الإقتصاد والأعمال | أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 … ما قبل الكورونا (بيانات يوليو 2020)

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : لماذا حساب إجمالي الناتج المحلي

تشبه حسابات الشركات وحسابات الدخل الوطني لوحة قيادة السيارة التي توفر مؤشرات مثل سرعة السيارة ودرجة حرارة المحرك، وكمية الوقود بهدف ضبط القيادة والمحافظة على سلامة الركاب والمركبة.

وتوفر حسابات الشركات صورة عن أداءها السنوي أو سلسلة زمنية معينة من خلال البيانات المالية مثل حساب الأرباح والخسائر التي تلخص نتيجة الأعمال أو الميزانية العمومية التي تبين الموقف المالي للشركة.

وبالمثل، فإننا نحتاج إلى حسابات الدخل الوطني  National income (or product) accounting للحصول على مؤشرات حول أداء الاقتصاد الكلي الوطني السنوي لكل دولة من خلال  بيانات مالية حول إجمالي الناتج المحلي (GDP : Gross domestic product) ، وإجمالي الناتج القومي أو الوطني (GNP : Gross national product) وعدة مقاييس أخرى.

وتُقّيم هذه الحسابات الاقتصاد بوحدات نقدية موحدة لإعطاء الوزن المناسب لكل سلعة نهائية على أساس سعرها في السوق، إذ لا يمكن جمع كمية الإنتاج من البرتقال مع الثلاجات و الملابس (السلع المادية) وخدمات حلاقة الشعر والأمن ووسائل الإتصال (السلع غير المادية). وتوفر هذه الحسابات ملخصات تُظهر قيمة إجمالي الناتج المحلي أو الوطني.

وتستخدم بيانات ومؤشرات حسابات الدخل الوطني لمجموعة متنوعة من الأغراض، تشمل تقييم أداء الإقتصاد الكلي بالمقارنة مع أداء سنوات سابقة أو مع معدلات مستهدفة من الدولة (وزارة المالية والبنك المركزي)، أو مع أداء اقتصاديات أخرى، ورسم السياسات المالية والنقدية الملائمة .

وتشمل هذه الأغراض  التعرف على معدل الدخل الفردي وتقييم التحسن في مستوى المعيشة أو توزيع الدخل بين السكان، ومساهمة النشاطات داخل القطاعات المختلفة في الاقتصاد (الصناعة، الزراعة، الخدمات) ومتابعة التغيرات التي تطرأ داخل تلك القطاعات بمرور الوقت، ونسبة النمو في معدل الإنتاجية للعمل.

كما تسهم في التعريف بمعدلات النمو الإقتصادي، وما إذا كان الاقتصاد في حالة نمو وازدهار أو في حالة كساد ويحتاج إلى إجراءات تصحيحية.

وينشر البنك الدولي تقارير سنوية (بداية تموز يوليو) تعرض إجمالي الناتج المحلي لدول العالم المتقدمة والنامية. وتصدر تقارير مماثلة عن صندوق النقد الدولي، وهيئة الأمم المتحدة  وعن المخابرات الأميركية ، والتي تنشر وتُحدِث بشكل دوري مثل هذه المعلومات على شبكة المعلومات الدولية ضمن ملفات لكل دولة.

وتستهدف هذه المقالة التعريف بأداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 للعالم العربي (بيانات يوليو 2020) ولكل دولة  وترتيبها عالمياً وعربياً والتعرف على إجمالي الناتج المحلي ومعدلات الدخول الفردية وفق القيمة الإسمية ووفق القوة الشرائية. ولا تتوفر معلومات حول الصومال وسوريا، ولذلك تغيب عن قوائم الدول العربية.


مقالات ذات صلة

الإقتصاد والأعمال| مؤشرات في الاقتصاد الكلي العربي لعام 2018   (بيانات عام 2019)

الاقتصاد العربي| أداء الاقتصاد الكلي في عام 2017   (بيانات عام 2018)

اداء الإقتصاد العربي الكلي | مؤشرات إجمالي الناتج المحلي لعام 2016  (بيانات عام 2017)

الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020 | الإقتصاديات العربية الأكثر تنافسية عربياً وعالمياً

العالم العربي في موازين التنافسية العالمي (3)|  تقرير التنافسية العالمية  لعام 2019

العالم العربي في موازين التنافسية العالمية (2)| الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2019

العالم العربي في موازين التنافسية العالمي (1)|  تقرير التنافسية العالمية  2018


أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : مناهج حساب إجمالي الناتج المحلي

يعتبر مقياس إجمالي الدخل المحلي Gross Domestic Product (GDP) هو المقياس الأكثر استخداماً في قياس أداء الاقتصاد الكلي في العالم.

 يمكن تحديد إجمالي الناتج المحلي(GDP) Gross Domestic Product   بثلاثة طرق (كما يبين الشكل) تعطي نفس النتيجة، وهي:

  • إجمالي القيمة السوقية للبضائع والخدمات المنتجة داخل دولة معينة خلال فترة زمنية محددة (منهج الإنتاج)،
  • أجمالي ما ينفقه المستهلكون والمستثمرون والحكومة وصافي الصادرات (منهج الإنفاق)،
  • إجمالي دخول عوامل الإنتاج لمالكيها وهي الأجور وإلإيجارات والفائدة والأرباح (منهج الدخل).

ويعرف إجمالي الناتج المحلي (منهجية الإنتاج ) بأنه القيمة النقدية للناتج النهائي من البضائع والخدمات والتي أنتجها الاقتصاد المحلي التي تدخل السوق باستخدام الموارد المتاحة بصرف النظر عن مالكها  خلال فترة زمنية معينة.

كما يعرف إجمالي الناتج المحلي  بأنه إجمالي القيم النقدية المضافة للبضائع والخدمات التي أنتجها الاقتصاد المحلي والتي تدخل السوق باستخدام الموارد المتاحة خلال فترة زمنية معينة.

وتقاس قيمة إجمالي الناتج المحلي وفق منهجية الإنفاق   (أو ما يسمى بالطلب الكلي) بأجمالي ما ينفقه المستهلكون،  وإجمالي الإنفاق الإستثماري لأصحاب الأعمال وإجمالي إنفاق الحكومة وقيمة الصادرات مطروحاً منها قيمة الواردات (صافي الصادرات ±).

وتقاس قيمة إجمالي الناتج المحلي وفق منهجية الدخل  بما يتحقق من دخل لمالكي عوامل الإنتاج ؛ الأجور للعاملين وإلإيجارات للأراضي، وعائد المساهمين وأصحاب الأموال (الفائدة) على رأس المال وأرباح الشركات.

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : إجمالي الناتج المحلي العربي 2019

تستند مؤشرات أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 إلى بيانات إجمالي الناتج المحلي العربي والتي نُشرت في بداية يوليو تموز 2020.

وتهدف هذه المقالة إلى التعريف بالأداء الكلي للاقتصاد العربي من حيث قيم إجمالي الناتج المحلي وفق القيمة الإسمية (بالأسعار الجارية للسوق) ووفق القوة الشرائية. وتؤشر هذه البيانات إلى حجم الإقتصاد لكل دولة وللعالم العربي ومساهمة كل دولة في هذا الناتج وحصتها من الناتج العالمي.

كما تشمل هذه البيانات إلى التعريف بمعدل الدخل الفردي لكل دولة حسب القيمة الإسمية ووفق القوة الشرائية ، والتي تؤشر إلى مستوى معيشة أفراد المجتمع، وبترتيب الدول في هذه المؤشرات ونسبة كل منها إلى متوسط الدخل العربي والعالمي.

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : إجمالي الناتج المحلي وفق القيمة الإسمية

يبين جدول 1، أن السعودية والإمارات ومصر هي أعلى الدولة العربية في إجمالي الدخل المحلي الإسمي (القيمة الجارية بأسعار السوق)  لعام 2019، وتشكل أكثر من نصف  إجمالي الدخل المحلي العربي (55%). وتشكل العراق وقطر والجزائر والكويت والمغرب نسبة تزيد على 31%، وبذلك تشكل هذه الدول الثمانية معظم إجمالي الناتج المحلي العربي (86%).

وجاءت جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا ودولة فلسطين (المحتلة) والسودان واليمن أقل الدول دخلاً، وتشكل اقل من 3% من إجمالي الدخل المحلي العربي.

ولا تتوفر معلومات حول إجمالي أو معدل الدخل في سوريا والصومال والتي كان يمكن أن يكون اقتصادها رافداً اقتصادياً عربياُ هاماً.  وتعاني هذا الدولة من (إضافة إلى ليبيا واليمن) من مشاكل سياسية هامة، تُعيق مساهمتها في الإقتصادا العربي، إلى أن تتمكن شعوبها من إيجاد طريقها لإقامة أنظمة وطنية جامعة، تستطيع أن تقيم سلطة القانون وتحقق التنمية الإقتصادية.

ويمثل اقتصاد السعودية 29% من إجمالي الإقتصاد العربي. وتساهم دول مجلس التعاون الخليجي بثلثي  60 إجمالي الدخل العربي (66%). ولذلك، تكتسب حماية الأمن الوطني العربي، أهمية بالغة في ضمان مستقبل الإقتصاد العربي.

وكان معدل النمو الإقتصادي في العالم العربي 1.5% مقابل 2.5% في العالم.  وكان معدل النمو الإقتصادي عالياً في جيبوتي (7.5%) وموريتانيا (5.9%)  ومصر  (5.6%)  والعراق (4.4%)،  وحول المتوسط العالمي في جزر القمر (2.9%) ودولة الإمارات (2.7%) والمغرب (2.3%).  وكان معدل النمو الإقتصادي سالباُ في لبنان (-5.6) والسودان (-2.6%)  وكان يفارب الصفر (-0.2)  في دولة قطر، وكان معدل النمو محدوداً في بفية الدول (0.4-1.8).

ولا بد من الإشارة إلى أنه كان هناك تفاوتاً في قيمة إجمالي الدخل المحلي الإسمي في السودان لعام 2019، وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن القيمة هي 19 مليار دولار، ويقدر صندوق النقد الدولي أن هذه القيمة هي 31 مليار دولار.

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : إجمالي الناتج المحلي وفق القوة الشرائية

تختلف الدول العربية في ظروفها الإقتصادية بشكل كبير، والذي ينعكس في هيكل الأسعار في السوق المحلية.  ولذلك، فإن الناتج المحلي بالأسعار الجارية (الإسمي) لا يعطي صورة واقعية عن القوة الحقيقية للاقتصاد، ولا يقيس حجم اقتصاديات الدول بشكل يسمح بالمقارنة بينها، لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار هيكل الأسعار والقوة الشرائية وتكلفة المعيشة داخل الدولة.

ولذلك، جاء  قياس إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية  لمعالجة هذا الخلل. ويبين الجدول 2 إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية المتساوية Purchasing power parity.

ولتوضيح فكرة فكرة إجمالي الناتج المحلي وفق القوة الشرائية، فإن ما يمكن شراؤه من محموعة معينة من السلع في الولايات المتحدة بمائة دولار، يمكن شراءه بقرابة 60 دولار في الإمارات و 67 دولار في قطر ، وأقل من  50 دولار في الرياض وبغداد ، وقرابة 40 دولار في عمان، وأقل من 35 دولار في الجزائر و30 دولار في تونس و 25 دولار في القاهرة، وبأكثر قليلاً من 10 دولار في الخرطوم.

ولذلك، لا يمكن القول بأن فرداً دخله الشهري 5000 آلاف دولار في الولايات المتحدة أكبر من دخل فرد يبلغ 3000 دولار في الرياض أو 2000 دولار في الجزائر أو 650 دولار في الخرطوم لأن القوة الشرائية لهذا الدخل في الرياض والجزائر والخرطوم تعادل واقعياً أكثر 6 آلاف دولار في الولايات المتحدة.

وتتراوح القوة الشرائية في الوطن العربي بين قرابة 2 إلى 4 مرات (وتصل إلى 9 مرات في السودان) مثيلتها في الولايات المتحدة. وبذلك يعادل إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية عدة أضعاف قيمة إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية.

والقوة الشرائية للدولار في العالم العربي هي بوجه عام أكبر بنسبة 228% من القوة الشرائية للدولار في الولايات المتحدة في عام 2019. وهذا يعني أنه عند شراء سلة من السلع في الولايات المتحدة بـ 100 دولار، فإنه يمكن شراء نفس السلة من السلع في العالم العربي بـأقل من 44 دولار.  وهذا يعني أيضاً أن دخل 1000 دولار لمواطن في العالم العربي يعادل، أو له نفس القوة الشرائية  لمواطن أميركي دخله 2280 دولار.

ويبين جدول 2، إن السعودية ومصر والإمارات هي أعلى الدولة العربية دخلاً حسب القوة الشرائية  لعام 2019 مع اختلاف في ترتيبها، بينما جاءت جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا ودولة فلسطين هي أقل الدول دخلاً، ولا تتوفر معلومات حول سوريا والصومال.

 ويلاحظ  أن إجمالي الناتج المحلي للسودان حسب القوة الشرائية المتساوية في عام 2019 هو أكثر من 176 مليار دولار مقارنة مع قرابة 19 مليار دولار لإجمالي الناتج المحلي حسب القوة الإسمية (جداول 1 & 2)، مما يعني أن القوة الشرائية للدولار في السودان أكبر باكثر من تسعة مرات، منها في الولايات المتحدة.

وتوضح هذه الأمثلة أن قياس أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 من خلال إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية هو المقياس الأكثر موضوعية لمقارنة دخل الدول مقارنة مع إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الإسمية (أسعار السوق المحلية السائدة).

ويستخدم إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية من قبل المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، إلى جانب إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الإسمية ومقاييس أخرى. كما تستخدمه وكالة المخابرات الأميركية المركزية حصراً في ملفات الدول  في مواقعها على شبكة المعلومات الدولية.

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : معدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية

تختلف الدول العربية في عدد السكان اختلافاَ كبيراً، وبالتالي، فإن القيمة المطلقة لإجمالي الناتج المحلي العربي لا تعطي مؤشراً صحيحاً لرفاهية السكان ومستوى معيشة أفراد المجتمع، لأن دخل الدولة يقسم على عدد مختلف من الناس.

ولذلك،  فإن التعرف على مستوى معيشة أفراد المجتمع يتطلب الحصول على حصة الفرد من إجمالي الدخل المحلي أو معدل الدخل الفردي، وهو حاصل قسمة إجمالي الناتج المحلي على عدد السكان لنفس الفترة، ويبين الجدول 3 معدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية في الدول العربية.

وعلى سبيل المثال، فإن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى في إجمالي الدخل المحلي، ولكنها تحتل المرتبة الخامسة في معدل الدخل الفردي الإسمي (الجدول 3).

وبالمثل، جاء ترتيب مصر في المركز الثالث بين الدول العربية في إجمالي الدخل المحلي حسب القيمة الإسمية (جدول 1)، بينما جاء ترتيبها  في المركز السادس عشر في معدل الدخل الفردي حسب القيمة الإسمية (جدول 3).  وهذا يبرز أهمية استخدام  معدل الدخل الفردي للمقارنة بين مستوى معيشة أفراد المجتمعات في الدول المختلفة.

ويظهر الجدول 3 أن متوسط الدخل الفردي في دول مجلس التعاون الخليجي يتراوح بين أكثر من ضعف متوسط الدخل العربي (235%) في سلطنة عمان إلى قرابة عشرة اضعاف في قطر (984%).  وبالمثل فإن متوسط الدخل الفردي في دول مجلس التعاون يتراوح بين أكبر من متوسط الدخل العالمي (135%) إلى أكثر من خمسة اضعاف في قطر (566%).

ويظهر جدول 3 أن متوسط الدخل الفردي في السودان واليمن وجزر القمر وموريتانيا بلغ ربع متوسط الدخل العربي أو اقل، واقل من 15% من متوسط الدخل العالمي.

أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 : معدل الدخل الفردي حسب القوة الشرائية

يبين الجدول 4 معدل الدخل الفردي في الدول العربية حسب القوة الشرائية. ويظهر الجدول أن جميع دول مجلس التعاون تتصدر العالم العربي في معدل الدخل الفردي، مع إختلاف في ترتيب الدول عند استخدام القيمة الإسمية أو القيمة حسب القوة الشرائية.

وتحتل قطر والإمارات والكويت المراكز الثلاثة الأولى، بينما تتبادل السعودية والبحرين المركزين الرابع والخامس عند استخدام القيم الإسمية أو القيم حسب القوة الشرائية.

ويظهر الجدول 3 أن السودان واليمن وجزر القمر وموريتانيا ومصر،  هي أقل الدول دخلاً في معدل الدخل الفردي وفق القيمة الإسمية (المراكز 16 – 20).  ولكن، عند استخدام معدل الدخل الفردي وفق القيمة الشرائية  انتقلت مصر من المركز 16 إلى المركز 9 ، وانتقل السودان من المركز 20 إلى المركز 18،  وانتقلت جيبوتي إلى مجموعة الدول العربية الأقل الدول دخلاً من المركز 12 إلى المركز 16 عند استخدام معدل الدخل الفردي حسب القوة الشرائية. وهذا يبرز أهمية استخدام  معدل الدخل الفردي وفق القوة الشرائبة لقياس أداء الإقتصاد الكلي العربي 2019 وللمقارنة بين مستوى معيشة أفراد المجتمعات في الدول المختلفة.

ويظهر الجدول 4 أن متوسط الدخل الفردي في دول مجلس التعاون الخليجي يتراوح بين ضعف متوسط الدخل العربي 191%  في سلطنة عمان (مقابل 235% عند استخدام القيمة الإسمية) إلى  أكثر من ستة اضعاف في قطر 634% (مقابل 984% عند استخدام القيمة الإسمية).  ويتراوح متوسط الدخل الفردي في دول مجلس التعاون بين أكبر من متوسط الدخل العالمي (164%) في سلطنة عمان إلى أكثر من خمسة اضعاف في قطر (545%)، مما يعكس تقاربا في مؤشرات الناتج المحلي وفق القيمة الإسمية وحسب القوة الشرائية على المستوى العالمي.

ويظهر جدول 4 أن متوسط الدخل الفردي في السودان واليمن وجزر القمر وموريتانيا قد بلغ 21-36% من متوسط الدخل العربي (مقابل 7-26% وفق القيمة الإسمية)، و18-31% من متوسط الدخل العالمي (مقابل4-15% وفق القيمة الإسمية). وهذا يعكس أهمية استخدام مؤشرات الناتج المحلي وفق القوة الشرائية باعتبارها مقاييس أكثر موضوعية لمقارنة دخول الدول من استخدام  مؤشرات بالقيمة الإسمية.

أوجه القصور  في إجمالي الناتج المحلي

على الرغم من أهمية استخدام إجمالي الناتج المحلي كمؤشر على تطورقيمة الإنتاج في الاقتصاديات الوطنية، وعلى المستوى الإقتصادي والمعيشي لمواطني الدولة،  فإن هذا المؤشر لا يخلوا من كثير من جوانب القصور، كأي مؤشرات عامة أخرى. وعلى سبيل المثال، فإن الإمتحانات العامة تمثل المعيار الأساسي الأفضل لدخول المدارس المتقدمة والجامعات والتعييين في الوظائف، مع أنها لا تعطي مؤشرات قاطعة حول المُمْتَحَنين ولا تخلوا من كثير من العيوب.

وتتصل أوجه القصور في إجمالي الناتج المحلي بشكل عام في دقة البيانات الإحصائية واعتمادها على أسعار الصرف التي تتأثر بالسياسات النقدية، وحجم السلع المتداولة في السوق السوداء (والتي لا توجد قيود رسمية لرصدها، وقد يكون لها قيمة هامة) وحجم الإنتاج للاستهلاك الذاتي (مثل الاستهلاك الخاص من الإنتاج الزراعي، والذي قد يشكل  نسبة هامة جداً من الإنتاج النباتي والحيواني في الدول النامية) ومدى العدالة في توزيع الدخل وحصة نفقات الدفاع وطبيعة المنتجات وقيم وأذواق المجتمع.

ومن بين أهم أوجه القصور أن حسابات الدخل الوطني تقتصر على القيمة النقدية لتلك المنتجات التي تدخل السوق فقط بصرف النظر عن نوعيتها.   و لا تفرق هذه الحسابات بين حليب الأطفال والذخيرة العسكرية، ولا بين  الخبز والسجائر،  ولا بين خدمات دور اللهو (والتي تسهم في زيادة الناتج المحلي) وخدمات التعليم، ولا تعطي قيمة مباشرة لجودة خدمات المدارس والجامعات والخدمات والحدائق العامة والتي تسهم في رفاهية المجتمع.

وقد تشكل قيمة السلع التي لا يجري تداولها في السوق نسبة كبيرة من الناتج الوطني، وحتى في الدول المتقدمة، ويصعب تقديرها بدقة وتضم نشاطات مثل الأعمال المنزلية التي تقوم بها ربات البيوت مثل إعداد الطعام والغسيل وتنظيف الغرف والعناية بالأطفال، وتلك الأعمال التي يقوم بها الناس بأنفسهم مثل أعمال الصيانة المنزلية وزراعة الحدائق الخاصة، وحتى بناء المساكن، ونشاطات الإنتاج المنزلية مثل المتاجرة بالسلع والتمريض المنزلي ورعاية اطفال الغير وصنع الملابس وغيرها.

ورغم ذلك، لا يوجد شيء مثالي. وإجمالي الناتج المحلي ليس استثناء، ويشكل مقياساً للقيمة الناتج ورفاهية الدولة ، مع الأخذ في الإعتبار نقاط الضعف في هذه المقياس، ومراعاة عدم الإعتماد على مقياس واحد.

المصادر

https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD

https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.PP.CD

https://databank.worldbank.org/data/download/GDP.pdf

https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG

https://databank.worldbank.org/data/download/GDP_PPP.pdf

https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.PP.CD?most_recent_value_desc=true

https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_countries_by_GDP_(nominal)_per_capita

https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_countries_by_GDP_(PPP)_per_capita#cite_note-data.worldbank.org-7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *