جهاد مصطفى| منقذ السيقان في أميركا… طبيب عربي من لبنان

د جهاد مصطفى منقذ السيقان من لبنان

 جهاد مصطفى: منقذ الأطراف في أميركا

الأطباء العرب في الولايات المتحدة

يختار كثير من الاطباء العرب الهجرة بعد التخرج لأسباب متعددة من بينها البطالة، أو قلة فرص التقدم الوظيفي، أو ندرة مجالات البحث العلمي، أو لأسباب سياسية من الدول العربية غير المستقرة.

ويختار معظم الأطباء المهاجرين التوجه لدول الخليج العربي عندما تكون دوافع الهجرة مادية.

ويتجه أطباء آخرون من ذوى الإهتمامات المهنية أو البحثية أو مواصلة الدراسة أو سعياً لفرص عمل في بيئة عمل متقدمة إلى دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة من دول مثل العراق ومصر والأردن وفلسطين أو فرنسا للأطباء من لبنان أو المغرب العربي أو ألمانيا للسوريين خاصة.

وكان عدد الأطباء العرب في ألمانيا في عام 2017 من غير حاملي الجنسية الألمانية قرابة 6 آلاف، نصفهم من السوريين.  وتوزع النصف الآخر على الجنسيات المصرية (18%) والليبيية (14%) والأردنية (12%)  والعراقية واليمنية.

وقدر عدد الأطباء العرب خلال الفترة 06-2008 المقيمين في الولايات المتحدة قرابة 11 الف طبيب، وفي فرنسا قرابة 5 آلاف طبيب وفق رئيس اتحاد الأطباء العرب في أوروبا.

وشكل الأطباء العرب 34% من مجموع الأطباء العاملين في إنكلترا في عام 2012، وفق رئيس اتحاد الأطباء العرب في أوروبا أيضاً.   وكان هناك 5 آلاف طبيب عراقي قي المملكة المتحدة في عام 2009.

وسنتناول في المقالة التالية قصة نجاح وإنجازات الطبيب جهاد مصطفى والإشارة لإبن شقيقته الطبيب فادي صعب من لبنان، وهما مجرد مثال لآلاف من قصص النجاح لأطباء عرب متميزين في الدول المتقدمة ضاقت عليهم بلادهم، فوجدوا الملاذ الآمن في بلاد الغرب ليشكلوا نخبة من العلماء لهم إسهامات فاعلةً علمياً وثقافياً في خدمة الإنسانية وتقديم الخير والنفع للبشرية جمعاء.


موضوعات ذات صلة
جهاد مصطفى| منقذ السيقان في أميركا… طبيب عربي من لبنان
الطبيب العربي أسامة إبراهيم من مصر … الوحيد الذي يمارس مهنة الطب في اليابان
سميح دروزة | مؤسس الحكمة للأدوية في الأردن .. نقل الشركة والدواء العربي للعالمية
زها حديد| سيدة العمارة في العالم من العراق
كريم جعفر من المغرب| سفير الثقافة العربية في فرنسا
إقبال الأسعد | أصغر طبيبة في العالم من فلسطين

شكل 1 : نشأة جهاد

الدكتور جهاد مصطفى منقذ السيقان

ولد مصطفى في بنت جبيل في جنوب لبنان في عام 1967 (الخريطة في شكل 1) ونشأ خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، التي امتدت خلال الفترة 75 – 1990 .

كان والده، علي ذيب مصطفى، يعمل في تجارة مواد البناء في البلدة، وكان إنساناً متفائلاً ورجل أعمال ناجح وعصامي. كانت اسرته كبيرة؛  12 طفلاً ومن بينهم 6 بنات، وكان ترتيب جهاد بين أشقاءه الرقم 10. وقد دعم الوالد أسرته بكل الطرق الممكنة لهم وأراد لها أن تكون سعيدة ، ودفعت الوالدة رُنجس بيضون أولادها دومًا إلى النجاح.

كان سكان منطقة بنت جبيل يعتمدون في حياتهم على زراعة الفواكه والتبغ وعلى الوظائف الحكومية. وبدأت الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 وامتدت إلى عام 1990، وغيرت كل شيء.

هاجر معظم السكان في وقت كانت فيه  أبواب الهجرة مفتوحة إلى أميركا في تلك الفترة.  وبدأ الناس يأخذون بأيدي بعضهم بعضاً إلى ديتريوت في الولايات المتحدة الأميركية حيث تشكلت بنت جبيل جديدة،   وهاجر إليها ما يزيد على ثلثي السكان.  واعتمد من تبقى من أسر المغتربين على الحوالات التي تأتيهم من أفراد الأسرة المغتربين.

لم يتمكن الوالدين من الحصول على مال يكفي لهجرة عائلة من 14 فرداً إلى خارج لبنان. وهكذا عندما كان جهاد في عمر 18 سنة ، في عام 1985،  قرر وأخيه نبيل الهجرة، على أن يهاجر جهاد أولاً.

لم يكن هناك فرصة للتفكير في أي شيء ووجد جهاد نفسه على متن الطائرة متجهاً إلى  نيويورك،  يفكر فيما عساه أن يفعل لتعلم اللغة الإنجليزية وللحصول على عمل.

هبطت طائرته في مطار جون كينيدي  وهو يحمل مبلغ 80 دولار وقليل من الملابس.  وقف في خارج المطار مشدوها! كان كل شيء نظيفًا في نيويورك، وأخذ ينظر إلى الجميع؛ وجاء حلمه من هناك.

أراد أن يٌصبح فيزيائيًا نوويًا وأن يكون شخصًا له بصمته في الحياة ويكون مثل هؤلاء الرجال، يرتدي بذلة رسمية للعمل وتنتظره سياراته في الخارج.

لم يكن هناك أحد ليصطحبه من المطار.  كانت إحدى شقيقاته في نيويورك، لكنه لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية استخدام الهاتف للاتصال بها.  شاهد مجموعة من الطلاب الفرنسيين والسياح، وطلب مساعدتهم، إذ كان لديه إلمام باللغة الفرنسية، وساعدوه في في الاتصال بأخته وصهره بمكالمة مدفوعة الأجر، وجاءوا لالتقاطه من المطار.

في اليوم التالي مباشرة، كان قد بدأ يبيع المظلات والزهور في زاوية شارع العشرين وبرودواي. عاش مصطفى مع أخته، وكان يأكل مرة واحدة فقط في اليوم لتوفير المال في بعض الأحيان. وفَر كل سنت حصل عليه، والتحق بمدرسة ليلية لتعلم اللغة الإنجليزية.

بعد شهرين، انضم إليه شقيقه نبيل في نيويورك، وانتقل الإثنان إلى ديربورن في ولاية ميتشغان، حيث يستقر أقارب آخرون وسط عدد كبير من السكان العرب .

حصل على وظيفة في ديربورن لتنظيف الحمامات في مطعم Bigboy مقابل 3.35 دولار في الساعة، ثم انتقل إلى مطعم  Busboy  لغسل الصحون.

التحق بكلية مقاطعة واين المجتمعية، وعندما لاحظ أن الجميع كانوا يكافحون في فصل الفيزياء ، كانت فرصة له لتقديم دروس خصوصية، و سرعان ما كان لديه عدد من الطلاب يدفع كل منهم 7 دولارات في الساعة.

جهاد مصطفى : طبيباً

كان نبيل، شقيق جهاد الأكبر منه يحلم بأن يكون طبيباً عندما جاء إلى أميركا.  غير أن جهاد صدم عندما أطلقت النار على أخيه نبيل وقتل، وشعر أن الأمور ليست تحت سيطرته كما كان يظن.

تلك كانت لحظة فارقة غيرت مسار حياته، كان من المهم جداً أن يكون نبيل طبيباً. وكان عليه أن أن يغادر حلمه في أن يصبح فيزيائياً ونووياً، ويتحول لدراسة الطب تحقيقاً لحلم أخيه.

كان موت نبيل، ما دفع جهاد ليكون طبيباً، وليصبح فيما مبع منقذ السيقان. وقال جهاد؛ تلك كانت طريقة الله في جعل الأشياء تعمل.

تقول زوجته  لوري إن وفاة اخيه نبيل الذي كان يحم بأن يكون طبيباً  قد غيرت حياته. ولما لم يتمكن في الوقت المتاح من اجتياز متطلبات اللغة لكلية الطب في واين، التحق في كلية للطب في جامعة سانت جورج في جرانادا في منطقة البحر الكاريبي، وتخرج من كلية الطب في عام 1955، وتزوج في عام 1996.

قضى د. جهاد فترة الإقامة  في مركز سبكتروم هيلث Spectrum Health Blodgett Hospital في جراند رابيدز، وفترتي زمالة في جامعة لويزيانا في نيوأورلينز في أمراض القلب وفي تداخلات أمراض القلب. كما حاز على شهادات معتمدة في أمراض القلب التداخلية من الجمعية الأمريكية للأمراض الباطنية، وشهادة في أمراض القلب وشهادة في الأمراض الباطنية وشهادة في جراحة وتداخلات القلب من المجلس الوطني للأطباء والجراحين، وشهادات  لممارسة مهنة الطب في ولايتي ميتشغان وتكساس وشهادة  في تبني سجلات المرضى الإلكترونية،  وله عدد كبير من الأبحاث المنشورة.

وحصل د. جهاد مصطفى على زمالة (عضوية) الكلية الأمريكية لأمراض القلب  FACC  وهي شهادة اعتراف بالإنجازات المهنية، وعلى زمالة جمعية قسطرة ومداخلات القلب والأوعية الدموية FSCAI، وهي علامة على التميز بين أخصائيي تداخلات القلب.

يعمل في وحدة المعالجة والأبحاث للأمراض الوعائية  الدموية في مستشفى مترو Metro Health Hospital ويوصف في الولايات المتحدة بانه منقذ السيقان ،The Leg Saver،  وهو رئيس المركز المتقدم لأمراض القلب والأوعية الدموية ومنع البتر، و يمارس حالياً لأمراض القلب والأوعية الدموية في مدينتي ويومنج وجراند رابيز في ولاية ميتشغان.

شكل 2: جهاد طبيباً لامعاً

جهاد مصطفى: الجراح والمبتكر من لبنان المعروف بإسم منقذ السيقان

عرف الدكتور ويليام باير، د.جهاد مصطفى لمدة 17 عامًا عندما كان رئيسًا له مقيمًا في الطب الباطني منذ سنوات في برنامج الإقامة في سانت ماري. والدكتور باير كان كبير الأطباء  والمدير التنفيذي السابق لمعهد فان أنديل للبحوث في ميشيغان.

ويقول د. باير أن سمعة جهاد تنمو بسرعة فائقة، إنه مبتكر للغاية وذو قدرة على استشراف المستقبل قبل كثيرين من أقرانه،  وهناك بٌعد هندسي وفيزيائي في طريقة نظرته للإمور.

ويقول جهاد أن الأفكار العظيمة كثيراً  ما تأتيه أثناء رحلاته الجوية، حيث تمر عليه لحظات مذهلة تتوارد فيه الأفكار بوضوح. وقد تقدم جهاد بـ 38 طلب الحصول على  براءة اختراع للأجهزة الطبية التي قام بابتكارها أو تطويرها.

وكثيراً ما عمل جهاد على تقنيات معروفة سابقاً لاستخدامات أخرى، وطورها لاستخدامها في التدخلات العلاجية والجراحية للأوعية الدموية.

وتضم قائمة إبتكاراته 20 إختراعاً في مجال التدخلات العلاجية والجراحية للأوعية الدموية ومن بينها مرشح للأوعية الدوية الطرفية (2018)، ووحدة قسطرة قابلة للتوسع (2017) و3 وحدات لاختراق الأنسجة المصابة لأغراض القسطرة (2017 و 2018 ) ووحدة لتزويد الإنسجة المصابة بالأدوية داخل الجسم (2011)  ووحدة دعم للتدخلات العلاجية (2008) ودعامات للشرايين بالبالون وغيره (2004 و 2006) وعدد آخر من الإبتكارات.

وكانت قراءة جهاد لكتاب بعنوان “الموهبة لا تكفي أبدًا  Talent is Never Enough “ لجون ماكسويل، كان قد وجده بين الصحف والمجلات في أحد المطارات،  مصدر إلهام  كبير له وغيرت من حياته. عمل بكل شيء قاله المؤلف، وأحاط نفسه بالأشخاص الذين يستطيعون جعله ينتقل للمستوى الأعلى.  وعمل مع مهندسين ومحاسبين وأسس شركات لبيع الأجهزة الطبية التي اخترعها ومنها شركة ابتكارات نبيلNabil Innovation .

 جهاد مصطفى: كيف بدأت مهمة إنقاذ الأطراف

بدأ الأمر في عام 2005، عندما جاءت إلى د. جهاد مصطفى مريضة تبلغ من العمر 52 عامًا مصابة بالتهاب وتصلب شرايين حاد في الساق. حاول العديد من الأطباء فتح الإنسدادات  في الشرايين، لكنهم فشلوا، و قيل لها أنه لابد من بتر ساقها.

كان جهاد مصطفى قد أمضى 6 سنوات في مركز القلب في غرب ميشيغان، وكان يبحث في تطوير جهاز يستخدم لتنظيف انسدادات الشرايين المؤدية إلى القلب، وظن أنه إن كان هذا الجهاز يعمل في القلب، فيجب أن يعمل في الساق.

كان زملاؤه متشككين في نجاح فكرته، وحذرته الشركة التي صنعت هذا الجهاز من أنه مخصص للاستخدام فقط على القلب. غير أن الجهاز الذي طوره جهاد كان فعالاً،  واستطاع أن يخترق شرياناً مسدوداً تماماً في غضون خمس دقائق. وهكذا نجح في اختراق ما بدى أنه مستحيلاً، بتجربة شيئ ًتم اختراعه كلياً لشيء آخر.

جهاد مصطفى: الطب في خدمة الإنسانية

يقول الدكتور ويليام باير أن جهاد غالباً ما يتمكن من إنقاذ ساق مرضى يعانون من حالات تصلب شرايين الساق الحادة عندما تتركز مشاكلهم على خلل في إمدادات الدم.

ويقدر أن هناك ما بين 220 –  240  ألف حالة مهددة بالبتر  تشمل الساقين والقدمين وأصابع القدمين في الولايات المتحدة وأوروبا، و التي تُعزى إلى نقص تروية الدم ( تصلب الشرايين المتقدم) أو التهابات في الشرايين.

ومن المهم في الحالات التي يوصى بها بالبتر، الحصول على رأي ثانٍ، بناء على صورة أشعة  للأوعية الدموية لدراسة حالة الانسداد في الشرايين.  ويقدر أنه في  67٪ من حالات مرضى تصلب الشرايين الحاد معرضين لعملية البتر،  ومن الممكن تجنب عمليات البتر لكثيرين منهم باستخدام العلاجات والحد الأدنى من التدخل الجراحي لإعادة تدفق الدم إلى الأطراف.

غير أن البتر قد يكون هو الحل الأفضل في الحالات المعقدة في بعض الحالات، عندما تكون هناك مشاكل كبيرة شاملة في الشرايين والعظام والأعصاب والعضلات، و في حالة سرطان العظام أو الإصابات البدنية الشديدة (سحق الأطراف). وربما يكون العلاج الجيني قادراً على المساعدة في بعض الحالات المعقدة في المستقبل.

والبتر هو إجراء شديد الأثر، وله العديد من الإرتدادات الصحية المرتبطة به .  وكثيرا ما يعقب فقدان المرضى الأطراف تدهور كبير في الحالة الصحية والمعنوية، ويرتفع معدلات الوفيات، ويزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لأن من شأن استلقاء المريض على السرير أو جلوسه على كرسي متحرك، تعريضه بشكل أكبر لخطر الإصابة بجلطات دموية تهدد الحياة.

وتشير دراسة إلى أن معدل الوفيات بعد تشخيص CLI لخمس سنوات أعلى من أنواع كثيرة من السرطان، الأمر الذي يؤكد على خطورة المرض، وأن أكثر من 50% من المرضى سيموتون خلال خمسة سنوات.  كما أن متابعة ومعالجة المرضى أعلى تكلفة بكثير وأكثر عبئاً على مؤسسات التأمين.  ولذلك، يكتسب تجنب أو منع البتر أهمية كبيرة لتحسين جودة وفترة الحياة، وأقل تكلفة على الأفراد والجهات المؤمنة.

ويقول د. جهاد إنه كثيراً ما يجد الشرايين مفتوحة عند التشخيص العملي،  رغم أن  الفحوص السابقة أشارت إلى انسداد الشرايين وإلى التوصية ببتر الأطراف. وبالتالي، فإنه من الممكن تجنب البتر في حالات كثيرة، ولكن ليس بالطبع جميع الحالات.

وذكر تقرير لشركة Terumo التي تقوم بتصنيع المعدات المستخدمة في العملية.تفتح الشرايين، أن عملت البتر طالت 10%  من مرضى تصلب شرايين الأطراف في الولايات المتحدة في الفترة 2000-2004 . وقد  انخفض هذه النسبة إلى 4.3 % في الفترة 2006-2008، الأمر الذي يؤكد على إمكانية إنقاذ الأطراف.  ولابد دائماً من الحصول على صورة للأوعية الدموية أسفل وفوق الركبة، وفي أكثر من 90% من الحالات،  يمكن القيام بشيء مختلف من المرجح أن يمنع البتر.

وتجري عمليات تسليك أو فتح الشرايين باستخدام  تقنيات تصوير الأوعية الدموية والموجات فوق الصوتية لعرض الشرايين تحت الركبة . ومن التقنيات التي يستخدمها د جهاد  هي دخول الشرايين من خلال الكاحل، بدلا من الوصول إلى شرايين الساق من خلال الفخذ، مما يقصر من  الإجراء، ويسمح للمرضى بالمشي مرة أخرى في وقت أقرب.

شكل 3: تصلب الشرايين والقساطر المستخدمة في إزالة الإنسدادات

ويقوم د. جهاد مصطفى بقسطرة (فتح) الشرايين والأوردة المغذية لفتح الأوعية(شكل 3)  وتحسين الدورة الدموية باستخدام أنابيب القسطرة. وهو عمل بطيء ومضني ومثير للمشاعر؛ فعندما يشعر المريض أنه على وشك فقدان جزء من جسمه، فإنه يشعر بتعلق قوي به، ويكاد يستصرخ طبيبه ليفعل شيئاً وأن يبذل ما وسعه الجهد لإنقاذ ساقه.

ويقول د جهاد أنه يشعر بالنشوة عند اخبار مريضه ،أنه ما زال بإمكانه المشي وفي حالة لمريضة، كان الأطفال يبكون في غرفة على أمهم المريضة خوفاً من بتر ساقها.  وكان  الإنفعال يسود عملية قسطرة شرايين ساق المريضة، ومن حسن الحظ أنها لا تزال حتى اليوم تحتفظ بساقها، بعد سبع سنوات من إجراء العملية.

وقد ذكرت شقيقة د. جهاد  أن سيدة خمسينية من الدومينيكان كانت تعاني من مرض تصلب شرايين الساق وتلف أنسجة القدم.  وقد سمعت هذه السيدة أن الطبيب جهاد مصطفى يمكنه علاجها (الظاهرة في شكل 2) وأنه سيكون في جمهورية الدومينيكان، وفعلاً توصلت إليه، وأجريت لها عملية إزالة التصلب (الإنسداد) في الشريان المصاب، وتم إنقاذ قدمها من البتر. وذكرت شقيقته أنه نجح خلال هذه السنة في إجراء 700 عملية إنقاذ للمرضى تكللت بنسبة 92% بالنجاح.

وهناك قصص كثيرة مماثلة؛  محامي في كالامازو كان قد غرق في اكتئاب عميق عندما أُبلغ بأنه يواجه احتمال بتر الساق وتم إنقاذه،  ورجل من مدينة مسكيجون في ولاية ميتشغان لا يزال قادراً على مرافقة ابنته في ممر الكنيسة في يوم زفافها والقائمة طويلة.

يقول جهاد مصطفى: عندما تقوم بحفظ ساق شخص ما.  أنت تنقذ سعادته وروحه وحريته واستقلاله لفعل ما يريد القيام به،  إنك تنقذ حياته، بطرق عديدة.

وهناك حاجة متزايدة لمنع بتر الأطراف، فالأميركيون يتقدمون في العمر، وهم أثقل وزناَ ويعاني الكثيرين من مرض السكري، ولذلك يعاني المزيد من التصلب في الشرايين مما يقلل من تدفق الدم إلى الساقين.

جهاد مصطفى: رب العائلة وإبن لبنان العربي

التقى جهاد مع زميلته لوري في فصل تشريح في مرحلة ما قبل الطب، وكانت تدرس العلاج الطبيعي.  ووجه لها سؤالاً علمياً، غير أنه رد عليها بأن إجابتها خاطئة. فاستفزها رد فعله، وقالت له، من تظن نفسك!  أنك توجه لي سؤالاً ثم تخبرني أن جوابي خاطئ !. عرف جهاد مصطفى من عفويتها أنه سيتزوجها. وقال لم أكن أعرف ماذا أقول، وقلت لها : عليك أن تخرجي معي !.

في أول لقاء مع لوري، استعد جهاد للقاء بارتداء قميص برتقالي (الظاهر في شكل 4)، كانت والدته قد أرسلته من لبنان، وظن أنه يبدو عليه رائعاً.  في وقت لاحق، أخبرته لوري أن ملابسه كانت غريبة،  وأبشع شيء رأته في حياتها.

قالت لوري؛ لكن جهاد كان لطيفاً وكان لديه أهداف وتصميم على تحقيقها. كان يحضر إلى منزل الأسرة، ويهرع بمظلة عندما تمطر، ولم تكن  لغته الإنجليزية جيدة جداً،  ولكن لم يطلب أبدأً أن يأتي إلى غرفتي.

كان لديه عائق رئيسي، هو اختبار الكفاءة في اللغة الإنجليزية، وكان عليه أن يجتازه للوصول إلى  كلية طبية في جامعة مرموقة مثل جامعة ولاية واين، ولم يكن لديه الخيار للإنتظار ليتمكن من ذلك.

التحق بكلية للطب في منطقة البحر الكاريبي وهي كلية الطب في جامعة سانت جورج في جرانادا. تخرج في عام 1995، وجاء إلى جراند رابيدز لقضاء فترة الإقامة في سبكتروم هيلث وسانت ماري Mercy Health Saint Marys وأقام فيها.

شكل 4: عائلة جهاد مصطفى.. لوري واطفاله الثلاثة

تزوج جهاد من لوري في عام 1996، ولديهم ثلاثة أطفال؛  توأمان ولدا في عام 2002؛ علي (وسُمي على إسم والده) وجينا،  وولد الطفل نبيل في عام 2004 (وسُمي على إسم أخيه نبيل).  وقد عانى نبيل عند ولادته من مرض قلبي خلقي،  تطلب إجراءات فورية على قلبه وجراحة القلب المفتوح في عمر شهرين. وكان يحتاج إلى صمام قلب بديل في وقت لاحق، مما كان حافزاً لجهاد للعمل على ابتكار مثل هذا الصمام. وأطلق على إحدى شركات الأجهزة الطبية نبيل ابتكارات على إسم إبنه.

يبدأ جهاد محاضراته بمقدمة عن بلده الجميل لبنان وحضارته الفخور بها.   ويهتم بأن يوثق صلة أبناءه بتراثهم اللبناني، ولذلك يقومون كل بضعة أسابيع بزيارة الأقارب في ديربورن؛ لبنان المصغرة، كما تصفها لوري. وتعلمت لوري من أمه كيف تصنع الحمص والتبولة والطبخ اللبناني.

توفي والده في عام 2000، وتوفيت والدته في عام 2012.  وكان جهاد يقدر نجاح والده وعصاميته، وزرع في نفوس أطفاله الإرادة والتصميم في وجه صعوبات الحياة. وقد فقد كل شيء في الحرب الأهلية اللبنانية، غير أنه ظل صامداً، وكان يقول؛ الله يعطي والله يأخذ . وكان يقول؛ لا يزال لدي عائلتي وأطفالي وصحتي، ولا يزال لدينا بعضنا البعض. كان يشدد لأولاده على أن النجاح ليس صدفة، يجب أن تسعى له لتحققه، تلك نصيحة لم تغب عن مخيلة جهاد.

  يحاول جهاد دائما أن يكون ناجحا مثل والده.  وتقول له زوجته؛ أنت ناجح بالفعل ، أنت طبيب قلب شهير. ويقول جهاد؛عندما تذكر أنك وصلت من حيث لا يوجد لديك شيء ، يجب أن تكون مستعدًا دائمًا للوقت الأسوأ. يقول؛ إنك لا تريد أن تمر في تلك الأيام مرة أخرى، فعندما مات أخي، كان فترة كفاح صعبة.  كان المال قليل للغاية، وكانت الحياة صعبة للغاية. لا أريد أن أعود إلى تلك اللحظات.

إن حياة جهاد بسيطة، وليست له تطلعات كبيرة. وقد أدمن فترة على الآيس كريم بمكسرات البيكان قبل أن يدرك أن وزنه زاد بضع كيلوغرامات، ويتوقف عن ذلك.

رابطة رعاية المصابين بالنقص الحرجة لتروية الأطراف 

تم تأسيس رابطة (جمعية) عالمية لرعاية المصابين بالنقص الحرج لتروية الأطراف CLI Global Society في ديسمبر كانون الثاني 2016 ، وكان جهاد مصطفى أحد الرياديين في تأسيسها (شكل 2).

تهدف الرابطة إلى إقامة تحالف يضم الأطباء من مختلف التخصصات ذات العلاقة ومنظمات الرعاية الصحية والصناعة لتوفير التعليم العملي على العلاج والوقاية وتحسين علاج مرضى نقص التروية وتصلب الشرايين،  وتحسين الوعي وتعزيز طريقة معالجة هذا المرض ونوعية الحياة للمرضى. 

الندوة السنوية لمنع بتر الأطراف

ذاع صيت الطبيب جهاد مصطفى كمنقذ للأطراف في جراند رابيدز في ميتشغان.  ويأتي خبراء من جميع أنحاء العالم إلى مستشفى مترو للإطلاع على عمله.  وقد قام بتدريس تقنياته لأطباء من اليابان والصين وكوريا الجنوبية وأستراليا وقد بدأ في صيف عام 2011 تنظيم ندوة (مؤتمر) سنوية في شيكاغو حول تجنب  بتر الأطرف.  وتهدف الندوة لفتح الفرصة لأطباء آخرين للإطاع على أساليب وتقنيات منع البتر، ليكون البتر غير الضروري في يوم ما شيئًا من الماضي.

ويشارك في الندوة السنوية أطباء من تخصصات متعددة تضم تداخلات القلب، الأشعة التداخلية، وجراحة الأوعية الدموية، ومساعدي الأطباء والممرضات تحت عنوان منع بتر الأطراف (AMP). ويقود هذه الجهود د. جهاد مصطفى (شكل 2)  وفريق كبير من الأطباء المختصين، من بين بينهم الطبيب العربي اللامع فادي صعب، وهو إبن شقيقة د. جهاد.

ويقول د. جهاد أن ندوة منع البتر هي المنتدى التعليمي الوحيد المكرس حصرياً لعلاج وعلاج النقص الحرج في تروية الأطراف.

وقد شارك في الندوة السنوية الثامنة لمنع البترفي أغسطس 2018 في شيكاغو ما يقرب من 800 مشارك من جميع أنحاء العالم، وستعقد الندوة التاسعة  في أغسطس 2019 . وسيشارك في التدريب وعرض الأوراق العلمية أكثر من 60 من خبراء العناية بمرض تصلب الشرايين (نقص التروية) من الأطباء المختصين في الولايات المتحدة وألمانيا ومن بينهم فادي صعب للتعريف بالتقدم والتدريب  في مجال الرعاية الطبية لمنع البتر.

تتاح الفرصة للمشاركين في الندوة الإطلاع على التقدم في مجال رعاية مرضى نقص التروية من خلال المشاركة في حالات حية معقدة. كما تتاح لهم المشاركة في ورش العمل التي تجمع بين التكنولوجيا المتطورة بما في ذلك رسم المخططات بالأمواج فوق الصوتية، وأجهزة إزالة الإنسدادات في الشرايين، وأدوات إزالة الضرر المعقدة مع نماذج إصابات التيبس والزُرقة  في مرضى تصلب الشرايين؛ والتواصل مع عدد كبير من الشركات الرائدة التي تعرض أحدث الأجهزة والأدوات والخدمات لدعم تقنيات معالجة وجراحة الأوعية الدموية.

وتشمل الندوة دورات مصممة خصيصًا لكل من أخصائيي التدخل الجراحي والعناية بالجروح التي تُركز على تعزيز نهج الفريق متعدد التخصصات، والذي يعتبر عنصراً أساسياً في التعامل مع المرضى وزيادة فرص نجاح إنقاذ للأطراف.

مراكز متقدمة للقلب والأوعية الدموية

قام جهاد مصطفى ود. فادي صعب الطبيبان الرائدان في أمراض القلب والأوعية الدموية في الولايات المتحدة وطبيبين آخرين بتأسيس مركز القلب والأوعية الدموية المتقدم  (AVC) Advanced Cardiac & Vascular Centers في جراند رابيدز في ولاية ميتشغان في تموز يوليو 2018، وستفتتح مراكز في ولايات أخرى لاحقاً.

ويهدف المركز لتقديم رعاية منسقة وعالية الجودة لتوفير مجموعة من العلاجات الأساسية والخدمات التشخيصية والإجراءات باستخدام أحدث التقنيات والأدوات لعلاج أمراض القلب المعقدة وكذلك أمراض الشرايين الطرفية (نقص تروية الأطراف) في الأيدي والسيقان والأقدام والكلى، والمساعدة على استعادة الدورة الدموية لأطراف الجسم ومنع عمليات البتر.

المصادر

https://moukarabat.com/news-detail.php?ID=412
http://bintjbeil.org/article/63055
https://evtoday.com/pdfs/et0910_Feature_mustapha.pdf
https://health.usnews.com/doctors/jihad-mustapha-207714
https://www.mlive.com/living/grand-rapids/2011/05/profile_surgeon_and_innovator.html
https://www.cliglobalsociety.org/resources/Compendium/2018/CLIG_0918.pdf
https://www.advancedcardiacandvascular.com/advanced-cardiac-vascular-centers-launches-new-website

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *