دمشق حاضرة الدولة الأموية | أقدم عاصمة لأكبر دولةٍ في تاريخِ الإسلام

دمشق حاضرة الدولة الأموية : أحد أقدم مدن وعواصم العالم

تتفق المصادر التاريخية على أن دمشق هي أحد اقدم المدن المأهولة في العالم بشكل متواصل ، ويُعتقد أن مدينة أريحا هي  المدينة الاقدم ، والتي تم استيطانها بشكل متواصل منذ الالفية الثانية عشرة قبل الميلاد (ق .م).  وبناء على الحفريات، يشير  علماء الآثار إلى أن الناس سكنوا ما يًعرف بدمشق القديمة ما بين 10 و 8 آلاف سنة ق . م  إلى جانب الاقصر في مصر وجبيل  وبيروت في لبنان.

تقع دمشق قبالة سلسلة جبال لبنان الشرقية  على هضبة بارتفاع 690م ، وتبعد 80كم عن البحر الأبيض المتوسط. وقد شكل موقع دمشق قبالة البحر، ​​وعلى مفترق طرق ، أهمية كبيرة  جعلها هدفاً لحضارات جاءت وذهبت، ونُقطة عبورٍ للقوافل التجاريَّة، ومركزاً لتجمع الحجاج إلى مكة، وواحدة من المحاور المُهمَّة في شبكة التجارة الدوليَّة، لتوسَّطها العالمين القديم والحديث، ونقطة وصلٍ بين الشَّرق والغرب، وإفريقيا وآسيا .

كانت دمشق من أهم محطَّات طريق الحرير الذي يربط الصِّين مع آسيا، مروراً بالوطن العربي إلى أوروبا. وكانت دمشق في فترة العصور الوسطى مركزًا لصناعة الحرف اليدوية التراثية، حيث تخصصت مناطق مختلفة من المدينة في مهن أو حرف معينة (الأقمشة، النحاسيات، الأرابيسك، الحلي…).

دمشق

مقالات ذات صلة

مدن عربية | أريحا .. أقدم مدينة في العالم .. التي نشأت مع التاريخ

مدن عربية | مدينة المنصور بغداد … حاضرة الدنيا .. وملتقى طرق العالم (1)

مدن عربية | دار السلام بغداد … التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)

مدن عربية | الإسكندرية .. التي سبقت مدن المستقبل في العالم

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  حضارات جاءت وذهبت

شكلت سوريا مركزاً لعدد من أقدم الحضارات على وجه الأرض، حيث  شهدت أولى فترات الاستيطان البشري.  وشملت الحضارات المتعاقبة  بدء من الالفية  الخامسة السومريون  الذين سكنوا في بلاد مابين النهرين في الفترة الممتدة بين الالفية الخامسة والرابعة ق.م، والأكاديون، الكلدان (الأشوريون ، السريان)، والكنعانيون والآراميون  والحيثيون والبابليون و الحوريون و الفرس حتى القرن السادس.

 ووقعت سوريا تحت حكم  اليونانيين في القرن الرابع ق .م،  ثم الرومان في اواسط القرن الأول  ق  .م.  وانتشرت الديانة المسيحية على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط في القرن الأول الميلادي. وقاومهم الرومان بداية، حتى اعتنق الامبراطور قسطنطين (305-337) المسيحية.  وحكم الأنباط سوريا  حتى شمال دمشق الى بدايات القرن الثاني. وانقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى غربية وأخرى شرقية، وعاصمتها القسطنطينية، عُرفت بالإمبراطورية البيزنطية، وحكمت حتى القرن السابع وشملت سوريا.

 وجاء الفتح الاسلامي والدولة الأموية  (حتى القرن الثامن).  وتداخل مع العهد العباسي الذي تجزأ إلى دويلات، شملت عهد الدولة الزنكيَّة، الذي جاء كامتدادٍ لدولة السلاجقة  ، ثم العهد الأيوبي حتى منتصف القرن الثالث عشر ، وتخلله هذه الحقبة، الحملات الصليبية واجتياح المغول، ثم المماليك حتى بدايات القرن السادس عشر  والعهد العثماني حتى أوائل القرن العشرين حيث خضعت للانتداب الفرنسي  حتى عام  1946.  

معبد جوبيتور الروماني في دمشق
معبد جوبيتر في دمشق

وأقامت هذه الحضارات مدناً وممالك، وتركت العديد من الآثار في  أنحاء سوريا.  وأسس الكنعانيون ممالك إيبلا بين حماة وحلب و مملكة ماري على ضفة الفرات الغربية، وأوغاريت في محافظة اللاذقية.  وأقام  الفينيقيون مراكز تجارية ومستعمرات على ساحل المتوسط، وبلغوا حتى قرطاج في تونس سنة 814ق.م. وأسس الأموريون (العموريون) مدنًا مثل عاصمتهم في الشمال مدينة ماري في تل الحريري.

واستوطن  الآراميون الساميون وسط وشمالي سوريا  قبل الألفية الأولى قبل الميلاد، واقاموا مدنًا وممالك مهمة بين دجلة والفرات  شكلت  مجموعات زراعية مستقرة. وأصبحت دمشق مستوطنة مهمة. وانتشرت لغتهم وأبجديتهم التي اعتمدوا فيها الأبجدية الفينيقية.  أنشأ الآراميون نظام توزيع للمياه، وبنوا الترع وقنوات الري على أطراف نهر بردى وهو ما ساهم بازدهار الزراعة. و لا تزال هذه القنوات تشكل أساس شبكات المياه الحديثة في المدينة. وكانت المناطق الغربية لسوريا اليوم جزءً من مملكة كنعان القديمة، بينما سادت في المناطق الشرقية حضارات بلاد ما بين النهرين بين الالفية الثالثة والأولى. 

وهكذا، شهدت سوريا توالي حضارات كثيرة متداخلة وسكنها شعوب شتى، شملت تدفقات بشرية من الشرق ومن الشمال من جبال الأناضول أو من البحر، سعياً وراء ثرواتها ومركزها الاستراتيجي الفريد، كملتقى للعالم القديم. لكن ذلك لم يغير من تركيبتها السكانية من الذين جاؤوا إليها منذ القرون الاولى من الجنوب، من الجزيرة العربية وتوطنوا في داخلها على امتداد أرضها ، من أقصى الجزيرة وبين النهرين حتى جنوب فلسطين.  وكانوا يعرفون مرة بالأكاديين، ومرة بالعموريين ( الألف الثالثة ق.م). وأخرى الكنعانيين، الذين حكموا معظم المناطق السورية، وتارة بالآراميين ( سكان المناطق العليا) وأخرى بالغساسنة والأنباط (الذين جاؤوا من جنوب وشمال جزيرة العرب) حتى القرن الميلادي الثاني. وحفظت هذه الهجرات المتتالية الطابع العربي لسكان سورية منذ فجر التاريخ، ولذلك استطاع ان يصمد أمام القوى  التي غزت سورية من حثيين وفرس ويونان ورومان.

دمشق حاضرة الدولة الأموية : محطات في التاريخ والتراث

ورد ذكر دمشق في  تحتَ مُسمَّى داماسكي في الألفية الثانية قبل الميلاد.  وأخذت أسماء عدة مع تعاقب الحضارات التي حكمتها. فأطلق عليها الآشوريون دَمَشْقا ، وأسماها الآراميون ديماشقو (دارميساك أو دارميسيق) الذي قد يَعني الأرض المسقية، أو المكان الوافر بالمياه، لموقعها الجغرافي في سهل خصيب يرويه نهر بردى وفروعه التي تشكل ما يُعرف بغوطة دمشق . وعُرفت في اللغات اللاتينية، ومنها اللغات الأوروبية المعاصرة بداماسْكُس Damascus .

وتُعرف دمشق بين عرب المشرق بالشام أو دمشق الشام  ومدينة أو روضة الياسمين ودرة أو لؤلؤة الشرق والفَيْحَاء لاتساعها ورائحتها الزكية.

وقد كتب ياقوت الحموي  صاحب معجم البلدان  في القرن الثاني عشر:  ما وُصفت الجنّة بشيء، إلا وفي دمشق مثله.  

 وعندما وصلها الرحالة المغربي بن جبير في عام 1184 وصفها بانها جنة المشرق …ان كانت الجنة في الأرض،  فدمشق لا شك فيها.

 وزار مارك توين  سوريا في عام 1867 م  بين دول اخرى ، وكتب عن دمشق  بأنه مهما عُد ت إلى الماضي البعيد ، فقد كانت دمشق موجودة دائماً في كتابات كل عصر وحقبة وقد شهدت نهوض ودمار امبراطوريات كثيرة . دمشق لم ينضب ماؤها ، ولم تتوقف أرضها عن العطاء، ولذلك، فهي باقية لا تموت، في غمرة تلك الصحراء العطشى، فهي نموذج للخلود. وستنهض دمشق يوماً، فقد مر على أرضها محتلون وغزاة وطغاة … وما بقي احد منهم.

مسجد بني امة الكبير.. رابع المساجد الإسلامية

 دمشق حاضرة الدولة الأموية : ظهور الدولة الأموية

فتح خالد بن الوليد دمشق في عام 635م ، ومنح الأمان لسكانها باتفاق عقده مع أسقفها سرجون بن منصور؛ وانضمت إليه سائر المدن السورية. ووقعت معركة اليرموك  في العام التالي  مع الروم (الإمبراطورية البيزنطية) بعد وفاة الرسول محمد بأربع سنوات،  والتي كانت حاسمة في تاريخ فتوح الشام،  ويراها بعض المؤرخين من أهم المعارك في تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب.

أصبحت دمشق أقدم عاصمة في العالم ، بعد أن انتقلت عاصمة البلاد من أنطاكية إليها.  وفي عام 639 ،  عيّن معاوية بن أبي سفيان واليًا على دمشق، خلفًا لأخيه يزيد بن أبي سفيان.  

في عام 661 م (41 هـ) عام 41هـ،  ظهرت الدولة الأموية وعاصمتها دمشق؛ وازدهرت المدينة وجذبت الفنانين والحرفيين. كان معاوية الخليفة الاول وحتى عام 680 م، واستمر حكم الدولة 91 عاماً  إلى عام 750م.  وأسس دارًا لصناعة السفن الحربية وعمل على تأسيس أول اسطول بحري في تاريخ السلمين وواجه الدولة البيزنطية . 

بن خلدون

رأى  ابن خلدون، أن تُلْحَق دولة معاوية وأخباره بدول الخلفاء وأخبارهم؛ فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة.  ولقد كانت الدولة الأموية أفضل دول الإسلام بعد دولة الخلافة الراشدة، ولم تأتِ بعدها دولة أفضل منها. فلقد اتَّسعت فيها الفتوح ما لم تَتَّسع من قبل، وأضافت إليها أرضًا وبلادًا جديدة، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وحفظت بقاء الدولة موحدة يجمعها خليفة واحد يحكم من أقصاها إلى أقصاها.

بدأت الدولة بقوة في عهد أول خليفة معاوية بن أبي سفيان، و بلغت ذروة قوتها في فترات حكم الخلفاء الوليد بن عبد الملك مرورأ بالخليفة عمر بن عبد العزيز العادل الذي وُصف بأنه خامس الخلفاء الراشدين،  ثم يزيد وسليمان بن عبد الملك رغم مواجهة الدولة لكثير من القلاقل.  

ورأى ابن خلدون أن الدولة تمر بمراحل مختلفة تبدأ بالنشأة الأولية ، كما الإنسان وأي كائن حي كما رأها هيجل أيضاً، يولد، وينمو، ثم يهرم، ويموت.  ويتقاسم الناس بداية نشوء الدولة، الثروة  وتقوى الدولـة؛  ويتبعها مرحلـة الحضارة، حيث تزدهر المدن والصناعات والحرف،  ويأتي للحكم قيادات ضعيفة تهتم بمصالحها ويبدأ ضعف الدولة؛ حتى تصل مرحلة الانحـلال نتيجة سوء الادارة والظلم والفساد وتعم الفوضى فتضـعف الدولة وتهرم قبل ان تندثر .

وقبلغت الدَّولة ذُروة اتساعها في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك في عام 125 ه،  حيث امتدَّت من أطراف الصين شرقًا إلى جنوب أوروبا غربًا مروراً بشمال إفريقيا، بعد فتح بلاد المغرب العربي عام 670 م على يد عقبة بن نافع . غير أن عوامل الضعف والانهيار  سادت بعد ذلك حتى سقوط الدول الأموية  في عام  132 ه (750 م).  وفي ضوء ملاحقة بني العبَّاس لبني أمية  لقتلهم، فرَّ الكثير منهم إلى الأندلس.

وتأسست الدولة الأموية في الأندلس  مستقلة عن الخِلافة العبَّاسيَّة، على يد عبد الرحمن الدَّاخل في عام 756م (138 ه) في الأندلس (فيما يُعرف اليوم باسبانيا والبرتغال) وأجزاءٍ من شمال أفريقيا، وكانت عاصمتها قرطبة. و عمل الداخل على تأسيس جيش قوي، والاهتمام بالتعمير والتعليم والقضاء، و ولاية مستقرة.

حمل الأمراء الأمويون لقب أمير قرطبة حتى عام  929م (316هـ)، حين تحولت إلى خلافة بإعلان عبد الرحمن الناصر لدين الله نفسَه، خليفةَ قرطبةَ. ظل الأمويون يحكمونَ الأندلس زهاء ثلاثة قرون، حيث انتهت دولتهم عام 1031م.

الدولة الأموية في أقصى اتساعها باللون الأخضر الفاتح

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  إنجازات الدولة الأموية

كانت الدولة الأُمَوية أكبر دولةٍ في تاريخِ الإسلام، وواحدةٌ من أكبرِ الدُّوَلِ الحاكِمةِ في التاريخ،  الأمر الذي استدعى نظام جديد للإدارة  لإدارة هذه البلاد الشاسعة ، بدأ بإنشاء معاوية لديوان الخاتم ونظام البريد. وكان الخليفة يعيّن حاكماً عسكرياً يتولى أمور السلطتين التنفيذية والقضائية. وأنشأ أجهزة لجمع الزكاة، ، وضريبة الأراضي، وجعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية وسك العملات بلغة عربية.

وساعدت الفتوحات الإسلامية على توفير موارد هائلة ، وسيطرت على أغلب الطرق التجارية الأساسية في العالم القديم. وشملت الدولة الكثير من المراكز الزراعية والصناعية الهامة، مما سمح بنمو حركة تجارية ضخمة بين ولاياتها، ومع الدول والإمبراطوريات الأخرى المجاورة وخاصة البيزنطية.

أدى توسيع رقعة الدولة الأموية  إلى الإبداع في العديد من العلوم والثقافة كالفلك، والرياضيات، والكيمياء، والترجمة لتعريب العلوم المختلفة من عدة لغات كاليونانية وغيرها، وبذلك أسهمت في التمهيد لظهور العصر الذهبي للعلوم والحضارة في العصر العباسي.  كما أسهمت في مجالات الثقافة والأدب وعلوم القرآن والنحو، وتنقيط القرآن  وتدوين الحديث النبوي الشريف في عهد عمر بن عبد العزيز. و اسهم تشجيع العرب على الهجرة إلى البلدان الإسلامية الجديدة في نشر اللغة العربية بصورة كبيرة.

وتُعد القصور والمساجد الجامعة الكبيرة أبرزَ الإنجازاتِ المعماريةِ في العصر الأموي.  وقد اكتشف في ثلاثينات القرن العشرين ثلاثون قلعة في بادية الشام تعود لزمن الأمويين. وقد اهتمَّ بالعمارة من الخلفاء الأمويين بشكل خاص هشامُ بنُ عبد الملك، الذي كان النشاط العمرانيّ في عهده في ذروته. ومنها قصر هشام في أريحا.  وكان أول أسس مصانع للنسيج المطرز .  وقد أشاد القصور  ومنها قصر الحير الشرقي والغربي وقصر أسيس وقصر الرصافة.

وانشأ الأمويون مدنًا كثيرة، ومن بينها؛  الرصافة في الشام، وواسط في العراق، وقم في فارس، وحلوان في مصر، والقيروان في تونس.

ومن أبرز الإنجازات في عهد عبد الملك بن مروان (685-705 م)   فتح الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير عام 92 هـ، وبناء مسجد قبة الصخرة في القدس بجوار المسجد الأقصى سنة 691م، وتعريب الكثير من الدواوين، و سكَّ النقود للمرة الأولى في تاريخ الدولة. 

ومن إنجازات الوليد بن عبد الملك،  إنشاءه للمدارسَ والمشافي  (705-715 م) في العراق والشام،  واستخدام أطباء مسيحيين، ومن بينهم سريان من متعلمي اللغة العربية،  اللأمر الذي أسهم في تدوين وتعريب العلوم، حيث شهد عهده ترجمة الكتب اليونانية والقبطية في علوم الصيدلة والكيمياء والطب وغيرها. وأصبحت هذه المشافي أول المدارس الطبية في التاريخ ومرجعية لمستشفيات أوروبا ، وتعلم كثيرون على أيدي أطباء في هذه المشافي.

المسجد الاقصى في القدس الشريف .. من انجازات بني أمية

وقام الخليفة الوليد ببناء الجامع الأموي الكبير  705 م (مسجد بني أمية)  وبنى مقابله أربع كنائس في مدينة دمشق، وتوسعة المسجد الحرام في مكة و المسجد النبوي في المدينة، كما شق الطرق في الدولة،  خاصة المؤدية إلى مكة .

وعندما جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز، (717-720 م)  قيل إن أيام الخلافة الراشدة  عادت في عهده. وكان من انجازاته تطوير قضاء مستقل عادل، وعمل على القضاء على الفقر ؛  وأصلاح الأراضي الزراعية، وحفر الآبار، وتمهيد الطرق، وتعمير الخانات (الفنادق) لأبناء السبيل، وبناء المساجد، ومنها الجامع الأبيض في الرملة، فلسطين.

و شهدت الدولة الأموية في الأندلس  (756-1031 م)  نشاطاً تِجارياً وثقافياً وعِمرانياً،  وتقدُّم في مُختلف العُلوم، في العالمين الإسلامي والمسيحي على أيدي عُلماء الأندلُس على اختلاف خلفيَّاتهم العرقيَّة والدينيَّة. ازدهرت حركات الآداب والعلوم والعمارة والفن ، وبلغت الأندلس مرحلة متقدمة من المدنية. ويذلك، نافست الخلافة العباسية بين القرنين 8-15،  حيث أسهم مهندسون وعلماء وتجار في الدولة العباسية بشكل كبير في حقول الزراعة والاقتصاد والصناعة والعلوم والملاحة والفلك والطب والفن والأدب والفلسفة.

 أصبحت قرطبة أكثرَ مدن العالم اتساعًا بحلول عام 935م،  ونافست بغدادَ عاصمة الدولة العباسية والقُسطنطينيَّة  عاصمة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة. وجرى تشييد الكثير من روائع العِمارة الإسلامية ، ومنها الجامع الكبير في قرطبة.  وكان هناك نهضة في التعليم العام، جعلت عامة شعب الاندلس يجيدون القراءة والكتابة ، بينما كانت أوروبا غارقة في الأمية. 

دمشق حاضرة الدولة الأموية:  على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو

سُجلت مدينة دمشق القديمة في عام 1979 على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو ،  وهي واحدة من ستة مواقع ثقافية في سورية مسجلة على لائحة التراث العالمي.  وقد سميت دمشق عاصمة الثقافة العربية في عام 2008. 

وقد جاء تسجيل دمشق القديمة على لائحة التراث العالمي وفق مجموعة من المعايير الثقافية والاجتماعية  والفنية، حيث ترتبط المدينة ارتباطًا وثيقًا بالمسارات الاجتماعية والثقافية والتاريخية الهامة ، وخاصة الإسلامية، والتي أسهمت في تشكيل صورة المدينة.  وشكلت دمشق مركزًا لصناعة الحرف اليدوية مثل السيوف والأنسجة، وضمت 125 نصبًا تذكاريًا من فترات مختلفة من تاريخها.  

الكنبسة المريمية

 استهدف تسجيل دمشق القديمة على لائحة التراث العالمي ، الحفاظ على السمات الفريدة للمدينة المسورة كجزء من التراث الثقافي والتاريخي لسوريا وحمايتها من الاندثار بسبب الافتقار إلى سياسة للحفاظ للمناطق التاريخية ، وغياب لتقاليد راسخة لصيانة وحفظ هذه المواقع باستخدام المواد التقليدية الملائمة.

 وقد شملت معايير  إدراج دمشق على لائحة التراث العالمي، أنها تُعتبر من بين أقدم المدن المأهولة باستمرار في العالم،  وتمثل شاهداً على الإنجاز الفريد للحضارات التي توالت عليها وأبرزها المسجد الأموي، أحد أكبر المساجد في العالم، الذي يعتبر تحفة من العمارة الأموية ، فضلاُ عن القلعة الايوبية وقصر العظم العثماني والمدارس الدينية والخانات والحمامات العامة والمساكن الخاصة. 

وقد شكلت دمشق،  عاصمة اول خلافة (اموية) إسلامية، نموذجاً للعالمين العربي الإسلامي لتطوير المدن العربية اللاحقة، وفق مخطط حضري شبكي منتظم وفق تخطيط المدن اليونانية الرومانية، والذي قسم دمشق لمجموعة ممرات أو شوارع متعامدة.  وجاء معهد جوبيتور، والمسجد الأموي المجاور فيما بعد، في مكان تقاطعها حيث تقع ساحة المدينة الرئيسية.

 دمشق حاضرة الدولة الأموية :  الوقوف على باب الحداثة

احتلت دمشق مكانة إقليمية بارزة على صعيد الفنون، والآداب ؛ وحظيت باهتمام الأدباء والشعراء والرحالة ونظم في وصفها العديد من النصوص الشعريّة والأدبيّة.

وقال فيها الشاعر أحمد شوقي:  سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ  … وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ ويُعلمْنا التاريخ أندمشق ستنهض يوما من رحم أحزانها من بين الرماد.

وقد بدأت الحياة السياسية الحديثة في سورية خلال الانتداب الفرنسي (1946-1920)، وظهرت العديد من الأحزاب .  ولذلك، كانت سورية من الدول العربية السباقة الى خوض التجربة الديمقراطية الحديثة عبر الأحزاب والكيانات السياسية والانتخابات الحرة النزيهة،  حتى نهاية الوحدة مع مصر عام 1963، حين غابت المسيرة الديموقراطية، رغم تخلل هذه الفترة لعدة انقلابات عسكرية بين عامي 49 – 1954  وعام 1961، ونقاط الضعف في  الوحدة السورية المصرية (58-1961) التي حظيت بدعم من غالبية القوى السياسية والشعب السوري حين نشوءها.

مؤسسة مياه .. عين الفيجة

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  أحياء وأسواق دمشق

يشير إحصاء عام 2010  إلى أن عدد سكان محافظة دمشق بلغ  7. 1  مليون نسمة ، وبلغ سكان محافظة ريف دمشق  2.7  مليون نسمة.  وبذلك، يشكل سكان دمشق الكبرى (4.4 مليون) حوالي 20% من سكان سوريا، وهي أحد  أكبر عشر مدن في العالم العربي بعد القاهرة، وبغداد والرياض.

وتضم دمشقَ آبارٌ وعيونُ ماءٍ، وينابيعَ كثيرةَ توفر المياه لدمشق وضواحيها. ومن أهم هذه العيون نبعُ عين الفيجة الغزير النقية جداً من سفح جبل القلعة الذي بعطي في فصل الرَّبيع حوالي 30 متراً مُكعَّب في الثانية.  وهناك نظم لتوزيع المياه بدأت في عهد  الدولة الأيوبية في القرن 12 ، وتطورت في بدايات القرن في العهدين العثماني والانتداب الفرنسي واكتمل مشروع لجر مياه عين الفيجة في عام 1932.

شكل1 : مناطق دمشق

تتألف دمشق الكبرى من خمسة عشر منطقة سكنية متصلة، تضم 95 حياً  تتوزع على هذه المناطق (شكل 1) ،  وقد ذُكر بعض منها بين قوسين مقابل كل منطقة، إضافة لمخيم اليرموك.  

وهذه المناطق  هي دمشق القديمة  و الساروجة (سوق ساروجة و  العمارة البرانية و مسجد الأقصاب  والقصاع ) والميدان (ميدان وسطاني و باب مصلى) والشاغور (شاغور براني  وباب شرقي  وابن عساكر والتضامن) والصالحية (قاسيون والشيخ محي الدين) والقنوات (باب الجابية)، وجوبر  (جوبر الشرقي  وجوبر الغربي)  والقدم  وكفرسوسة والمِزَة ودمر ( دمر الشرقية والغربية) وبرزة  والقابون وركن الدين والمهاجرين ومخيم اليرموك

وتضم أحياء دمشق القديمة   9 أحياء (شكل 2) أو  (حارات كما كانت تسمى قديماً ) الجورة و العمارة الجوانية وباب توما  و القيمرية والحميدية والحريقة والأمين ومأذنة الشحم وشاغور الجواني.

شكل 2 أحياء وأبواب ومواقع معالم دمشق القديمة

وقد توسعت أحياء في دمشق القديمة خارج السور في عهد الدولة الزنكية والأيوبية في أواخر القرن الحادي  عشر ، مثل الشاغور  وساروجة والصالحية والميدان  إضافة إلى حي القنوات (نسبة إلى قنوات المياه الرومانية في الحي) وهو حي لعلية القوم ويمر فيه أحد فروع نهر بردى .

واصلت دمشق توسعها حتى النصف الثاني من القرن العشرين، نحو سفوح قاسيون وبساتين الغوطة.  ويحتوي جبلُ قاسيونَ (1150 م) على عدة أحياء في مناطق رُكن الدِّين (الأكراد) و المهاجرين  والصالحية. وانضمتّ بلدات مستقلة عن دمشق مثل برزة، وجوبر، والمزة إلى دمشق ، فضلاً عن المشاريع السكنية الحديثة في دمر، وكفر سوسة.

وتضم مدينة دمشق عددا كبيراً من الأسواق داخل الأسوار وخارجها المتخصصة والعامة. ومن بين الأسواق المسقوفة سوق الحميدية، وسوق مدحت باشا،  والبزورية (ويتفرع منه سوق العطارين)، والحريقة

ويتفرع من سوق الحميدية  عدد من الأسواق ومنها أسواق السروجية و الصاغة  والمناخلية  والنحاسين والعصرونية ومردم بك والحرير والجمرك والعرائس والقباقبية. 

وهناك سوق المسكية قرب الجامع الأموي وسوق الورق (الصقالين في القيمرية). وهناك اسواق متجاورة وهي الذراع  و السكرية (المنسوجات) و باب الجابية قرب هذا الباب.  وهناك سوق الخيل  وسوق العتيق وسوق ساروجة قرب ساحة المرجة.

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  أبواب دمشق القديمة

تعرضت مدينة دمشق على مدى قرون  قبل وبعد الميلاد لحملات الغزو ، ولذلك، أحيطت بسور من الحجارة الضخمة في بداية العصر اليوناني،  و تمت تجديده في العصر الروماني بطول 1.5 كم و عرض أقل من كيلومتر. وأقيمت عليه سبعة أبواب نسبةً إلى الكواكب السبعة المعروفة في حينها، ونُحتت رموزها على الأبواب لأنها تحمي المدينة في الموروث الثقافي.  وضمت أبواب دمشق القديمة عند بناء سور المدينة سبعة أبواب، وهي؛ باب توما (ويرتبط بكوكب الزهرة)، وباب السلام (ويرتبط بالقمر)، وباب الفراديس (ويرتبط بعطارد)، وباب الجابية (ويرتبط بالمريخ)، والباب الصغير (ويرتبط بالمُشتري)، وباب كيسان (ويرتبط بزُحل)، وباب شرقي (ويرتبط بالشمس).

وقد تهدّم بعض هذه الأبواب واعيد بناء بعضها ، حيث يعود  السور الحالي الى عهدي الدولتين الزنكية والأيوبية في القرنين الحادي والثاني عشر.  وقد أقيمت أبواب أخرى في العهود اللاحقة مثل باب الفرج وباب النصر و أبواب للحارات القديمة، مثل بوَّابة الصالحيَّة، وبوَّابة الميدان وباب السريجة، وباب زقاق البرغل وباب مصلى،  وأقيمت هذه الأبواب لِحماية الحارات الدمشقيَّة.

وتشمل الأبواب التي تهدمتباب الجنيق، والذي كان يقع بين باب السلام وباب توما،  وباب النصر، والذي كان يقع على الجهة الغربية للسور جنوب القلعة مباشرة،  وباب سريجة، والذي يقع في منطقة القنوات في دمشق في الحي المعروف باسمه باب سريجة. وقد تهدم معظم السور، وتبقى منه أقل من نصف كيلو متر . 

أبواب على سور دمشق القديمة

وهذه الأبواب هي :

*   باب توما، من أبواب دمشق الشهيرة في  شمال شرق المدينة القديمة قرب حي القصاع ، ويحمل اسم توما أحد تلامذة المسيح عليه السلام.

باب السلام ، ويسمى أيضاً باب السلامة، ويقع إلى الغرب من باب توما . وقد جاءت تسميته من صعوبة دخول الغزاة منه لكثرة الأشجار ووجود مجرى بردى تمر عنده عبر حي الدباغات، حيث مصانع الجلود.  وكان يستخدمه الداخلين إلى دمشق للسلام على الخلفاء الأمويين .

*   باب الفراديس،  ويعرف بباب العمارة ،  ويقع في شمال المدينة القديمة. وقد جاءت تسميته نسبة إلى منطقة مقابلة خارج السور تسمى الفراديس أو البساتين. دخل منه عمرو بن العاص عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق.  

*   باب الفرج، أقيم في عهد الدولة الزنكية وليس من ضمن الأبواب السبعة الرومانية،  ويقع في الجهة الشمالية من سور المدينة، بين سوق العصرونية وسوق المناخلية. وهو باب مزدوج وبجانب مسجد يسمى مسجد باب الفرج.

*  باب شرقي، من أبواب دمشق الرئيسية والشهيرة، من الجانب الشرقي ، ويمتد بينه وباب الجابية شارع طويل، يشتهر يالشارع المستقيم، وفيه أجزاء كثيرة مسقوفة، وممرات لأشهر أسواق دمشق، ويقع عليه سوق مدحت باشا ، الذي أنشأه الوالي العثماني مدحت باشا، ويشتهر بين سكان دمشق بالسوق الطويل . 

*   باب كيسان (باب بولس)، والذي يقع جنوب غرب الباب الشرقي بالقرب من دوار المطار ، في شارع ابن عساكر. وقد جاءت تسميته نسبة إلى كيسان، مولى الخليفة معاوية بن أبي سفيان، الذي أعتقه بعد نزوله على الباب عند فتح دمشق. وقد أصبح منذ عام 1939، الباب الشرقي لكنيسة القديس بولس.  

*  الباب الصغير، وهو باب المدينة الجنوبي، ويقع قرب حي الشاغور ، وأبعاده 3.7 x2.5 م وجاءت تسميته لأنه كان اصغر ابواب دمشق، وقائم حالياً. وقد دخل منه يزيد بن أبي سفيان (شقيق معاوية) عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق. ودخل منه التتار بقبادة تيمورلنك بداية القرن الخامس عشر، عندما أحرق دمشق.  ويقع أمامه جدار حماية (باشورة)، و مسجد الباشورة.

*   باب الجابية، يقع في الجهة الغربية من المدينة القديمة عند مدخل سوق مدحت باشا حاليًا . وقد عُرف بهذا الاسم نسبة إلى قرية الجابية بمنطقة حوران لأن المتجه إلي القرية،  كان يخرج منه. وقد دخل منه أبوعبيدة بن الجراح، عند الفتح العربي الإسلامي لدمشق.  

 دمشق حاضرة الدولة الأموية :  معالم في دمشق

تعاقب على سوريا  حضارات متعددة،  أقامت مدناً وممالك، وتركت العديد من الآثار في  أنحاء سوريا.  وتشكل دمشق القديمة حوالي 5% من مساحة دمشق الحالية،  وتتركز الأثار التي تركتها على الأسواق والخانات والمساجد والكنائس والمدارس والشوارع المرصوفة والقلعة والسور الروماني .  وتعرضت معظم المعالم للتدمير بفعل الزلازل والحروب في فترات تاريخية سابقة.  ورغم أنه كان يعاد بناء وترميم المباني المتضررة ، إلا  أن الجزء الأكبر من التراث المبني للمدينة يعود إلى العهد العثماني الذي بدأ في القرن السادس عشر.

وتمثل آثار معبد جوبيتر (معبد المُشتري)، وما تبقى من بوابات مختلفة على أسوار مدينة دمشق، أهم الآثار الرومانية.

ويمثل المسجد الأموي في دمشق ، والمساجد الأموية  في مدن أخرى أبرز إنجازات العهد الأموي.

حمام نور الدين

واقيم البيمارستان النوري في دمشق القديمة في حي الحريقة، شرق سوق الحميدية، وهو اليوم متحف العلوم والطب العربي..  وهو  واحد من ثلاثة بيمارستانات اشتهرت بها المدينة، أقيمت في القرن 12 في عهد الدولة الزنكية، وأصبح واحداً من أشهر المشافي ومدارس الطب والصيدلة في البلاد الإسلامية، وقد تعلم فيه كبار الأطباء مثل ابن سينا والزهراوي.

كما أقيمت  المدرسة النورية،  التي أنشأها نور الدين زنكي،  وهي من أقدم المدارس وأعرقها، وتقع في منطقة سوق الخياطين  و حمام نور الدين (زنكي) في البزورية، وهو أقدم حمامات دمشق الكثيرة ، وكذلك المدرسة ولا تزال  قائمة وتعمل حتى اليوم.

وتمثل قلعة دمشق أهمّ معالم فن العمارة العسكرية في سورية في العصر الأيوبي .

و نشطت في الفترة المملوكية الفعاليات الاقتصادية وانتشرت من الشارع المستقيم في اتجاه الجامع الكبير وشوارع متفرعة منها مما شكل بداية تطور انتشار الأسواق لاحقاً مثل سوق الحميدية قرب القلعة في الفترة العثمانية. وقامت عدد من الأسواق كسوق الدباغين وسوق الخيل وسوق ساروجة الذي كان أكبرها وأسرعها نموًا. 

وقد اهتم المماليك بتأسيس المدارس الشرعية الإسلامية ومنها المدرسة الظاهرية التي اشتهرت بزخرفتها، وأداروا ستة مستشفيات كبيرة تعرف باسم «البيمارستان» خلال مدة حكمهم، والمكتبة الظاهرية في المدينة، وقد بناها الظاهر بيبرس لتكون مدرسة شرعيّة، وغدت اليوم دارًا للكتب ومتحفًا للوثائق والمخطوطات القديمة.

وفي بداية الفترة العثمانية في القرن 16،  أقيمت تكية الشيخ محي الدين ابن عربي،  و سوق الحرير، وحمام وخان داخل أسوار المدينة، ورمموا حي الصالحية  وبنوا التكية السليمانية في  عهد السلطان سليمان القانوني كنموذج مميز للمعمار العثماني ، والتي لا تزال قائمة .

وأقيم قصر النعسان على الطراز الدمشقي القديم في القرن 17،  قرب  الباب الشرقي  وتسكنه عائلة النعسان حتى اليوم وهو مفتوح للزوار والسياح ..

وفي القرن 18 ، شُيد قصر العظم  قرب الجامع الأمويوخان أسعد باشا في سوق البزورية المتفرع من سوق الحميدية. وأقيم القصر الدمشقي بيت نظام في منطقة الشاغور في حارة مئذنة الشحم قرب نهاية شارع مدحت باشا.

تضاعفت  مساحة دمشق في القرن 19 حتى نهاية الحقبة العثمانية،  ، وتم شق الشوارع و إنشاء الأسواق مثل سوق الحميدية و سوق مدحت باشا وسوق ناظم باشا وعلي باشا نسبة للحكام في حينها.  وفي نهاية الحقبة، تم مد خط حديدي (خط الحجاز) من دمشق إلى مكة عبر الأردن وتزايدت الآثار العمرانية وشقت ساحات المدينة البازرة أمثال ساحة المرجة.

وفي هذه الفترة، بني مكتب عنبر وهو أحد نماذج البيوت الدمشقية القديمة الهامة ، وهو أكبر منازل دمشق القديمة في حي القيمرية شرق المسجد الأموي،  وسُمِّيت المنطقة التي يقع فيها باسمه نظرًا لأهميته.  استخدمته الدولة العثمانية  كمدرسة ثم تحول إلى مدرسة ثانوية (التجهيز) في عام 1936 ثم مدرسة للفنون النسوية وفي عام 1974 تم ترميمه وافتتح على أنه قصر للثقافة العربية.

ومن معالم دمشق في القرن 20،  المدرسة السورية التي تقرر  إنشاءها في عام 1901  و افتتحت في عام 1903 وضمت فروع للطب و الصيدلة. وفي عام 1923  تم دمج دمجها مع مدرسة الحقوق (التي أسست عام 1913) لتكوين الجامعة السورية. وبقيت تحمل ذاك الاسم حتى عام 1958 حيث أصبحت تدعى جامعة دمشق.  وكذلك  المتحف الوطني في دمشق الذي بدأ تاسيسه في عام وافتتح في مقره في عام  1936  مقابل التكية السليمانية.

وأقيمت ساحة المرجة  في مركز دمشق خارج أسوار المدينة القديمة في أواخر العهد العثماني بداية القرن العشرين عام 1907. ويتوسطها عمود التلغراف البرونزي  الذي يعلوه مجسم لجامع يلدز في تركيا تذكاراً لتدشين الاتصالات بين دمشق والمدينة المنورة والدول الإسلامية، بالتزامن مع إطلاق الخط الحديدي الحجازي من مدينة دمشق ومحطة القطارات المجاورة . وتعرف أيضاً باسم ساحة الشهداء حيث أعدم الوالي جمال باشا عددا من المثقفين العرب.

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  مساجد دمشق القديمة

تضم دمشق قائمة طويلة من المساجد التاريخية ومن بينها :

الجامع الأموي  (705 م)   ويُعتبر رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى،  وواحداً من أجمل المساجد الإسلامية، وأحد عجائب الإسلام السبعة في العالم.  ويحتوي المسجد على ضريح  النبي يحيى (يوحنا المعمدان) ويضم نقشاَ باليونانية في مدح السيد المسيح على أحد الجدران. كما يحتوي مقبرة تضم رفات صلاح الدين الأيوبي.

يقع جامع منجك  1361 م خارج دمشق القديمة في حي الميدان  وقد  أقيم في العهد الايوبي ، وأنشأه الأمير إبراهيم ابن سيف الدين منجك. وقد جُدد المسجد مرات عديدة في الحقب اللاحقة في العهد العثماني  وحديثا .  وهناك جامع   الأقصاب   1407م  في منطقة كانت مليئة بنباتات القصب في ساروجة، ويحمل  منجك أحيانا ، لأن أنشيء على يد نفس الأسرة. ومن  أقدم المساجد التي بناها الأيوبيون بعد الجامع الأموي، جامع الحنابلة  1201م في حي الصالحية بدمشق .

يقع جامع الدرويشية ( جامع درويش باشا ) مقابل قلعة دمشق الأثرية وحي الحريقة خارج دمشق القديمة ومجاوراَ لسوق الدرويشية ، أحد  أهم أسواق الشام. ويشتهر بين  أهل الشام باسم جامع القباب لكثرة قبابه.  وأقيم المسجد  في عهد والي دمشق درويش باشا رستم في عام 1574 م في عهد السلطان مراد الثالث العثماني ـ، وهو من أهم مساجد دمشق وأغناها نقوشاً وزخارفه،  وروعة  محرابه ومنبره.  ويضم المسجد مكتب وسبيل ماء ومدفن يضمّ ضريح مؤسسه.

التكية السليمانية وهي مجمع  يعد من أهم الآثار العثمانية في مدينة دمشق، يضم مسجداً ومتحفاً وسوقًا للمهن اليدوية والتراث ومدرسةً. وقد جاء تسمينها نسبة إلى السلطان سليمان القانوني الذي أمر ببنائها عام 1554 م

جامع الشيخ محي الدين بن عربي، و يقع في منطقة الصالحية  في حي الشيخ محي الدين، على ضفاف نهر يزيد ، ويضم ضريح  الشيخ الأندلسي الإمام أبو بكر محي الدين محمد بن عربي . ويعرف أيضا بجامع السليمي نسبة إلى السلطان سليم الأول الذي قام بترميم وإعادة بناء الجامع في عام 1518 م.

جامع سنان و يقع في مدينة دمشق القديمة مقابل باب الجابية ، وسوق باب سريجة.  وقد بُني المسجد في العهد العثماني على يد والي دمشق سنان باشا وذلك العام 1590 م، وقد تم تسجيله في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979 كجزء من مدينة دمشق القديمة.

دمشق حاضرة الدولة الأموية :  كنائس دمشق القديمة

تتميز ا دمشق القديمة بعمارة مميزة لكنائس ذات طابع سوري اصيل، حيث لعبت دمشق دور اً هاماً في نشوء المسيحية، وفيها اعتنق بولس الرسول الدين الجديد على يد الرسول حنانيا وأصبحت دمشق مقرًا للأسقفية، تلي بطريركية أنطاكية في الاهمية.

تضم دمشق قائمة طويلة من الكنائس ، وكان في غوطة دمشق وفي سفوح جبل قاسيون خمسة عشر ديرًا منها دير مران ودير النيربين حيث يروى أن القديسة /حنة/ والدة السيدة مريم العذراء أقامت أو دُفنت فيه كما روى ابن عساكر في تاريخ دمشق. ومن بين أهم الكنائس التاريخية:

الكنيسة المريمية وتقع مقابل باب شرقي في المدينة القديمة و تعتبر الأقدم في العالم.  وهي أقدم كنيسة في العالم، يرجع تاريخها إلى 36 و37 ميلادي، حيث أنتقل مسيحيون من فلسطين، وكونوا طائفة نصرانية ، ترأسها الأسقف حنانيا، أول أسقف في التاريخ على دمشق.  وتعتبر الكنيسة المريمية أكبر كنيسة في الشرق ويوازيها في المساحة كنيسة القديسين بطرس وبولس في مدينة أنطاكية.  وهي كاتدرائية تضم مقر بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس منذ عام 1344 م،  و يتم فيها تنصيب البطاركة والأساقفة،  وتحتوي على 5  كنائس ضمن مجمع الكاتدرائية.

كنيسة حنانيا  تقع في حي باب توما الأقدم في دمشق بعد الكنيسة المريمية،  ومن أقدم الكنائس في العالم تعود للحقبة الرومانية، وتقع في حي حنانيا أحد الأحياء المسيحية التاريخية العريقة في منطقة باب توما العريق أحد أحياء دمشق القديمة، وتقع الكنيسة القديمة تحت الأرض ينزل إليها بدرج يفضي إلى تحفة تاريخية تعود إلى أكثر من 2000 عام.

كاتدرائية القديس جاورجيوس هي كنيسة سريانية أرثوذكسية (كنيسة مار جرجس) تقع في منطقة باب توما ، وهي مقر للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، وهي واحدة من أشهر وأقدم الكنائس السريانية الأرثوذكسية في العالم.

كاتدرائيه سيده النياح اقيمت منذ اثر من 150 عام ، وهي من أهم التحف المعماريه ومعروفه بكنيسه الزيتون لكثره شجر الزيتون فى فناءها ، وهي مقر ابرشية دمشق للروم الملكيين الكاثوليك.

المصادر

https://whc.unesco.org/en/list/20/

دراسة لآراء ابن خلدون في الدولة الأموية

دمشق في عصر المماليك    نقولا زيادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *