مدن عربية | الإسكندرية .. التي سبقت مدن المستقبل في العالم

مكتبة الإسكندرية

الإسكندرية

الإسكندرية .. واحدة من أكبر مدن مصر على البحر الأبيض المتوسط شمال غرب دلتا النيل، على بعد 180 كم شمال غرب القاهرة في الوجه البحري، وتعتبر محافظتها موطناً لما  يزيد عن  5 ملايين شخص  في عام 2019 .  

تمتد الإسكندرية من جزيرة فاروس في البحر الأبيض المتوسط عبر لسان رسوبي إلى وسط المدينة.  ويشكل خليجيها المنحنيان بشدة حول الإمتداد البري في البحر، حوضي الميناء الشرقي والميناء الغربي، وهي ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة.

تمتد المدينة الحديثة 40 كم من الشرق إلى الغرب على طول سلسلة تلال من الحجر الجيري على شاطىء المتوسط ، بعرض 1.6–3.2 كم، والتي تفصل بين بحيرة مريوط المالحة وأرض مصر. وقد تضاءل حجم البحيرة كثيراً منذ إنشاء المدينة إلى أقل من 10% في الوقت الحاضر.

مَنحَ موقع الإسكندرية على ساحل المتوسط المدينة مناخًا متوسطياً متميزا عن المناطق الجافة في مصر، يتميز باعتدال المناخ، ولذلك اشتهرت كوجهة لقضاء العطلات الصيفية. وتدور درجة الحرارة صيفاً  في شهر آب حول متوسط 30 °م  وحول متوسط 18 °م شتاء في يناير.

جسر ستانلي في الإسكندرية

مفالات ذات صلة

دمشق حاضرة الدولة الأموية | أقدم عاصمة لأكبر دولةٍ في تاريخِ الإسلام

مدن عربية | … في ميزان تصنيف المدن العالمية 2020

مدن عربية | أريحا .. أقدم مدينة في العالم .. التي نشأت مع التاريخ

مدن عربية | دار السلام بغداد … التي قيل فيها يوماً؛ من لم يرها.. لم يرى الدنيا ولا الناس (2)

مدن عربية | مدينة المنصور بغداد … حاضرة الدنيا .. وملتقى طرق العالم (1)

مدن عربية | مدن في مصاف المدن العالمية  2018

الإسكندرية : العاصمة الثانية

تربط شبكات مواصلات أحياء المدينة وبالمدن الرئيسية الأخرى. وتعد خطوط ترام الإسكندرية أقدم خطوط ترام أنشأت في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط في عام 1860 م.  وتضم خطوط الترام  التي تعمل بالكهرباء ، الترام الأزرق (الرمل) ، ويربط شرق المدينة (محطة فيكتوريا) بغربها (محطة الرمل)، والترام الأصفر (المدينة) ويربط مناطق أحياء شرق ووسط المدينة. وقد تم إدخال الترام الاصفر الجديد على هذه الخطوط..

الترام الجديد والقديم

وهناك شبكة واسعة من خطوط السكك الحديدية والقطارات، ومنها خطوط محلية تشكل شريان الحياة الرئيسي للمدينة (خط قطار أبو قير)، ويربط هذا الخط بين أبو قير أقصى شرق المدينة، مع محطة مصر في وسط المدينة ، وقد وصعت خطط لتحويله إلى مترو أنفاق.  وهناك خطوط سكك حديدية خارجية تربط الإسكندرية بمحافظات القاهرة ومطروح ومحافظات الدلتا.

تضم المدينة جامعة الإسكندرية الحكومية وخمسة جامعات خاصة.  وقد تاسست جامعة الإسكندرية في عام 1942 تحت إسم جامعة فاروق الأول بداية وحتى عام 1952.

تعد الإسكندرية مركزاً اقتصاديا رئيسياً (الصناعة، التعدين، الزراعة، الصيد، السياحة ،التجارة..)، يُنتج 30% من الإنتاج الصناعى الوطني (الصناعات الغذائية وإنتاج البتروكيماويات والأسمنت…)، فضلاً عن كونها الميناء البحري الرئيسى ومركز تجارى هام  يضم بورصة الإسكندرية، ويمر عبر  مينائها حوالى 60% من تجارة مصر الخارجية.

تاريخ الإسكندرية

يمكن إيجاز تاريخ المدينة في ثلاثة مراحل رئيسية ؛ اليونانية والرومانية والإسلامية.

الإسكندرية القديمة : المرحلة اليونانية

بدات المرحلة اليونانية حين دخل الإسكندر الأكبر مصر عام 333 ق.م بعد بلاد الشام التي كانت تحت الاحتلال الفارسي القاسي منذ سقوط حكم الفراعنة عام 343 ق.م .

 أسس الإسكندر الأكبر الإسكندرية في عام 331 قبل الميلاد (ق. م) في موقع قرية الصيد راكوتيس الصغيرة (كوم الدكة)، التي يعود تاريخها إلى 1500 ق . م ، حيث جذبه موقعها الاستراتيجي على الساحل الشمالي لمصر على البحر الأبيض المتوسط، وتموضعها بين دلتا النيل و بحيرة مريوط ، الني توفر لها المياه و، والتي كانت اكبر بأكثر من عشرة مرات مما هي عليه اليوم، وكانت تتغذى بمياه النيل عبر عدد من القنوات، ومن خلال المرسى الجيد الذي توفره الجزيرة فاروس.

توسعت المدينة تحت حكم خليفة الإسكندر بطليموس الأول الذي أسس دولة البطالمة التي أخذت اسمه، وحكمت الأسرة البطلمية  لثلاثة قرون (332-30 قبل الميلاد).  وأعاد بطليموس جثة الإسكندر بعد وفاته في عام 323 قبل الميلاد لدفنها في المدينة.  وأصبحت مصر تُحكم من الإسكندرية، بدلاً من العاصمة القديمة ممفيس

وقد أخذت المدينة في الازدهار، على حساب صور، عاصمة الفنيقيين، والتي كانت مدينة مهمة للتجارة والتجارة في المنطقة بعد سيطرة الإسكندر عليها، بينما تراجع دور قرطاج الفنيقية في تونس التي كانت لا تزال مدينة ساحلية حديثة.

الإسكندرية القديمة : المرحلة الرومانية والبيزنطية ونشأة الكنيسة القبطية

تزامن تراجع البطالمة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد مع صعود روما.  وقد خضعت الإسكندرية للرومان إسمياً في عام 80 ق.م، في عهد بطليموس العاشر، وحتى عهد بطليموس الثالث عشر.  وكانت شقيقته كليوبترا السابعة آخر البطالمة تتودد إلى يوليوس قيصر للحفاظ على السلالة البطلمية.  غير أن قيصر اغتيل في عام 44 قبل الميلاد ، وتولى الحكم مارك أنتوني، والذي تقرب بدوره من كليوباترا، وقيل أنه أهداها 200  ألف كتاب لمكتبة الإسكندرية، وجعل من الإسكندرية قاعدة عملياته .

هُزم مارك انتوني على يد أغسطس قيصر في 31 ق . م، وانتحرت كليوباترا وأنتوني في مقره في Timonium (الظاهر في الخريطة)، وانتهى عهد البطالمة. وأصبحت الإسكندرية تابعة للإمبراطورية الرومانية.  وأخذت روما تعتمد على مخزن الحبوب المصري بشكل متزايد.

بشر القديس مرقس، كاتب الإنجيل الثاني في العهد الجديد في الإسكندرية في منتصف القرن الميلادي الأول، واصبحت الإسكندرية في العصر المسيحي المبكر مركزاً لتأهيل علماء اللاهوت البارزين. ولذلك، يدعى رأس الكنيسة ببابا الإسكندرية (لأن مقر الكنيسة بدأ في الإسكندرية)، وببطريرك الكرازة المرقسية، لأن المسيحية دخلت مصر بكرازة (بتبشير)، مارمرقس  وهو مؤسس الكنيسة القبطية أو الكنيسة المرقسية.

وتم وضع الترجمة اليونانية للكتاب المقدس في عام 132 م ، ليأخذ مكانه في مكتبة الإسكندرية. ولذلك كانت الإسكندرية بمثابة بوتقة للعلم والتقوى والسياسة الكنسية في التاريخ المسيحي المبكر.   

خضعت الإسكندرية للإمبراطورية البيزنطية بعد انقسام الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين: غربي روماني وشرقي رومي بيزنطي.  وتميزت الإمبراطورية البيزنطية  بالمسيحية، وبالتوجه نحو الثقافة اليونانية، في حين تميزت الدولة الرومانية الغربية بالوثنية وكان سكانها يتحدثون باللاتينية.

اكتسبت المسيحية قوة كبيرة في عهد الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير الذي أعلن المسيحية ديانة رسمية، وأبطل العبادات الوثنية.  وقام بطريرك (بابا) الإسكندرية ثيوفيلوس بإزالة المعابد الوثنية ومنها معبد سرابيوم للإله سيرابيس (والذي بقي منه عمود السواري) وشيد على أطلاله كنيستان.

وأصبحت بطريركية الإسكندرية واحدة بين خمسة بطريركيات كبرى في منتصف القرن الخامس؛ الإسكندرية ، والقدس وروما والقسطنطينية وأنطاكية، واصبح بطريرك الإسكندرية ياخذ لقب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

الإسكندرية القديمة : المرحلة الإسلامية

خلق السخط من الحكم البيزنطي الظروف التي أدت إلى تعرض الإسكندرية لغزو الفرس الساسانيين في عام 619 م الذين نهبوا المدينة وقتلوا الكثير من أهلها، غير أن الإمبراطورية البيزنطية أعادت السيطرة على المدينة بقيادة هرقل في 628 م، والذي رُوي أن النبي محمد (صلعم) قد أرسل له مبعوثاً يحمل له رسالة باعتباره عظيم الروم.

سيطر عمرو بن العاص  على مصر تدريجياً بداية في عام 642، وفي النهاية، اصبحت مدينة الإسكندرية ومصر تحت حكم الخليفة عمر بن الخطاب في عام 646 م .  وأعقب ذلك، نزوح جماعي كبير من السكان اليونانيين، ورحب الأقباط في المدينة بقيادة البطريرك بنيامين الأول بالمسلمين ترحيباً بالغاً، وأُطلقت الحرية الدينية للأقباط وجرى تأمّينهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.

تضم الإسكندرية عددا كبيراً من الكنائس القبطية  (الظاهر مواقع بعضها في الخريطة)، ومن أهمها الكاتدرائية المرقسية، حيث يقع الكرسي البابوي القبطي، وكنيسة كيرلس الأول، وكنيسة القديس جرجس.  كما تضم المدينة عشرات المساجد، ومن أهمها مسجد المرسي أبو العباس (في جزيرة فاروس)، ومسجد القائد إبراهيم، ومسجد الإمام البوصيري

نشطت حركة التجارة في الإسكندرية خلال العهد الإسلامي، وتم بناء سور جديد للمدينة (الظاهر في الخريطة)، ووفد إليها الكثير من العلماء من أمثال الإمام الشاطبي وابن خلدون وغيرهم الذين أثروا الحركة العلمية للمدينة. غير أن  المكانة السياسية ضعفت حين أصبحت الفسطاط بداية، ثم  القاهرة عاصمة مصر في نهاية القرن العاشروانتقلت البطريركية القبطية إلى القاهرة في القرن الحادي عشر، ولكن البطريرك احتفظ، ولا يزال، بلقب بابا الإسكندرية، موطن ولادة المسيحية القبطية.

بناء الإسكندرية

كلف الإسكندر في عام 332 ق . م  دينوقراط ليعمل كمستشار فني لأعمال المسح والتخطيط الحضري لمدينة الإسكندرية على غرار تخطيط المدن اليونانية. وعمل دينوقراط مع مساعديه الفنيين على بناء محطات المياه للمدينة ونظام الصرف الصحي الذي يتطلبه الموقع المنخفض.

كان تصميم المدينة مخططاً عمرانياً وحضرياُ متكاملاً، بحيث شمل الناحية اللوجستية (الإمداد والتموين لاحتياجات المدينة) والتسهيلات اللازمة للنشاط السياسي والثقافي.

كانت المنارة التي تقع على الطرف الشرقي لجزيرة فاروس، دُرًة الإسكندرية القديمة، وإحدى عجائب الدنيا السبعوتم تخصيص مواقع لقصر الإسكندر الملكي، ومعابد للآلهة اليونانية والمصرية و ساحات في المدينة (أغورا) توفر سوقًا تجاريًا ومركزًا للتجمعات الشعبية، و مباني السكنية. وتم شق قنوات من النيل (الظاهرة في الخريطة)، ومجاري للمياه تحت الشوارع الرئيسية لتزويد المساكن بالمياه.

و استغل دينوقراط  لسانا رسوبيا طبيعيا كان يصل بين قرية راكتوس (راقودة) وجزيرة فاروس، وقام بردمه لتوفير طريق Heptastadion  (الظاهر في الخريطة) ليصل بين الجزيرة واليابسة، وقام بإنشاء ميناءين على جانبي الطريق. وتعني الكلمة اليونانية Hepta-stadion  سبعة Hepta وحدات طول Stadion كل منها 180 م، أي أن طول الطريق 1260 م.

كان تخطيط المدينة يحاكي المدن الإغريقية القديمة، حيث كان يأخذ شكل شطرنج وهو عبارة عن شارعين رئيسيين ومتقاطعين بزاوية قائمة، وهما (حالياً) شارع  فوآد (الحرية) وشارع النبي دانيال وعرض كل منهما 14 م، ومنهما تتفرع شوارع جانبية متوازية عرضها 7 م. وكان شارع كانوبي (فؤاد \ شارع الحرية) يربط بوابة القمر من الغرب وبوابة الشمس من الشرق (الظاهرة في الخريطة) ، ويمتد شرقًا ليصل إلى أبوقير. وبتقاطع مع  شارع سوما (النبي دانيال)  الممتد من الشمال للجنوب حيث مركز مدينة الإسكندرية.

ولا يعود نجاح الإسكندرية إلى جذورها الإغريقية فحسب، بل للتأثيرات المصرية أيضًا. فقد حكم البطالمة المدينة بطريقة تُحاكي حُكم الفراعنة، وقد شكلت المدينة الجديدة رابطًا بين المملكة الفرعونية المصرية المعزولة نسبيًا وإمبراطورية التجارة البحرية لليونان والبحر الأبيض المتوسط ​​.  ونشهد اليوم من التراث الإغريقي، الجدران الثمانية الشهيرة للمنارة القديمة تتكرر على عدد لا يحصى من المآذن في جميع أنحاء مصر.

الإسكندرية : مدينة عالمية في عهد البطالمة

نجح البطالمة الأوائل في مزج ديانات اليونان القديمة ومصر في عبادة سيرابيس،  وشهدت الإسكندرية عصرها الذهبي.

استفادت المدينة من زوال القوة الفينيقية بعد أن سيطر الإسكندر الأكبر على معظم المدن الفينيقية ومنها صور بعد مغادرته الإسكندرية 332 ق.م. كما استفادت من تجارة روما المتنامية مع الشرق عبر القناة التي ربطت الإسكندرية بفرع رشيد من النيل وخلال البحر الأحمر.

و استقطبت الإسكندرية التجارة المربحة من الهند و وبلاد العرب، و كانت أسواقها غنية بالحرير والأقمشة الرائعة من أسواق الشرق.  وجاءت الثروة بنشاطات الترفيه والفنون، وتحولت المدينة إلى موطنِ لمدارس فلسفية ومكتبة كبيرة.

نمت الإسكندرية من بلدة صيد ساحلية (راكوتيس) لتصبح أكبر وأهم مدينة في مصر القديمة، و العاصمة الفكرية لعصرها والأكثر شهرة العالم في العصور القديمة كموقع فاروس حيث المنارة العظيمة .

جذبت المدينة الفلاسفة وعلماء الرياضيات والفنانين والمؤرخين.  وقد درس في في مدارسها، إقليدس وعلماء الرياضيات أرخميدس وهيرون Heron بين القرنين الثانى و الثالت ق . م.

وقيل إن مدينة الإسكندرية الساحلية كانت ذات يوم أعظم بوتقة عقلية عرفها العالم على الإطلاق، ومن بين أعظم مدن العالم المتوسطي. وكانت مركزًا للدراسات والعلوم اليونانية حيث تم وضع أسس العالم الحديث، ولعبت دورًا مهمًا في الحفاظ على الثقافة الهيلينية ونقلها إلى عالم البحر الأبيض المتوسط ​​الأوسع.

الإسكندرية : ما بعد البطالمة

 ظلت الإسكندرية عاصمة مصر منذ تأسيسها على يد الإسكندر الأكبر  وحتى الحكم الإسلامي في القرن السابع. وقد ضعفت مكانتها السياسية بعد ذلك،  لكنها ظلت مركزًا مهمًا للعمليات والتجارة البحرية والإنتاج الحرفي.  واستمرت الإسكندرية في الازدهار كمركز تجاري للمنسوجات والسلع الفاخرة ، مع توسع النفوذ العربي غربًا عبر شمال إفريقيا ثم إلى أوروبا.

غير أن الإسكندرية عانت من الغزوات العسكرية، ومنها الهجمات الصليبية، التي كان أخرها في عام 1365م والتي شهدت أعمال القتل دون تمييز بين مسلم ومسيحي ونهبت وضربت المساجد.

وبعد تعافي الإسكندرية من الدمار الذي نتج عن وباء الطاعون في منتصف القرن الرابع عشر، تمكنت المدينة من الاستفادة من نمو تجارة التوابل بين الشرق والغرب، والتي تدفقت عبر مصر. وازدهرت المدينة كنقطة عبور في التجارة التي تتم بين البحر الأحمر وحوض البحر الأبيض المتوسط في أواخر القرن الخامس عشر لدورها في الشبكات البحرية العثمانية .

غير أنها خسرت تجارتها بعد اكتشاف البرتغاليين لطريق بحري إلى الهند نهاية القرن الخامس عشر. وتبع ذلك سقوط الدولة المملوكية ووقوع مصر في ظل الحكم العثماني.  وعانت المدينة من فترة طويلة من التدهور  بسبب تداعيات الوباء والإهمال الإداري في القرن السادس عشر وحتى غزو القوات الفرنسية مصر في عام 1798 ، وتقلص سكان الإسكندرية إلى حوالي 10 آلاف نسمة .

الإسكندرية : نهضة الإسكندرية في عهد الأسرة العلوية

عادت الإسكندرية للنهوض بداية القرن التاسع عشر عندما جاء محمد علي نائباً للخليفة العثماني في مصر عام 1805.  بدأ بإعادة فتح ترعة المحمودية التي تربط نهر النيل بمدينة الإسكندرية، وتنتهي في البحر الأبيض المتوسط بطول  72 كم في عام 1820 مما كان له الفضل في إنعاش اقتصاد المدينة.

جعل محمد علي الميناء الغربي في االمدينة الميناء الرسمي لمصر، وبنى منارة حديثة عند مدخله في راس التين. وأنشأ دار الصناعة البحرية في المدينة والتي يطلق عليها حالياً “الترسانة البحرية”، وذلك لتلبية احتياجات الأسطول المصري.

شيد محمد مقره الرئيسي عند رأس التين، وأصبحت الإسكندرية مقراً لقناصل الدول الغربية وتحاكي المدن الأوروبية.  وقد جذبت العديد من الفرنسيين واليونانيين والطليان ومن المشرقيين العرب، بسبب ازدهار المدينة. ويشغل رأس التين  الجزء الغربي من شبه جزيرة (فاروس) القديمة، داخل بروز بحري أطلق عليه قديماً مسمى شبه جزيرة الفنار الذي اقام محمد علي ، والمسمى أيضا روضة التين، لاشتهاره باشجار التين.

فتح محمد علي الفرص الاقتصادية أمام المصريين وشجع المستثمرين الأجانب على الاستقرار في المدينة. وأدخل القطن إلى مصر وازدهرت المدينة كمركز رئيسي لصناعة القطن وتطورت صناعته بسرعة نتيجة الطلب المتزايد من أوروبا. وقد أدى إلى ازدهار المدينة إلى أن أصبحت مركزًا مصرفيًا وتجاريًا متزايد الأهمية.

شرق الإسكندرية من مكان مرتفع قرب محطة الرمل

أصبحت الإسكندرية منذ تولي محمد علي الحكم وخلال المائة وخمسين سنة التالية أهم ميناء في البحر المتوسط ومركزا مهما للتجارة الخارجية وتميزت بتنوع ثقافي واسع.  وقد ازدهرت الفنون خلال هذه الفترة، ومن بينها أسلوبُ الفن الِجديد في التصميم والهندسة المعمارية الكلاسيكية.

 استمرت الإسكندرية في النمو الاقتصادي تحت حكم خلفاء محمد علي. وقد أدى افتتاح سكة حديد القاهرة في عام 1856 (في عهد محمد سعيد باشا)، وانتعاش تجارة القطن نتيجة  الحرب الأهلية الأمريكية وافتتاح قناة السويس في عام 1869 (في عهد الخديوي إسماعيل)، إلى إعادة مصر لمكانتها كنقطة الانطلاق الرئيسية إلى الهند، وإلى دورة أخرى من النمو وإلى زيادة سريعة في كل من السكان الأصليين والجالية الأجنبية  التي بلغت 100 ألف مقيم تضم يونانيين وطليان وفرنسيين ومشرقيين، وكانت الفرنسية لغة النخبة المتعلمة.

شهد عهد الخديوي إسماعيل إنشاء مباني ضخمة وعمارات سكنية فخمة في عدد من الأحياء كمنطقة محطة الرمل وكورنيش بحري. وقد جرى إنشاء الشوارع والأحياء الجديدة وإنارتها بغاز المصابيح، وإقامة بًنية مؤسسية لتنظيم شوارعها ورصفها وصيانتها والحفاظ على نظافتها وتصريف مياه الأمطار،  وإقامة مرافق للصحة العامة وشبكة للصرف الصحي ، وتوصيل المياه العذبة من منطقة المحمودية إلى المدينة وتوزيعها.

وقد صعد مجتمع الأعمال  إلى السلطة ابتداءً من منتصف القرن الثامن عشر وامتدت لحوالي قرن. وقد تم تعزيز الهيمنة الأجنبية خلال فترة الحكم البريطاني الذي بدأ في عام 1882 حيث زاد عدد الأجانب وخاصة اليونان الذين أصبحوا يشكلون ثقلاً ثقافيًا وماليًا مهم في المدينة.

وتم تشكيل بلدية المدينة في عام 1890 (في عهد محمد توفيق باشا) يهيمن عليها الأجانب و يسودها التجار الأوروبيين والمشرقيين وأصحاب العقارات. غير أنه قام  بالعديد من المشاريع البارزة؛ من بينها إنشاء المتحف اليوناني الروماني، وبناء مكتبة عامة، وتحسين الشوارع وأنظمة الصرف الصحي، واستصلاح الأراضي من البحر، والتي تم بناء كورنيش الواجهة البحرية عليها لاحقًا.

تعرضت المدينة لأضرار هائلة في فترة الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تقصفها الطائرات الحربية لدول المحور خصوصًا الإيطالية والألمانية ما تسبب في دمار ومقتل المئات واعتبرت الإسكندرية أكثر المدن المصرية تضرراً من تلك الحرب.

وقام  الرئيس عبد الناصر بتاميم قناة السويس وصادر الأصول الفرنسية والبريطانية، وتم تشريع قوانين لتمصير البنوك والشركات وشركات التأمين المملوكة للأجانب مما أدى إلى مغادرة  معظم المقيمين الأجانب المتبقين ، ونشطت في الستينيات صناعات تجهيز الأغذية والنسيج ، والتي توسعت بشكل كبير بين الحربين الأولى والثانية.

حفز اكتشاف احتياطيات الغاز الطبيعي في البحر وفي دلتا النيل في عام 1976 التنمية الصناعية؛ كانت الدخيلة المستفيدة الرئيسية ، والتي أصبحت مركزًا رئيسيًا للحديد والصلب. وجرى تطوير مرافق المصافي بعد الانتهاء من مد خط أنابيب النفط الخام من مدينة السويس إلى البحر المتوسط ​​قرب الإسكندرية، وخط أنابيب آخر يربط شمال القاهرة بالإسكندرية.

وتم تشجيع تطوير الصناعة الخفيفة من خلال إنشاء منطقة تجارة حرة في الأميرية، واعيد فتح بورصة الإسكندرية للأوراق المالية. وبرز اهتمام بالتراث الثقافي للمدينة في التسعينيات ، بالتنقيب عن الاثار على طول الواجهة البحرية بالقرب من الإسكندرية، حيث عثر على مجموعة من الآثار القديمة، تم عرض بعضها في المتحف القومي وفي متحف الاثار الغارقة.  ووجهت جهود لتوثيق وحماية العمارة التاريخية للمدينة، و لإحياء مكتبة المدينة القديمة وتم افتتاح مكتبة الإسكندرية في عام 2002.

معالم الإسكندرية القديمة

تحتل المدينة مكانة خاصة في المخيلة الشعبية المصرية بحكم ارتباطها بالإسكندر وكليوباترا، ومكتبة الإسكندرية . وقد ذاع صيت الإسكندرية القديمة على أنها مدينة كبيرة وغنية بجميع أنواع الفنون ومركز ثقافي وفكري مهم لألفية من الزمان في عصرها، ومكان جاذب للتجار والعلماء بما تتمتع به من معالم متميزة .

وبينما احتفظت مصر الفرعونية بالعديد من المعالم الأثرية من أهرامات ومعابد وتماثيل مثل أبو الهول ورمسيس، فإن الإسكندرية  البطلمية التي يعود تاريخها إلى ألفي عام من التطور العمراني، قد فقدت  أكثر معالمها القديمة المميزة.  

تحميل مسلة من الإسكندرية إلى لندن عام 1887

نُقل كثير من آثارها إلى أماكن بعيدة في متاحف العالم مثل لندن ونيويورك وباريس (مثل مسلات كليوبترا الفرعونية أمام القيصرون). وحطمت الزلازل والغزوات العسكرية معالم اخرى بشكل مطرد، وغُمرت بعض آثارها تحت سطح البحر في الواجهة البحرية، حول جزيرة فاروس. وتبقى منارة فاروس، ومكتبة ومتحف الإسكندرية  والمسرح الروماني شواهد في الذاكرة العالمية على نهضة الإسكندرية القديمة.

منارات الإسكندرية : منارة فاروس

كانت منارة فاروس، تُحفة ذلك الزمان، إذ كانت أول ما يمكن رؤيته في المرفأ من على مسافة  55 كم .

تم بناء منارة الإسكندرية في عام 280 ق.م في عهد بطليموس الثاني على جزيرة فاروس في الإسكندرية. واعتبرت منارة الإسكندرية ، كما أهرامات الجيزة في مصر وحدائق بابل المعلقة في العراق، من بين عجائب الدنيا السبع في العالم القديم .

جاء بناء المنارة لتوجيه البحارة إلى الميناء ليلاً، و قد شيدت من كتل كبيرة من الحجر، وضمت ثلاثة أقسام: سفلي مربع الجدران، ومتوسط ​​ثماني الجدران، وعلوي دائري.

قُدِر ارتفاعها 134 متراً ، وكانت في حينها ثالث أطول الهياكل على وجه الأرض لعدة قرون.  كانت شعلة المنارة تضيء ليلاً ، وقيل أنه كان هناك مرآة في الجزء العلوي من المنارة تعكس ضوء الشمس أثناء النهار .  

تعرضت المدينة لزلازل مدمرة في أعوام  956 و1303  و 1323 م ، أدت إلى تحطيم منارتها الشهيرة . وشيد السلطان المملوكي الأشرف ابو النصر قايتباي على الأساس الحجري للمنارة قلعة سُميت بإسمه في منتصف القرن الخامس عشر باستخدامً بعض حجارة المنارة المدمرة.

منارات الإسكندرية : المنارات الأقل شهرة

غطت شهرة منارة فاروس على عدة منارات في ساحل المدينة اقيمت منذ ما يقارب 150 عام.  وتضم المنارات الستة الأخرى، خمسة  منارات حول الميناء الغربي (الدخيلة)  وهي:

منارة راس التين والتي اقامها محمد علي في عام 1848 بارتفاع 55 م ،

–  أربعة منارات حول مدخل الميناء الغربي أقيمت بين عامي 1873 و 1908 في عصور الخديوي إسماعيل والخديوي توفيق والخديوي عباس حلمي بارتفاعات بين 17 و 30 م ، ولم تعد واحدة منها أقيمت في عام 1891 عاملة،

–  منارة قصر المنتزه والتي اقيمت في عهد الملك فاروق في عام 1940 بارتفاع 15 م.

مكتبة الإسكندرية

جذبت مدينة الإسكندرية الكبيرة أفضل العقول العلمية والفنية في العالم القديم. وقد بدأت إقامة مكتبة الإسكندرية في عهد بطليموس الأول نهاية القرن الرابع  ق . م  وتم الانتهاء منها من قبل بطليموس الثاني .

وقيل أن المكتبة احتوت على ما يقدر بـ 70.000 مخطوطة بردية و 500.000 كتاب من لفائف ورق البردي،  تم شراء بعضها أو قُدمت من الحكام والعلماء، وجرت مصادرة بعض الكتب المهمة من السفن التي تدخل الميناء. وازدهرت المكتبة، كجزء من متحف الإسكندرية، كمركز رئيسي للمفكرين المشهورين الذين قصدوها للدراسة.

أحرقت مكتبة الإسكندرية خلال الحرب الأهلية التي حدثت في القرن الثالث الميلادي مع أجزاء أخرى من المدينة. غير أنها ظلت ماثلة في ذاكرة العالم عبر القرون، إلى أن أُعيد إحياؤها في عام 2002 م في عهد ارئيس حسني مبارك.

المسرح الروماني

اقيم المسرح الروماني بالإسكندرية في كوم الدكة في بداية القرن الرابع الميلادي،  وقد جرى اكتشافه أثناء البحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر في عام 1960  .

والمسرح عبارة مدرج على شكل حدوة حصان، ويتكون صفوف من المدرجات الرخامية المرقمة بحروف يونانية لتنظيم الجلوس، وتستند المدرجات إلى جدار سميك من الحجر الجيري وجدار داعم.

يقع في أعلى هذه المدرجات آثار لخمسة مقصورات، بأسقف على شكل قباب تقوم على مجموعة من الأعمدة، وصالتان من الموزاييك بزخارف هندسية في المدخل الغربي. وتشير قاعات للدراسة اُكتشفت بجوار المدرج في عام 2004، إلى أن المدرج الرومانى كان يستخدم لأغراض تعليمية.

معالم الإسكندرية الحديثة

تضم معالم المدينة الحديثة  قلعة قايتباي وكوبري (جسر) ستانلي، وعدداً من من الحدائق ومن بينها  حدائق الشلالات وحدائق المنتزه وحدائق أنطونيادس والحديقة الدولية وحديقة الحيوانات .

 ويعود تاريخ المتاحف إلى القرن الثالث قبل الميلاد، عندما  أقام بطليموس الأول (325-285 ق.م) في الإسكندرية مبنى، عرض فيه بعض التماثيل (صالة عرض Mouseion). ولذلك، أُعتبر أقدم متحف في التاريخ، فضلاً عن كونه مركزا علمياً، ومدرسة فلسفية ومكتبة. وقد اشتق من تسمية المعهد فيما بعد تسمية متحف Museum

وتضم متاحف الإسكندرية  المتحف اليوناني الروماني وهو من المتاحف الكبرى، والمتحف القومى ومتاحف مكتبة الإسكندرية الجديدة  التي أقيمت في موقع المتحف القديم  ومتحف الآثار الغارقة  ومتحف رشيد ومتحف المجوهرات ومتحف الموزاييك.

وقد عثر في عام 1995 في البحر قرب قلعة قايتباي (موقع منارة فاروس) علي آلاف القطع الأثرية الغارقة، تضم تيجاناً وقواعد وتماثيل ومخلفات فرعونية وإغريقية ورومانية وبقايا منارة الإسكندرية القديمة التي دمرت عام 1341 وتمثال للملك بطليموس الثاني كان مقاما أمام المنارة.

حدائق انطونيادس

تقع حدائق وقصر انطونيادس شرق الإسكندرية قرب حديقة الحيوان، وهي أقدم حدائق المدينة.  وتنقّلت ملكيتها بين عدد من الأثرياء اليونان منذ القرن التاسع عشر، وأوصى المالك الأخير بأهدائها إلى بلدية الإسكندرية في عام 1918 والذي تعرف الحدائق باسمه .

صممت الحدائق على نسق حدائق قصر فرساي في عهد  الخديوي إسماعيل وكانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 20 هكتاراً، وضمت عدداً كبيراً من الأشجار والنباتات والورود والأزهار النادرة،  وتحتوى على تصميمات عديدة لحدائق إسلامية وإيطالية وفرنسية .

تضم الحديقة نافورة مياه كبيرة يتوسطها تمثال رخامي، ومجموعة من التماثيل الرخامية تمثل الفصول الأربعة وأسود مصنوعة من المرمر واخرى لمشاهير من الرحالة والمستكشفين  القدماء. 

حدائق المنتزه

أقام الخديوي عباس حلمي الثاني حدائق وقصر المنتزه . وتضم الحديقة غابات كثيفة من النخيل والبونسيانا وأشجار وزهور نادرة. وتضم الحدائق منارة كانت تستخدم لإرشاد يخت الملك فاروق للرسو في ميناء القصر.

ومن المعالم الأثرية في الحدائق برج الساعة وكشك الشاي الذي بني على الطراز الروماني والمطل على شاطئ البحر المتوسط .

حدائق الشلالات

تقع حدائق الشلالات في الحي اللاتيني في  وسط المدينة في بداية شارع فؤاد، وتشغل مساحة 3 هكتارات. تتميز الحدائق بالمدرجات المختلفة الارتفاعات، وبالبحيرات والقنوات والشلالات المائية الصناعية.

وتضم الحدائق مساحات خضراء واسعة ونباتات مزهرة وأشجار. وتضم الحديقة أيضاً بعضاً من المعالم الآثرية أهمها أبراج وسور الاسكندرية.

وقد أنشئت ساعة الزهور  أمام حدائق الشلالات في عام 1966 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر،  وتوقفت عن العمل في عام 2004 . وقد تم إعادة تطوير وتشغيل ساعة الزهور في إبريل نيسان 2019.  

المتحف اليوناني الروماني

تأسس المتحف اليوناني الروماني  كمتحف للآثار بالقرب من موقع مكتبة الإسكندرية في عام 1892 م وهو ثاني أقدم المتاحف في مصر بعد المتحف المصري، وقد تم تجديده واعادة افتتاحه في عام 2020 .

يضم المتحف أكثر من 30 قاعة للعرض لعرض قرابة 20 ألف قطعة أثرية ترجع للعصور اليونانية والرومانية، إضافة لمقتيات فرعونية ومجموعة آثار تمثل الحضارة البيزنطية والقبطية التي اكتشفت في أديرة الإسكندرية.

متحف الإسكندرية القومي

أفتتح متحف الاسكندرية القومي فى عام 2003.  ويضم المتحف قطع اثرية تعكس حضارة مصر وثقافتها وفنونها وصناعاتها خلال مختلف العصور، قُدِمت من المتحف المصري ومتاحف الاسلامي والقبطي بالقاهرة والمتحف اليوناني الروماني .

ويعرض المتحف  آثار تم انتشالها حديثاً من البحر ومن اهمها، ثمثال من الجرانيت الاسود لايزيس وتماثيل رخامية لبعض الهة الاغريق ومنها تمثال لفينوس الهة الحب ورأس للاسكندر الاكبر .

كما يعرض المتحف عملات لعصور مختلفة تشمل العصر البيزنطي والاسلامي،  عثر على بعضها تحت مياه خليج ابي قير، ومجموعة من الاسلحة والمعادن والزجاج والخزف التي تعود لعصور اسلامية مختلفة ، ومجموعة من مقتنيات اسرة محمد علي من الفضة والذهب والمجوهرات التي كان يستخدمها امراء وملوك الاسرة العلوية .

مكتبة الإسكندرية الجديدة

أقيمت مكتبة الإسكندرية الجديدة  في عام 2002 في موقع قريب من المكتبة القديمة بمنطقة الشاطبي بالمدينة. وقد جاء تأسيسها بهدف إعادة إحياء لـمكتبة الإسكندرية القديمة بالاشتراك مع الأمم المتحدة. 

وتضم المكتبة سبعة مكتبات متخصصة، وثلاثة متاحف، وسبعة مراكز بحثية، ومعرضين دائمين، وتسعة معارض وقبة سماوية، وقاعة استكشاف ومركزاً للمؤتمرات .

المصدر

https://www.ancient.eu/alexandria/

https://en.wikipedia.org/wiki/Dinocrates

https://www.britannica.com/place/Alexandria-Egypt

https://calevosolaw.com/ancient-city-alexandria-part-2-lighthouse-library/

https://academic-eb-com.eres.qnl.qa/levels/collegiate/article/Alexandria/106079

https://calevosolaw.com/ancient-city-alexandria-part-1-rise-fall-pursuit-knowledge/

https://www.theguardian.com/cities/2016/mar/14/story-cities-day-1-alexandria-egypt-history-urbanisation-foundations-modern-world

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *