اداء الإقتصاد العربية الكلي: مؤشرات الناتج المحلي
يعرف إجمالي الناتج المحلي (GDP) Gross Domestic Product بأنه قيمة ما ينتجه اقتصاد دولة ما من السلع والخدمات في فترة زمنية معينة (سنة عادة).
تهدف هذه الإضاءة على الأداء الكلي للاقتصاد العربي التعريف بقيم إجمالي الناتج المحلي في الدول العربية وفي الوطن العربي، ومعدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية والقوة الشرائية، ومعدل النمو التراكمي للإقتصاديات العربية خلال العقدين الأخيرين بعد الألفية الثانية، وبترتيب الدول في هذه المؤشرات.
تتناول الإضاءات على الدول العربية في هذا الموقع مؤشرات أكثر تفصيلاً تتضمن مؤشرات التجارة الخارجية المتعلقة بقيمة وأهم الصادرات والواردات والدول المصدرة والمستوردة. تسمح حسابات الدخل الوطني بتقييم وتحليل معدلات النمو الاقتصادي، في ضوء مؤشرات هامة أخرى مثل مؤشرات البطالة والتضخم لسلسلة من السنوات بهدف تفسير سلوك الاقتصاد العام والتنبؤ بالإتجاهات المتوقعة للإقتصاد.
يمكن تشبيه حسابات الدخل الوطني بلوحة قيادة السيارة التي تعطي مؤشرات مثل سرعة السيارة ودرجة حرارة المحرك، وتوفر الوقود التي تسمح بقيادة السيارة بشكل آمن. وقد تظهر عملية تقييم الحسابات الحاجة لتعديل وجهة الاقتصاد لتحقيق أهداف المجتمع في تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز معدلات نمو السكان، والعمالة الكاملة واستقرار الأسعار.
يمكن تقييم الأداء الكلي للاقتصاد المجالات بالمقارنة مع أداء سنوات سابقة، أو مع معدلات مستهدفة من الدولة (وزارة المالية والبنك المركزي)، أو مع أداء اقتصاديات أخرى.
تبين مؤشرات الإقتصاد الكلي الهامة التالية، وتلك الواردة في إضاءات الدول العربية في هذا الموقع، ما يلي:
• تؤشر قيمة إجمالي الناتج المحلي إلى حجم الإقتصاد،
• يؤشر معدل النمو في الناتج المحلي على تحقيق النمو الاقتصادي والذي يمثل نسبة النمو في إجمالي الناتج الحقيقي.
• يؤشر النمو، في حالة مصاحبته للتضخم او عدمه، على ما إذا كان الإقتصاد في حالة ركود أو حالة رواج وعلى حصول بطالة من عدمها.
• يؤشر معدل الدخل الفردي الحقيقي Real per capita GDP على مدى التحسن في مستوى معيشة أفراد المجتمع.
• تبين حسابات الدخل مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي، والتي تؤشر على أهمية القطاعات الاقتصادية والتغيرات التي تطرأ على الأهمية النسبية للقطاعات المختلفة. فقطاع الزراعة رغم زيادة القيمة المضافة المطلقة له مع التطور الإقتصادي، تقل أهميتة النسبية مقارنة مع قطاعي الصناعة والخدمات، أي تقل نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي.
في ضوء المؤشرات الإقتصادية، يمكن لأصحاب القرار وضع التوصيات المناسبة لتعديل السياسات الاقتصادية المالية، من خلال وزارات المالية، مثل السياسات الضريبية والإنفاق العام، والسياسات النقدية من خلال البنوك المركزي مثل سعر الخصم للبنوك ونسب الفائدة للمقترضين والسياسات الإقراضية بهدف توجيه الإقتصاد بما يخدم مصالح المجتمع.
إجمالي الناتج المحلي في الوطن العربي
يبين جدول 1, أن السعودية والإمارات ومصر هي أعلى الدول في الوطن العربي في إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الإسمية (أسعار السوق السائدة) لعام 2016، بينما جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والصومال هي أقل الدول دخلاً.
وحيث أن الدول العربية تختلف في ظروفها الإقتصادية اختلافا كبيراً، وبالتالي، في هيكل الأسعار في السوق المحلية، فإن الجدول 2 يبين إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية المتساويةPurchasing power parity. ويبين جدول 2, إن السعودية والإمارات والجزائر هي أيضاً أعلى الدولة العربية دخلاً حسب القوة الشرائية لعام 2016 مع اختلاف في ترتيبها، بينما جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والصومال هي أقل الدول دخلاً.
القوة الشرائية للدولار في العالم العربي هي بوجه عام أكبر بمرتين ونصف القوة الشرائية للدولار في الولايات المتحدة. وهذا يعني أنه عندما يمكن شراء سلة من السلع في الولايات المتحدة بـ 100 دولار، فإنه يمكن شراء نفس السلة من السلع في العالم العربي بــ 40 دولار فقط. وهذا يعني أيضاً أن دخل 1000 دولار لمواطن في العالم العربي تعادل، أو لها نفس القوة الشرائية لمواطن أميركي دخله 2500 دولار.
وهناك اختلافات بين الدول العربية، فعلى سبيل المثال، القوة الشرائية في مصر أكبر بـ 3 مرات (3.2 مرة) من مثيلتها في الولايات المتحدة، بينما في دولة الإمارات القوة الشرائية أكبر بأقل من مرتين (1.7 مرة).
ولذلك، فإن إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية هو مقياس أكثؤ موضوعية لمقارنة دخل الدول مقارنة مع إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الإسمية (أسعار السوق المحلية السائدة)، ويستخدم إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية من قبل المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي كما تستخدمه وكالة المخابرات الأميركية المركزية في ملفات الدول في مواقعها.
معدل الدخل الفردي
حيث أن الدول العربية تختلف في عدد السكان اختلافاَ كبيراً أيضاً، فإن الجدول 3 يبين معدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية، بينما يبين الجدول 4 معدل الدخل الفردي حسب القوة الشرائية والتي تبين مستوى معيشة أفراد المجتمع.
ويظهر الجدولين 3 و 4 أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي الأعلى بين الدول العربية معدل الدخل الفردي، مع بعض الإختلاف في ترتيب الدول عند استخدام القيم الإسمية أو القيم حسب القوة الشرائية، وأن جزر القمر وجيبوتي واليمن وموريتانيا والصومال هي أقل الدول دخلاً وفق القيمة الإسمية وتنضم إليها الأراضي الفلسطينية ويتغير ترتيبها عند استخدام معدل الدخل الفردي حسب القوة الشرائية.
ويلاحظ أنه بينما جاء ترتيب مصر في المركز الثالث أو الثاني بين الدول العربية في إجمالي الدخل المحلي حسب القيمة الإسمية وحسب القوة الشرائية (جدول 1 و 2)، فإن مركز مصر يتراجع الى الثالث عشر والثاني عشر بين الدول العربية في معدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية وحسب القوة الشرائية (جدول 3 و 4). وهذا يبرز أهمية استخدام معدل الدخل الفردي للمقارنة بين مستوى معيشة أفراد المجتمعات في الدول المختلفة.
تطور إجمالي الوطني والعربي
شهد العالم العربي تحسناً مضطرداً في أداء الإقتصاد الكلي بمعدل يقارب 18% بعد بداية الألفية ا لثانية، رغم أن النمو كان سالباً في ثلاثة دول عربية يقارب إنتاجها ربع إجمالي الناتج المحلي العربي كما يبين جدول 5. وقد ارتفع إجمالي الناتج المحلي العربي الإسمي من 651 مليار خلال عام 2000 إلى 2.472 ترليون خلال عام 2016.
يعادل إجمالي الناتج المحلي العربي بالقيمة الإسمية في عام 2016 (جدول 1 و 5) ضعف الناتج المحلي للإتحاد الروسي أو أستراليا ويساوي تقريباً الناتج المحلي في بريطانيا أو فرنسا. بينما يعادل هذا الناتج (6.4 تريليون) حسب القوة الشرائية في عام 2016 (جدول 2) %120 من إنتاج اليابان، و 160% من إنتاج المانيا، و 190% إنتاج الإتحاد الروسي، و 230% إنتاج المملكة المتحدة أو فرنسا.
يعادل دخل دولة الإمارات 85% من دخل إيران و 106% من دخل إسرائيل، ويعادل دخل السعودية 147% من دخل إيران، ويعادل دخل السعودية والإمارات 231% من دخل إيران و 290% من دخل إسرائيل.
تؤشر هذه البيانات على أن العالم العربي يمكن أن يمثل قوة إقتصادية عالمية عندما تتوفر الإرادة لذلك.
شهدت بعض الدول العربية نموا كبيراً بعد بداية الألفية الثانية كما يبين جدول 5. فقد نمى إقتصاد قطر والسودان والعراق بدرجة كبيرة (34-48%) خلال الفترة 2000 – 2016. وقد شهدت ليبيا وسوريا واليمن نمواً تراكمياً سالباً خلال هذه الفترة، وكان معدل النمو محدوداً في تونس (6%) ، بينما سجلت بقية الدول معدلاً تراكمياً تراوح بين 10 – 16%.
يعود جانب رئيسي من هذا النمو لمساهمة القطاعات غير النفطية في إجمالي الناتج في ضوء توسيع قاعدة الإنتاج وزيادة الاستثمارات في القطاع الصناعي والخدمي وتطوير البنى التحتية الجاذبة للاستثمارات وعلى رأسها المدن الصناعية. مصادر إضافية: