مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 | العالم العربي في ميزان الشفافية العالمية في زمن الكورونا

مؤشر مُدرَكات الفساد 2020  : تقارير دولية حول الشفافية العالمية

تقوم منظمة الشفافية الدولية Transparency International منذ عام 1995 بإصدار تقرير سنوي يتضمن مؤشر مُدْرَكٌات الفساد (CPI)Corruption Perceptions Index  في القطاع العام.

 ويعتبر مؤشر مدركات الفساد المؤشر العالمي الوحيد الذي يقيس مستويات الفساد لمعظم دول العالم، ويوفر مؤشرات حول الشفافية لمعظم الدول العربية. 

 وهناك جهات دولية أخرى تصدر صدور تقارير دورية حول مؤشرات الفساد والحوكمة . ومن بين هذه المؤشرات:

– مؤشرات الحوكمة العالمية The Worldwide Governance Indicators (WGI) للبنك الدولي الذي بدأ في الصدور في عام 1996، 

مؤشر إبراهيم للحوكمة  الذي طورته مؤسسة محمد إبراهيم، السوداني الجنسية والذي يغطي 54 دولة في إفريقيا، وبدأ في الصدور في عام 1996،  

–  تقرير النزاهة العالمي Global Integrity Report الذي صدر خلال الفترة 2001 -2010  وكان يتضمن تقييمات وطنية المتعمقة للإطار المؤسسي الذي قامت عليه أنظمة الفساد ونظم المساءلة مثل فساد الممارسات الانتخابية وإعداد الموازنات وتضارب المصالح.

 وقد صدر تقرير  مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 عن منظمة الشفافية الدولية في 28 يناير كانون الثاني 2021.

 

مقالات ذات صلة
الشفافية العربية |  الدول العربية في ميزان الشفافية العالمية لعام 2019

تقرير التنافسية العالمية 2020|دول عربية في ميزان التنافسية في زمن الكورنا .. وما بعد الكورونا

الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020 | الإقتصاديات العربية الأكثر تنافسية عربياً وعالمياً

العالم العربي في موازين التنافسية العالمي (3)|  تقرير التنافسية العالمية  2019

العالم العربي في موازين التنافسية العالمية (2)| الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2019


مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 : مفهوم الفساد 

تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بانه إساءة استخدام السلطة الموكولة للعاملين في القطاع العام لتحقيق مكاسب خاصة.  

وهناك أشكال عدة للفساد، وتتضمن مستويات من الفساد الصغير والكبير.

ويتضمن الفساد الصغير الإساءة اليومية للسلطة العامة للدولة عند تفاعل مستويات الإدارة المتوسطة والدنيا ​​مع المواطنين خلال سعيهم للحصول على الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والمدارس والمؤسسات والهيئات العامة.  وهذا يتضمن الروتين والممارسات البيروقراطية المفرطة التي من شانها زيادة فرص الفساد.

ويتضمن الفساد الكبير مجالات الفساد السياسي التي تتصل بسيطرة أصحاب المصالح الخاصة على السلطة، وتلاعب أصحاب القرار في السياسات العليا وأعمال المؤسسات والقواعد الإجرائية في تخصيص الموارد وأعمال التمويل، لأغراض الإثراء وتحقيق مصالح خاصة على حساب الصالح العام دون مواجهة أية عواقب،  وكذلك غياب النزاهة في التوظيف في الخدمة العامة على أساس المحسوبية، بدلا من اعتبارات الأهلية والجدارة والمنافسة المتساوية بشفافية لجميع مواطني الدولة. وتؤدي هذه الممارسات إلى تشويه السياسات العامة والأداء العام للدولة.

وتتضمن أشكال الفساد السياسي المحسوبية السياسية والرشاوى المالية والجنسية والإحتيال والواسطة والتزوير الانتخابي والمتاجرة بالأديان وتوظيفه لأغراض سياسية.

 مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 : مفهوم المؤشر

يعتبر مؤشر مُدرَكات الفساد  مقياساً  لدرجة أو مدى الإعتقاد بفساد القطاع العام في حكومات الدول.  

ويصنف مؤشر مدركات الفساد (CPI) البلدان والأقاليم استنادًا إلى مدى فساد قطاعها العام من وجهات نظر مراقبين مستقلين من جميع أنحاء العالم.

يتراوح مقياس مؤشر مدركات الفساد بين 0 و 100 نقطة، حيث تمثل درجة 0 أعلى مستوى من مدركات الفساد، وتعادل درجة 100 أدنى مستوى لمدركات الفساد .

وهو مؤشر مركب لمزيج من استطلاعات الرأي وآراء حول مستويات ومظاهر الفساد، تجمعها مؤسسات متخصصة.

 منهجية مؤشر مُدرَكات الفساد 2020  

صنف مؤشر مدركات الفساد 2020  في القطاع العام  180 دولة وإقليمًا حسب مستويات الفساد.

يقوم المؤشر على بيانات مستمدة من  تقييمات ومسوحات لآراء خبراء ومديري أعمال، بمنهجيات ذات صدقية، لهيئات متخصصة متعددة جرت خلال العامين الماضيين.

 شملت هذه الهيئات في عام 2020  13 هيئة متخصصة في تحليل الحوكمة في البيئة المؤسسية وبيئة الأعمال ومستقلة عن منظمة الشفافية الدولية وذات حضور دولي.

وكان من بين هذه الهيئات؛ البنك الدولي، ومشروع العدالة العالمية وبنك التنمية الأفريقي ووحدة البحوث الاقتصادية لمجلة إيكونومست، والمنتدى الاقتصادي العالمي ، واستطلاع آراء التنفيذيين للكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020 ، ومؤسسة فريدوم هاوس، وهيئات خاصة استشارية ووحدة تقييم المخاطر العالمية ومراكز بحثية. وجميع هذه المصادر وطبيعة تقييماتها، مبينة في تقرير مؤشر مدركات الفساد 2020.

و تعكس تقارير التقييم لهذه الهيئات، تقييم الخبراء والقيادات التنفيذية للممارسات الفاسدة في القطاع العام المشار إليها أعلاه. وهذا يشمل عدد مرات أعمال الفساد وحجم مكاسبه، ومدى اتساع نطاق الفساد وأهميته وأضراره، والمبالغ التي تُدفع كرشوة، وما إذا كان قد طُلب من المشاركين تقديم رشوة أو قدموا هم أنفسهم رشوة للحصول على خدمات معينة.

وتتضمن  بيانات هذه  التقييمات مدى قدرة الحكومات على احتواء الفساد، ومدى توفر آليات فعالة شفافة لتحقيق النزاهة في القطاع العام، وللملاحقة الجنائية للمسؤولين الفاسدين، وتشريع القوانين الملائمة حول الإجراءات المالية، وآليات للكشف عن المعلومات وحق وصول المجتمع المدني إلى المعلومات المتعلقة بالشؤون العامة، ومنع تضارب المصالح للموظفين العامبن والحماية القانونية للمبلغين عن المخالفات وللصحفيين والمحققين عندما يقومون بتحقيقات وبالتبليغ عن حالات الرشوة والفساد.

ولا يتم تصنيف الدول المدرجة في مؤشر الشفافية لسنة معينة من قبل نفس المصادر، لأن أي مصدر بيانات لا يقدم قياسًا دقيقاً أو أكيداً ، وحتى لا يهيمن على المؤشر أي تقييم من المصادر الفردية. 

ولذلك، تتطلب المنهجية المتبعة لدى منظمة الشفافية العالمية توفر بيانات تقييمية حول مستويات الفساد من ثلاثة مصادر على الأقلTriangulation  من بين المصادر الثلاثة عشرة التي استخدمتها الدراسة، حتى يمكن شمول أي دولة في تقارير منظمة الشفافية العالمية (وهذا لا ينطبق على دولة فلسطين المحتلة وفق تقارير منظمة الشفافية العالمية).  ويهدف تطبيق مبدأ تعددية مصادر المعلومات إلى تعويض أي ضعف في مصدر المعلومات الإجتماعية. 

تُجمع بيانات تقييمات الفساد المختلفة باستخدام استمارات تتضمن مقاييس من عدة درجات وفقرات تتناول جوانب مختلفة من أشكال الفساد. ويجرى استطلاع آراء خبراء وقيادات الأعمال حول جوانب مختلفة للفساد بهدف الوصول إلى مقياس للفساد، والتي تؤشر إلى التصورات الذاتية Perceptions  لكل من الخبراء الأجانب (في الهيئات المستقلة الثلاثة عشرة) ومن رجال الأعمال من الدولة التي يجري تقييمها. 

تأتي البيانات حول مستوى وجوانب الفساد تأتي من مصادر مختلفة، وباستخدام مقاييس متنوعة  لمجموعة من الدول المدرجة في مؤشر الشفافية، ولذلك يجري تحويلها إلى قيم معيارية قبل حساب متوسطها واستخدامه في مؤشر الشفافية. وتحول القيم المعيارية إلى مقياس من مائة درجة، ويحصل كل مصدر على وزن متساوٍ في المقياس.  

ويجري تقدير مؤشر مدركات الفساد (CPI) النسبي لقياس درجة الفساد أو الشفافية من خلال المتوسط الحسابي البسيط للدرجات المعيارية (القياسية) لجميع المصادر المحولة إلى مقياس من 100 درجة (3-13 مصدراً)، بحيث لا تقل عن ثلاثة مصادر.  وتستخدم مستويات للثقة لحساب المتوسطات تتضمن تقديراً للخطأ المعياري (القياسي) ومستوى اليقين في هذه النتائج.

وتصنف الدول على مقياس نسبي من مائة درجة يتراوح بين صفر (أو درجة واحدة ، لأنه لا يوجد دولة فاسدة كلياً في العالم) في حالة الفساد التام ودرجة مائة في حالة الغياب التام للفساد.

مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 : عقد من الجمود قبل مواجهة كورونا

لم تحرز معظم دول العالم سوى تقدم ضئيل ، إن وُجد، في معالجة الفساد خلال ما يقارب من عقد من الزمان. وقد تراجع، أو بقي على حاله مؤشر مدركات الفساد لما يقرب من نصف الدول ، وسجل أكثر من ثلثي دول العالم أقل من 50 درجة على مقياس مؤشر مدركات الفساد.

وقد أُظهر تقرير مؤشر مدركات الفساد 2020  أن الفسادأسهم في استمرار أزمة الديمقراطية، و قوّض الاستجابة الصحية العالمية لـكوفيد 19 (جائحة أو وباء كورونا) وهدد الانتعاش العالمي كما جاء في تقرير التنافسية العالمي 2020.

وقد ظهر أن وباء كورونا لم يكن مجرد أزمة صحية واقتصادية، وإنما أزمة فساد، فشلت دول كثيرة، ومنها دول عُظمى في إدارته وفق رئيسة منظمة الشفافية الدولية

وكان الفساد أكثر انتشاراً في الدول الأقل استعداداً  للتعامل مع وباء كورونا   وتظهر التقارير استشراء الفساد في سائر مراحل الاستجابة لجائحة كورونا، من دفع الرشاوى مقابل اختبارات الوباء،  أو الحصول على علاج وغيرها من الخدمات الصحية، إلى مشتريات الإمدادات الطبية ومدى الجاهزية لادارة الازمة وحالات الطوارئ.

وقد ظهر من بحث سابق أجراه برنامج الصحة العالمية التابع لمنظمة الشفافية الدولية أن الفساد يحرم قطاع الصحة العالمي من 500 مليار دولار سنويًا .

وتميل البلدان التي ترتفع فيها مستويات الفساد، إلى أن تكون الأشد انتهاكاً لسيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية خلال أزمة وباء كورونا،  مثل الفلبين (34) ، حيث اتسمت الاستجابة للوباء بتعديات كبيرة على حقوق الإنسان وحرية الإعلام.

ويظهر تقرير مؤشر مدركات الفساد 2020 أن الدول التي تحقق أداءً جيداً على المؤشر تستثمر أكثر في الرعاية الصحية، وأكثر قدرة على توفير تغطية شاملة وأقل انتهاكاُ لسيادة القانون عند الاستجابة للأزمات مثل الكورونا.  

 وقد وجد أن الدول الأقل فساداً التي لها درجة أعلى في مؤشر مدركات الفساد، مثل الأرغواي (71)، استثمرت بكثافة في الرعاية الصحية ولديها نظام قوي للمراقبة الوبائية، مما ساعد في استجابتها لـوباء كورونا وامراض معدية أخرى .

بينما كان أداء الدول الأكثر فساداً التي لها درجة أدنى في مؤشر مدركات الفساد ضعيفاً في مواجهة كورونا.  وقد سجلت بنغلاديش 26  نقطة، وكانت استثماراتها محدودة في الرعاية الصحية، وازدهر فيها الفساد خلال وباء كورونا ، بدءًا من الرشاوى في العيادات الصحية، إلى شراء الإمدادات الطبية والمساعدات غير المشروعة.

ودفع وباء كورونا  نظام الرعاية الصحية المنهار بالفعل في فنزويلا  (15 درجة على مؤشر الفساد) إلى حدوده القصوى. فقد  غادر  أكثر من نصف الأطباء في البلاد في السنوات الأخيرة كمهاجرين أو لاجئين.  وبلغ دخل الأطباء والممرضات أقل من 6 دولار شهرياً في المستشفيات العامة،  وغالبًا ما افتقروا إلى الصابون والمياه الجارية ، فضلاً عن الأقنعة والقفازات والأردية وغيرها من معدات الوقاية الشخصية الأساسية ونتيجة لذلك، شكل الأطباء أكثر من سُبع عدد وفيات كوفيد 19 في فنزويلا.

وكشفت الاستجابة لجائحة كورونا عن خلل في انظمة الرقابة وشفافية غير كافية،  والحاجة لوجود إجراءات تعاقدية مفتوحة وشفافة، لضمان وصول الموارد إلى مستحقيها وعدم تعرضها للسرقة من قبل الفاسدين، وعدم إعطاء الفرصة للفساد ومكافحة المخالفات، وتحديد تضارب المصالح، وضمان تسعير عادل للخدمات المقدمة.

ويجب تعزيز المجتمع المدني وتوفير الظروف المواتية للوصول إلى المعلومات، ولوسائل الإعلام لمحاسبة الحكومات. كما يتعين أن تمتلك سلطات مكافحة الفساد ومؤسسات الرقابة الأموال والموارد والاستقلالية الكافية لأداء واجباتها.

مؤشر مدركات الفساد 2020 : الدول الأكثر شفافية في العالم

بَيًن تقرير مؤشر الشفافية لعام 2020 أن متوسط درجة الشفافية العالمي هو 43 وأن أكثر من ثلثي دول العالم حصلت على درجة تقل عن 50 درجة. وتراوحت درجات المقياس بين 12 و 88 ، مما يعني انه لا يوجد دولة تتميز بالفساد التام أو الغياب التام للفساد.

ويُظهر الجدول 1 تطور مؤشر مدركات الفساد للدول العشرة الأقل فساداُ في العالم خلال الفترة 2012- 2020.  وتسمح المنهجية المتبعة خلال هذه الفترة بمقارنة قيم المؤشر من سنة لأخرى عِبر سلسلة زمنية.  

يتبين من الجدول 1  أن ثمانية من هذه الدول حافظت على مكانتها بين الدول الأكثر شفافية في العالم (جميع الدول باستثناء اللوكسمبورغ وألمانيا) طوال الفترة 2012-2020.

وتصدرت نيوزيلندا والدنمارك المركزين الأول والثاني خلال العقد الأخير بدرجات 87-91. وحافظت فنلندا على المركز الثالث، وانضمت إليها، سنغافورة والسويد وسويسرا ، منتقلة من المركز الرابع، بينما حافظت النروج وهولندا على مركزيهما السابع والثامن.

أصبحت اللوكسمبورغ من بين الدول العشرة الأولى خلال الفترة 2015-2020، وحافظت ألمانيا على المركز التاسع في عام 2020 وبمتوسط  80 درجة الذي كانت عليه عام 2019 شأن اللوكسومبوغ.   

وحققت الولايات المتحدة في عام 2020 أسوأ نتيجة لها منذ عام 2012  ( 67 نقطة وفي المركز 25)، متراجعة نقطتين في الدرجة والمركز عن المؤشر العالمي للفساد في عام 2019 ( 69 نقطة وفي المركز 23). ولم تعد  في قائمة أفضل 20 دولة منذ عام 2011.  وقد جاءت هذه النتيجة في ضوء تراجع المعايير الديمقراطية طويلة الأمد التي تعزز الحكومة المسؤولة، وتضارب المصالح، وإساءة استخدام السلطات العليا، وتعثر حزمة الإغاثة البالغة 0.9 تريليون دولار  لوقت طويل لمواجهة أزمة كورونا قبل إقرارها.

مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 :  الشفافية العربية

يُظهر الجدول  2 تطور مؤشر مدركات الفساد إبتداء من عام 2012 في الدول العربية. وتحتل معظم الدول العربية مراكز متاخرة في مقياس الشفافية العالميةولا يزال يُنظر إلى المنطقة العربية على أنها تعاني من الفساد، مع إحراز تقدم ضئيل في السيطرة على الفساد.

تضم تقارير منظمة الشفافية العالمية الدول العربية، باستثناء فلسطين، لعدم توفر ثلاثة مصادر مختلفة لتقييم الفساد وفق هذه التقارير. وكان متوسط ​​الدرجات للدول العربية  39 درجة خلال الفترة 2018 – 2020 مقابل المتوسط العالمي 43 درجة في عام 2020.  

تحتل الإمارات العربية المتحدة و قطر المركزين الأول والثاني وبفارق في الترتيب يتعدى 20 نقطة عن المركز الثالث بين الدول العربية خلال الفترة 2012 – 2020 .  ووقعت ليبيا والسودان اليمن والصومال (رغم تحسنهما قليلاُ)، وسورية بين الدول العشرة في اسفل سلم الشفافية العالمية بترتيب 173-179 وبدرجات 12-17.  

حصلت الإمارات على 71 درجة واحتلت المركز 21،  وحصلت قطر على 63 درجة واحتلت المركز 30 قي عام 2020، متقدمة 3-6 مراكز مقارنة مع عام 2012.  

تفوقت دولة الإمارات على فرنسا (في المركز 23) والولايات المتحدة (في المركز 25). 

وتفوقت الإمارات وقطر على إسبانيا والبرتغال (في المركزين 32 و 33)  وكوريا الجنوبية وإسرائيل (في المركزين 33 و 35)  وإيطاليا وماليزيا (في المركزين 52 و 57).

وقد أظهرت الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرىـ أنها تمتلك الموارد لمكافحة وباء كورونا والاستثمار في الرعاية الصحية. غير أن غياب الشفافية في اتخاذ القرارات في الإمارات،  أدى إلى أشكال أخرى من الفساد في المنطقة، حيث اشارت تقارير  متعددة إلى ممارسات تتصل بتداول الأموال العالمية في القطاع الخاص، ولم تُتخذ إجراءات لمعالجتها.

وجاءت السعودية في المركز 52 ، متقدمة 14 نقطة في مركزها في عام 2020 مقارنة مع عام  2012 (ومتقدمة 9 درجات)، وحافظ الأردن على مركز 60 رغم ارتفاع درجته بنقطة واحدة عن العام السابق.  وبذلك تتفوق هذه الدول (كما الإمارات وقطر وعُمان) على الصين (في المركز 78)  وتركيا والهند (في المركز 86)  وروسيا وإيران المصنفة في المركزين 129 و 149.

تظهر الالوان الفاتحة في الجدول 2،  الدول التي تحسن مركزها (باللون الأزرق) أو تراجع مركزها (باللون الأخضر) قي العام 2020 مقارنة مع العام 2019. 

وقد شهدت سلطنة عمان تحسناً كبيراً (13 مركزا) وتحسن مركز الكويت (7 مراكز) وتونس (خمسة مراكز)، بينما تحسنت درجاتها 1-2 درجة.  كما تحسنت مراكز ودرجات الجزائر وموريتانيا والعراق والصومال ، من بين 26 دولة تحسنت مراكزها في العالم.  

وقد تراجعت مراكز عدة دول عربية بين عامي 2019 و 2020، من بين 22 دولة تراجعت مراكزها في العالم. وكان أبرزها لبنان (12 مركزاً) ومصر (11 مركزاً) ، والمغرب (6 مراكز) وليبيا (5 مراكز) وتراجعت درجاتها 1-3 درجة. بينما تراجعت السعودية والبحرين مركزا واحداً ، ولكنها حافظت على درجتها.

وقد تراجعت دول عربية كثيرة في عام 2020 عن ما كانت عليه في عام 2012، وكانت سوريا الأكثر تراجعاً في مؤشر الفساد خلال العقد الأخير إذ تراجعت 34 نقطة، وتراجع لبنان 21 نقطة، وتراجعت اليمن 20 نقطة، وتراجعت ليبيا  13 نقطة و الصومال   6 نقاط  في ترتيبها العالمي.  

وعلى الرغم من الاحتجاجات الحاشدة ضد الفساد والفقر في  لبنان في نهاية عام 2019، لا تزال المحاكم تفتقر إلى الاستقلالية، بحيث لم يخضع أي مسؤول عام للمحاكمة بشأن انفجار مرفأ بيروت.

وقد فرضت النزاعات المسلحة المستمرة واقتصاديات الحرب تحديات كبيرة في العراق وسوريا واليمن وليبيا التي شهدت تدخلات إقليمية واسعة.  وعانت إدارة الإغاثة الخاصة بوباء كورونا في اليمن من سوء الإدارة، وغياب الشفافية في توزيع المساعدات المالية والإنسانية، ما أدى إلى إصابة بعض تلك المجتمعات وحرمانها من تلقى المساعدة التي هي في أشد الحاجة إليها، وهو نفس الحال في سوريا وليبيا.

ويحرم الفساد المترسخ في النظام في العراق (21)  الناس من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحصول على مياه الشرب الصالحة للشرب، والرعاية الصحية، والخدمة المستمرة للكهرباء ، وغياب فرص العمل والبنية التحتية الملائمة.

ولا يزال الفساد السياسي يمثل تحدياً في جميع أنحاء المنطقة العربية، وتتمثل بعض أكبر التحديات في المنطقة، في قضايا الشفافية والوصول العادل إلى علاجات ولقاحات كوفيد-19. 

مؤشر مُدرَكات الفساد 2020 : انتقادات ومحددات

 يتعرض مؤشر مدركات الفساد للإنتقادات على أساس منهجيته ، إذ يرى البعض أنه لا يعكس المستويات الحقيقية للفساد ،ولا تتضمن أوجه الفساد التي يتم قياسها بعض اشكال الفساد مثل الإحتيال الضريبي وغسيل الأموال  والتدفقات غير الشرعية للأموال والأموال السرية . ويرى البعض أنه من غير الواضح ما الذي يقيسه مؤشر الشفافية بالضبط في ضوء الاختلافات المفاهيمية الواسعة للفساد،  وجوانبه المتعددة والإختلافات الثقافية العميقة بين الدول  في المعايير الأخلاقية لما يُعتبر فساداً.

وقد  جرى قياس مؤشر مدركات الفساد (CPI) باستخدام منهجيات مختلفة من سنة إلى أخرى، مما كان يجعل المقارنة السنوية صعبة. لكن في عام 2012 ، تم تعديل المنهجية على نحو يسمح  يسمح بإجراء مقارنات عبر سلسلة زمنية.

وقد تم تطوير مؤشر مدركات الفساد كمؤشر مركب يقيس تصورات  أو مُدرَكات  Perceptions الفساد في القطاع العام في بلد معين بين أصحاب القرار في قطاع الأعمال أو خبراء مستقلين.

وقد جرى الإعتماد  على قياس التصورات او المدركات لأن الفساد يتمثل في أنشطة غير قانونية تجري في الخفاء وتحاط باعلى درجات السرية ، ولا تظهر إلا من خلال الفضائح أو التحقيقات أو الملاحقات القضائية. ولذلك، لا يمكن ملاحظته عملياً أو بشكل تجريبي، إذ لا يمكن للمرء قياس ظاهرة لا يمكن ملاحظتها.

ولذلك كان البديل الموضوعي الواقعي لقياس الفساد هو استخدام المؤشرات المركبة للمدركات ، وهي أدوات القياس الأكثر استخدامًا في قياس الإتجاهات في العلوم الإجتماعية، والتي يتطلب استخدامها، العناية في ضبط منهجيتها، وهو أمر يبدوا ان منظمة الشفافية العالمية تحرص عليه في وضع المؤشر.   

وتجري منظمة الشفافية العالمية مراجعة دورية من خلال هيئات مستقلة لمنهجية قياس مؤشر مدركات الفساد. وقد أجرت  منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الدولية تقييما لكفاءة وفعالية سياسة منظمة الشفافية الدولية  في مكافحة الفساد بالتعاون مع الوكالة النرويجية للتعاون والتنمية. وقد وجدت هذه الدراسة أن منظمة الشفافية الدولية ساهمت في المبادرات الدولية والوطنية، وفي التعريف بأهمية مكافحة الفساد من خلال أبحاثها ومؤتمراتها ومؤشراتها ومنشوراتها.  

المصادر

https://www.transparency.org/

http://www.transparency.org/cpi

https://www.transparency.org/cpi2012/results

https://www.transparency.org/cpi2015

https://www.transparency.org/cpi2018

https://www.transparency.org/cpi2019

https://www.transparency.org/en/cpi/2020/index/nzl

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *