الإقتصاد العربي| التكامل الإقتصادي السبيل إلى الأمن الغذائي والوطني العربي

التكامل الإقتصادي السبيل إلى الأمن الغذائي والوطني العربي

التكامل الإقتصادي:  فجوة الغذائية ممتدة

تراوح إجمالي الناتج المحلي الزراعي العربي بين 128 و 142 مليار دولار بين عامي 10-2016  وبمعدل نمو 1.7% . وشكل الناتج الزراعي حوالي 6% من إجمالي الناتج المحلي GDP العربي والذي تراوح بين 2083 و2347  مليار دولار.

وكانت نسبة مساهمة قطاع الزراعة في إجمالي الناتج المحلي في عام 2016  6% بالمتوسط في العالم العربي (كما حُسبت من تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية لعام 2017) وأقل من 1% في جيبوتي والإمارات والكويت وقطر والبحرين، ومن 5-10% في تونس  و10-20% في  مصر والمغرب والجزائر واليمن والصومال وأكثر من 20% في السودان وموريتانيا وجُزر القُمر ومن 1-5% في بقية الدول.

وتعاني الدول العربية منذ عقود من عجز كبير ومتزايد في توفير السلع الغذائية الرئيسية والتي تشمل الحبوب ومنتجات الألبان واللحوم والزيوت والسكر والبقوليات كما يبين الجدول 1.  وقد ظلت نسبة الاكتفاء الذاتي من مجموعة الحبوب تقارب 50% خلال العقود الثلاثة الأخيرة للقرن الماضي، وبلغت 44% خلال الفترة 09-2015، وانخفضت في عام 2016 إلى 37%، الأمر الذي يؤشر على اتساع الفجوة الغذائية.


موضوعات ذات صلة بالتنمية

جودة التعليم … مفتاح التنمية العربية

الحوكمة … محطة مركزية على طريق تنمية العالم العربي

العلم والتكنولوجيا … الطريق إلى التنمية الإقتصادية العربية

الإقتصاد والأعمال| مؤشرات في الاقتصاد الكلي العربي لعام 2019


وتمثل الفجوة الغذائية الفارق بين الكميات المعروضة المنتجة محلياً والكميات المطلوبة من السلع اللازمة للاستهلاك المحلي، والتي تُغطى من خلال صافي الإستيراد (الواردات – الصادرات) من مختلف السلع الغذائية.

وقد أشار التقرير الإقتصادي العربي الموحد لعام 2017  إلى أن قيمة الفجوة الغذائية في الوطن العربي بلغت 33.8 مليار دولار في عام  2015 ،  و 33.6 مليار دولار لعام 2016 (جدول 1).

وشكلت قيمة الفجوة الغذائية من  الحبوب أكثر من 18 مليار دولار (منها 9  مليار دولار للقمح ومنتجاته)، وتمثل 55% من القيمة الكلية للفجوة الغذائية في الوطن العربي.  وقد قفزت واردات الحبوب من 11 مليون طن عام 1975 إلى 52 مليون طن عام  2006، وإلى 78 مليون طن في عام عام 2016،  وقفزت واردات القمح لنفس الفترة من 9 مليون طن إلى 25 مليون طن عام  2006 وإلى  أكثر من 38 مليون طن في عام  2016  .

وشكلت الفجوة الغذائية من اللحوم 19% (6.5 مليار دولار) من القيمة الكلية للفجوة الغذائية في الوطن العربي في عام 2016 (جدول 1)،  وشكلت كل من الزيوت والألبان قرابة 9% والسكر 8% من قيمة الفجوة.  واقتصر الفائض على الخضار والفواكه (وخاصة التمور) وأسهم هذا الفائض بتخفيض إجمالي قيمة الفجوة بنسبة 7% (من 35.9 مليار إلى 33.6 مليار دولار).

وفي ضوء زيادة اسعار السلع الغذائية، فمن المتوقع  ارتفاع القيمة الكلية للفجوة الغذائية. فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بوجه عام خلال الفترة 06-2017 بنسبة 38% (حيث ارتفع الرقم القياسي للأسعار من 127 إلى 175) حسب إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

ورغم انخفاض الأسعار في العامين الآخيرين بنسية 6% (حيث انخفض لرقم القياسي من 175 إلى 165 في كانون ثاني يناير 2019) ، والذي انعكس في انخفاض قيمة الفجوة من 39387 مليار بالمتوسط خلال الفترة 09-2015 إلى 33588 مليار في عام 2016، فإن الاتجاه العام هو في اتجاه الزيادة.  وهذا ينطبق على اللحوم والحبوب ومنتجات الألبان والزيوت والسكر بنسب متفاوتة، الأمر الذي سيرفع من قيمة الفجوة الغذائية في المستقبل ويؤشر على حدة مشكلة الأمن الغذائي العربي.

 وقد ارتفعت القيمة الكلية للفجوة الغذائية في الوطن العربي باضطراد من 2.4 مليار دولار في بداية سبعينات القرن الماضي، إلى متوسط 12.5 مليار دولار خلال الثمانينات والتسعينات، وإلى 18 مليار دولار في عام 2006 وإلى أكثر من 33 مليار في عام  2016 وفق تقارير المنظمة العربية للتنمية الزراعية.

التكامل الإقتصادي: الموارد الزراعية العربية

الأراضي الزراعية

تزيد المساحة المزروعة قليلاً عن 5% من إجمالي المساحة الكلية للوطن العربي. وبلغت كل من مساحة الغابات (37%) والمراعي (28%) من المساحة الجغرافية. وتمثل المساحة الصالحة للزراعة 218 مليون هكتار، وبذلك تشكل المساحة الصالحة للزراعة حوالي 16% من مساحة العالم العربي (1345 مليون هكتار: جدول 2).

وتشكل المساحة الصالحة للزراعة 24-31% من المساحة الجغرافية في تونس وسوريا ولبنان وفلسطين، و 15% في السودان و13% في المغرب، و8% في العراق، و0.3 – 5% في بقية الدول.

ويقع 40% من إجمالي المساحة المزروعة في السودان، وأكثر من  25% في المغرب والجزائر  وقرابة 25% أخرى في العراق وتونس وسوريا ومصر كما يبين الجدول 2.  وتبلغ حصة الفرد العربي من المساحة المزروعة  0.18 هكتار، وهي أقل من الحصة العالمية من المساحة الصالحة للزراعة عالميا وهي 0.23 هكتار في عام 2000 ، ويقدر أن تبلغ 0.15 هكتار في عام 2050  (وفق تقديرات FAO).  كما أن إنتاجيتها منخفضة نظراً لمحدودية مياه الري أو الأمطار، وتدني مستوى التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج.

وتمثل المساحة المزروعة في العالم العربي قرابة ثلث المساحة الصالحة للزراعة (جدول 2)، الأمر الذي يؤشر على إمكانية التوسع في المساحات المزروعة، وإلى الحاجة للإدارة الرشيدة للموارد الأرضية لتطوير استخداماتها وفق قدرتها الإنتاجية لتحقيق استدامة التنمية في الوطن العربي.

التكامل الإقتصادي: الموارد المائية الزراعية

تعادل المساحة الجغرافية للعالم العربي حوالي 9% من مساحة اليابسة، ويشكل سكان العالم العربي حوالي 5.5% من سكان العالم . غير أن العالم العربي من أكثر المناطق ندرة للمياه على مستوى العالم، وتشير إحصائيات عام2011،  أن الوطن العربي يحتوي على أكثر قليلا من 1% من المياه المتجددة، ويتلقى قرابة  2% من امطار اليابسة.

وتشكل المياه السطحية أكثر من 80% من المياه في العالم العربي، وتتركز بشكل رئيسي في العراق والسودان ومصر وهي تأتي من منابع خارج الوطن العربي، كما توجد مياه سطحية بدرجة اقل في المغرب والجزائر وسوريا ولبنان والصومال. وتمثل المياه الجوفية 14% من مياه العالم العربي، ويقع أكثر من نصفها في المغرب والصومال ومصر وسوريا وفق تقارير المنظمة العربية.

وقد انخفض متوسط نصيب الفرد من المياه من قرابة  3000 م3 في عام 1960  إلى 740 م3 في عام 2011 ،  مقارنة مع أكثر من  7000 م3 عالمياً. وهناك أدبيات تضع هذا المتوسط في حدود 500 م3 سنوياً  بعد أن كانت تقدر ب 2000 م3 سنوياً  في عام 1960،  وتشير التقديرات إلى أن هذه الحصة سستراجع إلى  250 م3 سنوياً بحلول عام 2050 .

يبلغ إجمالي الموارد المائية المستخدمة 258 مليار متر مكعب، ويذهب معظم المياه المستخدمة للزراعة. وتبلغ نسبة الإستخدام للمياه المتاحة عالمياً حوالي 8% مقابل 77% في العالم العربي، الأمر الذي يؤشر على حدة العجز المائي في الدول العربية.

ولذلك، فإن الإدارة الرشيدة للموارد المائية وتخزين مياه الأمطار ووسائل حفظ الرطوبة واستغلال المصادر غير التقليدية (تنقية مياه المجاري،  تحلية مياه البحر ..) هي الركيزة الأساسية للتنمية الزراعية واستدامتها لتحقيق الأمن المائي والغذائي في الوطن العربي.الأمن الغذائي: أمن وطني وعربي

تضع أزمة الغذاء في العالم العربي أعباء كثيرة على عاتق المستهلكين والمنتجين الزراعيين والنظم السياسية وموازين المدفوعات لكثير من الدول العربية، الأمر الذي يعطي الأمن الغذائي أهمية وطنية وقومية وأمنية كبيرة، الأمر الذي يرفع الأمن الغذائي إلى مستوى الأمن الوطني.

ويتفاوت نصيب الدولة العربية في هذه الفجوة المتزايدة  كما يبين الجدول 1. ويعود هذا التفاوت إلى حجم السكان ومستوى الدخل، وكميات الإنتاج الزراعي وأنماط الإستهلاك. وتساهم أربعة دول عربية وهي الجزائر والسعودية ومصر والإمارات بما يقارب ثلثي إجمالي قيمة هذه الفجوة الغذائية (63.5%).

وهذا يستدعي من الدول العربية منفردة ومجتمعة العمل على إعداد برامج لتنمية الإنتاج الغذائي، وبناء مخزون عربي للأغذية الرئيسية.  وقد تناولت القمة الاقتصادية والتنموية العربية في دورتها الرابعة  والتي عقدت في بيروت في يناير كانون ثاني 2019  موضوع  الأمن الغذائي العربي. وهذا يؤشر على إدراك الدولة العربية لأهمية الأمن الغذائي، غير أن تحقيقه يستدعي توفر الإرادة السياسية.

ويمكن تحقيق الأمن الغذائي من خلال التنمية الزراعية العربية لزيادة إنتاج الغذاء على المستوى الوطني وتحقيق التكامل الإقصادي بين الدول العربية من خلال مدخل تحرير التجارة أو مدخل التخصص الإنتاجي.

زيادة إنتاج الغذاء على المستوى الوطني

تتطلب التنمية الزراعية لزيادة إنتاج الغذاء على المستوى الوطني إعطاء الأولوية اللازمة لتنمية قطاع الزراعة في حدود الموارد الزراعية المتاحة، وتعزيز ترابطاته الأمامية والخلفية مع قطاعي الخدمات والصناعة. ويولد قطاع الأعمال الزراعية نسبة هامة من إجمالي الدخل الوطني، وعلى سبيل المثال، فإن مساهمة قطاع الإنتاج الزراعي في الولايات المتحدة في عام 2016 كانت أقل من 1% من إجمالي الناتج المحلي، غير أنه مع الأخذ في الإعتبار الترابطات الأمامية والخلفية مع قطاعي الخدمات والصناعة، فإن مساهمة قطاع الأعمال الزراعية كانت 5.7%، وهي ستة أضعاف مساهمة قطاع الإنتاج الزراعي المباشرة.

وبما أن قطاع الإنتاج الزراعي العربي يمثل 6% من قيمة الإنتاج المحلي العربي، فإنه يمكن الإفتراض أن قطاع الأعمال الزراعي يشكل على الأقل ربع إجمالي قيمة الإنتاج المحلي العربي.

وتتطلب التنمية الزراعية وضع استراتيجات للتنمية، وخطط العمل اللازمة لتنفيذها والتي تشمل:

♦ تنمية الموارد الطبيعية والبشرية، وتوفير الظروف المناسبة للتمويل والاستثمار في الزراعة لاستصلاح الأراضي وإقامة مشاريع الري، ودعم القطاع الخاص لتعزيز قطاع الأعمال الزراعية:

  • ◊ تطوير وتعزيز المرافق والخدمات المساندة لتحقيق التنمية الزراعية مثل شركات الوساطة وخدمات النقل والتخزين،
  • ◊ تطوير وتعزيز الصناعات التي تخدم الزراعة مثل صناعات المدخلات الزراعية للأسمدة والمبيدات والبلاستيك ونظم الري،
  • ◊ تطوير وتعزيز الصناعات التي تقوم على الزراعة، مثل صناعات حفظ وتجميد وتعليب المنتجات الغذائية.

♦ تطوير تقنيات الإنتاج على نحو يحقق زيادة الكفاءة الإنتاجية (زيادة الإنتاج لوحدة مورد الأرض أو العمل …) ويحفظ سلامة الغذاء، الأمر الذي يمكن أن يرفع كمية الإنتاج بشكل جوهري، وفي وقت قصير. ويقدر أن أكثر من 50% من النمو الإقتصادي في الولايات المتحدة وفي دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية تعود لتطوير تقنيات الإنتاج،

♦  تبني السياسات المالية والنقدية والزراعية المواتية للتنمية وللمشاركة الفاعلة من القطاع الخاص، لتعزيز الترابطات بين قطاع الزراعة وقطاعات الصناعة والخدمات والتي تمثل قطاع الأعمال الزراعية،

♦ بناء المؤسسات في إطار الحاكمية الرشيدة، لتوفير الخدمات المساندة للتنمية مثل خدمات البحث والإرشاد والتسويق والتمويل من خلال توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص،

تعزيز سلطة القانون، وخاصة في مجالات قوانين الزراعة واستخدامات الأراضي، وتعزيز مؤسسات المجتمع المدني في مجالات حرية تنظيم وإدارة التعاونيات الزراعية بأعتبار أحد أشكال الشركات الزراعية،

تعزيز التنافسية في الإنتاج من خلال خفض التكاليف وتطوير معايير الجودة.

 التكامل الاقتصادي : مدخل حرية التجارة

يسمح مدخل حرية التجارة بتحقيق تكامل اقتصادي فعال بشكل تدريجي من خلال تحرير التبادل التجاري وتوسيع السوق.  وتعمل آليــة السوق على إعادة تخصيص الموارد حسب الميزة النسبية وتحقيق مبدأ الكفاية القصوى في استغلال الموارد الإقتصادية، وبالتالي، تحقيق التكامل الإقتصادي بشكل غير مباشر.

وقد أصبح التكامل الاقتصادي الزراعي العربي ضرورة تحتمها تحديات النظام العالمي الجديد الذي يقوم على تحرير التجارة والتكتلات الاقتصادية.

ويعد التكامل الاقتصادي أهم وسيلة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية واستدامة التنمية وحل أزمة الغذاء في الوطن العربي، والنهوض اقتصادياً واجتماعياً بالوطن العربي وتوفير احتياجات المواطنين العرب من الغذاء، الأمر الذي لا تستطيع القيام به أي دولة عربية بمفردها.

وقد دفعت المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية كثير من الدول للدخول في تكتلات إقليمية، والتي من أشهرها الاتحاد الأوروبي، ومنطقة التجارة الحرة في اميركا الشمالية (NAFTA)، ومنطقة التجارة الحرة في آسيا (AFTA) وغيرها من التجمعات.

وكثير من دول هذه التجمعات الإقليمية كانت طرفاً في صراعات تاريخية ونزاعات إقليمية، غير أن دواعي المصالح الاقتصادية تغلبت على الاعتبارات الوطنية الضيقة ودفعتها للدخول في تكتلات اقتصادية، للحفاظ على مصالحها.

وتدعو اعتبارات المصالح الوطنية العليا للدول العربية التي تجمعها وحدة اللغة والتاريخ والتراث العمل على التكتل اقتصادياً للحفاظ على مصالحها الاقتصادية اتجاه تغول القوى الاقتصادية الكبرى وحفاظاً على أمنها الوطني، حيث أن كثير من الدول ستظل مرشحة لاضطرابات سياسية وعدم استقرار اجتماعي ما لم يتمكن المواطنين من توفير احتياجاتهم الأساسية.

ما هو التكامل الاقتصادي ؟

التكامل الاقتصادي هو عملية إزالة الحدود والحواجز الاقتصادية بين الدول المشاركة في تجمعات اقتصادية إقليمية وتطبيق سياسات اقتصادية مشتركة بشكل تدريجي.

وتؤدي عملية تعميق الروابط تدريجياً إلى تقسيم العمل والتخصص بين الدول من خلال تغييب الحواجز، وحرية حركة انتقال البضائع والخدمات والموارد وتوحيد السياسات الاقتصادية، الأمر الذي يرفع الكفاءة الاقتصادية (الحصول على أكبر عائد اقتصادي) لاستخدام الموارد ويحقق التكامل الإقتصادي.

ما هي مستويات التكامل الاقتصادي ؟

هناك مستويات أو درجات تراكمية للتكامل الاقتصادي، وتشمل ما يلي:

1. منطقة التجارة الحرة (FTA) Free Trade Area، وهي أدنى درجات التكامل الإقتصادي، وتقتصر على رفع الحواجز الجمركية بين دول المنطقة، مع إبقاء التعرفة الجمركية مع الدول خارج المنطقة على حالها. وتتطلب هذه المرحلة تطبيق قواعد صارمة للمنشأ Rules of Origin، لمنع تسرب السلع المستوردة من خارج المنطقة من الدول ذات التعرفة الجمركية المتدنية إلى دول المنطقة الأعلى في التعرفة.

وقد كان اعتماد قواعد منشأ تفصيلية لقائمة السلع التي يسمح بالمتاجرة بها أهم المعوقات أمام التطبيق الكامل لمنطقة  التجارة الحرة العربية، والتى دخلت حيز التطبيق اعتبارا من أول يناير 2018، حيث تمت إزالة الرسوم الجمركية على السلع ذات المنشأ العربي، وإزالة القيود الكمية على التجارة.

2. الاتحاد الجمركيCustom Union ، وهو مستوى أعلى من التكامل الإقتصادي تسعى للوصول إليه الدول العربية، ويتضمن، إضافة إلى رفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية بين دول المنطقة، توحيد التعرفة الجمركية مع بقية الدول خارج المنطقة. ويزيل توحيد التعرفة الخارجية الحاجة لتطوير قواعد صارمة للمنشأ، ويمنع تسرب السلع المستوردة من خارج المنطقة لأن التعرفة الجمركية الخارجية تصبح موحدة.

3. السوق المشتركة Common Market وتتضمن هذه المرحلة إضافة إلى الاتحاد الجمركي، حرية انتقال موارد العمل ورأس المال وزيادة الاستثمار بين دول المنطقة، الأمر الذي يسهم في توسيع حجم الاقتصاد والسوق لقطاعات الزراعة والصناعة والخدمات. وقد تم إنشاء السوق الأوروبية المشتركة بموجب معاهدة روما لعام 1957. ويستطيع مواطني دول أوروبا المنضمة للسوق التنقل بسهولة بين الدول الأعضاء بجواز سفر محدد

4. الاتحاد الاقتصاديEconomic Union ويتحقق هذا المستوى، إضافة إلى إقامة السوق المشتركة، توحيد السياسات المالية والنقدية والاجتماعية وسياسات التنمية الإقليمية. وهذا يشمل سياسات مكافحة التضخم والتعليم والصحة والتدريب وتعويضات الضمانات الاجتماعية البطالة، والزراعة (كما السياسة الزراعية العامة للاتحاد الأوروبي).

5. الاتحاد النقدي Monetary Union وتعتبر هذه المرحلة أعلى درجات التكامل الاقتصادي التي وصل إليها الإتجاد الأوروبي، وتتضمن إضافة إلى إقامة الاتحاد الاقتصادي، توحيد العملة بعد توحيد أسعار الفائدة وتثبيت أسعار الصرف للعملات المحلية. وهذا يتطلب وجود سلطة نقدية مركزية تحدد السياسة النقدية. وقد أوصت معاهدة ماسترخت Mastricht Treaty بين دول الاتحاد الأوروبي في عام 1991 إصدار عملة أوروبية موحدة في عام 1999، وهي العملة السائدة في 19 دولة  من بين دول  الإتحاد حالياً (28 دولة).

وقد يتبع عملية التكامل الاقتصادي توحيد جميع السياسات الاقتصادية والسياسية والدفاعية، الأمر الذي قد ينتهي إلى التوحيد السياسي والتخلي عن السيادة الوطنية في ظل حكومة واحدة ، وهو ما لم تستطيع أي من التكتلات الإقتصادية من تحقيقه، بما في ذلك الإتحاد الأوربي .

منطقة التجارة العربية الحرة

منطقة التجارة العربية الحرة هي مثال على المستوى الأدنى من التكامل الإقتصادي.  وقد تم انشاء منطقة التجارة الحرة الكبرى خلال القمة العربية التي عقدت في عام 1997، بعد توقيع 17 دولة عربية على الاتفاقية الخاصة بها وبدأ تطبيقها في عام 1998 ، بحيث يبدأ تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات والسلع ذات المنشأ العربي، تدريجياً خلال عشر سنوات.  ودخلت المنطقة حيز التنفيذ في عام 2005. ويبلغ عدد الدول العربية الأعضاء في المنطقة الحرة حاليًا 18 دولة (باستثناء موريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر).

ويعتبر إنشاء منطقة التجارة الحرة أحد أهم الخطوات لتشجيع حركة التجارة العربية البينية من خلال إزالة التعرفات الجمركية. وجاء إنشاؤها بهدف تحقيق التكامل الاقتصادي العربي واستغلال الفرص التجارية المتاحة في الأسواق العربية وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات والمشاريع المشتركة وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات العربية.

وقد ارتفعت التجارة البينية العربية من 15 مليار دولار في عام 1997 إلى نحو 99 مليار دولار في عام 2016 وذلك بمعدل نمو سنوى يقدر بـ 14% ، إلا أن التجارة العربية البينية لا تتجاوز 12% من إجمالي حجم التجارة.

ويشكل النفط قرابة ثلثي الصادرات العربية (60%)، وتشكل المنتجات الصناعية نسبة مماثلة من الواردات (66%) في عام 2017، الأمر الذي يضعف من إمكانية التوسع في التبادل التجاري. وبالتالي، فإن نجاح منطقة التجارة العربية على المدى المتوسط والطويل يتوقف على إدخال تعديلات هيكلية في الإنتاج تسمح بتنويع الإنتاج، وتطوير وتوطين التكنولوجيا وتوفير مناخ ملائم للاستثمار في الاقطار المضيفة لتعزيز إمكانية التبادل التجاري في سلع صناعية منافسة.  وهناك مشاريع مشتركة وتعاون قائم وفرص واعدة للتعاون بين السعودية والسودان ومصر ودول عربية أخرى لإنتاج الحبوب والسكر والزيوت النباتية والخضار.

وهناك حاجة لاستخلاص العبرة من تجارب الاخرين، وعدم تكرار تجربة السوق العربية المشتركة عام 1964، واستخلاص العبرة من تجربة الاتحاد الأوروبي الذي عمل على دمج اقتصاديات أوروبا تدريجياً على مدى خمسة عقود، وانتقل من مرحلة إلى أخرى أكثر تقدماً بعد تحقيق الشروط الضرورية لنجاح كل مستوى من مستويات التكامل أو لقبول عضوية أعضاء جدد في الاتحاد.

التكامل الاقتصادي: المدخل الإنتاجي

يتصل المدخل الإنتاجي بتنسيق ووضع خطط وسياسات تنمية مشتركة مرحلية تستهدف التخصص الإنتاجي، وتكوين تجمعات اقتصادية متشابكة تسمح بانتقال السلع وعوامل الإنتاج. ويستند المدخل على تحديث وسائل وأساليب الإنتاج وتوسيع الأسواق والإستفادة من مزايا الإنتاج الكبير (وفورات السعة) وتعديل هيكل الإنتاج في اتجاه الصناعات التحويلية وعالية التقنية وزيادة القيمة المضافة بدل الإعتماد على الإنتاج الخام في قطاعي الزراعه والتعدين. ومن شأن ذلك تدعيم الإعتماد المتبادل بين الدول العربية وتعزيز الروابط الأمامية والخلفية إنتاجاً وتسويقاً.

غير أن تفاوت السياسات الزراعية والإقتصادية في الأنظمة الإقتصادية والسياسية العربية وضع صعوبات كبيرة أمام التوجه نحو المدخل الإنتاجي في التكامل الإقتصادي. وبالتالي، فإن  مدخل تحرير التجارة يسمح بصورة عملية أكبر بتكامل وترابط الإقتصاديات العربية التي تسودها اقتصاديات السوق بشكل تدريجي.

المصادر

http://www.arabstates.undp.org/content/dam/rbas/doc/Energy%20and%20Environment/Chapter1.pdf
https://siteresources.worldbank.org/INTMENA/Resources/Water_Arab_World_full.pdf
https://en.wikipedia.org/wiki/Economic_integration
https://www.investopedia.com/terms/e/economic-integration.asp
http://www.fao.org/worldfoodsituation/foodpricesindex/en/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *