مفاهيم التنمية والنمو الاقتصادي
يعرف النمو الاقتصادي بأنه الزيادة في قدرة الاقتصاد على إنتاج السلع والخدمات، مقارنة بفترة زمنية معينة إلى فترة أخرى. ويقاس النمو الاقتصادي عادة بالقيمة الاسمية، ولكنه يقاس بالقيمة الحقيقية التي تأخذ في الإعتبار عامل التضخم في الحالات التي يرتفع فيه مستوى التضخم.
ويقاس النمو الاقتصادي الكلي على أساس نسبة الزيادة في إجمالي الناتج المحلي لبلد ما (GDP). ويمثل إجمالي الناتج المحلي إجمالي القيمة النقدية للسلع والخدمات التي ينتجها ذلك البلد خلال فترة زمنية محددة.
وتعرف التنمية الاقتصادية بأنها تحسن في جودة (نوعية) حياة المواطنين، ولذلك توصف بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية. ويتم قياس جودة الحياة باستخدام مؤشرات التنمية البشرية، والتي لا تؤخذ في الاعتبار في حساب النمو الاقتصادي الذي يعتمد على التغير في قيمة إجمالي الناتج المحلي، مثل معدلات الأمية والفقر ومتوسط العمر المتوقع. وتقوم التنمية الاقتصادية على عوامل من بينها تبني سياسات ملائمة للنمو وتخصيص الموارد وجودة البنية التحتية.
مواضيع ذات صلة
جودة التعليم … مفتاح التنمية العربية
الحوكمة … محطة مركزية على طريق تنمية العالم العربي
الإقتصاد العربي| التكامل الإقتصادي السبيل إلى الأمن الغذائي والوطني العربي
التعليم العالي| المسؤولية الإجتماعية للجامعات العربية
التعليم العالي| الوظائف الواجبة للجامعات العربية
اداء الإقتصاد العربي الكلي | مؤشرات إجمالي الناتج المحلي (2016)
الاقتصاد العربي| أداء الاقتصاد الكلي في عام 2018
الإقتصاد والأعمال| مؤشرات في الاقتصاد الكلي العربي لعام 2019
العالم العربي في موازين التنافسية العالمية 2019
ومع أن النمو الاقتصادي يؤدي غالباً إلى التنمية الاقتصادية، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للبلد لا يشمل عوامل التنمية الجوهرية، مثل توزيع الدخل وجودة الحياة والبيئة. وتعكس مؤشرات التنمية البشرية الإيجابية عمومًا ارتفاع دخل الفرد وبالتالي تشير إلى التنمية الاقتصادية.
و لا تقوم التنمية الاقتصادية على مجرد تبني سياسات ملائمة للنمو، وإنما تعتمد بدرجة كبيرة على مدى تطور بنية الإقتصاد المعرفي واستخدام التقنيات في صناعات جديدة وتطبيق معايير الجودة وزيادة الكفاءة الإنتاجية والحاكمية الرشيدة.
مرتكزات التنمية الإقتصادية
يتضمن هذا العامل تطوير الموارد البشرية وتنمية وتطوير الموارد الطبيعية ورأس المال:
♦ تطوير الموارد البشرية Human capital وهذا يشمل زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب لتنمية الطاقة البشرية مهنياً، وتحسين نوعية التعليم لملاءمة مخرجات التعليم مع احتياجات الاقتصاد وتحسين كفاءة استغلالها. ومن شأن تأهيل الموارد البشرية رفع الكفاءة الإنتاجية للعمل، الأمر الذي يمكن أن يشكل مصدراً كبيراً للنمو.
كما يشمل تطوير الموارد البشرية تطوير المهارات الإدارية والتنظيمية Entrepreneurship التي تسهم في التخصيص الأمثل للموارد المحدودة المتاحة وتحسين كفاءة استغلالها في الإستخدامات الأكثر تلبية لاحتياجات المجتمع. وهذا يشمل استخدام الموارد البشرية على أساس الكفاءة وليس على أساس أي معيار آخر، وتطوير بيئة الأعمال لتجنب التعقيدات الإدارية التي تخلق بيئة غير مواتية للاستثمار.
♦ تنمية وتطوير الموارد الطبيعية، لزيادة الموارد كمياً وتحسين نوعيتها وقابليتها للإستخدام وكفاءة استخدامها واستدامة التنمية وهذا يشمل استغلال الموارد والثروات المعدنية والمائية السطحية وفي باطن الأرض، وتحسين كفاءة استخدامها أو استخراجها ، واكتشاف موارد جديدة واستصلاح الأراضي الزراعية وتنفيذ مشاريع الري الحديثة وبرامج حماية البيئة.
♦ تنمية رأس المال وتحسين كفاءة استغلاله، على نحو يسهم في رفع كفاء العمل وزيادة إنتاجيته، وهذا يشمل الاستثمار في صناعات المستقبل وفي تطوير تقنيات الإنتاج. وتؤدي إقامة صناعات جديدة واعدة إلى خلق فرص عمل جديدة، وبالتالي زيادة الدخل وخلق طلب على البضائع والخدمات المنتجة.
• الإقتصاد المعرفي: يعرّف البنك الدولي الإقتصاديات المعرفية في ضوء توفر عوامل رئيسية وهي الهياكل المؤسسية التي توفر الحوافز لريادة الأعمال واستخدام المعرفة، وتوافر العمالة الماهرة وأنظمة التعليم الجيدة والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسبل الوصول إليها وبيئة ابتكار نشطة تشمل الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني ومنظمات الأعمال في القطاع الخاص التي تعمل في مجالات البحث والتطوير والبرمجة.
يُنظر للتعليم والمعرفة، والتي تمثل رأس المال البشري في الإقتصاد المعرفي، على أنها أصول منتجة أو منتجات تجارية. ويرجع ذلك إلى أن المنتجات والخدمات الفكرية المبتكرة هي سلع يمكن بيعها وتصديرها وتحقق أرباحًا للأفراد ومنظمات الأعمال والاقتصاد الوطني.
ويعتمد هذا المكون المعرفي من الاقتصاد بشكل كبير على القدرات الفكرية بدلاً من الموارد الطبيعية أو المساهمات المادية (مثل مرافق المنشآت والمدخلات المادية) وعلى استخدام أفضل الممارسات المتبعة في الاقتصاديات كثيفة الاستخدام للعمالة.
فصناعة الأجهزة الخلوية تعتمد بقدر كبير على الخبرة التقنية ومهارة العاملين، أكثر من كمية المدخلات المادية التي تحتاجها صناعة الأجهزة، وتحقق عائداً كبيراً جداً، هو في معظمه يعود للموارد البشرية وتقنيات الإنتاج. وبالمثل، فإن عائدات البرامج الحاسوبية لتشغيل الشركات والمؤسسات أو الأجهزة والمعدات هي عائد للخبرة التقنية ومهارة العاملين.
وتعتمد مساهمة قطاعات الإقتصاد المعرفي في عصر المعلومات على مدى تحول الاقتصاد المحلي نحو هذا الشكل الإنتاجي المتقدم. وتخلق العوامل القائمة على المعرفة اقتصادًا متشابكًا وعالميًا يشكل مصادر للمعرفة، مثل الخبرة البشرية والأسرار التجارية، وهي عوامل أساسية في النمو الاقتصادي وتعتبر موارد اقتصادية مهمة في دول مثل كوريا والصين.
ومن شأن المنتجات والخدمات المبنية على الخبرة الفكرية في الإقتصاد المعرفي أن تسهم في تطوير المجالات التقنية والعلمية التي تشجع الابتكار في الاقتصاد بشكل عام وتعزيز النمو الاقتصادي كما يحدث في الدول المتقدمة.
• تطوير تقنيات الإنتاج ومعايير الجودة
تشكل التكنولوجيا مصدراً أساسياً في التنمية الاقتصادية وهناك ارتباط بينهما.
ولذلك يعتبر مستوى التكنولوجيا أحد المحركة الهامة للنمو الاقتصادي بحيث يمكن تحقيق معدل نمو سريع عند استخدام مستوى عال من التكنولوجيا. وبالتالي ، فإن التقدم التكنولوجي يمكنه أن يحرك عجلة الاقتصاد في اتجاه النمو في الدول النامية.
وقد كانت الاختراعات والابتكارات تاريخياً العامل الرئيسي في النمو الاقتصادي السريع في البلدان المتقدمة، وتمثل اليابان وكوريا والصين أمثلة كبيرة على ذلك.
وهذا يتطلب زيادة الاستثمار في البحث والتطوير بهدف الإسهام في تحسين نوعية الإنتاج ورفع الكفاءة الإنتاجية للموارد المحدودة المستخدمة في الإنتاج.
وتسهم زيادة القدرة التنافسية في الصناعة من خلال تطبيق معايير الجودة في توفير الأسواق وبناء ثقة المستهلك في المنتجات. كما يسهم تطوير المنتجات والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وطرق التسويق الحديثة، خاصة في ظروف العولمة، وتحرير التجارة العالمية في تعزيز معايير الجودة والنمو الاقتصادي.
• توفير بيئة اقتصادية مواتية للتنمية من خلال تبني السياسات المالية والنقدية المناسبة وتطوير البنية التحتية للصناعة والخدمات المرافقة.
• الحاكمية الرشيدة يلعب تعزيز سيادة القانون والمؤسسية والمساءلة والشفافية دوراً حاسماً في مسار التنمية. ويشكل ضمان حقوق الإنسان الأساسية الأساس لتنمية المجتمعات السلمية والمتكافئة والمزدهرة، وهذا يقوم على سيادة القانون. وتستوجب فعالية سيادة القانون أن يكون هناك مساواة بين المواطنين، وأن لا أحد فوق القانون وشفافية في تطبيقه وقضاء مستقل، وتعزيز درجات التقاضي بما يكفل إمكانية الوصول إلى سبل الانصاف القانونية وحماية حقوق المستثمرين المحليين والأجانب.
ومن شأن تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، والمشاركة والديموقراطية والحرية الاقتصادية، والحد من تدخل الدولة في النشاطات الاقتصادية، تعزيز الثقة بمؤسسات الدولة وثقة المستثمرين، من خلال تعزيز الرقابة على أداء مؤسسات الدولة، ومنع الفساد الإداري والمالي، وتعزيز المبادرة الفردية في مجال الأعمال وخلق بيئة مواتية للتنمية.
وهناك ارتباط قوي بين تطبيق سلطة القانون بشكل أساسي وحماية حقوق المواطنين والتنمية الإقتصادية. وليس من قبيل الصدفة أن الدول الغربية المتقدمة الأكثر ديموقراطية هي الأكثر تقدماً في العالم.
• التكامل الاقتصادي العربي
يتحقق التكامل الاقتصادي من خلال تشكيل تجمعات اقتصادية إقليمية اختيارية وتطبيق سياسات مشتركة بشكل تدريجي تهدف إلى إزالة الحواجز الاقتصادية بين الدول المشاركة. وتسهم عملية التكامل تدريجياً في تقسيم العمل والتخصص بين الدول، وحرية حركة انتقال البضائع والخدمات والموارد وتوحيد السياسات الاقتصادية، الأمرالذي يرفع الكفاءة الاقتصادية لاستخدام الموارد في اتجاه استخدامها في المجالات الأكثر طلباً والتي تحقق أكبر عائد اقتصادي.
وهناك مستويات أو درجات تراكمية للتكامل الاقتصادي تبداً بإنشاء منطقة التجارة مروراً بالاتحاد الجمركي، ثم السوق المشتركة وصولاً إلى الاتحاد الاقتصادي والنقدي عند توحيد السياسات المالية والنقدية والاجتماعية والتنمية الإقليمية، والتعليم والصحة والتدريب ومواجهة البطالة، والسياسات الزراعية المشتركة.
وهناك حاجة لاستخلاص العبرة من التجارب العربية السابقة وتجارب الأمريكتين وآسيا في مناطق التجارة الحرة والاتحاد الأوروبي الذي عمل على دمج اقتصاديات أوروبا تدريجياً على مدى عقود، وانتقل من مرحلة إلى أخرى أكثر تقدماً بعد تحقيق الشروط الضرورية لنجاح كل مستوى من مستويات التكامل.
المصادر