تقرير التنافسية العالمية 2020 : مفهوم التنافسية العالمية
تعكس القدرة التنافسية سمات وخصائص الاقتصاد التي تؤدي لاستخدام أكثر كفاءة لعوامل الإنتاج.
ويقيس معيار التنافسية العالمية أداء مجموعة مؤسسات الدولة والسياسات التي تتبناها، والتي تحدد مستوى الإنتاجية والدخل والعائد الإقتصادي والعوامل التي تحدد ازدهار الاقتصاد في الحاضر والمستقبل، وبالتالي، قدرته على تحقيق النمو الإقتصادي واستدامة التنمية.
ويُقيّم تقرير التنافسية العالمية للمنتدى الإقتصادي العالمي World Economic Forum (WEF) قدرة الدول على توفير مستويات عالية من الرفاهية لمواطنيها، الأمر الذي يتوقف على كيفية تخصيص الدولة للموارد المتاحة، وعلى استدامة تحسين الإنتاجية، التي تشكل أهم العوامل المحددة للنمو الاقتصادي في المدى الطويل.
تقرير التنافسية العالمية 2020 : إصدارات المنتدى الإقتصادي العالمي
تأسس منتدى الإدارة الأوروبي European Management Forum في سويسرا في عام 1971 كمنظمة غير ربحية تهدف للإسهام في رفع سوية الإقتصاد العالمي برئاسة صاحب الأعمال والإقتصادي الألماني كلاوس شواب. وأصبحت المنظمة في عام 1987، تُعرف بالمنتدى الاقتصادي العالمي.
يوفر المنتدى الاقتصادي العالمي منصات Platforms حوارية لحشد الجهود، لمواجهة تحديات ومشاكل في النظم العالمية المترابطة في عالم شديد التعقيد وشديد التغير. وتعمل الحكومات ومنظمات الأعمال والمجتمعات المدنية على تحديد هذه المشاكل، وتسعى لإيجاد حلول لها وتبني السياسات واتخاذ االإجراءات اللازمة لتنفيذها محلياً، أو في إطار تعاون دولي.
وتشمل تحديات ومشاكل النظم العالمية موضوعات مثل إجراءات السيطرة ومعالجة جائحة كوفيد 19 والأمن السيبراني ومستقبل النظم المالية والنقدية والإستثمار والتجارة والعولمة الإقتصادية والصناعات المتقدمة والطاقة ووسائل الإتصال والنقل والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والإقتصاد الرقمي وإنترنت الأشياء.
يقوم المنتدى الاقتصادي العالمي على العضوية من دول العالم. ويضم المنتدى في عضويته، مئات الشركات العالمية الكبرى المؤثرة في الإقتصاد العالمي (ميكروسوفت، جوجل، Audi ،BMV وهوندا …)، وشركاء الصناعة وشركاء استراتيجون يضمون مائة شركة قيادية في العالم، تمثل مناطق ومجالات عمل مختلفة. كما يضم المنتدى، شركاء النمو العالمي من الشركات ذات معدل النمو العالي المرشحة لتصبح رائدة لصناعتها في المستقبل، وشركات تكنولوجيا ريادية تعمل على تطوير اختراعات تقنية تغيِّر حياة مستخدميها، ولديها تأثير متوقع طويل الأمد على الأعمال والمجتمع.
وتسهم هذه المنظمات في استطلاعات الرأي للقيادات التنفيذية الذي يقوم به المنتدى سنوياً ، وتستخدم البيانات السنوية الصادرة عن المنظمات الدولية ونتائج استطلاعات الرأي في التصنيف السنوي للدول في تقارير التنافسية العالمية.
وفضلاً عن الاجتماعات الإقليمية التي يقيمها المنتدى في إفريقيا وشرق آسيا وأمريكا اللاتينية، يستضيف المنتدى الاقتصادي العالمي اجتماعات سنوية شتوية تستغرق خمس ايام في مدينة دافوس في سويسرا، والشهيرة بمؤتمرات دافوس. و يشارك في الإجتماع عدد كبير من قادة الأعمال والقادة السياسيين الدوليين والاقتصاديين والمشاهير والصحفيين لمناقشة موضوعات سياسية واقتصادية وعقد صفقات تجارية.
وقد دأب المنتدى الإقتصادي العالمي منذ عام 1979 على إصدار سلسلة تقارير التنافسية العالمية (GCR) تتضمن ترتيباً للدول حسب قدرتها التنافسية، بهدف تحفيز صانعي السياسات وقطاع الأعمال والمهتمين بقضايا التنمية إلى النظر إلى ابعد من مجرد تحقيق النمو الإقتصادي، إلى تعزيز الإنتاجية الاقتصادية التي تدهورت منذ الأزمة المالية 2008 ، وتعزيز قدرة الإقتصاد على الإستجابة للمتغيرات الإقتصادية التي هي من سمات العصر الحديث.
تقرير التنافسية العالمية: الإصدارات السنوية
صدر أول تقرير للتنافسية في أوروبا في عام 1979 عن المنتدى الإقتصادي، وغطى التقرير 16 دولة أوروبية.
وصدر أول تقرير للتنافسية العالمية في عام 1989 بالتعاون بين المنتدى الإقتصادي العالمي WEF والمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) .
وابتداء من عام 1996 ، بدأ كل من المنتدى الإقتصادي العالمي (WEF) والمعهد الدولي للتنمية الإدارية International Institute for Management Development (IMD) يقوم بنشر تقارير منفصلة للتنافسية العالمية بمنهجية خاصة بكل منهما.
وأصبحت تقارير المعهد الدولي ابتداء من عام 1997 تصدر تحت إسم الكتاب السنوي للتنافسية العالمية World Competitiveness Yearbook (WCY) في النصف الأول من كل عام، وصدر تقرير التنافسية العالمية 2020 في يونيو حزيران 2020.
وأصبحت تقارير المنتدى الإقتصادي العالمي (WEF) تصدر تحت إسم التقرير العالمي للتنافسية، The Global Competitiveness Report GCR ، أو مقياس التنافسية العالمية The Global Competitiveness Index GCI ، بعد منتصف كل عام، إبتداء من شهر تموز يوليو. وصدر التقرير الأول في عام 2007-2008 بمنهجية خاصة بالمنتدى استمر العمل بها (مع تعديلات طفيفة غير جوهرية) حتى عام 2017.
وقد صدرتقرير التنافسية العالمية السنوية لعام 2019 في شهر أكتوبر تشرين أول، والذي تضمن ترتيباً للدول حسب قدرتها التنافسية ، وفق المنهجية المعدلة GCI 4.0 التي اعتمدت في تقرير التنافسية العالمية لعام 2018.
موضوعات ذات صلة
الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2021 | دول عربية بين الإقتصاديات الأكثر تنافسية عالمياً
الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020 | الإقتصاديات العربية الأكثر تنافسية عربياً وعالمياً (المعهد الدولي للتنمية الإدارية)
محاور مقياس التنافسية العالمية : المنتدى الإقتصادي العالمي
يبين مقياس التنافسية العالمية القدرة التنافسية للدول، من خلال أربعة محاور رئيسية تضم بيئة اقتصادية تمكينية و الموارد البشرية والأسواق وبيئة الابتكار والمبينة في شكل 1. وتتوزع المحاور الأربعة على 12 ركيزة أو عاملاً (ملحق أ)ً رئيسياً للإنتاجية، والتي التي ستزداد أهميتها مع تسارع وتيرة الثورة الرقمية؛ الثورة الصناعية الرابعة.
و تتمثل الركائز في محور البيئة الإقتصادية التمكينية في المؤسسات والبنية التحتية واعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستقرار الاقتصاد الكلي.
وتتمثل الركائز في محور الموارد البشرية في الصحة والمهارات. وتتمثل الركائز في محور الأسواق في سوق المنتجات وسوق العمل وسوق المال وحجم السوق، و تتمثل الركائز في محور بيئة الإبتكار في دينامية الأعمال والقدرة على الابتكار.
ويضم كل من محاور مقياس التنافسية الأربعة (ملحق أ) وركائزها الإثني عشر عدداً من المؤشرات الفرعية، والتي بلغ عددها 103 مؤشرات في عام 2019 والموضحة في شكل 1.
وقد عرض تقرير التنافسية العالمية لعام 2019 ترتيبا للقدرة التنافسية لـ 141 دولة . وقد تم جمع نوعين من البيانات لقياس المؤشرات؛ بيانات أولية Soft data من مسح لآراء التنفيذين في منظمات الأعمال، وبيانات ثانوية Hard dataصادرة عن من منظمات متخصصة مستقلة أو دولية تابعة للأمم المتحدة أو البنك الدولي أو منظمة الشفافية الدولية.
تقرير التنافسية العالمية 2020 في عام جائحة كورونا
أوقف المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) مؤقتًا لعام 2020 ترتيب الدول في الإصدار الخاص لهذا العام من تقرير التنافسية العالمية (كما جرت العادة سنوياً) نظراً لعدم قيام المنظمات الدولية والمستقلة بتحديث بياناتها في ضوء الأزمة العالمية لجائحة كورونا، الأمر الذي لا يسمح بقياس عدد كبير من مؤشرات مقياس التنافسية العالمية GCI .
و اقتصر الإصدار الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) لتقرير التنافسية العالمية 2020 على تحليل لمدى استجابة 37 دولة ، أمكن توفير بيانات كافية حولها، لدراسة كيفية التعافي من أزمة كوفيد-19 في ضوء أحد عشر أولوية.
واستهدف تقرير التنافسية العالمية 2020، التعرف على السمات التي ساعدت الدول على أن تكون أكثر فعالية في إدارة الوباء وتحليلاً للدول الأكثر استعدادًا للتحول الاقتصادي نحوأنظمة تجمع بين أهداف رفع الإنتاجية وشمولية منافع التنمية واستدامة البيئة، وسيعاود التقرير عملية قياس الأداء وترتيب الدول حسب تنافسيتها في عام 2021، والتي ستؤشر للاتجاه المستقبلي للنمو الاقتصادي.
وأظهر تقرير التنافسية العالمية 2020 أنه لم يكن هناك بلد مستعد تمامًا للتعامل مع تبعات الجائحة التي ضربت الأعمال في جميع أنحاء العالم. وكان للأزمة الصحية العالمية تأثير عميق على اتجاهات قادة الأعمال، كما ظهرمن استطلاع الرأي للتنفيذيين. وقد أشار بعضهم إلى توقف التقدم أو انخفاضه في بعض المجالات الإقتصادية بشكل خطير أثناء الأزمة، بينما كان هناك تحسن ملحوظ في مجالات أخرى مقارنة بالاتجاهات السابقة.
كانت المجالات الخمسة الأولى التي شهدت أكبر حركة هبوطية في الاقتصاديات المتقدمة هي التعاون بين منظمات الأعمال والمنافسة في شبكات الخدمات ، وفي الخدمات المهنية وخدمات البيع بالتجزئة، وفي سهولة العثور على عاملين مهرة. وتركزت هذه المجالات في الاقتصادات الناشئة على التكاليف التجارية الناشئة عن الجريمة والعنف، واستقلال القضاء، والجريمة المنظمة، ومدى الهيمنة على السوق، والثقة العامة في السياسيين.
وكانت المجالات الخمسة الأولى التي شهدت أكبر حركة تصاعدية في الاقتصاديات المتقدمة هي استجابة الحكومة الشديدة للتغيير، والتعاون داخل منظمات الأعمال، وتوافر رأس المال الاستثماري، وحماية شبكة الأمان الاجتماعي، وسلامة البنوك. وكانت مثيلتها في الاقتصاديات الناشئة هي استجابة الحكومة الشديدة للتغيير، والتعاون داخل منظمات الأعمال، وتوافر رأس المال الاستثماري وفعالية خدمات القطارات، وقدرة الدولة على جذب المواهب.
وقد ساعد مسح الرأي التنفيذي ( تقييم قادة الأعمال) في تحديد بعض السمات المشتركة التي ساعدت الدول على إدارة أزمة الوباء على اقتصادها وشعوبها بشكل أفضل . وقدأشار التقرير إلى تفوق أداء بعض الدول في تخطي تداعيات الجائحة. وقد اتسمت الإقتصاديات التي عملت بنجاح اكبر بتطبيق مبادىء الحوكمة والتخطيط وتدني مستويات الفساد، وتميزت بما يلي:
– توفرالمهارات الرقمية لاستخدام الرقمنة المتقدمة التي أمكنها الاستفادة من ترتيبات العمل المرنة ( هولندا وسويسرا وإستونيا) مثل البنوك ومؤسسات التعليم، وسمح لهذه الدول بأن تتكيف جزئيًا من خلال التوسع في رقمنة نشاطاتها الاقتصادية.
– توفر شبكات الأمان والسلامة المالية لاستعادة سبل العيش حيث كان على قطاعات متعددة من الاقتصاد التعامل مع عمليات الإغلاق الكامل أو انخفاض النشاط التجاري، واستطاعت هذه الدول للتغلب على كثير من آثار الأزمة المواءمة من خلال التدابير الصحية والسياسات المالية والاجتماعية.
– لديها تجارب سابقة مع الأوبئة، وبروتوكولات وأنظمة تكنولوجية أفضل للتعامل معها، مما مكنها من عزل الوباء بشكل أفضل من غيرها. وقد ساهم النظام الصحي والقدرة البحثية في تمكين الدول من التكيف مع الأزمة الصحية.
تقرير التنافسية العالمية 2020 : أولويات لما بعد جائحة الكورونا
جاء تقرير التنافسية العالمية 2020 في أعقاب عام، لا يزال يشهد اضطرابا وكساداً كبيراً في الاقتصاد العالمي يتعدى ما جرى في الأزمة المالية 08-2009 . ولا يزال الركود الاقتصادي العميق الناتج عن انتشار مرض كوفيد 19 يترك عواقباً اقتصادية واجتماعية عميقة، إذ أدى انتشار الجائحة إلى تعطل أنشطة الأعمال، وأثر على سبل عيش لملايين الأسر.
سلطت الأزمة الضوء على الانفصال بين الأنظمة الاقتصادية والمرونة المجتمعية في اقتصاديات الدول، إذ كشفت عن اختلالات في أنظمة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
وقد أدت الأزمة إلى الدفع في اتجاه الثورة الصناعية الرابعة في مجالات التجارة والمهارات والرقمنة والمنافسة والتوظيف.
واتضح أنه لا يمكن أن تقتصر أهداف التنمية على تحقيق النمو الإقتصادي؛ زيادة الناتج المحلي الإجمالي والأرباح ، على افتراض أن تعظيم هذه المؤشرات يؤدي تلقائيًا إلى مصلحة المجتمع، وإنما يجب النظر في كيفية إعادة بناء اقتصاديات أفضل تحقق أهداف رفع الإنتاجية وشمولية منافع التنمية واستدامة البيئة.
وقد عرض تقرير التنافسية العالمية 2020 الأولويات الأحد عشر (المبينة في شكل 2)، المنبثقة من التحليل التاريخي لما قبل الكورونا وتلك اللازمة لإعادة تشغيل وإنعاش الاقتصاد في زمن الكورونا خلال العامين القادمين، في إطار ثلاثية التنمية البشرية وتعميم منافع التنمية ورفع الإنتاجية والإستدامة البيئية. وتؤشر هذه الأولويات إلى السياسات اللازمة لإعادة تشغيل النظم الاقتصادية على المدى الطويل لتحقيق الازدهار المستدام والشامل في المستقبل على مدى 3-5 سنوات قادمة.
وقد جاء تحليل هذه الأولويات في إطار المحاور الأربعة لمقياس التنافسية العالمية (المبينة في شكل 1) لإحياء وتعزيز البيئة الإقتصادية التمكينية و الموارد البشرية والأسواق وبيئة الابتكار. وقد جرى تقييم أولي لمدى استجابة 37 دولة التي أمكن توفير بيانات كافية حولها (ولا تشمل أي دولة عربية) لدراسة كيفية التعافي من أزمة كوفيد-19 والاستعداد للتحول الإقتصادي.
إحياء وتحويل البيئة التمكينية
تشمل محاور التنافسية (شكل 1) في البيئة التمكينية المؤسسات والبنية التحتية وتبني تقنيات المعلومات وبيئة الإقتصاد الكلي. وقد كان هناك مشكلة طويلة الأمد قبل جائحة الكورونا تمثلت في تراجع في المؤسسية ومؤشرات الشفافية وارتفاع مستويات الديون في بعض الاقتصاديات واتساع أوجه عدم المساواة، والذي تفاقم في ظل تدابير الطوارئ والتحفيز لمواجهة جائحة كورونا، بينما تراجعت الإستحقاقات الضريبية.
وهذا يتطلب وفق تقرير التنافسية العالمية 2020 إعطاء الأولوية لتحسين المرافق وبناء بنية تحتية أكثر مراعاة للبيئة، وضمان قيام المؤسسات العامة بتطبيق مبادئ الحاكمية الرشيدة وتبني رؤية طويلة الأجل لتحسين القدرة على التخطيط طويل الأجل ( رقم 1: شكل 2). كما يتطلب رفع سوية المرافق والبنية التحتية للكهرباء ووسائل الإتصال الحديثة والإنتقال للطاقة النظيفة (أولوية رقم 2 : شك ل 2). ويهدف وضع هذه الأولويات إلى تعزيز آليات تقديم الخدمات العامة، بما في ذلك توسيع التحول الرقمي للخدمات العامة على المدى الطويل، لغلق الفجوة الرقمية مع الاقتصاديات المتقدمة، ولبناء الثقة من خلال خدمة المواطنين.
كما تستدعي هذه الإختلالات التحول إلى ضرائب أكثر تصاعدية، ومراجعة قوانين الضرائب على منظمات الأعمال والثروة والعمالة وفي إطار تعاوني دولي مساند (أولوية رقم 3: شكل 2) يشمل إعداد تدابير الدعم للدول المنخفضة الدخل المثقلة بالديون والتخطيط لخفض الديون العامة في المستقبل.
إحياء وتحويل رأس المال البشري
تشمل محاور التنافسية (شكل 1) فيما يتصل بالموارد البشرية مجالات المهارات والصحة العامة.
وقد أدى أدى عدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وبين الحوافز والمكافئات للعاملي،ن في الفترة السابقة لجائحة كورونا، إلى إحباط الجهود لرفع الإنتاجية وتعزيزالازدهار وتعميم منافع التنمية. وقد أصبحت هذه التحديات أكثر إلحاحاً في عام الكورونا لما تلاه من تسارع في تبني التكنولوجيا، والذي أدى إلى فقدان الوظائف ومصادر الدخل بشكل دائم أو مؤقت.
وقد أظهرت تداعيات جائحة كورنا فشل أنظمة الرعاية الصحية في التعامل مع شيخوخة السكان في العالم المتقدم ، وفي زيادة حدة تداعيات الوباء واحتياجات الرعاية الصحية المستقبلية الذي تضعه الزيادة السكانية في العالم النامي.
وتتطلب هذه التحديات في مرحلة الإحياء في مرحلة جائحة كورونا وفق تقرير التنافسية العالمية 2020 العمل على تحديث المناهج التعليمية والتوسع في برامج التأهيل وتوسيع الاستثمار في المهارات اللازمة للوظائف في أسواق المستقبل (أولوية رقم 4: شكل 2) .
كما تتطلب مراجعة قوانين العمل والضمانات الإجتماعية للاقتصاديات الجديدة، والتكيف مع الاحتياجات المستجدة من القوى العاملة (أولوية رقم 5 : شكل 2)، للمساعدة في دفع عجلة التعافي. وهذا يتضمن الانتقال التدريجي من برامج التسريح من العمل او تقليص ساعات العمل والإجازات المؤقتة بدون راتب، إلى إيجاد فرص جديدة في سوق العمل، وتعزيز برامج التدريب لإعادة تشكيل وصقل المهارات على المدى الطويل، ومراجعة سياسات سوق العمل المتغيرة.
وهناك حاجة في فترة التحول في المدى الطويل، إلى جهود لتعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية للأطفال والمسنين لتوفير الخدمات الصحية، وفرص إمكانية الحصول عليها، واستخدام تقنيات تسمح ببقاء المرضى في منازلهم ومراقبتهم ومتابعة حالاتهم الأمر الذي يخدم المجتمع ويقلل من الأعباء الإقتصادية (أولوية رقم 6 : شكل 2).
إحياء الأسواق وتحويلها
تشمل محاور التنافسية (شكل 1) في مجال الأسواق؛ أسواق المنتجات والعمل والمال وحجم السوق. ورغم أن الأنظمة المالية أصبحت أكثر استقرارًا منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2020، غير إنها لا تزال تواجه زيادة مخاطر الديون ونقص السيولة، وتحديات لتوسيع قاعدة التمويل واستخدام تطبيقات التقنيات المالية.
وكان هناك مزيد من التركز في السوق في اتجاه الشركات الكبيرة، واتساع الفجوات بين إنتاجية وربحية الشركات الكبرى في القطاعات المختلفة وبقية الشركات الأخرى، وسيكون من شأن تداعيات الوباء والركود المرتبط به تفاقم هذه الاتجاهات،
هذا فضلاً عن الانخفاض المستمر في الانفتاح التجاري وفي حركة الإنتقال الدولية للأشخاص بسبب الوباء.
وتتطلب هذه التحديات إعطاء الأولوية في مرحلة الإنعاش لتعزيز استقرار الأسواق المالية، وزيادة الحوافز لتوجيه الموارد المالية نحو الاستثمارات طويلة الأجل في مرحلة التحول، لتوسيع قاعدة التمويل وتحقيق عدالة أكبر من خلال تعميم منافع النمو الإقتصادي عبر جميع فئات المجتمع (أولوية رقم 7 : شكل 2).
وهناك حاجة لتحقيق توازن في مرحلة الإحياء، بين التدابير المستمرة لتعزيز قوة الشركات، ولكن مع منع الاندماج المفرط للصناعة بمرونة كافية لتجنب الاحتفاظ بالشركات الضعيفة (الشركات الزومبي)، وإعادة التفكير في أطر المنافسة ومكافحة الاحتكار المطلوبة في الثورة الصناعية الرابعة في مرحلة التحول لضمان الوصول إلى الأسواق محليًا ودوليًا (أولوية رقم 8 : شكل 2).
كما يتعين استكمال هذه الإجراءات في مرحلتي الإحياء والتحول بتسهيل إنشاء “أسواق الغد” ، خاصة في المجالات التي تتطلب تعاونًا بين القطاعين العام والخاص (أولوية رقم 9 : شكل 2). وهذا يستدعي وضع أسس لخلق توازن بين الحركة الدولية للبضائع والأشخاص مع متطلبات التنمية المحلية والمرونة المحلية الاستراتيجية في سلاسل التوريد .
إحياء وتحويل بيئة الابتكار
تشمل محاور التنافسية (شكل 1) في مجال إحياء وتحويل بيئة الابتكار على بيئة الأعمال والقدرة على الإبتكار.
وقد شهد العقد الماضي وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2019 ازدهار ثقافة ريادة الأعمال ، إلا أنه لم يشهد إنشاء شركات جديدة، ولم تظهر تقنيات متطورة ، يمكنها أن توفر منتجات وخدمات تستخدم هذه التقنيات في تقديم حلول لاستهلاك الطاقة والانبعاثات وتلبية الطلب على الخدمات الاجتماعية الشاملة.
وهذا يتطلب تحفيز وتوسيع الاستثمار من القطاعين العام والخاص في براءات الإختراع في مجالات البحث والإبتكار والتي تساهم في خلق أسواق مستقبلية جديدة على المدى الطويل (أولوية رقم 10 : شكل 2)، وفي تحفيز الشركات ومؤسسات البحث والحاضنات على تبني التنوع بين العاملين وتكافؤ الفرص فيها لتعزيز نشاطات الإبداع وتوليد الإبتكارات (أولوية رقم 11 : شكل 2) .
الدول اكثر استعداداً لتحقيق التحول الاقتصادي
استخدم تقرير التنافسية العالمية لعام 2020 الأولويات الإحدى عشرة ، التي تندرج في إطار محاور التنافسية الأربعة ، لوضع مقياس أولي لمرحلة التحول الاقتصادي، عوضاً عن المجموعة الكاملة من العوامل اللازمة لدفع الإنتاجية واستدامة التنمية وتعميم منافعها على فئات المجتمع.
وقد اقتصر مقياس الاستعداد للتحول على 37 دولة بناء على توفر إحصائيات حديثة حول مؤشرات التحول لدى هذه الدول والتي لا تشمل أي دولة عربية.
ويظهر شكل 2 الدول الثلاثة الأكثر استعداداً للتحول الإقتصادي، والتي تختلف بين أولوية وأخرى من بين الأولويات الأحد عشر، وفق المنهجية المبينة في ملحق أ : تقرير التنافسية العالمية 2020.
ولا بد من الإشارة إلى أن البيانات الإحصائية المتاحة لم تكن كافية لقياس جميع جوانب تحقيق التحول الاقتصادي، الأمر الذي يظهر أنه لا يوجد دولة بعد جاهزة تمامًا للتحول. غير أن الدول الإسكندنافية (نموذج الشمال: السويد، النرويج، الدنمارك…) التي تجمع بين النظم الإقتصادية والرفاهية الإجتماعية ، تبرز باعتبارها الأكثر تبنياً للسياسات الواعدة في التحول نحو نظام اقتصادي يحقق ثلاثية رفع الإنتاجية والإستدامة والشمولية.
وتسهم عملية التحليل في اختبار مجالات الأولوية مقابل مدى توفر البيانات المتاحة في محاولة للتعرف على الإجراءات و / أو السياسات اللازمة لإعادة بناء الإقتصاديات بصورة أفضل لتحقيق ثلاثية رفع الإنتاجية والإستدامة والشمولية. كما تسهم في تقديم لمحة سريعة عن الوضع الحالي في كل دولة منها، لتقييم الحد الذي وصلت إليه في طريقها نحو التحول الإقتصادي، والتعرف على جوانب النقص في البيانات لتقييم السياسات الوطنية الحالية وأداء الإقتصاديات.
ويبين جدول 1 ترتيب 14 دولة ، ظهرت بين الدول الثلاثة الأولى الأكثر استعداداً للتحول الإقتصادي مقابل الأولويات الأحد عشر. وقد أعطيت ثلاثة علامات للدولة التي جاءت في الترتيب الأول، وعلامتين للدولة التي جاءت في الترتيب الثاني، وعلامة واحدة للدولة التي جاءت في الترتيب الثالث. وجاءت فنلندا في الترتيب الأول، وكان الأولى في في أربعة أولويات، وتلتها الولايات المتحدة ، وكانت الأولى في أولويتين، وكانت الدنمارك والسويد الأولى في أولوية واحدة ثم نيوزيلندا وكانت الثانية في أولويتين.
تقرير التنافسية العالمية 2020: تنافسية الدول العربية في زمن جائحة الكورونا
شمل استطلاع أراء القيادات التنفيذية لمنظمات الأعمال 126 دولة في في النصف الأول من عام 2020 ، وكان من بينها جميع الدول العربية الواردة في جدول 2 باستثناء سوريا وليبيا.
ووفق تقرير التنافسية العالمية 2020 ، كان من بين أولويات البيئة التمكينية التي تؤدي إلى إنعاش الاقتصاديات سد الفجوة الرقمية داخل وبين الدول لمنظمات الأعمال والأفراد. وكان من بين الدول العشرة الأولى، الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني، وقطر في المركز التاسع في تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكانت المملكة العربية السعودية في المركز التاسع في المهارات الرقمية، والإمارات العربية المتحدة في المركز الرابع في الإطار القانوني الرقمي (شكل 3).
وتشكل تقنيات المعلومات والإتصال أحد أهم العوامل المؤثرة على أسواق العمل، حيث يؤدي الافتقار إلى المهارات الرقمية الكافية إلى إعاقة انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإلى زيادة مخاطر فقدان الوظائف المتعلقة بالأتمتة. وهناك نقص خاص في المهارات الرقمية والمهارات الأخرى للاقتصاديات الجديدة. وكانت أكبر التحسينات في المهارات الرقمية في مصر وبلغاريا والمملكة العربية السعودية وتنزانيا بينما شهدت الولايات المتحدة والنرويج وجنوب إفريقيا وألمانيا واليابان أكبر انخفاض في أهمية المهارات الرقمية.
وكان من سمات القدرة التنافسية التي عززت من استجابة الدول لتداعيات جائحة كورونا الدول التي تطبق مبادىء الحوكمة وتحارب الفساد، والتي تمكنت من التخطيط لتنسيق التدابير الصحية مع السياسات المالية والاجتماعية، وحققت بنجاح أكبر في التخفيف من آثار أزمة كوفيد 19. وكان من الدول ذات الأداء الجيد نسبياً سنغافورة وسويسرا ولوكسمبورغ والنمسا والإمارات العربية المتحدة.
وكان من سمات القدرة التنافسية أيضاً الدول التي لديها أنظمة مالية قوية مثل فنلندا والولايات المتحدة وتايوان والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة التي يمكنها بشكل أكبر أن تقدم التمويل اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة لمنع إفلاسها.
وكان من بين أولويات تنمية الموارد البشرية رفع سوية التعليم والمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية . وقد شهد عدد من الاقتصاديات الكبيرة، مثل الهند وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة وألمانيا، هبوطاً في مدى كفاية مجموعات المهارات لجميع الخريجين في السنوات الأخيرة بينما تحسن مستوى الخريجين في دول أخرى مثل كوريا والمملكة العربية السعودية وتركيا والصين (شكل 3) .
وجاءت المملكة العربية السعودية والبرازيل في المركز الرابع في توقعات الإنفتاح لعولمة الأسواق بعد كوريا والصين واليابان وبنسبة 76% متقدمة على كثير من الإقتصاديات العالمية.
وقد شملت تقارير التنافسية العالمية للمنتدى الإقتصادي العالمي للفترة 2007- 2019 16 دولة عربية شاركت في التصنيف من بين 131 – 148 دولة في العالم (جدول 2). وقد تصدرت جميع دول مجلس التعاون الخليجي التنافسية في جميع هذه التقارير مع استثناءات محدودة لبعض الدول.
ويسمح التعرف على عوامل القدرة التنافسية والإزدهار الإقتصادي في أي دولة بالتعرف على أوجه القصور في أداء اقتصاديات الدول، وبالتالي، العمل على وضع السياسات والإجراءات اللازمة لتلافيها.
المصادر
http://www3.weforum.org/docs/WEF_TheGlobalCompetitivenessReport2020.pdf
http://www3.weforum.org/docs/WEF_TheGlobalCompetitivenessReport2019.pdf
http://www3.weforum.org/docs/GCR2017-2018/05FullReport/TeGlobalCompetitivenessReport2017%E2%80%932018.pdf
http://www3.weforum.org/docs/WEF_Annual_Report_18-19.pdf
https://www.weforum.org/videos/global-competitiveness-report-special-edition-2020