مقياس الإسلامية 2021 | الدول الاكثر التزاماً بالمنظومة القيمية الاسلامية في العالم

مقياس الاسلامية 2021

ما هو  مقياس الإسلامية 2021

يصنف مقياس الإسلامية 2021، حكومات العالم وفق درجة التزامها بتطبيق المنظومة القيمية الاسلامية، ويصدر عن المؤسسة الإسلامية في الولايات المتحدة سنوياً .  

يهدف التصنيف الى دفع المجتمعات الاسلامية إلى استعادة البوصلة الأخلاقية؛ مراجعة ممارساتها وسلوكيات بعض القيادات الحاكمة ورجال الدين الفاسدين لتتوافق مع تعاليم الإسلام التي تقوم على العدالة والاخلاقيات والمنظومة القيمية الإسلامية، لأن المجتمعات العادلة هي التي برهنت على قدرتها على التقدم.

يستند مقياس الإسلامية 2021 على أربعة محاور لقياس الاداء ؛  التنمية الاقتصادية والبشرية، والقوانين والحوكمة، والحقوق الإنسانية والسياسية، والعلاقات الدولية.

ويهدف المقياس إلى التعريف بالمنظومة القيمية للتعاليم الاسلامية؛ تعزيز فهم تعاليم الاسلام وقيمه السامية النابعة من القرآن ومن الأحاديث وممارسات النبي محمد ﷺ،  وحث الدول على إقامة مؤسسات فاعلة لبناء مجتمعات راسخة وقياس أداء الحكومات ومدى كفاءتها في وضع وتنفيذ السياسات لتطوير أدائها وتعزيز فاعليتها واستدامة عملية الاصلاح والتقدم السلمي .

ومقياس الإسلامية 2021 هو  ترديد للمقولة الشهيرة للإمام محمد عبده الذي ذهب لباريس نهاية القرن التاسع عشر، وعاد ليقول: “ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا”.  ومع أن هناك من ينفي نسبة هذا القول للإمام عبده ، ولكن هذا لا يقلل من حكمة هذا القول واهميته كدليل لأخلاقيات التنمية .

وقد عقد الرجل مقارنة  بين سلوكيات وممارسات الأوروبيين، ومثيلتها بين المسلمين،  فوجد أنهم أقرب لأخلاق الإسلام فى معاملاتهم وأعمالهم فى كل مناحى حياتهم رغم كونهم غير مسلمين، كالصدق و الأمانة و النظام و النظافة و الإخلاص والإتقان في العمل واحترام وقبول الآخر.  وقد اكتسب هؤلاء هذه المنظومة القيمية الأخلاقية من المدارس أو أماكن العبادة أو بقوة تطبيق القانون الرادعة دون استثناءات لأحد أيًا كان منصبه أو مركزه. وتولدت لديهم عادات الانضباط و الالتزام باحترام القوانين وأولوية المصلحة العامة للمجتمع، بحيث أصبحت هذه السلوكيات جزءاً من ممارساتهم اليومية التلقائية كأنهم قد فطروا على الأخلاق القويمة. ولذلك، ليس من قبيل الصدفة ان  نجد التطور والتقدم والحداثة فى تلك الدول.

وفي المقابل، نجد فى أوطاننا الشرقية شعوبًا تدين بالاسلام، لكن سلوكياتها وتعاملاتها تتعارض مع منظومة القيم الاخلاقية الإسلامية. ومن الشائع أن نرى غياب الصدق والنفاق وعدم الوفاء بالوعد،  وشيوع حرمان بعض الورثة الشرعيين من حقوقهم، والاستهانة بالقوانين والتحايل على تطبيقها واعتبار مخالفتها انجازاً شخصياً أو مجتمعياً ، متخذين من بعض القيادات الرسمية أو المجتمعية قدوة لهم فى الاستهتار بالقوانين ورفض تطبيقها . هذا في حين أن التحلى بالقيم الأخلاقية والالتزام بأداء الحقوق لأصحابها، وحفظ الأمانة، والصدق في القول والعمل واحترام القوانين أحد متطلبات إصلاح المجتمعات. ولذلك تسود الفوضى وعدم الشعور بالمسئولية والتراجع ومظاهر التخلف فى دولنا العربية والإسلامية.

مقالات ذات صلة

مناهج التربية الدينية |تعميق البُعد الفِيَمي والربط بين الدين والأخلاق

التربية الأخلاقية | تجارب عالمية ممتدة.. للبناء عليها في مدارس العالم العربي

التربية الأخلاقية | مساق دراسي على قائمة الانتظار في مدارس العالم العربي

مقياس الإسلامية 2021 : المؤسسة الإسلامية

تأسست  المؤسسة الإسلامية Islamicity Foundation ، كمنظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة في عام 2018. ويقوم على إدارتها مجموعة من الاكاديميين والمختصين  في مجالات الاقتصاد والشئون الدولية المحاضرين في جامعة جورج واشنطن الأميركية، (ولكن ليس للجامعة علاقة بالمقياس) ومختصين في مجالات المال والأعمال وتقنيات الاتصال . و تسعى المؤسسة إلى الدفع في اتجاه تحقيق التنمية الشاملة المستدامة في العالم الإسلامي من خلال بناء مؤسسات فاعلة ، وتستخدم مقياس الإسلامية كدليل وبوصلة لها.   

وتجري المؤسسة تصنيفاً سنوياً لدول العالم، يعكس مدى تطبيقها للمنظومة القيمية الإسلامية باستخدام  مقياس الإسلامية بهدف تعزيز جهود التغيير السلمي والإيجابي في البلدان الإسلامية،  ودعم تشكيل رأي عام إسلامي يقوم على تفهم تعاليم الاسلام النابعة من القرآن الكريم والعمل على بناء مؤسسات فعالة و ادخال اصلاحات تشتد الحاجة إليها لتعزيز التنمية البشرية والاقتصادية في جميع البلدان الإسلامية.

رؤيا إسلامية للتنمية : مقياس الإسلامية 2021

تلعب القيم والمؤسسات دوراً هاماً في التأثير على الحياة الاقتصادية الغربية، والأداء العام للاقتصاد وإدارة وتوجيه السياسة الاقتصادية و كانت في صميم الفكر الاقتصادي والسياسي. 

وقد وجد أن ثقافة المجتمع أو  قيم الناس، والاتجاهات والمعتقدات مهمة في فعالية الحياة الاقتصادية وتحقيق إمكانات المجتمع. و يعتمد الأداء الاقتصادي على الناس وفعالية المؤسسات ونظامهم القيمي، والتي تدور حول أخلاقيات التنمية  وفضائل الاخلاص والأمانة والنزاهة لتحقيق العدالة الإجتماعية وحقوق الانسان وتلبية الاحتياجات الاساسية.

وقد وضعت اليابان الأهداف وشجعت الوسائل التي تساعد على التنمية الاقتصادية في إطار منظومة قيم العمل في اليابان؛ الولاء والعمل الجاد والالتزام، وحققت تنمية مستدامة.  

ويشكل الإسلام دين القيم العليا، والمثل السامية ورسالة القيم الإنسانية. وتقوم منظومة القيم في الثقافة الإسلامية على التعاليم الدينية، حيث توفر احكام الشرع الحنيف معايير قيمية توضح سُبل السلوك الإنساني السوي، وهي مماثلة للقيم الغربية والشرقية وبالتالي هي قيم عالمية.

ويستند تحقيق التنمية المستدامة في العالمين العربي والإسلامي، كما في أي مجتمع، على العمل بمنظومة القيم الإسلامية. وهناك آيات واضحة تأمر المسلمين بالوفاء بالوعود والعهود، والصدق، والامانة ، وطلب العلم، والحكم بالعدل  وواجب الدفاع عن الوطن، وحفظ الحقوق وفقا للقواعد الشرعية والتراحم ورفض الكراهية ودعوة الناس للاسلام بالحُسنى، وكثير من الآيات التي تحدد طريقة الحياة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم وتجعله شريفا مستقيماُ. 

وكانت تجارب التنمية في اليابان والصين ملهماً لدول أسيا التي تسير على طريق التنمية بخطى واسعة مثل اندونيسيا التي تحتل المركز 16 عالميا في عام 2022.  وقد ذكر عن مهاتير محمد، أطول رؤساء الوزارة في ماليزيا حكماً (1981-2003) وأبعدهم أثراً ، أنه قال “عندما أردنا  أن نصلي اتجهنا صوب مكة وعندما أردنا التقدم اتجهنا صوب اليابان” . وقد وجد في اليابان  الالتزام الأخلاقي بقيم العمل، و التفاني والجدية في الأداء المهني؛  الاجتهاد، والعمل الدؤوب والروح الوطنية، والأمانة والافتخار بالمنتجات، ودقة التنظيم، والمهار ات الإدارية، والاهتمام بأدق التفاصيل في الإنتاج، و قيم التحدي في الإنجاز.  ويحرص العامل الياباني على تقديم منتج منافس عالي الجودة يفخر به  كإنتاج متميز ذو قدرة تنافسية عالية، بصرف النظر عن ما يتقاضاه من مقابل مادي لذلك العمل.  وكان من شأن إنتاج سلع جيدة وزهيدة السعر،  اكتساح الاسواق العالمية لعدة عقود قبل دخول كوريا الجنوبية والصين ساحة المنافسة.

وقد رأى مهاتير محمد،  أن الإسلام ليس مجرد مجموعة من الشعائر ، وإنما هو أسلوب حياة يتصل بكل مناحي حياة المسلمين يوجه سلوكهم في كل ما يفعلونه كأفراد ومسؤوليتهم اتجاه المجتمع  والوطن. وان القيم الاسلامية المعنوية والثقافية والتقاليد ، والتي هي قيم عالمية، قد لعبت دورا مهما في نجاح تجربة التنمية الاقتصادية في دول جنوب شرق آسيا (اليابان، تايوان، هونج كونج ، اندونيسيا، فيتنام..)، و اكدت قيم العمل و الأخلاق والأمانة، والحرص على تقديم منتج منافس عالي الجودة. 

كانت التنمية الماليزية انعكاساً لمبادىء الاسلام، إذ كان مهاتير محمد يرى ان السياسات التي تضمن توفير التعليم والرعاية الصحية والضمان الإجتماعي والتسامح هي عملاً بهذه المبادىء، وأن العدل والعمل بالقيم السامية، هو الذي يجعل المجتمع إسلامياً. واشتهر عنه أنه كان يتحدث في كلمة له عن الاقتصاد والتنمية والتعليم وبناء الانسان، فسأله أحدهم؛ لماذا  لم تتحدث عن الاسلام والدين، فقال مهاتير، لقد كنت أتحدث عن الاسلام. ولذلك، فليس من قبيل المبالغة القول بأن العمل بالمنظومة  القيمية (الإسلامية)، وهي منظومة عالمية تقرها جميع الديانات، كان وراء نجاح تجربة التنمية في ماليزيا ، كما كان وراء نجاح تجارب التنمية في الغرب واليابان والصين والمجموعة الآسيوية.

حول مهاتير محمداً  ماليزيا إلى واحدة من أغنى الدول في آسيا،  ووضعت جهوده بلاده متعدد ة الثقافات والأعراق على الخريطة العالمية. ورفع صادرات بلاده من من نحو 15 مليار دولار عند تولي الحكم  إلى أكثر من  100 مليار دولار في عام 2003، وحولها من دولة زراعية، إلى دولة متقدمة.  كانت نسبة البطالة 9% في عام 1980 و 3.6% في عام 2003 ونسبة 3%  في عام 2019، وزاد دخل الفرد السنوي من ألف دولار إلى 26 ألف دولار في عام 2020، وارتفع حجم الاحتياطي النقدي من 3 مليارات دولار إلى 98 مليار دولار. ويساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو91% من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة السلع المصنعة من الصادرات 85% منها قرابة 60% من السلع المصنعة عالية التقنية والتكنولوجيا مثل الحواسيب ووسائل الاتصال، وبلغت الصادرات207- 246 مليار  دولار خلال الفترة  2020-2018.

وكان نجاح تجربة التنمية في ماليزيا مستنداً إلى رؤية مستقبلية واضحة وتخطيط إستراتيجي، وإدارة فعالة تقوم على تنفيذ الخطط ومتابعتها وتقييمها.  وكان من نتيجة الاهتمام بجودة التعليم والتعليم العالي وأخلاقيات العمل وتطوير التكنولوجيا، وجودة المنتجات وقدرتها على منافسة سلع الدول المتقدمة، أن اصبحت ماليزيا واحدة من  من النمور الآسيوية الصاعدة (كوريا وتايوان، سنغافورة، هونج كونج ، إندونيسيا….).

مقياس الإسلامية 2021 : منهجية مقياس الاسلامية

جمع القرآن الكريم والسنة بين الاعتقاد وبين السلوك القيمي أو العمل الصالح “أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ”، فالسلوك الإسلامي هو سلوك إنساني قويم منبعه العقيدة السليمة، بالتوازي مع الالتزام بأخلاقيات التعامل والسلوك القويم في الممارسات اليومية باعتبارها من صميم الدين.

ويرصد مقياس الإسلامية 2021 مدى التزام الدول بالمنظومة القيمية الإسلامية والتزامهم  بالعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية وتطبيقهم لمبادىء المواطنة والمساواة امام سلطة القانون وتوفير الحقوق الانسانية والسياسية  في إطار  الحاكمية الرشيدة (الشفافية والمساءلة ..) والعلاقات الدولية.

وتوفر هذه المنظومة مؤشرات للإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومكافحة الفساد اللازمة، التي تذهب  إلى ما هو أبعد من اقتصار الدين على الواجبات العبادية التي تجري بصورة تلقاءية، وتمتد إلى المعاني العميقة للدين فالإسلام هو دين الاستقامة الدائمة ، ووجوب عمارة الأرض من المقاصد الشرعية، والإسلام يعلي قيمة البناء والتعمير ، لأنهما عصب الحياة ومن أهم سبل تقدم الأمم والمجتمعات.

وقد استخدمت هذه القواعد والمؤسسات المستندة إلى التعاليم التأسيسية للإسلام، لاختيار مؤشرات  لقياس درجة الإسلامية،  تعكس انعكاسات ومظاهر هذه التعاليم في مجتمع أو دولة من خلال العمل بالمنظومة القيمية الإسلامية.   وتهدف المؤشرات لتوفير بوصلة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية الأساسية وتحديد  الأهداف القابلة للقياس الكمي، ورصد النتائج وتقييمها والسياسات التي يمكن تعديلها لتحقيق الأهداف المحددة.

استخدم مؤشر شامل يتضمن أربعة جوانب عريضة للمجتمع الإسلامي – التنمية الاقتصادية والبشرية، وسلطة القانون والحوكمة ، والحقوق الإنسانية والسياسية، باستخدام 113 مؤشراً، وأعطي لكل منها وزن 30% من المقياس، وأعطي للعلاقات الدولية وزن 10%.  وقد تم تطوير مقياس الإسلامية على مدى سلسلة زمنية بدءً من عام 2000 لقياس أداء دول العالم الرءيسية بمرور الوقت ، بما في ذلك معظم الدول الإسلاميةالعضوة فيمنظمة التعاون الإسلامي.  

ولا  يتناول المقياس جوانب ممارسة العبادات الواجبة التي تعكس علاقة الانسان “المسلم” في الدول الاسلامية حصراً مع خالقه، وإنما يتناول مدى التزام جميع الدول المشاركة بالمنظومة القيمية التي تتفق مع تعاليم الاسلام في كل مناحي الحياة،  وأكثر من ثلثي دول العالم لا تدين بالإسلام.

وتشمل عناصر مقياس الاسلامية  جانب التنمية الاقتصادية والبشرية  والذي يضم مؤشرات حرية الأعمال الاقتصادية والسوق والاستثمار والمساواة في الحصول على التعليم والعمل والرعاية الصحية ومؤشر الشفافية الدولية  ومكافحة الفقر والضرائب والرعاية الاجتماعية ومؤشرات الأداء الاقتصادي الكلي والعدالة وتوزيع الدخل.

وتشمل عناصر مقياس الاسلامية  سلطة القانون والحوكمة وتضم مؤشرات نزاهة النظام القضائي وحماية حقوق الملكية وسيادة القانون و مصداقية الشرطة والإدارة الحكومية وإدارة الموارد الطبيعية وحماية البيئة وتطبيق مبادىء الحوكمة .

وتشمل عناصر مقياس الاسلامية حقوق الإنسان والحقوق السياسية وتضم مؤشر التنمية البشرية والحقوق المدنية والسياسية للمواطنين والمواطنات ومؤشر الديمقراطية العالمية. كما يضم مؤشرات تتصل بالعلاقات الدولية ومنها مؤشر العولمة الاقتصادية والسياسية وحرية تدفق المعلومات.  

وقد طورت شهرزاد رحمان و حسين العسكري المحاضرين في جامعة واشنطن مفهوم المؤشرات الإسلامية في عام 2010.   ونشر  القائمين على المؤسسة الاسلامية كتاب مؤشرات الإسلامية: البذور من أجل التغيير ، في عام 2015 ، وكتاب الإصلاح والتنمية في العالم الإسلامي: مؤشرات الإسلام كمعيار ، في عام  2017  ونشر بحثاً حول المقياس ومكوناته في عام 2019 .

هناك انتقادات كثيرة للمقياس، ولا يزال في طور التجريب، ولا يمكن الحديث عن مقياس موضوعي يقوم على مجموعة من المؤشرات وبالاوزان المناسبة ، والتي تتوفر حولها بيانات موحدة تسمح بالقياس بين الدول. وتعمل الجهة القائمة على التصنيف على تحسين هذه المؤشرات باستمرار وتحديثها سنويًا، بهدف تطوير مقياس شامل يعكس العدالة في تحقيق  التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد التي تضم اغلبيات اسلامية.

جدول 1: الدول الأعلى عالمياً على مقياس الإسلامية 2021

مقياس الإسلامية 2021 : الدول الأكثر التزاماً بتطبيق القيم الإسلامية في العالم

يبين جدول 1 الدول الأكثر التزاماً بمنظومة  القيم الإسلامية في العالم لعام 2021. وقد جاءت نيوزيلندا على أنها الدولة الأكثر عملاً بمنظومة القيم الاسلامية للعام الثالث. 

جاءت الدنمارك وأيرلندا السويد وأيسلندا و السويد في المراكز الأربعة التالية ، بينما احتلت نيوزيلندا وأيسلندا وهولندا والسويد والنروج المراكز الخمسة الأولى في عام 2020 , واحتلت الدنمارك وايرلندا المركزين السادس والسابع.  واحتلت نيوزيلندا و السويد وآيسلندا وهولندا وسويسرا والدنمارك وايرلندا المراكز الأولى عام 2019.

تحتل نيوزيلندا المرتبة الثالثة من حيث الاقتصاد و الشؤون القانونية والحوكمة، والسابعة من حيث حقوق الإنسان والحقوق السياسية، و العلاقات الدولية. 

يتحدى المؤشر فكرة أن الإسلام لا يتوافق مع النظومة القيمية العالمية في مجالات الاقتصاد والحوكمة والحريات وحقوق الإنسان والعلاقات الدولية.

وشملت الدول العشرين الأولى الاسكندنافية وسويسرا والمانيا واستراليا وكندا والمملكة المتحدة واليابان. ويعكس المؤشر حقيقة ان هذه الدول التي لا تدين بالإسلام، هي الأقرب إلى تطبيق مبادىء الحرية والعدالة والنزاهة والشمولية  والمساواة والحوكمة  وغيرها من القيم الإسلامية في دولها، حيث توجه الشريعة الإسلامية  الحاكمين والمواطنين لإقام مجتمع ووطن أفضل .

جدول 2: ترتيب الدول العربية على مقياس الإسلامية 2021 ومحاوره

مقياس الإسلامية 2021 : الدول العربية والاسلامية الأكثر التزاماً بمنظومة  القيم الإسلامية في العالم

يبين جدول 2 ترتيب الدول العربية وفق التزامها بمنظومة  القيم الإسلامية عربياً وإسلامياً وعالمياً لعام 2021.   وقد جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 43  ودرجة 6.2 \ 10 كاول دولة عربية .

جاءت قطر في المرتبة الثالثة إسلامياً، والثانية عربياً وتلتها الكويت وسلطنة عمان في المراكز بين 63 و 64 .  وجاءت العراق في المركز 140 والسودان وسوريا في المركزين الاخيرين عالمياً واسلامياً  148  و  149.   

ويبين جدول 3 الدول الاسلامية والعربية الأكثر التزاماً بمنظومة  القيم الإسلامية في العالم وفق مقياس الإسلامية 2021.   وقد جاءت ماليزيا في المرتبة 39 ودرجة 6.5 \ 10 ، على أنها الدولة الأكثر عملاً بمنظومة القيم الاسلامية بين الدول الإسلامية.  وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 43  كاول دولة عربية .

جاءت قطر في المرتبة الثالثة إسلامياً، وتلتها البانيا واندونيسيا وكازخستان والكويت وسلطنة عمان في المراكز بين 52 و 64 .  وجاءت إيران في المركز  136 والسودان وسوريا في المركزين الاخيرين عالمياً واسلامياً .   

بدأ العمل بمقياس الإسلامية في عام 2000 ،  وقد طرأ تحسن على ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 20 -55% ، والاردن بنسبة تقارب 40% والمغرب بنسبة 30% ،  وتحسن ترتيب الجزائر بنسبة 15% والعراق بنسبة 5%. وقد تراجع ترتيب بقية الدول العربية وكان اكثرها تراجعاً لبنان بنسبة 20% من المركز 106 إلى المركز 126، وحافظت سوريا على المركز الأخير عربياً وإسلامياً وعالمياً.

جدول 3: تطور ترتيب الدول الاسلامية على وفق مقياس الإسلامية

مقياس الإسلامية 2021 : لماذا تراجع العالم  الاسلامي اقتصاديا وسياسياً

أطلع المسلمون الاوائل على الإرث العلمي لليونانيين  والهنود والصينيين، وكانت لهم إضافات في كثير من ميادين المعرفة، فالعلماء المسلمون كانوا رواد علم الفلك والعلوم والطب والرياضيات والجبر والزراعة. 

ظل الإسلام دين سلام واعتدال، وبقي المسلمون متقدمين على الحضارات الاخرى طوال قرون.  وبرع المسلمون في عصر الخلافة العباسية قبل أكثر من الف سنة في جميع فروع المعرفة. وظهر عددًا  كبيرا من العلماء والعلماء والأطباء وعلماء الفلك الذين تفوقوا في دراسة وممارسة الإسلام، وفي جميع مجالات المعرفة من وقتهم. وفي اسبانيا، بنوا القنوات لجر المياه من الجبال وري الاراضي وبرعوا في البناء كما يتجلى في قصر الحمراء بغرناطة. وشقوا الطرق للمسافرين والتجار وبنوا مرافق على خطوط التجارة.

 ظهرت في القرن الخامس عشر اتجاهات جديدة ، قامت على التشدد الخاطئ ، وتبنت تفسيرات مختلفة لتعاليم الاسلام وتشدد على المعاني الحرفية وعلى اكتساب العلوم الشرعية فقط،  إذ خشي الحكام  أن يتحدى الناس هؤلاء سلطتهم.  وكان من نتيجة ذلك، انكفاء المسلمين بسبب قلة المامهم بالعلوم، وتدهورت مهاراتهم وأصبحوا وغير قادرين على مجاراة التطور الأوروبي في العلوم والأسلحة والبراعة العسكرية و تطوير دفاعاتهم باسلحة تلائم العصر . اصبح المسلمين عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، و خسروا مواقعهم في أوروبا وأسيا بعد سقوطهم في اسبانيا وانهيار الدولة العثمانية. وعانى المسلمون من  الإهمال، ونأوا بأنفسهم عن ثوابت الإسلام،  وانشغلوا في حل كثير من القضايا الثانوية مثل قواعد اللباس و فيما سيحدث في  الجنة الآخرة، بينما  ساد الفقر في كثير من بلادهم،  وابتعدوا  عن الاكتشافات العلمية الحديثة وفاتتهم الثورة الصناعية كلياً،  وأخذ كثيرا من أبناءهم في هجرة أوطانهم بحثاً عن سبل الحياة أو الأمن.

  وبدلاً من ضيط الوصلة لتوجيه الجهود والطاقات إلى الملفات الحقيقية مثل الجهل والفقر والبطالة، والانشغال بالأيديولوجيا ومحاولة الهيمنة على المجتمع وفرض أجندات ثقافية وفكرية عليه، وتقديم تفسيرات مختلفة أو خاطئة عن الإسلام لتناسب جهات معينة  أو مصالحها الخاصة، الأمر  الذي قاد المجتمعات إلى مزيد من الاحتقان والتنازع، والدخول في صراعات تاريخية مدمرة  مثل الصراع بين السنة والشيعة وإعادة الخلافة وغيرها من المعارك القديمة،  وتكفير بعضهم البعض ومحاربتهم، وأصبحوا يعانون من عدم الاستقرار.  وعوضاً عن العبور للمستقبل ومشاركة كل المكونات العرقية والدينية والثقافية ، والقبول بحق جميع المكونات في التمتع بخيرات أوطانها، وبإعداد أنفسهم للتصدي لاعداءهم، لجأوا إلى البلاغات الخطابية للتنديد بالمحتلين والمضطهدين، أو الاعمال الفردية الانتقامية بأسلحة متخلفة واللجوء إلى  الابتهالات والدعاء على الاعداء، ولكن  الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.

أصبح  المسلمين والاسلام محل استخفاف العالم، وجرى تنميطهم على أنهم غير منضبطين، وأصوليين متعصبين وغير قادرين على أن يكونوا أسوياء أو عقلانيين، ، بغض النظر عن مذاهبهم.  وصنف دين الإسلام باعتباره عقيدة الإرهاب، وأخذوا ينسبون  كل عمل إرهابي للمسلمين حتى يثبت خلاف ذلك.  وأدى هذا لتشويه المنظم و المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمسلمين إلى ظاهرة الإسلاموفوبيا.  وأصبح المسلمين الأكثر اضطهادًا  وقمعا من بين جميع الناس، وضحايا لجرائم الكراهية. 

ومع أنه من السهل  أن نلقي باللوم على غير المسلمين، في ضوء أعمال الإرهاب التي يمارسها الغرب والشرق مثل الحروب الصليبية والاستعمار و النازية وجراءم اسراءيل والصرب في البوسنة وكوسفو  وجراءم روسيا في الشيشان وسوريا (واليوم على جارته الأرثوذكسية أوكرانيا)  والجراءم في الهند وبورما والصين وغيرها ضد المسلمين، إلا أن هؤلاء لا يُتهمون على أساس عرقهم أو دينهم باعتبارها إرهاب أوروبي أو مسيحي أو بوذي .

ويتحمل المسلمين جانبا كبيراً من المسؤولية على تدهور سمعتهم ، وصورتهم السيئة وعزلتهم، وهم يائسين ومتفرقين، ولا يمكنهم  القيام إلا بالقليل للدفاع عن أنفسهم ضد الظلم الواقع عليهم. يوجهون الانتقادات بشكل عشوائي، ويلجأ بعضهم لقتل الأبرياء، بمن فيهم المتعاطفين، وكثير من الضحايا من المسلمين، في انتقام فوضوي، بغض النظر عمن نقتل وعن العواقب، ويميلون إلى عزل أنفسهم عن الآخرين (كما في أفغانستان مثلاً)، وعن التفاهم بين بقية الأديان.

هذا بينما نجحت الدول الغربية في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وفي اتباع نظم اقتصادية وسياسية متعددة، وأصبحوا قوى عالمية. وساد معظم العالم الإسلامي التهاون والعجز عن التجدد، أو مشاهدة العالم أو أنفسهم بشكل نقدي،  ويأخذون كل شيء بقيمته الظاهره ويتحمسون لهذه القوة العالمية أو تلك، ولا يرغب كثير منهم في طلب العلم فيما وراء الأمور الدينية ويتأخرون عن اتباع طرق الحداثة في إدارة النشاطات الانتاجية.

ويجب الاقتداء بتجارب التنمية البشرية والتكنولوجية في ماليزيا وتركيا، وفي إندونيسيا و تنمية الدول الإسلامية في كل المجالات، وليس فقط في الجانب العسكري. ويتعين العمل على أن تكون بلاد الاسلام والعرب مستقرة وجيدة الإدارة وقوية اقتصاديًا وماليًا ، وذات كفاءة صناعية، ومتقدمة تقنيًا، حتى نصبح قوة مرهوبة الجانب، ونُلزم دول العالم باحترام مصالحنا العليا.  وهذا سيأخذ وقتاً ، ولكن سيتحقق إذا تحلينا بالصبر عملاً بقول الله ” إن الله مع الصابرين”.  ويقارب عدد المسلمين 1.4 مليار نسمة، في 57 دولة، ويشكلون 30% من دول العالم، ولديهم أكبر احتياطي نفطي في العالم، وثروة كبيرة … و على دراية بـأعمال الاقتصاد العالمي، ويمكن لهم أن يكونوا مؤثرين جداً في المحافل الدولية إذا توفرت لديهم الإرادة السياسية الحرة.

المصادر

https://philpapers.org/rec/HAQMII

https://en.wikipedia.org/wiki/Hossein_Askari_(economist)

https://link.springer.com/book/10.1007/978-3-319-56026-7

https://www.readcube.com/articles/10.32332%2Fijie.v1i01.1574

http://islamicity-index.org/wp/wp-content/uploads/2019/05/HistoricalIslamicity.xlsx

https://www.smh.com.au/world/mahathirs-full-speech-20031022-gdhmg3.html

https://journals.iium.edu.my/intdiscourse/index.php/id/article/download/270/262

https://esalexu.journals.ekb.eg/article_110740_3e41c97e7fa19d1906c39a8bf47a6e3b.pdf

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *