حدائق المغرب | حدائق المنارة وأكدال … متحف حي للماء والتقنيات المائية في بلاد العرب (3)

حدائق المنارة واكدال التاريخية

تشكل حدائق المنارة واكدال أهم حدائق المغرب، باعتبارها حدائق تاريخية تأسست في القرن الثاني عشر، وهي بذلك أقدم الحدائق النباتية في العالم العربي.

واعتمدت حدائق المنارة واكدال النظام الهندسي الشبكي في فن تصميم الحدائق، بحيث جرت زراعة نوع واحد من الاِشجار المثمرة في مربعات مستطيلة، تكون المسافة فيها بين  الأشجار ثابتة، ويفصلها مسارات متعامدة معها تفصل بين بساتين الأشجار المستطيلة المختلفة الأبعاد باختلاف نوع الأشجار.

واعتمدت حدائق المنارة واكدال في الري على نظام مائي متطور سابق لعصره، يقوم على سحب المياه الجوفية والسطحية من سفوح جبال أطلس التي تبعد قرابة 30 كم عبر قنوات تحت الأرض (تسمى  في المغرب خطارات)، وتتضمن منافذ تهوية واحواض ترسيب. وبذلك تشكل حدائق المنارة واكدال أكبر متحف حي للماء والتقنيات المائية في المغرب والعالم العربي.

 حدائق المنارة : نشأة الحدائق

أطاح  الموحدين بدولة المرابطين التي تأسست في القرن الحادي عشر (1169 م) في بداية القرن الثاني عشر بقيادة عبد المومن بن علي في عام 1147م.  وتمكن عبد المؤمن من بسط نفوذه على شمال أفريقيا والأندلس مؤسساً بذلك أكبر إمبراطورية في غرب المتوسط منذ الإمبراطورية الرومانية.

أنشأ الحاكم الموحدي عبد المؤمن بن علي العديد من المباني في مراكش، وجعل منها عاصمة حركة الموحدين. وكان من بين إنجازاته إنشاء حدائق المنارة Jardin de la Menara في بداية عهده، وأقام في وسطها بحيرة، استخدمت لسقاية أشجار الفاكهة والخضروات المزروعة. وجاء إنشاء الحدائق كبساتين منتجة وحدائق لاستراحة الخليفة.

تم الحفاظ على حدائق المنارة خلال القرون التي تلت حكم الموحدين من قبل المرينيين (حتى القرن الخامس عشر) والدولة السعدية في القرن السادس عشر الذين أقاموا مبنى أو جناح في الحدائق (بجوانب مفتوحة). ثم جاءت الدولة العلوية واستمر حكمها بعد ذلك، والتي تنتمي إليها الإسرة الحاكمة في المغرب.

حدائق المنارة

تم إعادة بناء الجناح الذي أقامه السعديون في عهد العلويين في أواخر القرن التاسع عشر، وتجديد الحدائق في عام 1870.

تقع الحدائق داخل حدود مدينة مراكش الحالية، إلا أنها كانت في وقت بنائها على بعد كيلومترين خارج أسوار المدينة.  وكان هذا الموقع يسمح للحاكم الموحدي عبد المؤمن بالوصول للحديقة بسهولة من منزله داخل أسوار المدينة، إذ رُبطت بوابة الحديقة بطريق مباشر إلى باب المخزن، بوابة المدينة التي يصل مباشرة لقصر الخليفة في المدينة. ولم تعد هذه الشوارع أو قصر الخليفة قائمة، وترتبط حدائق المنارة اليوم بمدينة مراكش من خلال شارع المنارة.

تشكل حدائق المنارة شاهداً على حضارة المغرب الممتدة. ولا تكتسب حديقة المنارة مكانتها من غطاءها النباتي أو تميز تصميمها في الوقت الحاضر، وإنما من عمقها الحضاري، إذ يعود تصميمها السابق لعصره إلى القرن الثاني عشر.

وتتميز الحدائق بالنظام الشبكي للاشجار المزروعة المتمثل في انتظام المسافات بين الأشجار والممرات بين الأشجار، وتقنيات المياه المتمثلة في نظام متطور لتزويد المياه الحكيم للحديقة ولري المزروعات والإستخدام الرشيد  للموارد الطبيعية المتاحة والبناء المعماري التقليدي المغربي في الجناح المطل على بحيرتها.


موضوعات ذات صلة

حدائق عربية في المغرب| حديقة التجارب والحدائق العجيبة في الرباط (1)

حدائق المغرب | حديقة ماجوريل في مدينة الحدائق… مراكش (2)

حدائق عربية | حدائق مصر| حديقة الأزهر

حدائق عربية|حدائق مصر|حدائق القاهرة والإسكندرية

حدائق عربية| حدائق الإمارات العربية المتحدة| الحديقة المعجزة وجنة العين

حدائق عربية| حديقة التجارب بالحامة في الجزائر


حدائق المغرب : موقع ومكونات حدائق المنارة

تطل جبال الأطلس على منظر بانورامي لحدائق المنارة في المدينة التراثية العالمية مراكش؛ مدينة الحدائق.

وحدائق المنارة هي حدائق نباتية ، وجاء اسم المنارة من السقف الهرمي الأخضر الصغير للجناح، إذ أن أي مبنى يقع على ارتفاع عالٍ يُعرف محليًا باسم المنارة، على الرغم من أنه قد لا يكون هناك منارة فعلياً ، كما في حدائق المنارة.

وتمتد حدائق المنارة على مساحة تزيد على 100 هكتار، وتقع على مقربة من مسجد الكتبية  الذي بني في فترة سابقة للحديقة في عهد الخليفة عبد المؤمن.

يمكن الوصول للحدائق من خلال طريق دخول رئيسي (الظاهر في الصورة الجوية اعلاه) أقيم منذ العهد العلوي يمتد بعرض يقارب 20 متراً من البوابة الرئيسية على الجهة الشرقية للحديقة، وهو معبد بالخرسانة الحمراء والبلاط المربع بنمط متكرر. ويصل هذا الطريق إلى مبنى او جناح أقيم على طراز العمارة المغربية.

يتوسط الحدائق مبنى مفتوح الجوانب Pavilion، ولذلك يسمى جناحاً، وقد اقامه السعديون في القرن السادس عشر وجدده العلويون في القرن التاسع عشر، وكان يستخدم كمقر صيفي للحكام.

يُطل  مبنى الجناح على بحيرة تمتد على مساحة تزيد عن  3 هكتارات في مكان متوسط من الحدائق كما تبين الصورة الجوية أعلاه.  وقد أنشأت البحيرة لري الحدائق وبساتين الأشجار المثمرة والآلاف من أشجار الزيتون المحيطة بالحديقة.

وتزود البحيرة بالمياه  باستخدام نظام متطور من قنوات تحت الأرض بفضل نظام هيدروليكي قديم سمح بنقل المياه من الجبال الواقعة على بعد حوالي 30 كم من مراكش.

وجاءت إقامة حدائق أكدال في مراكش ، والحدائق النباتية في سبتة وفي إشبيلية على غرار حدائق المنارة.  وقد بنيت حدائق أكدال في مراكشحول حوض مائي مركزي تُغذيه قنوات مائية أو مياه الأمطار أو المياه الجوفية لري النباتات المحيطة.

حدائق المنارة هي أشهر حدائق مراكش، وتضم عدداُ كبيراً من المسارات بين أشجار الزيتون، وأجمل جزء من  مساحتها الخضراء هو البحيرة. وتطل المنطقة المحيطة بالبحيرة على جبال الأطلس الكبير، وتكثر في البحيرة اسماك الشبوط النهرية ، ويشكل إطعامها أحد اهتمامات بعض زوار الحديقة.

وتمثل حدائق المنارة متنفساً لسكان المدينة المحليين، أكثر من كونها هدفاً رئيسياً للسياحة البيئية، كما في حالة حديقة ماجوريل.  وقد اعتبرتها اليونسكو في عام 1985، شأن حدائق أكدال، من بين المعالم الهامة للتراث الثقافي العالمي لمدينة مراكش .

حدائق المغرب : الغطاء النباتي وتصميم حدائق المنارة

تشغل غالبية مساحة حدائق المنارة أشجار الزيتون،  وبشكل محدود أشجار فاكهة وأشجار السرو.  وقد زرعت أشجار الزيتون في نظام  شبكي تكون المسافة فيها محددة بطول 10 م، مما أعطى الحديقة نمطاً منتظمًا من المناظر الطبيعية. وتتوافق المسارات الترابية عبر الحديقة بين صفوف الأشجار، والتي يبلغ عرضها 10م مع تصميم الحديقة، وتقسم حقل الحدائق إلى حوالي 25 قسيمة أو وحدة  مستطيلة بأحجام وإعدادات مختلفة.

تقع البحيرة في وسط الحدائق وهي محاطة بحوائط مرتفعة. ويمتد خط الطول بين الشمال والجنوب للحدبقة باتساق مع التصميم الشبكي للحدائق،  من أجل توفير الري للبساتين المحيطة دون الحاجة إلى ضخ مستمر. وتمتد شبكة من قنوات الري تعتمد على الجاذبية لتصريف المياه من الخزان الرئيسي تتوزع عبر الحدائق.

وتتلقى البحيرة المياه من خلال سلسلة من قنوات الري السطحية التي تنشأ من طبقة المياه الجوفية المرتفعة في جبال الأطلس. وتُعرف قنوات الجاذبية البعيدة المدى هذه باسم القناة أو الخطارة (القنوات تحت الأرض)، وقد تم توظيف هذه التقنية المميزة على نطاق واسع في وسط وجنوب المغرب لإنشاء واحات صالحة للسكن في المناطق الجافة ولري بساتين النخيل.

ويحيط الجناح المقام في الحدائق من طابقين والمطل على البحيرة، حديقة صغيرة مغلقة مزروعة بشكل كثيف بمجموعة واسعة من الأشجار والنباتات المزهرة . ويبلغ طول الجناح 12 م وارتفاعه 14 م. وحواف المبنى في الواجهة الجنوبية من الطوب الأحمر، وسقفه  الهرمي من الخزف (القرميد) الأخضر المبين بالصورة الرئيسية.  ويتميز الجزء الداخلي من المبنى بالعديد من أعمال الجص (الجبصين) المنحوتة والمتعددة الألوان التي تُبر فنون العمارة المغربية العريقة.

حدائق أكدال

حدائق اكدالنشأة الحدائق

شيدت حدائق أكدال من قبل الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي الذي حكم من 1130 إلى 1163 في عام 1157 بعد وقت قصير من إنشاء حدائق المنارة وعلى مسافة غير بعيدة عنها، ولنفس الأغراض الإنتاجية وكمقر خاص للخليفة، وتدريب الجنود على السباحة.

تقع حدائق أكدال في جنوب مدينة مراكش، وهي حديقة عامة مفتوحة للزوار يومي الجمعة والأحد بشكل عام.

وجاء إنشاء الحديقة بسمات إسلامية، إذ أقيمت  الحديقة حول أحواض مستطيلة كبيرة للمياه تسود فيها الاشكال الهندسية المربعة او المستطيلة على طرق متعامدة في الوحدات المزروعة بالأشجار ونباتات أخرى. وتضم الحديقة مباني تسمح نوافذها بالإطلال على جهات الحديقة الأربعة واحواض المياه، كما أن الحديقة محاطة بسور خارجي ولها مدخل معين.

وجاءت تسمية الحديقة ” أكدال” من مصطلح بربري يعني المرج المحاط بجدار حجري، أي حديقة مسورة.

وتسمى حدائق أكدال أيضا جنان الصالحة باعتبارها جنة ارضية من أقدم الحدائق الحية في العالم بنباتاتها وأشجارها المُثمرة منذ قرون ممتدة ومساحتها الكبيرة وأحواض المياه التي تتوسطها .

وقد تم إعادة تأهيل الحدائق في القرن السادس عشر في عهد السعديين وأسموها روض المسرة أو حدائق السعادة. كما أعيد تأهيلها في عهد الأسرة العلوية في منتصف القرن التاسع عشر، وتم بناء مقر ملكي وهو دار البيضاء (البيت الأبيض) والذي لا زالت الأسرة المالكة تستخدمه عند افقامة في مراكش.

تم إدراج حدائق حدائق مراكش التاريخية أكدال والمنارة كموقع تراث عالمي لليونسكو في عام 1985، كجزء من مدينة مراكش، في قائمة التراث العالمي لليونسكو، لأبعادها الثقافية باعتبارها بيئة طبيعية صممها وأوجدها الإنسان.

تصميم حديقة أكدال

حديقة أكدال مستطيلة الشكل بشكل أساسي يبلغ طولها أكثر من 3 كم  وعرضها يزيد عن  1.3 كم ، وتزيد مساحتها عن 400 هكتار (وتقدر مساحتها بعض المصادر  بـ 500 هكتار)، وهي بذلك أكبر من حدائق المنارة بأكثر من 4 مرات.

 صممت حدائق أكدال على نمط شبكي (كما الشكل ادناه)، بحيث زُرعت الأشجار والشجيرات المختلفة في شبكات يتراوح عرض صفوفها بين خمسة أو عشرة أمتار، اعتمادًا على نوع الشجرة أو النبات، حيث يتم زراعة نوع واحد من النباتات في كل مستطيل وبمسافات ثابتة كما يبين المنظر العام للحديقة أعلاه.

وينقسم الموقع بأكمله بشبكة من المسارات ، بحيث زرعت المسارات داخل الحديقة بصف واحد من أشجار الزيتون المزروعة على مسافة عشرة أمتار. وبذلك تتوزع الحدائق إلى بساتين كبيرة وصغيرة حسب نوع الأشجار.

تضم الحديقة حوضين للمياه لأغراض ري الحدائق،  في الجزء الجنوبي الظاهرة في المنظر العام للحديقة أعلاه. وقد استخدم الحوضين لري الحدائق ولتدريب الجنود على السباحة ولأغراض مياه الشرب بداية.

ويتزود الحوضين بالمياه من خلال خطارة Khettera (كما سنعرض ذلك لاحقاً)، وهو نظام هيدروليكي تم إنشاءه في القرن الثاني عشر لنقل المياه من جبال الأطلس الكبير الواقعة على بعد 30 كم تقريبًا من مراكش عبر شبكة من القنوات تحت الأرض بقوة الجاذبية. وتضم أحواض الحديقة:

•  حوض المنزه أو حوض الهناء ( خزان الصحة : 205× 180م)، وهو الخزان الأكبر ويتسع 200 ألف متر مكعب. وقد استخدم حوض المنزه لاحقًا كنموذج لأحواض مماثلة في حدائق في الرباط  وإشبيلية.

•  حوض غرسيا (200 × 150) ويضم جزيرة مربعة صغيرة بمساحة 16 م تضم جناحاً صغيرا يمكن الوصول إليه عن طريق القوارب. ويمنح الجناح منظرًا خلابًا عبر المياه إلى تيجان الأشجار التي تملأ البساتين المحيطة.

ويجاورحوض المنزه جناح بسيط يعرف باسم دار الهنا (30×80 م) كان يسمح للملك وضيوفه بالإطلال على حوض المياه ومراقبة تدريبات السباحة وركوب القوارب.

وتضم حدائق أكدال قصر دار البيضاء في شمال غرب الحديقة ، أقيم قبل قرابة قرنين، ويعود هذا القصر للأسرة المالكة التي تستخدمه عند إقامتها في مراكش.

الزراعة في أكدال

الغطاء النباتي لحدائق أكدال

تم إنشاء حديقة أكدال والمنارة اعتماداً على حلول هندسية لنظام متطور لإدارة المياه سابق لعصره، فضلاً عن الاختيار المناسب للنباتات وتصميم زراعة الأشجار.

وخلافاً لحدائق المنارة التي تسودها أشجار الزيتون، تغطي مساحة حدائق أكدال بساتين منتجة تشمل الحمضيات مثل البرتقال والليمون  (قُرب أحواض المياه) والزيتون والتين والجوز والمشمش والرمان في أحواض مستطيلة الشكل تختلف مساحاتها حسب نوع الأشجار  (كما يبين الشكل أعلاه)، ويفصل بين هذه البساتين  ممرات تصطف على جانبيها أشجار الزيتون.  وقد تم توفير بعض غراس الأشجار من أماكن بعيدة من مصر عند إنشاءها.

ويضم الغطاء النباتي أشجار غابية مثل السرو  والبطم الأطلسي  Pistacia atlantica وشجيرات مثل القطف  Atriplex والعليق وأعشاب الخبيزة Malva sp.  والهليون Asparagus albus والإفيدرا (ذنب الخيل)  Ephedra fragilis.

ويحيط الحديقة بجانب اسوارها نباتات الريحان Myrtles   والبيلسان Black elderberries  ونباتات مزهرة مثل الورود والياسمين.

 نظام إدارة المياه: الخطارة  

الخطارة هي تقنية متطورة قديمة تتيح استغلال موارد المياه الجوفية (والسطحية موسمياً) في الري، والتي  ترجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

استخدمت هذه التقنية بشكل واسع في دول كثيرة في الصين  وبلاد فارس وأميركا اللاتينية وأوروبا. أو أوروبا الغربية.   وتسمى في المعرب خطارة وفي الجزائر فجارة Fouggara ، وفي عُمان افلاج  Aflaj  (والإمارات والسعودية) وقنوات في سوريا Kanawat   ومينا أو جاليريا في إسبانيا Mina or galerias  وكيراز في أفغانستان  Kiraz ، و كاريز في الصين Karez  وقناة في إيران Qanat .

ما هي الخطارة ؟

الخطارة Khattara هي نفق او قناة تحت الأرض يجمع الماء من مستوى المياه الجوفية في قاعدة منطقة جبلية (سفوح الجبال) التي تستقبل الكثير من الأمطار، فضلاً عن المياه السطحية في موسم الأمطار وذوبان الثلوج. ويمتد النفق إلى مخرج سطحي في واحة أو قرية باستخدام التدرج الطبيعي للأرض كما يبين مخطط الخطارة أدناه.

يوجد على امتداد نفق أو قناة مياه الخطارة تحت الأرض، فتحات أو  منافذ  أو مناهل عمودية كل 10 – 30 م لتوفير نظام للتهوية ومنفذاً لصيانة نفق المياه من الترسبات والمعوقات.  وتكون إدارة وصيانة الخطارة هي مسؤولية جماعية للمجتمعات المستفيدة من مياه الخطارة  من خلال المساهمة في العمل اللازم او في تكلفة الصيانة.

وينطبق هذا التعريف لمفهوم الخطارة على الفجارة في الجزائر وعلى الأفلاج الداوودية (العدية) في سلطنة عمان.

وقد تم توظيف الخطارات على نطاق واسع سابقاً في وسط وجنوب المغرب لإنشاء واحات صالحة للسكن في المناطق الجافة.

الخطارة: نظام إدارة الري في حدائق المنارة واكدال

إنشاء وتشغيل الخطارة

نقطة البداية في إنشاء الخطارة هي تحديد خزانات المياه الجوفية الناجمة عن ترسب وتجمع مياه الأمطار في أماكن جبلية مرتفعة، يساعد تكوينها الجيولوجي على خزن المياه فيها وعدم تسربه منها.

ويجري حفر بئر عند طرف خزان المياه الجوفية لمعرفة عمق الماء في ذلك الخزان المائي، بهدف تحديد طول المسافة على سطح الأرض بين النقطة الأولى عند مستوى الماء في الخزان الجوفي، والنقطة الثانية عند  المستوى السهلي المطلوب إيصال الماء وهو سطح البساتين أو الواحات المستفيدة من تلك المياه.

وتتوقف المسافة الأرضية أو طول الخطارة على مدى او شدة إنحدار السفح الجبلي؛ فإذا كان الإنحدار شديدا قصُرت المسافة وإذا كان قليلا طالت المسافة.  ويراعى عند الحفر التدرج في عمق القناة أو النفق لتيسير جريان الماء بطريقة منتظمة.

ويتراوح طول الخطارة بين عدة مئات من الأمتار إلى ما يزيد عن 20 كم.  وهذا يعتمد على التدرج المائي و ميل الأرض ومستوى منسوب المياه. ويختلف تدفق المياه عند المخرج السطحي، وبتراوح بين 2 إلى 20 لتر / ثانية.

ويتم بناء الخطارات التقليدية يدوياً من قبل مجموعة صغيرة من العمال المهرة . و تبدأ الخطارة بحفر بئر رئيسي بعمق 10-30 م وهو البئر الأم.    ويلي ذلك شق نفق لجمع وتصريف المياه، ثم  خط نقل المياه في نظام الري.  ويجري أخيراً إنشاء قنوات توزيع أو تصريف المياه وفق حقوق المياه إلى الحقول أو وحدات الزراعة أو لمياه الشرب للقرية.

وتتوقف حقوق المياه على مساهمة المستفيدين في نفقات إنشاء القناة أو في قوة العمل التي قدموها، وتحدد عدد الأسهم المخصصة والفترة الزمنية المستحقة دورياً، أو عدد ساعات الري أو أجزاءها.  وقد يتم تخزين التدفق الخارجي للخطارة في أحواض مياه أو خزانات لاستخدامها في الري وسقاية الحيوانات، كما هو الحال في حائق المنارة وأكدال.

ويشرف شيخ الساقية أو حارس المياه المعين من المجتمع والمسمى “السرايفي”  على توزيع المياه (غير المخزنة او المخزنة في أحواض كبيرة) على الأشخاص المستحقين من خلال قنوات محددة وفقًا لدورة الري التي تتراوح بين 7 أيام في الصيف و 15 يومًا في الشتاء.

وقد ينشا على الخطارة نمط زراعي قائم عى تنويع الزراعة، يعتمد على أشجار النخيل وأشجار الزيتون التي تتحمل ظروف الجفاف، واستخدام المساحات البينية لزراعة القمح والشعير والذرة والبرسيم والفواكه والخضروات.

ولا يزال هناك خطارات قائمة، ولكنها تختفي تدريجياً بسبب تناقص أهمية الزراعة النسبية في إجمالي الدخل المحلي وكمصدر للدخل للسكان (ولكن القيمة النقدية للمساهمة في الدخل المحلي قد تكون متزايدة)، إضافة لحفر الآبار وضخ المياه الجوفية وبالتالي انخفاض منسوب المياه، مما يجعل الخطارات عديمة الفائدة.

وقد شرعت الحكومة المغربية في عملية إعادة تاهيل هذه التقنيات القديمة لإدارة المياه بالتعاون مع منظمات دولية وغير حكومية ومراكز متخصصة لإعادة تنشيط هذه النظم التقليدية في واحات مختلفة.

المصادر

https://bit.ly/2QqZ89v

https://archnet.org/sites/4744

http://eng.l-eau-du-desert.com/ledd/khettaras

http://arcwh.org/filePdfs/CH-of-water_201507_opt-1.pdf

http://www.hydriaproject.info/en/cases/morocco/water_works.html

https://www.doaks.org/resources/middle-east-garden-traditions/catalogue/agdal-garden

https://medomed.org/featured_item/historic-gardens-of-marrakesh-agdal-and-menara-gardens-morocco/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *