الحوكمة … محطة مركزية على طريق تنمية العالم العربي

الحوكمة ..محطة مركزية على طريق التنمية العربية

ما هي الحوكمة ؟ وما هو الحكم الرشيد؟

تتطلب عملية بناء الدولة عقولاً خلاقة ورؤيا واضحة ونوايا صادقة والحوكمة؛ ثقافة مؤسسات وسيادة دولة القانون والمساءلة والشفافية.

والحوكمة هي السياسات أو الوسائل التي تدير بها الدولة والمؤسسات العامة والخاصة فيها شؤونها الاقتصادية والاجتماعية  والأمنية، فيما يخدم مصالح مواطنيها وبالنيابة عنهم.

والحوكمة الرشيدة من أهم مرتكزات التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة، وتمثل هي السياسات التي تتبناها المؤسسات العامة و الوسائل التي تتبعها المؤسسات الخاصة والمنظمات لتنظيم شئون المواطنين وفق مبادئ سيادة القانون وتطبيقه بفعالية وبعدالة ومبادىء الشفافية والمساءلة.

وتتطلب الحوكمة وضع المعايير والقواعد  التي تهدف إلى تحسين نوعية القرارات المتعلقة بوضع السياسات والاستثمار لتعزيز ثقة الناس في نزاهة النظام المالي واستقراره، وقوانين التحكيم التجاري لجذب الاستثمار الأجنبي، وتوفير آلية لإنفاذ العقود التجارية وحل النزاعات.

كما تتطلب الحوكمة تعزيز العمل الدولي المشترك لتعزيز الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد وتعزيز الممارسات الجيدة في هذه المجالات، وتحسين الإطار القانوني من خلال قانون إدارة الشؤون المالية العامة واتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وغسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

والشفافية والمساءلة أمران أساسيان لكفاءة أداء الاقتصاد الحديث ولتعزيز الرفاه الاجتماعي وركائز هامة للحكم الديمقراطي في المجتمعات الحديثة.


مواضيع ذات صلة
جودة التعليم … مفتاح التنمية العربية
العلم والتكنولوجيا … الطريق إلى التنمية الإقتصادية العربية
الإقتصاد العربي| التكامل الإقتصادي السبيل إلى الأمن الغذائي والوطني العربي
اداء الإقتصاد العربي الكلي | مؤشرات إجمالي الناتج المحلي (2016)
الاقتصاد العربي| أداء الاقتصاد الكلي في عام 2018
الإقتصاد والأعمال| مؤشرات في الاقتصاد الكلي العربي لعام 2019
العالم العربي في موازين التنافسية العالمية 2019

من هم اللاعبين الرئيسيين في الحوكمة

على الرغم من أن الحوكمة هي الذراع الرئيسي للدولة في إدارة شؤون المجتمع، فإنها لا تتصل بدور الحكومة فقط، وإنما تمتد إلى قطاعين فاعلين في المجتمع وهما القطاع الخاص الذي يُنتج سلعاً تضم منتجات وخدمات مقابل ربح، والمنظمات غير الحكومية أو المجتمع المدني الذي يقدم خدمات غير ربحية.

وبذلك، فإن كلمة الحوكمة تشير إلى جميع أشكال أنماط الحكم والتنسيق الاجتماعي، سواء قامت بها منظمات حكومة أو منظمات ربحية أو غير ربحية.

وتستمد الحكومة شرعيتها وسلطتها من ضرائبها وإنفاقها وقوانينها وأنظمتها، وتقدم خدماتها لقطاع قد يكون واسعاً من المجتمع ولنطاق واسع من النشاطات. وتضم هذه الخدمات الصحة والتعليم والمياه ومرافق الأمن والحماية وسلطة القانون والرقابة على الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية والتجارية والمالية وغيرها من النشاطات.

ويستمد قطاع الأعمال قوته من قدرته على خلق فرص العمل ودفع الضرائب، بينما يستمد  القطاع المدني دعمه من خلال تقديم خدمات يحتاجها المجتمع لتحقيق أهداف عامة.

دور القطاعات في خدمة المجتمع: تكامل لا تنافس

تتشارك القطاعات الثلاثة؛ القطاع العام والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لخدمة مصالح المواطنين وبالنيابة عنهم، ولكل منها دورها المميز والهام في خدمة المجتمع، ولكل منها خطابها وممارساتها وثقافاتها.

وهناك كثير من المساحات المشتركة بين هذه القطاعات في المجتمعات الحديثة، والتي تتطلب التنسيق والتعاون في تنفيذها. وهذا يستدعي تَفهُم الأدوار المتميزة لكل منها وعدم الخلط بينهما، لتجنب تجاوز أو تشويه دور كل منهما.

وفي المجتمعات الحديثة، تعمل القطاعات الثلاثة على تنظيم نفسها وتتضافر لحل خلافاتها ولمساعدة المجتمعات على تلبية احتياجاتها الأساسية الإقتصادية والإجتماعية.

غير أن مشاكل المجتمع تتفاقم وتستعصي على الحل في الدول النامية، عندما تُنشىء هذه القطاعات أعضاءها على عدم  الثقة ببعضها البعض، وعند عدم إدراكها أن أيا منها ليست سوى جزء من الحكم الذي يحتاجه المجتمع .

وتكون المشاكل أكبر عندما يتعامل القطاع العام مع القطاعين الآخرين كخصوم أو ويعمل على منع الإنحرافات المتخيلة بهدف حماية المجتمع.  ورغم أن الدور الرقابي والتنظيمي للقطاع العام هام وحيوي جداً، إلا أنه يتعين أن لا يتعدى دوره ويشكل حائلاً دون قيام القطاعات الأخرى بمهامها في خدمة المجتمع.

ويتمثل التحدي الذي يواجه المجتمع في أن يجعل هذه القطاعات في جميع مستوياتها قادرة على أن تعمل معاً بسلاسة. وهناك عدد متناقص من المشاكل التي تواجهها المجتمعات الحديثة، والتي يمكن التعامل معها في قطاع واحد. وكثير منها معقدة جداً ومتعددة القطاعات مثل التعليم والصحة بكافة مستوياتها، وتستوجب التعاون في توفيرها لمصلحة المجتمع.

فخدمة التعليم الأساسي والثانوي والجامعي كانت قديماً، حكراً على الدولة، ولكنها أصبحت تتشارك فيها مع القطاع الخاص والمنظمات غير الربحية. وهذا يتطلب تعاوناً لضمان جودة التعليم وعدم استغلال حاجة المواطنين لهذه الخدمة لتحقيق أرباح غير مبررة، أو تقديم خدمات غير كافية أو مناسبة. ويمكن الحديث بالمثل عن خدمات الصحة أيضاً ، وكليهما خدمتين حيويتين للمجتمع وللتنمية.

كما يمكن عن الحديث عن إقامة البنية التحتية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتي كانت حكراً للدولة، مثل خدمات النقل والإتصالات ومشاريع الطاقة المتجددة (طاقة الشمس وطاقة الرياح) والنشاطات الصديقة للبيئة والإرشاد الزراعي، وأصبحت الشركات الخاصة شريكاً فاعلاً في تنفيذها. ويمكن تعميم الأمر على النشاطات التجارية التي قد تشارك فيها الدولة لخدمة العاملين في القطاعين المدني والعسكري.

إن الفشل في التعاون بين القطاعات في تنظيم العلاقة بينها لتوفير الخدمات بالجودة والتكلفة العادلة يمكن أن يؤدي إلى تحولها إلى اختناقات كبيرة في المجتمعات العربية الحديثة.  كما أن قطاع الأعمال يولد النمو الاقتصادي ويوظف كثيراً من العمالة، ولا بد من تعزيز دوره الإقتصادي والإجتماعي لتحقيق التنمية.

ويتعين على القطاع العام الحكومي أن يلعب دوراً تنسيقياً وقيادياً في تنظيم القطاعات الأخرى للتعرف على مجالات العمل أو النشاط  المشتركة وتبين الجوانب التي تحتاج لبعض التغييرات المنهجية التي تساعد في إدارة حوكمة المجتمعات العربية الحديثة.

الحوكمة| سيادة القانون

يشير مفهوم سيادة القانون إلى مبدأ المواطنة والمساواة وأن لا أحد فوق القانون.  وهذا يتطلب أن تكون السلطة القضائية فاعلة وقادرة على أن تضمن أن يكون الجميع مسؤولاً أمام القانون. ويشمل المفهوم شفافية وانفتاح الحكومات على حماية الحقوق الأساسية لجميع المواطنين، وتوفير الأمن والنظام، وإنفاذ القانون والعدالة المدنية والجنائية .

ومن شأن تطبيق سیادة القانون مكافحة كافة اشكال الفساد ومحاربة الفقر والمرض وهو أساس الحكم الخاضع للمساءلة والمجتمعات السلمية والعادلة التي تعطي للمواطنين فرصاً متساوية.

وينعكس تطبيق المبدأ إيجابياً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية وعلى تقدم الدول ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى تحسن المؤشرات الإجتماعية مثل انخفاض معدلات القتل.

ومن مؤشرات تطبيق سيادة القانون الأساسية للتنمية الإقتصادية وضع أنظمة ومعايير سليمة وفعالة لحوكمة الشركات والإقتصاد ووضع سياسات مالية ونقدية مستقرة أساسية لتعزيز نمو القطاع الخاص. وترفع حوكمة الشركات الخاصة من مستوى أدائها وتزيد من قدرتها على المنافسة ومن إيراداتها للمساهمين.

وهناك علاقة إيجابية بين مهارات العاملين في الشركات وأبعاد الحوكمة مثل الإطار القانوني والملكية ، وتركيبة مجلس الأدارة، وأداء إدارة  الشركة، ودرجة الشفافية والإفصاح عن المعلومات المالية وغير المالية. ومن شأن وجود بنية تحتية قانونية قوية وسلطة قضائية مستقلة، منع تغول السلطة التنفيذية، والسماح بإنفاذ العقود، وتوفير هيكلية قانونية ناظمة يمكنها أن تحمي صغار المساهمين في الشركات الأكثر عدداُ، وغالباً الأكثر مساهمة في رأس المال المستثمر.

كما أن من شأن البنية القانونية القوية، أن توفر نظامًا رقابيًا وإشرافيًا يسمح للبنوك للقيام بأعمالها في جمع المدخرات وتوفير التمويل للتنمية على أسس تجارية شفافة.

وتحتاج كثير من الدول العربية إلى إصلاح القانون العام ومراجعة السياسات العامة لصياغة وتنفيذ وإنفاذ قوانين وأنظمة واضحة وفعالة وبناء قدرات المؤسسات ذات الصلة.

ومن شأن إصلاح  إدارة المالية العامة والمساءلة الجيدة بيئة اقتصاد كلي أكثر استقراراً. وهناك علاقة بين الفساد والفقر البطالة، حيث يؤثر الفساد على الاستثمار ويحد من فرص العمل ويزيد من الفقر. ويشكل وجود صورة سلبية عن الإدارة الاقتصادية والسياسية  بيئة طاردة للاستثمار المحلي والأجنبي.

كما أن من شأن وجود بنية تحتية قانونية قوية تحقيق التنمية المستدامة من حيث إنفاذ القوانين واللوائح البيئية وضمان التخفيف الفعال للآثار البيئية، وتخفيف حدة الفقر ومنع تشكيل بيئة حاضنة للإرهاب واستخدام القوة غير المبررة.

ومن الأمثلة الإيجابية لوجود بنية قانونية قوية في الدول العربية قانون لمكافحة التمييز والكراهية في أبو ظبي والذي يجرم كافة أشكال ازدراء الأديان والمقدسات وخطابات الكراهية والتكفير، والتمييز على أساس الدين أو العقيدة أو الطائفة أو المذهب أو الأصل أو العرق أو اللون.

الحوكمة| المساءلة

تتطلب الحوكمة أو الحكم الجيد مؤسسات جديرة بالثقة مبنية على مبادئ الشفافية والمساءلة. وتقع اﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ ﻋﻟﯽ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻹدارة وﺗﺳﮭل رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن ﻋﻟﯽ اﻟﺷؤون اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﮭذه اﻹدارات.

ويشير مفهوم المساءلة في المؤسسات العامة والخاصة إلى الالتزام أو الرغبة في قبول المسؤولية أو المحاسبة في ضوء تقييم   الأداء لمسؤولية إنجاز مهمة أو خدمة في الوقت المناسب وبطريقة فعالة.

وقد أظهرت دراسات البنك الدولي أن رأس المال غير المادي، البشري والتطور المؤسسي الاجتماعي أكثر أهمية من التراكم الرأسمالي وهو الذي يصنع الفرق في التنمية.  فالدول التي أحرزت تقدما هاما في تعزيز إطار ومؤسسات الحكم  ومزيد من هيئات المساءلة المستقلة تخلق بيئة مواتية لتحسين الشفافية والمساءلة وتتفوق فيها المؤسسات العامة والخاصة.

وتبين التجارب الدولية في دول مثل وكوريا الجنوبية وتشيلي، وجود علاقة إيجابية قوية بين المساءلة في المؤسسات السياسية والاقتصادية المعنية واستدامة نتائج التنمية.

وحتى يصبح الوطن العربي لاعباً رئيسياً في الاقتصاد العالمي لابد من أن تسود المساءلة والشفافية في بيئة الأعمال وفي التعاملات التجارية، وتؤخذ المعايير الأخلاقية في بيئة الأعمال على محمل الجد.

وليس الهدف من مراعاة أخلاقيات العمل في القطاع الخاص مجرد التقيد بمواد قانونية، وإنما جعل أخلاقيات العمل قيمة جوهرية. ومن شأن توفير المنتج أو الخدمة للمستهلك بجودة عالية زيادة الطلب على السلعة ونمو الصناعة وزيادة الأرباح للمُنْتج  وتطور وازدهار الدولة المنتجة.

ولا بد من تطبيق مبدأ المساءلة على المؤسسات والشركات العامة والتي تشكل جزءاً رئيسياً من مؤسسات القطاع العام في بعض الدول، وتأهيل مجالس إدارتها وتحسين مراقبة الأداء وتقييمها.  ومن ثم فإن إدارة شؤونها مهمة إلى حد كبير وتلعب دوراً رئيسياً في اقتصاد الدول، لتجنب تحملها خسائر تشغيلية كبيرة ومستمرة، وتغطيتها على حساب البرامج الاجتماعية الأساسية. ويؤثر أدائها تأثيراً مباشراً على قدرة الدولة التنافسية وتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية وا لاقتصادية.

الحوكمة| الشفافية

تضمن الشفافية توافر المعلومات التي يمكن استخدامها لقياس أداء السلطات ومنع أي سوء استخدام للسلطات. ويتطلب تعزيز المساءلة الحكومية سياسية شاملة وموثوقة للتدفق الحر والفعال للمعلومات الإقتصادية والإجتماعية لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

وتعمل الشفافية على تحقيق المساءلة، وتحميل السلطات المسؤولية عن أفعالها. ويؤدي غياب الشفافية والمساءلة إلى ضعف  الثقة بين الحكومة والمواطنين وعدم الاستقرار الاجتماعي وبيئة غير مواتية للنمو الاقتصادي.

ومن مظاهر الشفافية توفر حسابات مدققة بشكل مستقل والكشف الكامل عن جميع نشاطات الحكومة و المعاملات الخاصة، وعرض المعلومات على مواقع المؤسسات على شبكة المعلومات.  ومثال ذلك إيرادات الموارد النفطية أو المعدنية أو أية تدفقات كبيرة من الإيرادات للدولة، وإخضاعها للمراﺟﻌﺔ ولضوابط داخلية دورياً من قبل هيئات تدقيق مستقلة.

ويكون للقرارات التي تتخذ بشأن هذه القضايا تأثير طويل الأمد، على مستويات رفاهية المجتمع في الحاضر والمستقبل. ويمكن لغياب الشفافية خلق بيئة مناسبة للفساد، بينما تسهم الشفافية والمساءلة في ضمان إدارة الموارد لمصلحة جميع السكان.

ومن مظاهر الشفافية والمسؤولية القيام بحملات للتوعية المدنية لتعريف المواطنين بحقوقهم وتزويدهم بالمعلومات عن العمليات الحكومية، وتعزيز فعالية الدور الرقابي للهيئات التمثيلية مثل البرلمانات.  وعندما يكون المواطنون أكثر اطلاعاً ، فإنهم يشاركون بنشاط أكبر في ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ حول السياسات التي تؤثر على حياتهم.

ويتطلب تحقيق التنمية خلق بيئة مواتية للقطاع الخاص، وخاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من الوصول إلى الائتمان، وتبني سياسة ضريبية وجمركية مواتية والحد من البيروقراطية التي تشكل معوقاً لتأسيس الأعمال.

وتسهم الشفافية  في تسهيل الدخول في الاقتصاد وانخفاض تكلفة الدخول، وبالتالي في زيادة القدرة التنافسية الاقتصادية.  وتتفاخر بعض الدول بأن تأسيس شركة يتطلب عدة ساعات، بينما يحتاج تأسيس شركة عدة أسابيع في دولة أخرى.

وهناك علاقة إيجابية بين الشفافية والتقدم الاقتصادي ومستوى الدخل الفردي وهي علاقة مباشرة وهامة.

الشفافية والفساد

عندما تكون المؤسسات ضعيفة وغير شفافة وغير خاضعة للمساءلة ، تصبح الظروف مواتية لظهور الفساد.

والفساد مشكلة معقدة ومتأصلة في بيئات معينة، ويتطلب نهجاً شمولياً لمجابهته، وتدابير لمنع انتشاره في جميع أنحاء المؤسسات والمجتمع.  وتتطلب مكافحة الفساد توفر أوضاع مالية مناسبة والعيش الكريم للعاملين، وهناك علاقة عكسية بين مستوى أجور القطاع العام وانتشار الفساد.

ولا بد من توفر الشفافية والانفتاح في الإنفاق الحكومي ضمان الشفافية بين مختلف مستويات الموظفين في الحكومة، وضمان دوران منتظم للمسؤولين لتجنب تشكيل سلاسل الفساد وإجراء كشوف مفاجئة والحد من الروتين من خلال تبسيط الإجراءات  مع الحفاظ على الوظائف التنظيمية الأساسية للدولة، وتعميق التعاون مع المواطنين والمنظمات لمحاربة الروتين البيروقراطي.

ويتطلب نجاح أي حملة لمكافحة الفساد، أن يكون هناك تحالف واسع النطاق بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ووسائل إعلام مستقلة وعادلة.  ولا بد من توفر إرادة سياسية لمكافحة الفساد وقوانين وهيئات مستقلة لديها التمويل والإمكانيات والصلاحيات التنفيذية لتوجيه الإتهام وللتحقيق في قضايا الفساد والكشف عنها.

تؤدي الشفافية الاقتصادية إلى الاستقرار الاقتصادي وتراجع الفساد. وهناك أثر سلبي للفساد على النمو والاستثمار، وأظهرت دراسة في 70 دولة إلى أن البلدان ذات المؤسسات المهنية الخالية من الفساد تتمتع بنمو أعلى وفساد أقل.

يؤدي غياب الشفافية في النظام المالي والاقتصادي إلى عدم الاستقرار، وتخصيص الموارد على نحو غير ملائم ، وانتشار الممارسات غير العادلة بين المواطنين، ويؤدي بالتالي إلى تمهيد الطريق أمام جميع أنواع الفساد المالي والاقتصادي وسوء الاستخدام، بينما تميل البلدان التي تلتزم بمبادئ الشفافية والمساءلة إلى تحقيق نتائج اقتصادية أفضل.

والحوكمة كلمة واسعة الإستخدام تمتد لتشمل منظمات التمويل الدولية التي تشترط لتقديم خدمات الإئتمان توفر قدر من معايير الحكم الرشيد. وتتطلب برامج الإقراض من صندوق النقد الدولي الشفافية والمساءلة والوعي بأهمية الحكم الرشيد والإرادة السياسية  لجهود الإصلاح.

ويقوم الصندوق بإقراض العملات الأجنبية إلى البلدان الأعضاء التي تعاني من مشاكل في ميزان المدفوعات.  وهذا الإقراض مشروط بالتزام السلطات باتخاذ إجراءات سياسية معينة يتم تصميمها  بالتعاون مع الصندوق لضمان حل المشاكل الأساسية للبلاد،  وتمكين الدول من سداد القروض. وتتوقف فعالية هذه الإجراءات على الممارسات الجيدة في الشفافية.

المصادر

https://bit.ly/2MATbot

https://www.gdrc.org/u-gov/governance-understand.html

https://worldjusticeproject.org/our-work/wjp-rule-law-index/wjp-rule-law-index-2017%E2%80%932018

https://worldjusticeproject.org/sites/default/files/documents/Global%20Press%20Release%20General%20FINAL.pdf

https://www.civilnet.am/news/2018/07/03/Economic-Growth-and-Corruption-Armenia-and-the-World/340618

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *