سكان الوطن العربي في عام 2019
دور النمو السكاني في التنمية الإقتصادية
تتباين الآراء حول العلاقة بين النمو السكاني والاقتصادي. وهناك من يرى بأن النمو السكاني يمكن أن يساهم إيجابياً في النمو الاقتصادي العام، وإنه يمكن التغلب على تحديات النمو السكاني وندرة الموارد، واستدامة التنمية من خلال الابتكارات والاستثمار في التكنولوجيا .
ويتحقق نمو اقتصادي عام ، دون أن ينعكس ذلك إيجابياً على متوسط الدخل الفردي، عند التركيز على النشاطات الإقتصادية كثيفة العمالة، والإنفتاح على الأسواق العالمية ونقل التكنولوجيا وتطوير إبتكارات مستقبلية وتوسيع التجارة الخارجية والهجرة المنظمة وتبني سياسات تعليمية لتاهيل العمالة، وسياسات مالية ونقدية لتعزيز فعالية أسواق رأس المال لتوفير التمويل للإستثمار في التنمية، والحد من الإِضْرار بالبيئة الطبيعية.
وتؤدي دينامية التنمية وتطور خدمات التعليم ومشاركة المرأة في سوق العمل، والتوسع الحضري إلى خفض معدلات الخصوبة، وبالتالي انخفاض معدلات النمو السكاني، وارتفاع نسبة السكان في سن العمل. وتنعكس هذه التطورات في تحقيق العائد الديموغرافي Demographic Dividend نتيجة انخفاض معدل الإعالة وزيادة الإدخار وتوفير الموارد للاستثمار في التنمية الاقتصادية وازدياد متوسط دخول الأفراد ورفاهية الأُسر .
ولكن الرأي السائد هو أن العلاقة بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي عكسية، ورفض جدلية أن الذكاء البشري قادر على الحفاظ على بيئة مستدامة دون الحد من النمو السكاني بشكل جوهري. فالنمو السكاني يفرض ضغوطًا كبيرة على الإقتصاديات الضعيفة لتوفير مرافق التعليم والصحة وعلى الموارد الطبيعية (الأراضي الزراعية والمياه) وعلى الأسر الكبيرة لأعالة ورعاية عدد كبير من الأطفال. ولذلك، لا بد من تبني سياسات نشطة ترمي إلى تخفيض معدلات النمو السكاني لتحقيق التنمية المستدامة.
غير أن إشكالية السكان والتنمية لا يمكن اختصارها في إيجابية أو سلبية العلاقة بينهما، وإنما بالقدرة على إيجاد التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي للوصول إلى استدامة التنميـة. وهناك متغيرات هامة تؤثر على هذه العلاقة تتصل بمستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومدى توفر الموارد الطبيعية، وقدرة المؤسسات العامة على إدارة التنمية من خلال التوظيف المنتج للعمالة وتوليد الدخل ومدى تدفق رؤوس الأموال للاستثمار المنتج والتكامل مع العالم من خلال التجارة الخارجية، وربما أيضاً فرص الهجرة الخارجية.
وقد أوضحت دراسة جرت في عام 2011 شملت 90 دولة خلال الفترة 1980-2010، وأيدت نتائجها دراسة جرت في عام 2017 وشملت معظم دول العالم واعتمدت على بيانات تاريخية تمتد إلى 200 عام (1820-2010) أن من شأن النمو السكاني المنخفض في البلدان ذات الدخل المرتفع أو النمو السكاني المرتفع في البلدان المنخفضة الدخل أن يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي الكلي والنمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة.
ويترك النمو السكاني الذي يتجاوز 2% في الدول النامية آثاراً سلبية في الأمد القصير والمتوسط. وتضم هذه الآثار الحاجة لتخصيص موارد كبيرة لتوفير مرافق الصحة والتعليم بدلاً من الإستثمار في نشاطات منتجة، واستنزاف الموارد الطبيعية. وترتفع الأعباء التي تتحملها الأسر الكبيرة لأعالة عدد كبير من الأطفال تعليمياً وصحياً، وتؤدي لانخفاض استهلاك الأسر لضعف قدرتها الشرائية، مما ينعكس سلبياً على أسواق المال والأعمال الناشئة وتلك التي تستخدم ابتكارات جديدة التي لا تجد سوقاً لمنتجاتها.
وبالمثل، فإنه يتعذر الحفاظ على مستويات عالية من النمو الإقتصادي بمعدل نمو سكاني يقارب 0.5٪ لأن مثل هذا المعدل المنخفض يؤدي إلى شيخوخة مفرطة بين السكان (26% في اليابان أكبر من 65 سنة في عام 2017)، الأمر الذي يرفع من أعباء الدولة لرعاية كبار السن والمتقاعدين. وقد كان معدل نمو السكان 0.53 % في اليابان و 0.47 في الإتحاد السوفييتي السابق و 0.32% في أوروبا و 1.27% في الصين خلال الفترة 1973-2003 . ثم أصبح معدل نمو السكان بعد عام 2003، سالباً في اليابان وفي شرق أوربا (-0.21-0.33) و 0.46% في الصين و 0.27% في روسيا. وقد انعكس معدل نمو السكان المنخفض على الإقتصاد الياباني سلبياً على النمو في معدل الدخل الفردي (0.46 -1.16) خلال الفترة 2000-2010 و 1% في عام 2018 في اليابان.
وقد طبقت الصين سياسة صارمة لخفض السكان، تبنت بموجبها سياسة الطفل الواحد (مع بعض الإستثناءات) في عام 1979. وقد زاد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للصين بنسب تزيد في المتوسط عن 9٪ خلال الفترة 1979 – 2015 . وكان متوسط النمو السكاني السنوي في الصين بين عامي 1990 و 2015 أقل من 1%، وهذا يعني أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد قد زاد عن 8٪ ، وكان من شأن المعدل المرتفع في معدل النمو الإقتصادي (9%) مضاعفة إجمالي الدخل المحلي كل 8 سنوات (وفق قاعدة 72 المبينة لاحقاً).
و كان من شأن أتباع سياسة الطفل الواحد أن خفضت معامل الخصوبة الكلي من 2.9 في عام 1979 إلى 1.5 – 1.7 طفل بعد عقدين من الزمن، واستقر المعامل بعد ذلك عند هذا المعدل، وهو أقل من معدل الإحلال العالمي 2.1 طفل. وأدت هذه السياسة إلى ارتفاع نسبة الشيخوخة بين السكان، التي يقدر أن تصل إلى ربع السكان في عام 2030 (وهي النسبة الحالية في اليابان)، وخلل في نسبة الإناث إلى الذكور (100: 117) وتقلص في العمالة الشابة.
وقد سمحت السلطات الصينية للإسرة بانجاب طفلين في نهاية عام 2015 ، قبل ان تتخلى عن سياسة تقييد الإنجاب في مايو أيار 2018، ولكن لا يتوقع لهذا النمط الإنجابي الذي اصبح راسخا بعد قرابة خمسة عقود أن يتغير بصورة جوهرية في ضوء ارتفاع مستوى التعليم وانخراط المرأة الواسع في نشاطات التنمية. وقد انخفضت نسبة النمو الإقتصادي إلى6.7 – 6.6 خلال الفترة 2016 – 2018، وتوقع صندوق النقد الدولي في أبريل 2019 أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مدى السنوات الست المقبلة على الأقل.
ويكون النمو السكاني بنسب معتدلة (2%) مفيداً، عندما يصاحبه رفع سوية التعليم لتأهيل وملاءمة قوة العمل لاحتياجات التنمية، إذ يشجع على تبني التقنيات الحديثة في الإنتاج ويقلل المخاطرة في الاستثمارات نتيجة تنمية الأسواق وخلق طلب فعال على الإنتاج الإقتصادي للدولة.
وينمو عدد سكان العالم حالياَ ببطء أكبر وتتزايد نسب الفئات العمرية الأكبر عمراً. ويعكس هذا الاتجاه الإنجازات التي حققها العالم في مجالات التنمية؛ تحسين التعليم للمرأة ومشاركتها في سوق العمل؛ وخدمات الصحة ورعاية الأمومة والإنجاب؛ وزيادة توقع العمر.
مواضيع ذات صلة
سكان العالم العربي 2021 | ملامح من ديمغرافيا بلاد العرب
السكان في بلاد العرب | اتجاهات النمو السكاني عالمياً وعربياً حتى عام 2100 (2)
وقد يهمك أن تقرأ:
جودة التعليم … مفتاح التنمية العربية
الحوكمة … محطة مركزية على طريق تنمية العالم العربي
العلم والتكنولوجيا … الطريق إلى التنمية الإقتصادية العربية
التعليم العالي| المسؤولية الإجتماعية للجامعات العربية
التعليم العالي| الوظائف الواجبة للجامعات العربية
وجوه عربية
دور الموارد البشرية في التنمية الإقتصادية
تصنف الموارد الإقتصادية إلى موارد بشرية وهي العمل والإدارة، والموارد غير البشرية وهي الموارد الطبيعية ورأس المال.
وتشكل تنمية الموارد البشرية الركيزة الأساسية للتنمية الإقتصادية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز تنافسية الدول. وتلعب مؤسسات التعليم العالي دوراً محورياً في بناء رأس المال البشري، فضلاً عن دورها في نشاطات البحث والتطوير.
ويرتبط مدي نجاح مؤسسات التعليم العالي بقدرتها على على توفير مُدخلات التنمية من خلال تأهيل وتدريب خريجيها على مهارات متقدمة في الإدارة والعمل والإنتاج، والتي تتطلبها مراحل التنمية المختلفة.
وتظهر تجارب التنمية في اليابان والصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وفي دُبي العربية أن هذه الدول حققت مستويات عالية من التنمية الإقتصادية وضعتها في أعلى سلم الدول المتقدمة اقتصادياً رغم قلة مواردها المادية. وقد حققت هذه الدول إنجازاتها بسبب اهتمامها بالعنصر البشري بالتعليم والتدريب والبحث وتطوير تقنيات الإنتاج والإقتصاد المعرفي والحاكمية الرشيدة في إدارة التنمية.
وتتعزز جهود التنمية عند ترشيد تخصيص وتوظيف الموارد وتوظيف العنصر البشري كعامل إنتاج وعُنصر إبداع في تطوير تقنيات الإنتاج إذا ما تم تأهيل وتدريب قوة العمل واتخاذ القرارات الاقتصادية والسياسية على أسس علمية بهدف تحقيق مصلحة المجتمع.
وهذا يشمل المؤسسية وترشيد آلية اختيار القيادات الإدارية، ووضع السياسات المناسبة ومتابعة تنفيذها والعدالة والشفافية والمساءلة في إطار من الحوكمة الشاملة، الأمر الذي يعزز الثقة والمصداقية في الهيئات الحاكمة وفي بيئة الأعمال، ويشكل عاملاً جاذباً للإستثمار والتنمية وتعزيز تنافسية الدول.
وفضلاً عن ذلك، يشكل العنصر البشري قوة شرائية تدفع بالطلب على السلع المنتجة، وبالتالي يشكل محركاً إقتصادياً يمثل قوة دافعة للتنمية الإقتصادية، وهذه من العوامل الهامة لإبطاء التنمية في الدول المتقدمة التي تتميز بمعدلات نمو سكاني تقل عن 1%.
ولا شك بأن وجود نسبة عالية من الفئة العمرية الصغيرة، يرفع من معدل الاعالة ويشكل عبئاً على الأسر، وعبئاً على الدولة لتوفير خدمات مثل التعليم والصحة. ويسهم التعليم وزيادة مشاركة قوة العمل والمرأة في الإنتاج في رفع وعي السكان، وبالتالي تنظيم النسل والحد من الزيادة السكانية التي لا تتفق مع إمكانيات الإسر لتوفر التعليم والرعاية الصحية. وبالتالي، فعلى المدى الزمني المتوسط والطويل، ينتظم النمو السكاني بحيث يشكل رافداً للتنمية.
وهذا يتطلب من المجتمع وضع رفع سوية التعليم والتعليم العالي لتنمية الموارد البشرية وتطوير مهارات أفراد المجتمع وتعزيز دور المرأة في المجتمع في مقدمة أولويات عملية التخطيط، وذلك باعتبارها القاعدة الأساسية لتحقيق التنمية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتطوير التكنولوجيا، فالتنمية البشرية هي الهدف والغاية الأسمى لعملية التنمية، وهي كذلك، الوسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي، فالعلاقة بين التنمية البشرية والتنمية الإقتصادبة علاقة تكافلية ومكملة وليس تنافسية.
النمو السكاني: مفاهيم في علم السكان (الديموغرافيا)
يمثل النمو السكاني الزيادة (أو الإنخفاض) على عدد الأشخاص المقيمين في بلد أو مدينة معينة.
ويمثل معدل النمو السكاني النسبة المئوية من السكان لعدد الأشخاص الذين تمت إضافتهم (أو طرحهم) إلى السكان في السنة بسبب الزيادة الطبيعية والهجرة الصافية، من بداية الفترة الزمنية. ويُحسب المعدل باستخدام المعادلة التالية: (معدل المواليد + الهجرة إلى الدولة) – (معدل الوفيات + الهجرة خارج الدولة) \ عدد السكان.
ويشير معدل الزيادة الطبيعية إلى الفرق بين معدل المواليد الخام ومعدل الوفيات الخام للسكان في بلد معين وفي سنة أو فترة معينة. ويمثل معدل المواليد الخام إجمالي عدد المواليد الأحياء لكل 1000 من السكان، ويمثل معدل الوفيات الخام إجمالي الوفيات لكل 1000 من السكان في سنة أو فترة معينة.
ويختلف النمو السكاني عن معدل الزيادة الطبيعية بأنه يأخذ في الإعتبار صافي الهجرة من وإلى الدولة. ويُحسب صافي الهجرة بالفرق بين عدد المهاجرين إلى \ومن الدولة في سنة أو فترة معينة لكل 1000 نسمة.
و يساوي معدل التغير السكاني معدل الزيادة الطبيعية، إضافة لصافي الهجرة (±) . فإذا كان معدل المواليد الخام لبلد ما 26.7 ومعدل الوفيات الخام 6.8، وصافي الهجرة 3.3 لكل 1000 نسمة (ولذلك، نقسم على 10 في المعادلة للحصول على رقم من 100) فإن:
معدل الزيادة الطبيعية = (معدل المواليد الخام – معدل الوفيات الخام) / 10
= 26.7 – 6.8 \ 10 = 1.9% (1.9 لكل 100)
معدل النمو السكاني = (26.7 – 6.8) + 3.3 \ 10 = 2.32% (2.32 لكل 100)
ووفقًا للإحصاءات العالمية في عام 2016، بلغ متوسط معدل المواليد الخام العالمي 18.5، ومتوسط معدل الوفيات الخام 7.8 لكل 1000 شخص سنوياً . ونتيجة لذلك، كان متوسط المعدل العالمي للزيادة الطبيعية في عام 2016 هو 10.7 أو 1.07 ٪.
ومن المؤشرات المستخدمة في علم السكان معدل الخصوبة (الكلي)، والذي يقيس متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة في فترة حياتها الإنجابية كاملة. ويتم حسابه بقسمة عدد المواليد خلال سنة معينة على عدد النساء بين 15 و 49 عاما في نفس السنة .
وبلغ متوسط معدل الخصوبة العالمي 2.5 طفل في عام 2019 ، وكان هذا المعدل 4.7 طفل في عام 1950. ويُتوقع أن تنخفض الخصوبة العالمية إلى 2.2 في عام 2050، وهو ما يقارب معدل الاستبدال (2.1 طفل). ويؤشر هذا الإنخفاض على قرب استقرار حجم السكان في العالم بعد هذا التاريخ، وربما بدء الإنخفاض فيه في عقود لاحقة حيث ستتساوى معه في عام 2070 ويتوقع أن تنخفض الخصوبة العالمية إلى 1.9 طفل في عام 2100.
ومعدل الاستبدال هو عدد الأطفال الذين سيتعين على الزوجين إنجابهم على مدار سنوات الإنجاب من أجل استبدال أنفسهم ويساوي 2.1 طفل لكل زوجين وفق الأمم المتحدة، على افتراض أن يعيش الأطفال حتى نهاية سنوات الإنجاب لديهم، وتكون نسبة النمو السكاني صفراً في هذه الحالة. وتحتاج الدول (النامية) التي تكون معدلات وفيات الأطفال فيها مرتفعة إلى معدل خصوبة أعلى حتى تضمن عملية استبدال الزوجين.
وتراوح معدل الخصوبة بين قرابة 5.8 – 7.15 طفل في دول أفريقيا و 1.85-1.98 طفل في أوروبا والولايات المتحدة، وجاءت أقل المعدلات العالمية في تايوان والبرتغال وسنغافورة 1.22-1.26 .
ويتراوح معدل الخصوبة في الدول العربية بين قرابة 4.8 طفل في موريتانيا و1.7 طفل في لبنان. ويزيد المعدل عن 4 أطفال في السودان والعراق، ويتراوح بين 3-4 أطفال في مصر والأردن واليمن، و 2.4 – 3 طفل في المغرب والسعودية وعمان والحزائر وسوريا، ويقل معدل الخصوبة عن طفلين في الإمارات وقطر والكويت والبحرين. وتشكل الصومال حالة خاصة، إذ بلغ المعدل 6.1 طفل.
ويكون نمو السكان موجباً عندما يكون معدل الخصوبة الإجمالي أعلى من معدل الاستبدال، ويكون سالباً إذا كان معدل الخصوبة الإجمالي أقل من معدل الاستبدال. وتلعب معدلات الهجرة (من أو إلى الدولة) دوراً في النمو السكاني في دول مثل كندا والولايات المتحدة والدول التي تستقبل المهاجرين في أوروبا مثل ألمانيا وفرنسا واليونان وبريطانيا.
وهناك قاعدة عامة مفيدة لعدد السنوات التي سيتضاعف فيها السكان، وهي قاعدة 72 (وقد يستخدم الرقم 70 أو 69.3) وتبين عدد السنوات التي سيتضاعف فيها السكان عند القسمة على نسبة نمو معينة مثل عدد السنوات التي سيتضاعف فيها إجمالي الدخل المحلي عند نسبة نمو اقتصادي معينة أو وديعة في بنك عند نسبة فائدة معينة. فإذا كانت نسبة النمو السكاني 2%، فإن عدد السكان سيتضاعف كل 36 سنة (72\ 2)، وإذا كانت نسبة النمو السكاني 3%، فإن عدد السكان سيتضاعف كل 24 سنة (72\ 3). ولذلك كان يشيع القول عند مناقشة القضايا السكانية بأن عدد السكان سيتضاعف كل 25 سنة عند هذه النسبة.
تطور عدد السكان والنمو السكاني في العالم العربي
بلغ عدد سكان الوطن العربي في عام 2019 (جدول 1: 1 يوليو تموز 2019 في منتصف العام كما يقدر عادة) 428 مليون نسمة، كما يبين جدول 1 وهو ما يمثل 5.55% من إجمالي سكان العالم، مقابل 77 مليون نسمة عام 1950 وهو ما يعادل 2.9% من سكان العالم في حينه (2.6 مليار).
وقد بلغت نسبة النمو السكاني للوطن العربي 2.52% خلال الفترة 1950– 2019 ، باستخدام معادلة النمو السنوي المركب Compound Annual Growth.
وقد ارتفع عدد السكان العرب من 76.7 مليون نسمة إلى 144 مليون خلال الفترة 1950-1975، بمعدل زيادة سنوية 2.55%. ثم ارتفع عدد سكان الوطن العربي إلى 284 مليون في عام 2000، بمعدل زيادة سنوية 2.75% خلال الفترة 1975-2000. وارتفع عدد سكان الوطن العربي إلى 428 مليون في عام 2019، أي بمعدل زيادة سنوية 2.18% خلال الفترة 2000- 2019 ، وبلغت نسبة النمو السكاني 1.91% في عام 2019 .
وتؤشر هذه البيانات على أن معدل النمو السكاني قد ارتفع باضطراد في النصف الثاني من القرن العشرين. غير أن تحولاً كبيراً قد طرأ على نسبة الزيادة السكانية بعد العام 2000، حيث انخفض المعدل من 2.75 % في الربع الأخير من القرن العشرين إلى 2.18% خلال الفترة 2000- 2019، وهو ما يتمشى مع الإنخفاض العالمي في معدلات النمو السكاني.
ولكن معدل الخصوبة في عام 2019 لا يزال مرتفعاً في الدول العربية الكثيفة السكان، إذ يزيد عن 4 أطفال في العراق والسودان وعن 3 أطفال في مصر و 3.84 طفل في اليمن و2.65 في الجزائر و 2.41 في المغرب وهي بعيدة عن المعدل العالمي للإستبدال 2.1 % .
ويرجع إنخفاض معدل النمو السكاني إلى ارتفاع مستويات التعليم العامة، وللإناث بصورة خاصة إلى دخول المرأة إلى سوق العمل، وللأعباء الإقتصادية المتزايدة على الأسر ونشاطات التوعية الصحية التي تدفع لخفض معدلات الإنجاب وتوفر وسائل منع الحمل.
وتعتبر مصر والسودان والجزائر والمغرب والعراق والسعودية واليمن أكبر الدول العربية، وتضم 325 مليون نسمة تشكل أكثر من 76% سكان الوطن العربي.
وتضم الدول قليلة السكان (< 5 مليون) 25 مليون نسمة من السكان العرب موزعين على فلسطين وعُمان وموريتانيا والكويت وقطر والبحرين وجيبوتي وجزر القمر وتمثل قرابة 6% من سكان الوطن العربي.
وتشكل بقية الدول المتوسطة في حجم السكان، والتي يتراوح بين 7-17مليون نسمة وتضم 78 مليون نسمة موزعين على سوريا والصومال وتونس والأردن والإمارات ولبنان وليبيا، وتمثل قرابة 18% من سكان الوطن العربي.
توزيع السكان
يتوقف توزيع السكان في الوطن العربي على مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية والإقتصادية المتداخلة .
وتضم العوامل الطبيعية اعتدال المناخ، وتوفر موارد المياه السطحية والجوفية والأراضي الصالحة للزراعة. وقد ظهرت معظم الحضارات العربية في السهول حول مجاري أنهار وادي النيل ودجلة والفرات، وشَكلَت المجارى المائية وسيلة مهمة للنقل النهري.
وتزدهر الحياه في السهول الساحلية مثل السهول المطلة على البحر المتوسط والأطلسي في المغرب العربي. ويعيش الناس في الواحات الصحراية المنخفضة أو المناطق التي تتوفر فيها مياه جوفية.
ويعيش الناس في المناطق الجبلية التي تتميز باعتدال المناخ وسقوط الأمطار والأراضي الصالحة للزراعة مثال جبال سوريا ولبنان الأردن وفلسطين واليمن والريف في المغرب العربي.
وتضم العوامل الإقتصادية توفر الموارد المعدنية أو النفطية أو نشاطات اقتصادية كبيرة تؤدي لقيام مناطق حضرية حولها أو توسيعها. كما أن توفر المواصلات البرية والبحرية والنهرية يسمح بالوصول إلى مناطق التنمية وتعميرها .
وتضم العوامل البشرية معدل النمو السكاني والهجرة الموجبة الصافية التي شهدتها دول الخليج العربي التي اجتذبت لعقود ممتدة الباحثين عن عمل، وعوامل سياسية نتيجة الهجرة القسرية لمواطني دول عربية مثل سوريا والعراق.
وتتفاوت كثافة السكان (= عدد السكان / مساحة الأرض) بشدة عالمياً بين أكثر من6 -8 ألف نسمة في كل كم2 في سنغافورة وهونج كونج إلى 3-10 في استراليا وكازاخستان وروسيا وبوليفيا.
وتتفاوت كثافة السكان بشدة أيضا في الدول العربية (كما تبين الخريطة) بين أكثر من 2000 نسمة في كل كم2 في البحرين، و 800 \كم في فلسطين و656 \كم في لبنان إلى 16-24 كم في عٌمان والسعودية والجزائر والسودان والصومال وإلى 4 أفراد لكل كم2 في ليبيا وموريتانيا.
وتوزع سكان الوطن العربي في عام 2019 البالغ 428 مليون نسمة على اثنين وعشرين دولة في أربعة أقاليم كما يبين جدول 2؛ وهي إقليمي المغرب العربي والوسط في قارة إفريقيا وإقليمي المشرق العربي والجزيرة العربية في قارة آسيا:
- إقليم المغرب العربي في القارة الإفريقية ويضم ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا وبلغ عدد سكانها 102.5 مليون في عام 2019 بينما بلغ 24 مليون في عام 1950 وهذا يعني أن عدد السكان قد ارتفع بمعدل 2.12% (باستخدام معدل النمو السنوي المركب) خلال الفترة 1950 – 2019. ويشكل هذا الإقليم ربع سكان الوطن العربي (24%)، وهي أقل من النسبة التي كان يمثلها هذا الإقليم عام 1950 وهي 31%.
- إقليم الوسط في القارة الإفريقية ويضم مصر، والسودان، والصومال، وجزر القمر وجيبوتي. وبلغ عدد سكانها 160.5 مليون في عام 2019 بينما بلغ 32 مليون في عام 1950. وهذا يعني أن عدد السكان قد ارتفع بمعدل 2.36% خلال الفترة 1950 – 2019. ويشكل هذا الإقليم أكثر من ثلث سكان الوطن العربي (38%)، وهي أقل من النسبة التي كان يمثلها هذا الإقليم عام 1950 وهي 42%. وتمثل مصر وحدها في عام 2019 حوالي ربع سكان الوطن العربي (23.4%).
- إقليم المشرق العربي في القارة الأسيوية ويضم العراق وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين. وبلغ عدد سكانها 78.3 مليون في عام 2019 بينما بلغ 11 مليون في عام 1950. وهذا يعني أن عدد السكان قد ارتفع بمعدل 2.88% خلال الفترة 1950 – 2019. ويشكل هذا الإقليم حوالي خمس سكان الوطن العربي (18%)، وهي أعلى من النسبة التي كان يمثلها هذا الإقليم عام 1950 وهي 14%.
- إقليم الجزيرة العربية في القارة الأسيوية ويضم دول المملكة العربية السعودية واليمن والإمارات العربية المتحدة، وعمان وقطر والبحرين والكويت. وبلغ عدد سكانها 87 مليون في عام 2019 بينما بلغ 10 مليون في عام 1950. وهذا يعني أن عدد السكان قد ارتفع بمعدل 3.18% خلال هذه الفترة 1950 – 2019 وهي النسبة الأعلى بين الدول العربية، نتيجة زيادة معدلات الهجرة لدول الخليج (باستثناء اليمن وعُمان). ويشكل هذا الإقليم خمس سكان الوطن العربي (20%). وهي أعلى من النسبة التي كان يمثلها هذا الإقليم عام 1950 وهي 13%.
وتضم القارة الإفريقية 264 مليون نسمة وهو ما يمثل 62% من السكان العرب، بينما تضم القارة الآسيوية 164 مليون نسمة وهو ما يمثل 38% من سكان الوطن العربي في منتصف عام 2019.
المصادر