تقرير التنمية البشرية 2020
جاء تقرير التنمية البشرية 2020، والذي تضمن مؤشر التنمية البشرية لعام 2019، في خضم المواجهة الضارية لجائحة كورونا التي تعصف بالعالم، وتسببت حتى الآن في قرابة 107 مليون إصابة و 2.4 مليون وفاة (حتى 10 فبراير 2021)، ومعدل يومي للإصابات يقارب نصف مليون إصابة وأكثر من 10 آلاف وفاة.
يركز تقرير التنمية البشرية 2020 على قضايا بالغة الأثر مثل التغير المناخي، وتصاعد أوجه عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها في ابعاد التنمية البشرية (الصحة والتعليم والدخل)، وعدم مشاركة المجتمعات المحلية في صنع القرار، على نحو يترك المجتمعات المتضررة معرضة لمخاطر بيئية عالية.
ويوجه التقرير تنبيهاً إلى أنه ما لم يوقف سكان العالم الممارسات التنموية المخلة بالتوازن البيئي، فإن جائحة كورنا (المسببة لمرض كوفيد 19) لن تكون الأزمة العالمية الأخيرة.
وقد قدمت دراسة، نُشرت في 26 يناير2021 في مجلة علم البيئة الشاملة، أول دليل على الدور الذي يمكن أن يكون التغير المناخي قد لعبه في ظهور فيروس كورونا نتيجة الزيادات في درجة الحرارة وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
كشفت الدراسة عن تغييرات واسعة النطاق في نوع الغطاء النباتي في مقاطعة أوهان جنوب الصين، والمناطق المجاورة في ميانمار ولاوس خلال القرن الماضي، و التي يسود الإعتقاد بأنها الموقع الي بدأ فيه ظهر الوباء. وقد جاءت هذه التغييرات نتيجة الاحتباس الحراري، وما يرتبط به من نمو سريع للغابات المطيرة، والتي تشكل الموائل الطبيعية لأنواع من الخفافيش. وقد أدت التغيرات المناخية إلى زيادة حادة في ظهور أنواع جديدة من الخفافيش، وأصبحت المنطقة، نقطة ساخنة عالمية لظهور مسببات الأمراض الجديدة الحيوانية المنشأ.
وقد دفعت ظروف المناخ غير المواتية، إلى انتقال العديد من الأنواع من مواطنها إلى أماكن أخرى، حاملة فيروساتها معها. وهكذا انتقل 40 نوعًا إضافيًا من الخفافيش، تحمل 100 نوع مختلف من الفيروسات التاجية إلى أوهان. وازداد أنواع الخفافيش في وسط إفريقيا وفي بعض مناطق أمريكا الوسطى والجنوبية في القرن الماضي. وقد أدت التفاعلات بين الحيوانات والفيروسات في الأنظمة المحلية الجديدة إلى ظهور عدد كبير من الفيروسات الضارة الجديدة.
مؤشر التنمية البشرية | جوهر التنمية المستدامة … العالم العربي في ميزان العالمية لعام ٢٠١٩
وقد تسببت جائحة كورونا في أضرار اجتماعية واقتصادية هائلة، شملت ما يعادل 255 مليون وظيفة وفق منظمة العمل الدولية حتى نهاية يناير 2021، و ارتفاع مستويات عدم المساواة في الدخل في الدول المتضررة و إضافة عشرات الملايين من الفقراء في العالم وفق تقارير البنك الدولي، وملايين الوفيات، وأعباء وتكاليف هائلة للرعاية الصحية عبر العالم.
مقالات ذات صلة
مؤشر التنمية البشرية | جوهر التنمية المستدامة … العالم العربي في ميزان العالمية لعام ٢٠١٩
ويوضح تقرير التنمية البشرية 2020 أن أي دولة في العالم لم تحقق حتى الآن تنمية بشرية عالية جدا دون فرض ضغوط هائلة على كوكب الأرض. هذا في حين ان التقدم في التنمية البشرية يتطلب العمل مع الطبيعة وليس ضدها، وتغيير الأعراف الاجتماعية والقيم والحوافز الحكومية والمالية لتحقيق هذا الهدف.
وتشير التقديرات إلى أنه يمكن أن تشهد أفقر البلدان في العالم ما يصل إلى 100 يوم إضافي من الطقس المتطرف بسبب تغير المناخ كل عام بحلول عام 2100، وهو رقم يمكن خفضه إلى النصف إذا تم تنفيذ اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ بالكامل.
وبالمثل ، فإن إعادة التحريج والعناية بشكل أفضل بالمناطق الغابية، يمكن أن تُسهم بما يقرب من ربع الإجراءات التي كانت قائمة قبل عام 2030 اللازمة لوقف الاحتباس العالمي من الوصول إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة كما يشير التقرير.
وتستدعي هذه التداعيات لجائحة كورونا، اغتنام الفرصة لتقليل المخاطر الصحية من الأمراض المعدية من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة للتخفيف من تغير المناخ. وجاء في توصيات دراسة مجلة علم البيئة، إنه من الأهمية بمكان الحد من توسع المناطق الحضرية والأراضي الزراعية ومناطق الصيد في المناطق الطبيعية، لتقليل الاتصال بين الناس والحيوانات الحاملة للأمراض.
ويتضمن العدد الثلاثين من تقرير التنمية البشرية 2020 ؛ “ما بعد التنمية البشرية ؛ عصر الإنسان”، توسيعاً لدائرة مؤشر التنمية البشرية السنوي، بحيث يشمل إضافة لأبعاد الصحة والتعليم ومستوى المعيشة، بُعدين جديدين وهما انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والبصمة المادية، ومقاربة لعدم المساواة.
ويأتي هذا التوجه بهدف أن يُصبح بُعدي رفاهية الناس وسلامة الكوكب أساسيين في تحديد مفهومنا لتقدم البشرية، للدفع في اتجاه اتخاذ خطوات فعالة لتقليل الاضرار التي تقع على البيئة والعالم الطبيعي. ومع أن مؤشر HDI المعدل للضغوط الممارسة على البيئة سيكون أقل وردية (كما يتبين من جدولي 1 و 2) ولكنه سيعكس بشكل أدق التقدم البشري.
وتمثل البصمة المادية؛ البصمة الكربونية والبصمة الإستهلاكية ، وهي كمية انبعاثات غازات الدفيئة المقدرة والناتجة بشكل مباشر وغير مباشر (إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري والغذاء والسلع المصنعة والمواد والطرق ووسائل النقل)، لدعم نمط حياة الشخص ونشاطاته.
وتُقاس بصمة الاستهلاك بالمساحة اللازمة لإنتاج المواد المستهلكة ولاستيعاب النفايات. ويتم حساب البصمة الاستهلاكية لبلد ما في حسابات البصمة الوطنية باعتبارها بصمة إنتاج أولية للدولة بالإضافة إلى بصمة الواردات مطروحًا منها بصمة التصدير.
تقرير التنمية البشرية 2020 : التنمية البشرية هي الهدف الحقيقي والأسمى للتنمية
يمثل إجمالي الناتج المحلي القيمة النقدية للناتج النهائي من البضائع والخدمات ) أو إجمالي القيم النقدية المضافة للبضائع والخدمات) والتي أنتجها الاقتصاد المحلي باستخدام الموارد (عوامل الإنتاج) المتاحة بصرف النظر عن مالكها والتي تدخل السوق خلال فترة زمنية معينة.
ويمثل النمو الاقتصادي الزيادة الحقيقية في قيمة إنتاج السلع والخدمات خلال فترة محددة (لاستبعاد تأثير التضخم). وهذا يعني زيادة في إجمالي دخول عوامل الإنتاج لمالكيها وهي الأجور وإلإيجارات والفائدة والأرباح وفق منهج الدخل.
وبذلك يخلق النمو الاقتصادي مزيدا من الأرباح للشركات، مما يرفع قيمة الأسهم، ويوفر رأس مال اكبر للشركات للاستثمار وخلق المزيد من الوظائف، ورفع الدخل. ويصبح لدى المستهلكين أموالاً أكثر للإنفاق على شراء منتجات وخدمات إضافية، وتؤدي المشتريات لنمو اقتصادي أعلى.
ولذلك، ساد الإعتقاد بأن النمو الإقتصادي، يمثل مؤشراً اقتصادياً هاماً، ومقياس للرفاهية والنجاح الاقتصادي. ورغم أن معظم دول العالم قد حققت مكاسب كبيرة على مدى العقود الماضية في مستويات التنمية الإقتصادية، فإن قوى السوق وسعت دائرة عدم المساواة ، وظل الإنسان على هامش التنمية ولم تحقق قوى السوق توزيعا عادلاً للدخل ، ولم تصل منافع التنمية إلى فئات المجتمع المختلفة، الأمر الذي أدى إلى عدم الاستقرار والفوضى في المجتمعات، وشكل تهديدًا لأسس الديمقراطية، واخذت القوة الإقتصادية في التركز بشكل كبير في أيدي قلة من الأثرياء، وتوجهت عملية وضع السياسات نحو خدمة مصالح النخب الثرية.
أتضح أن مقياس النمو الإقتصادي لا يمثل مقاربة صحيحة لتفسير الطبيعة متعددة الأبعاد للتنمية. وأدركت الدول التي تتبع اقتصاديات السوق منذ منتصف القرن الماضي، الحاجة لزيادة توفير الخدمات العامة، وإقامة شبكات ضمان اجتماعي قوية، ووضع ضرائب تصاعدية على الدخل والثروة لتحقيق قدر اكبر المساواة.
ولذلك، لم تعد أهداف التنمية تقتصر على تشييد المباني وشق الطرق وتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة متوسط إجمالي الدخل الفردي، وشَكل تحسين جودة الحياة للناس الهدف الحقيقي والنهائي والأسمى للتنمية. وتعززت أهمية التنمية البشرية التي تمثل الهدف المركزي لعملية التنمية في جميع الجهود الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية.
ويضع نهج التنمية البشرية الإنسان كهدف رئيسي للتنمية المستدامة، لتعزيز مهارات وقدرات المجتمعات على تنمية أفرادها وتمكينهم من المشاركة والإسهام بدورهم في التنمية. وهناك علاقة تكاملية بين النمو الإقتصادي والتنمية البشرية، التي تلعب مكوناتها المختلفة؛ التعليم والصحة والدخل، دورا هاماً في التنمية الاقتصادية.
ويسهم توجيه الاستثمار المبكر في المجالات الاجتماعية، وخاصة التعليم، في الوصول إلى مستويات أعلى من النمو وفي زيادة في الأجور وفي انخفاض مستويات الفقر وفي الحد من عدم المساواة، وبالتالي في استدامة وشمولية التنمية.
ويسهم التعليم الجيد للعاملين في زيادة مستويات المهارة، ورفع معدلات الابتكار وتبني التقنيات المحسنة في النشاطات الإنتاجية الصناعية والزراعية وفي الأعمال التجارية وعلى قرارات الاستثمار وإدارة الأعمال ويرفع بشكل كبير من إنتاجية العمل، وتكون مؤشرات معدلات الإنتاجية الكلية و حجم الاستثمار أعلى . وبذلك، تشكل التنمية البشرية مُحركاً للنمو الإقتصادي من خلال تأثيرها على التغير التكنولوجي.
ويسهم رفع سوية التعليم لأصحاب الأعمال وصانعي السياسات العامة في تعزيز ريادة الأعمال وفي تحسين عملية اتخاذ قرارات الاستثمار والقدرة على المخاطرة والتقدم التكنولوجي في الأعمال التجارية لرفع معدلات الإنتاجية الكلية وحجم الاستثمار. وتشكل كمية ونوعية الاستثمار، إلى جانب اختيار التكنولوجيا وبيئة السياسة العامة، محددات هامة في الأداء الاقتصادي.
وهناك علاقة بين التعليم وعدم المساواة في الدخل والقضاء على الفقر، وهو المتغير الأكثر أهمية في توزيع أكثر مساواة للدخل، الأمر الذي له ارتداداته الإيجابية على النمو الإقتصادي، ورفع سوية المجتمع اقتصادياً وسياسياً.
وينعكس تعليم المرأة على الأسرة، من خلال الإسهام في خفض معدلات الخصوبة بشكل دائم، وفي تعزيز قدرات المرأة على توفير خدمات التعليم والصحة لأفرادها، وبذلك يؤثر التعليم على نمو دخل الفرد من خلال تأثيره على نمو السكان.
وتترك تحسينات الصحة والتغذية آثارًا إيجابية على النمو الاقتصادي، من خلال رفع الإنتاجية وزيادة الدخل.
و تتأثر التنمية بشكل كبير بالسياق الاجتماعي الذي يتصل بثقافة المجتمع ومنظومته القيمية ومؤسساته، وتكون التغيرات الثقافية الإيجابية وتحديث المؤسسات أعلى عند رفع سوية رأس المال البشري.
و ينعكس رفع مستوى التعليم على التنمية الاقتصادية من خلال تأثيره على توزيع الدخل وتعميم منافع التنمية حيث يصبح الأشخاص ذوو الدخل المنخفض أكثر قدرة على البحث عن الفرص الاقتصادية. ولذلك، ليس من قبيل الصدفة ان يتمحور مؤشر التنمية البشرية حول متغيرات الصحة والتعليم والدخل.
تقرير التنمية البشرية 2020: : تطور مفهوم التنمية البشرية عالمياً
تبنت قمة الأرض في ريو دي جانيرو في عام 1992 في البرازيل، بحضور 178 دولة، جدول أعمال القرن 21، والذي اشتمل على خطة عمل شاملة لبناء شراكة عالمية من أجل التنمية المستدامة لتحسين حياة البشر وحماية البيئة.
وقد وقع قادة دول العالم في أيلول/ سبتمبر 2000 في مقر الأمم المتحدة على إعلان الألفية التاريخي Millennium Development Goals (MDGs) ، الذي التزموا فيه بتحقيق ثمانية أهداف للتنمية (شكل 1) تتراوح بين خفض الفقر المدقع والجوع وتعزيز المساواة بين الجنسين والحد من وفيات الأطفال، إلى تحسين الصحة الإيجابية ومكافحة الامراض وضمان استدامة البيئة وتحقيق شراكة عالمية من اجل التنمية بحلول الموعد المستهدف لعام 2015 .
وقد تبنت الدول الأعضاء في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في ريو دي جانيرو في البرازيل في عام 2012 إطلاق عملية لتطوير مجموعة من أهداف التنمية المستدامة للبناء على الأهداف الإنمائية للألفية (الثمانية).
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015 وثيقة تتضمن 17 هدفًا كمياً ونوعياً للتنمية المستدامة Sustainable Development Goals (SDGs) (شكل 1) وإطاراً للعمل المشترك يمتد خلال الفترة 2015 -2030 لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وتضمنت الأهداف السبعة عشر (اضافة للأهداف الإنمائية للألفية في شكل 1) أبعادا تتعلق بحماية البيئة (كوكب الأرض) تشمل ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة واتخاذ إجراءات لمكافحة التغير المناخي وحفظ المحيطات والموارد البحرية وحماية نظم الحياة البرية ومكافحة التصحر.
كما تضمنت الأهداف السبعة عشر بُعدا يتعلق بالعدالة وتعزيز امن وسلامة المجتمعات وتقوية الموسسات، و أبعادا تتعلق ببناء اقتصاديات قوية ودينامية وشاملة تشمل ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على طاقة نظيفة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام والعمالة الكاملة اللائقة وبناء بنية تحتية مرنة، وتعزيز الإبتكار والتصنيع والحد من عدم المساواة بين وداخل الدول وجعل المدن والمستوطنات البشرية آمنة ومستدامة.
ويتخطى تقرير التنمية البشرية لعام 2020 مؤشر التنمية البشرية لعام 2019، وينظر إلى جودة التنمية البشرية واستدامتها، وإلى كيفية تأثير أوجه عدم المساواة الاجتماعية والنوع الاجتماعي والأداء البيئي على الدول.
تقرير التنمية البشرية 2020 : قياس مؤشر التنمية البشرية
تبنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 1990 مقياسا للتنمية البشرية (HDI) Human Development Index يعكس مستوى التنمية ونوعية الحياة لدى شعوب العالم.
ومؤشر التنمية البشرية هو مقياس مركب يقيس متوسط إنجازات الدولة في ثلاثة مجالات أساسية للتنمية ؛ الصحة والمعرفة ومستوى المعيشة.
ويقيس مؤشر التنمية البشرية لمختلف دول العالم من خلال ثلاثة أبعاد أساسية وأربعة مؤشرات وهي (كما تبين الصورة البارزة للمقالة) وفق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في شكل 1:
– حياة طويلة وصحية من خلال مؤشر متوسط العمرالمتوقع للمواطن عند الولادة، والذي يحقق هدف التنمية المستدامة الثالث، (والذي حده الاقصى وفق المنهجية 85 سنة وحده الأدنى 20 سنة).
– التعليم أو المعرفة والذي يحقق مكونات من هدف التنمية المستدامة الرابع (شكل 1)، ويقاس بعدد السنوات المتوقع للإلتحاق بالدراسة للأطفال لكل بلد 4.3 (والذي حده الاقصى وفق المنهجية 18 سنة ويعادل الحصول على الماجستير وحده الأدنى صفر)، ومؤشر متوسط سنوات الدراسة للسكان البالغين 4.6 (والذي حده الاقصى وفق المنهجية 15 سنة وحده الأدنى صفر) .
– مستوى المعيشة المادي اللائق ويقاس بمعدل الدخل الفردي الوطني وفق القوة الشرائية، والذي يحقق هدف التنمية المستدامة الثامن 8.5 ، (والذي حده الاقصى وفق المنهجية 75 الف دولار وحده الأدنى 100 دولار).
وتعطى قيمة قياسية من صفر إلى 1 لكل دولة تمثل نسبة إنجازها من الهدف الموضوع لكل مؤشر (الحدين الأعلى والأدنى)، وتؤخذ قيمة متوسطة لمؤشري التعليم.
ويمثل مؤشر التنمية البشرية المتوسط الهندسي للمؤشرات الثلاثة (الصحة والتعليم والدخل) بعد تحويلها لقيم قياسية. وتبلغ القيمة العليا لمؤشر التنمية البشرية الواحد الصحيح.
ويعتبر مستوى التنمية البشرية عالياً جداً إذا تجاوزات قيمة المؤشر 0.8، وعالياً اذا تراوحت قيمة المؤشر بين 0.7 و 0.79، ومتوسطا إذا تراوحت القيمة بين 0.55 و 0.69 ، ومتدنياً إن كانت قيمة التنمية البشرية أقل من 0.55 .
وقد أخذت هيئة الأمم المتحدة في إصدار تقرير سنوي للتنمية البشرية منذ عام 1990، حيث شمل هذا التقرير 130 دولة، وصدر التقرير الثلاثين في ديسمبر كانون أول 2020 ، والذي يستند إلى بيانات جُمعت في عام 2019 من 189 دولة.
ويقوم مؤشر IHDI المعدل بعامل عدم المساواة في أبعاد مؤشر التنمية البشرية على إعادة حساب متوسط الأبعاد الثلاثة الأساسية للتنمية البشرية وفقًا لمستوى عدم المساواة في قيمة كل بُعد، للدول التي شملها حساب المؤشر معدلا وعددها 152 دولة. ويتم حساب المؤشر المعدل كمتوسط هندسي لمؤشرات الأبعاد الأساسية الثلاثة المعدلة بعامل عدم المساواة كما المقياس غير المعدل.
ويكون المؤشر المعدل IHDI مساويًا لمؤشر التنمية البشرية HDI عندما يكون هناك مساواة، ولكنه يقل عن مؤشر التنمية البشرية مع ارتفاع عدم المساواة. ويُعبر عن الفرق بين دليل التنمية البشرية والمؤشر المعدل، كنسبة مئوية من مؤشر التنمية البشرية (كما يتبين في جدولي 1 و 2) ، ويمثل الخسارة في التنمية البشرية بسبب عدم المساواة.
وقد أسهم مؤشر التنمية البشرية بشكل كبير في تغيير طريقة تفكير الناس في العالم في عملية التنمية، رغم أنه يعاني من محددات كثيرة. وهناك تحسينات منهجية تجري على قياس المؤشر، ومن بينها مراعاة مستوى عدم المساواة في تقييم متوسط قيم أبعاد المؤشر. وقد بدأ إدخال المؤشر المعدل بشكل تجريبي خلال الفترة 2010 – 2018 بشكل متقطع. ويجري إخضاعه للتحليل النقدي، وأصبح مؤشرًا مركبًا يتم حسابه بانتظام وقد يتطور بمرور الوقت مثل جميع مؤشرات التنمية البشرية الأخرى.
تقرير التنمية البشرية 2020 : الدول العشرة الأعلى عالمياُ في مؤشر التنمية البشرية (وفق بيانات 2019)
تصدرت النرويج مؤشر التنمية العالمية 2019 باعتبارها الدولة ذات التنمية البشرية الأكثر ارتفاعاً عالمياً، وانضمت أيرلندا إلى سويسرا في المركز الثاني. وتضمنت الدول العشر الأولى جميع الدول التي كانت في قائمة مؤشر التنمية العالمية 2018 ، باستثناء سنغافورة التي كانت في المركز التاسع، التي حلت مكانها الدنمارك في المركز العاشر.
غير أنه، باستثناء النروج وسويسرا وهونج كونج التي حافظت على مراكزها التي كانت عليها في عام 2018، تبادلت بقية الدول أماكنها. ومن الدول التي تقدمت ايرلندا آيسلندا والسويد وهولندا ، بينما تراجعت المانيا واستراليا .
احتلت المملكة المتحدة المرتبة 13، وجاءت كندا في المرتبة 16، و الولايات المتحدة في المرتبة 17 ، وجاءت اليابان في المركز 19. واحتلت فرنسا المرتبة 26 وإيطاليا المرتبة 29. وجاءت روسيا في المرتبة 52 وتركيا 54 وإيران 70 .
احتلت المراكز الخمسة الأخيرة في تقرير التنمية البشرية 2020 النيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وجنوب السودان و وبوروندي كما كان الحال في مؤشر عام 2018. وسادت دول من قارة إفريقيا فئة التنمية البشرية المتدنية (33 دولة) باستثناء أفغانستان وهاييتي واليمن وسيراليون، وشملت دولتين عربيتين أفريقيتين وهما السودان وموريتانيا التي هي على حافة الخروج من هذه الفئة. وتراوحت قيمة المؤشر لهذه الدول بين 0.546 في موريتانيا في المرتبة 157، إلى 0.394 في النيجر في المرتبة 189.
وهناك اختلافات واسعة بين الدول في اعلى سلم مؤشر التنمية، وتلك التي تقع في ادنى السلم. وبينما يبلغ متوسط العمر المتوقع في فئة التنمية البشرية العالية جدا 80 عاماً، فإن متوسط العمر المتوقع في فئة التنمية البشرية المتدنية يبلغ 61 عاماً، وبذلك من المحتمل أن يموت الأفراد من الدول ذات الأداء المنخفض قبل 19 عامًا.
وبينما يبلغ متوسط عدد سنوات الدراسة في فئة التنمية البشرية العالية جدا 12.2 عاماً، فإن متوسط عدد سنوات الدراسة في فئة التنمية البشرية المتدنية 7.5 سنة. وبينما يبلغ متوسط الدخل الفردي في فئة التنمية البشرية العالية جدا قرابة 45 ألف دولار، فإن متوسط الدخل الفردي في في فئة التنمية البشرية المتدنية 2745 دولاراً .
ويعرض جدول 1 المؤشر المعدل للتنمية، ونسبة الخسارة في المؤشر، إذا اخد في الإعتبار عامل عدم المساواة، وكانت هونج كونج والمانيا واستراليا الأعلى في نسبة الخسارة.
تقرير التنمية البشرية 2020 : مؤشر التنمية البشرية 2019 عربياُ
تضم تقارير التنمية البشرية جميع الدول العربية، باستثناء الصومال، التي لم تتوفر حولها بيانات كافية. وقد صُنف العالم العربي (بشكل عام) في تقرير التنمية البشرية 2020 في فئة التنمية البشرية العالية، وجاء في مرتبة تعادل 117 كما يبين جدول 2.
وكان هناك دينامية كبيرة في قيمة المؤشر منذ عام 1990 عندما بدأ إصدار تقارير التنمية البشرية لأول مرة ، وكان عدد الدول 130 دولة. وقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية عربياً بنسبة 27% منذ عام 1990 ، وتفاوتت هذه النسب بشكل كبير، اعتماداً على مدى تدني قيمة المؤشر الذي بدأت فيه بين 2% في سوريا و 54% في السودان.
وقد صُنفت دول مجلس التعاون الخليجي الستة في فئة التنمية البشرية العالية جداً (0.8 أو أعلى). وقد دخلت قطر في هذه الفئة في عام 2000، بينما دخلت دول الإمارات والسعودية والبحرين في هذه الفئة في عام 2010، وسلطنة عمان في عام 2014 والكويت في عام 2015. وقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية منذ عام 1990 بنسبة تراوحت بين 12% في قطر (والذي كان مرتفعاً بداية) و 24 % في دولة الإمارات.
وتتفوق دول مجلس التعاون على الإتحاد الروسي الذي جاء في المرتبة 52 و تركيا 54 (باستثناء عُمان والكويت) وماليزيا وإيران في المرتبة 62 و 70 .
وقد صُنفت الجزائـــر ولبنان وتونس والاردن وليبيـــا وفلسطين ومصـر في فئة التنمية البشرية العالية (0.7-0.79). وقد دخلت الاردن وليبيا في هذه الفئة في عام 2000. وقد دخلت الجزائر ولبنان وتونس في هذه الفئة في عام 2010، بينما دخلت دولة فلسطين في عام 2015 ومصر في عام 2018. وقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية في هذه الدول منذ عام 1990 بنسبة تراوحت بين 7% في ليبيا (والذي كان مرتفعاً بداية) و 30% في تونس.
وقد صُنفت المغرب والعراق وسوريا جزر القمر في فئة التنمية البشرية المتوسطة. وقد دخل العراق في هذه الفئة في عام 2000 والمغرب في عام 2010 وجزر القمر في عام 2017 . وكانت سوريا في هذه الفئة، ولا تزال منذ عام 1990. وقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية في سوريا منذ عام 1990 بنسبة 2% ، والعراق بنسبة 17%، والمغرب بنسبة 50% وجزر القمر بنسبة 19% منذ عام 2000 .
وقد صُنفت موريتانيا وجيبوتي والسودان واليمن في فئة التنمية البشرية المتدنية، بينما لا تظهر الصومال في تصنيفات التنمية البشرية لغياب المعلومات المتصلة بالمؤشر. وقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية في موريتانيا منذ عام 1990 بنسبة 44%، والسودان بنسبة 54% ، واليمن بنسبة 20% وجيبوتي بنسبة 46% منذ عام 2000 .
ويُظهر الجدول 2 تطور مؤشر التنمية البشرية إبتداء من عام 1990 للدول العربية. وقد كان متوسط قيمة المؤشر العربي 0.705 لعام 2019 (وهو ما يوازي المركز 117 عالمياً)، وهو أقل من متوسط المؤشر العالمي (0.737)، كما أن جميع مكونات المؤشر لعام 2019 وقيم مؤشر التنمية البشرية 1990-2010 أقل من متوسط المؤشرات العالمية .
كانت قيمة مؤشر التنمية في جميع الدول في فئتي التنمية البشرية المتوسطة والمتدنية تحت المتوسط العربي، وعددها 9 دول، بما في ذلك الصومال، و كانت قيمة مؤشر التنمية في 13 دولة (شاملة الأردن وليبيا وفلسطين ومصر) تحت المتوسط العالمي.
وجاءت قطر ولبنان والإمارات الأعلى بين الدول العربية في مؤشر توقع الحياة. وكانت البحرين والسعودية وتونس الأعلى في متوسط سنوات الدراسة المتوقع ، بينما كانت الإمارات والأردن والسعودية الأعلى بين الدول العربية في مؤشر متوسط سنوات الدراسة. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي الأعلى بين الدول العربية في مؤشر متوسط الدخل الفردي، وجاءت قطر الأولى عربياً والثانية عالمياً، وتلتها الإمارات والكويت عربياً.
يعرض جدول 2 المؤشر المعدل للتنمية لبعض الدول، ونسبة الخسارة في المؤشر، إذا اخد في الإعتبار عامل عدم المساواة. وكانت أعلى نسبة خسارة في جزر القمر والسودان وموريتانيا واليمن والتي تبلغ فيها قمة المؤشر 0.55 فأقل .
المصادر
https://www.sdgfund.org/mdgs-sdgs
https://slideplayer.com/slide/11935065/
http://hdr.undp.org/sites/default/files/hdr2020.pdf
https://www.un.org/ar/esa/hdr/pdf/hdr0708/technical.pdf
https://en.wikipedia.org/wiki/Human_Development_Index
https://www.sciencedaily.com/releases/2021/02/210205085718.htm
http://hdr.undp.org/sites/default/files/hdr_2020_overview_arabic.pdf
http://hdr.undp.org/en/content/latest-human-development-index-ranking