعودية 110 سفارة وقنصلية ، وهي مقر للعديد من المنظمات الدولية والإقليميةمثل المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي للمنظمة الإنتربول الدولية، ومقر الأمانة العامة لمجلس التعاون ومكتب التربية العربي لدول الخليج وهيئات عربية مثل المنظمة العربية للاتصالات الفضائية والمعهد العربي لإنماء المدن وإتحاد الجامعات العربية . ويمثل مركزالملك عبدالله المالي واجهة اقتصادية مستقبلية للرياض، ولديها بنية تحتية للنقل أخذة في التطورة بشكل كبير مع قرب تشغيل مترو الرياض وهي مقر الهيئة العامة للطيران المدني.
المدن العالمية ذات مستوى بيتا وجاما
جميع المدن ذات مستوى بيتا هي مدن عالمية مهمة لها دور في ربط منطقتها أو دولتها في الاقتصاد العالمي. وتضم هذه الفئة مدنا عربية وهي مدينة القاهرة في فئة ب+ وقد دخلت هذا التصنيف في عام 2012 وكان تصنيفها في الفئة ب في عام 2000. وتضم الفئة ب+ عواصم ومدن عالمية مثل روما وكوبنهاغن وأثينا وميونيخ.
تضم الفئة ب مدن أبو ظبي والمنامة (وكليهما تقدم درجة على تصنيف عام 2012 في الفئة ب -) والدوحة (وهو نفس التصنيف في عام 2012) والدار البيضاء وبيروت (متأخرة درجة على تصنيف عام 2012 في الفئة ب+) . وتضم الفئة ب عواصم ومدن عالمية مثل جنيف وبرلين ومونتريال .
وتضم الفئة ب- مدنا عربية وهي عمان والكويت وتونس (وهو نفس تصنيفهم في عام 2012) وجدة (متقدمة درجة على تصنيف عام 2012 في الفئة ج+) . وتضم الفئة ب- عواصم ومدن عالمية مثل بلغراد وريو دي جانيرو وأدنبره وشتوتغارت.
وتوفر المدن ذات مستوى جاما ربطاً بين مناطق أو دول أصغر في الاقتصاد العالمي، أو مدن عالمية مهمة لا تتوفر لديها قدرة عالمية في توفير خدمات المنتجات المتقدمة .
وتضم هذه الفئة مدنا عربية وهي مدينة مسقط في فئة ج+ (متقدمة درجة على تصنيف عام 2012 في الفئة ج). وتضم الفئة ج+ مدناً عالمية مثل كليفلاند و برمنجهام وغلاسكو. وتضم الفئة ج مدينة عربية وهي مدينة الموصل، ومدن عالمية مثل انقرة ولوزان وكانساس.
مدن ذات كفاية للخدمات
هناك مدن أقل درجة من مستوى جاما، تتمتع بكفاية عالية للخدمات Cities with high sufficiency of services ، وهي ليست مدنًا عالمية حسب التعريف أعلاه، ولكن لديها خدمات كافية تغنيها عن الإعتماد بشكل واضح على المدن العالمية. وتضم هذه الفئة مدينة عربية هي الدمام ومدن مثل ليفربول ونيو كاسل (انكلترا) وسانت أنتونيو وانديان بوليس (الولايات المتحدة) وليماسول (قبرص) وبريتوريا (جنوب إفريقيا).
وهناك مدن أقل درجة وتتمتع بكفاية للخدمات، وتضم هذه الفئة مدن عربية وهي القدس وحيفا وطرابلس الغرب وصنعاء ومدن عالمية مثل مثل اوتوا (كندا) وكانبيرا (استراليا) وهانوفر (المانيا) ولاس فيجاس وأوكلاهاما ونيو أوليانز (الولايات المتحدة) وماكاو (الصين) ولاهاي (هولندا).
المصادر