التنافسية العالمية | العالم العربي في ميزان العالمية (1)

الإقتصاد العربي على طريق التنافسية العالمية

تنافسية الاقتصاديات  العربية الواردة في تقرير التنافسية العالمي لعام 17-2018

تتباين اقتصاديات العالم العربي بشدة، بين دول تحوز على قدر كبير من الموارد الطبيعية  وأخرى تفتقر للموارد. وتتصدر دول مجلس التعاون،  ترتيب العالم العربي في عوامل التنافسية، مما يؤشر على أداء أفضل للبلدان الغنية بالموارد في جميع أبعاد مؤشر التنافسية العالمي. ويتداخل الأردن مع الكويت وسلطنة عمان في بعض المؤشرات بحيث يتفوق على بعضها رغم قلة موارده.

يواجه العالم العربي تحديات كبيرة في مجالات تنويع الاقتصاد والحد من الإعتماد على الموارد الطبيعية،  وتقليص تدخل الدولة في الأسواق لمصلحة دور أكبر للقطاع الخاص ورفع جودة التعليم لتعزيز فرص القوى العاملة في مستقبل أفضل وتحسين بيئة الابتكار لتمكين الإقتصاديات العربية من دخول مرحلة الإقتصاد المعرفي والتنمية القائمة على استخدام التقنيات الحديث.


موضوعات ذات صلة
التنافسية العالمية| دول مجلس التعاون الخليجي تقود التنافسية العربية (2)
التنافسية العالمية | الدول العربية غير الخليجية في المقياس العالمي (3)
العالم العربي في موازين التنافسية العالمية 2019
الإقتصاد والأعمال| مؤشرات في الاقتصاد الكلي العربي لعام 2019
الاقتصاد العربي| أداء الاقتصاد الكلي في عام 2018
اداء الإقتصاد العربي الكلي | مؤشرات إجمالي الناتج المحلي (2016)

وقد نجح كثير من الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون في توفير معظم المتطلبات الرئيسية، ولكن معظم الدول العربية تعاني من ضعف المؤسسات وبيئة الإقتصاد الكلي وانخفاض مستويات التعليم العالي وكفاءة أسواق السلع والعمل والمال والقدرة على استيعاب التكنولوجيا. ولا يزال تطوير الأعمال والإبتكار أكبر ضعف نسبي في المنطقة، وهناك حاجة كبيرة إلى إجراء إصلاحات عميقة في هذا المجالات، وهي جميعاً من العوامل الهامة لتحديد تنافسية الدول.

الدول الأعلى تنافسية في العالم
ترتيب الدول العربية على مقياس التنافسية 17-2018

 ما هي التنافسية ؟

يعرف المنتدى الإقتصادي العالمي التنافسية بأنها مجموعة المؤسسات والسياسات والعوامل التي تحدد مستوى الإنتاجية في أي دولة، والذي بدوره يحدد مستوى التنمية والتقدم في أي دولة.

يكون الإقتصاد تنافسياً عندما يكون منتجاً، وتقود الإنتاجية العالية إلى نمو إقتصادي، وبالتالي زيادة الإنتاج والدخل، وبذلك يتوقع أن ينعكس ذلك في صورة تحسن في مستوى معيشة الناس.

مجموعات عوامل تنافسية
تصنيف عوامل تنافسية

مقياس التنافسية العالمية Global Competitiveness Index (GCI)

يستخدم المنتدى المنتدى الإقتصادي العالمي مقياساً يضم 12 عاملاً أو محوراً أو مرتكزاً رئيسياً  Pillars of competitiveness  تتناول جوانب أساسية في الإقتصاد الجزئي والكلي لتحديد القدرة التنافسية للدول وترتيبها سنوياً (137 دولة لعام 17-2018).

بدأ تقرير التنافسية العالمية في الصدور منذ عام 2005 اعتماداً على بيانات ثانوية مستقاة من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبيانات أولية توفر ثلثي معلومات التقرير السنوي من خلال مسح سنوي للإتجاهات يقوم به المنتدى، شمل في عام 2017 اكثر من 14 ألف إداري تنفيذي في منظمات الأعمال.

تصنيف الدول وفق مرحلة التنمية

تصنف العوامل المحددة الإثني عشر للقدرة التنافسية إلى ثلاثة مجموعات وفقًا لمرحلة التنمية.  وتستند منهجية مقياس التنافسية العالمي إلى تصنيف الدول وفق هذه المجموعات الثلاثة وهي:

1. المتطلبات الأساسية وتضم أربعة عوامل وهي المؤسسات والبنية التحتية وبيئة الاقتصاد الكلي والصحة والتعليم الابتدائي.

وتقوم التنمية في المرحلة الأولى على عناصر الإنتاج Factor-driven  الأولية، أي على تلبية المتطلبات الأساسية. ويقل متوسط دخل الفرد فيها من إجمالي الدخل المحلي (GDP) عن 3000 دولار. ويقع ضمن  هذه المرحلة من الدول المشمولة بالدراسة السعودية والجزائر والكويت،  وهم في المرحلة الإنتقالية في أعلى سلم هذه المرحلة حيث تجاوزوا عتبة الدخل في هذه المرحلة ولكن اقتصادياتهم تعتمد بنسبة كبيرة على الموارد الأولية  حيث تزيد نسبة صادرات الدولة فيها من المعادن الخام عن 70%.

2. معززات الكفاءة وتضم ستة عوامل وهي التعليم العالي والتدريب وكفاءة سوق السلع وكفاءة سوق العمل وتطوير الأسواق المالية واستخدام التقنيات الحديثة وحجم السوق.

وتقوم التنمية في هذه المرحلة الثانية من التنمية على كفاءة الإنتاج Efficiency-drive وزيادة الأجور حيث يتراوح نصيب الفرد من GDP بين 3000-9000، ويصل إلى 17 ألف دولار في المرحلة الإنتقالية.  ويقع ضمن  هذه المرحلة من الدول المشمولة بالدراسة مصر والمغرب والأردن وتونس وفي المرحلة الإنتقالية لبنان (14 ألف دولار) والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان التي يتجاوز معدل الدخل فيها عدة أضعاف الحد الأعلى للمرحلة، ولكن الإقتصاد لا يزال يعتمد بنسبة كبيرة على الموارد الأولية .

3. عوامل الابتكار والتطوير وتضم عاملين وهما تطور قطاع الأعمال والابتكار. وهذه هي المرحلة الثالثة التي تتميز بقيام عامل الابتكار بدور المحرك Innovation-driven لاقتصاد الدولة، وهي المرحلة التي يزيد فيها متوسط الدخل الفردي المحلي عن 17000 دولار، ولا تعتمد في صادراتها على الموارد الأولية، ويقع ضمن هذه المرحلة من الدول المشمولة بالدراسة إمارة قطر.

مؤشرات التنافسية

عوامل التنافسية مركبة Composite factors، يضم كل منها عدداً من المؤشرات، تتراوح بين 4-21 مؤشراً، فبينما يضم عامل المؤسسات 21 مؤشراً، يضم عامل حجم السوق  4 مؤشرات. ويبلغ العدد الكلي لجميع المؤشرات 114 موشراً.

تستهدف هذه المؤشرات توفير المعلومات لكل دولة للتعرف على عوامل القوة للبناء عليها، وعوامل الضعف للتغلب عليها من خلال تبني السياسات (المالية والنقدية والتجارية…) واتباع الإستراتيجيات الملائمة لتحسين التنافسية وتحقيق التنمية.

تقاس مؤشرات التنافسية على مقياس موجب من 1-7 درجات حسب توفر درجة الخاصية (حيث 7 أعلى درجة تنافسية) مثل حقوق الملكية أو استقلال القضاء أو جودة الطرق. وهناك بضعة متغيرات تحسب على مقياس من 10 درجات مثل الحقوق القانونية أو قوة حماية المستثمرين أو تحسب كنسبة مئوية مثل نسبة التضخم أو عدد المشتركين في خدمات الجوال أو الإنترنت لكل 100 من السكان.

وتعطى أوزان لكل مجموعة اعتمادًا على مرحلة تطور كل دولة  في عالم شديد التغير حيث تتغير الأهمية النسبية لمجموعات عوامل التنافسية ، فهي 60-35-5% في أول مراحل التنمية، ويتضائل وزن المتطلبات الأساسية مع تطور التنمية بينما يزيد وزن عوامل الكفاءة والابتكار والتطوير بحيث تصبح الأوزان في المرحلة الثالثة 20-50-30%.

يجري حساب العوامل الإثني عشر بناء على قيم المؤشرات التي تقيس جوانب مختلفة لكل عامل، وتحسب المتوسطات المرجحة لموشرات كل عامل، ومن ثم لكل مجموعة ثم لجميع هذه العوامل.

 العوامل المحددة للتنافسية العالمية

تضم عوامل التنافسية 12 عاملاً مصنفة في ثلاثة مجموعات وهي:

أولاً : المتطلبات الأساسية

تصنف هذه العوامل كمتطلبات أساسية وتضم 45 مؤشراً ، باعتبار أن أي استراتيجية فعالة للتنمية تستوجب العمل على تحقيقها في بداية مراحل التنمية . وقد حققت معظم الدول العربية إنجازات كبيرة في مجال توفير هذه المتطلبات وخاصة دول مجلس التعاون والأردن والمغرب. وهذه المتطلبات هي:

  1. المؤسسات

تتضمن البيئة المؤسسية 21 مؤشراً تشمل الإطار القانوني والإداري الذي  يعكس الحاكمية الرشيدة وسياسات الحكومة نحو حرية الأسواق والأفراد لإنتاج السلع وبناء الثروة الوطنية. ويؤثر هذا الإطار على قرارات تخصيص الموارد وتنظيم الإنتاج وطريقة توزيع المنافع واستراتيجيات التنمية. وقد حققت معظم الدول العربية إنجازات كبيرة في مجال البناء المؤسسي، ولا تزال الجزائر وتونس ومصر ولبنان بحاجة إلى إصلاحات أكبر في هذا المجال.

وتؤدي تعقيدات الأنظمة الحكومية والإدارة العامة والفساد والرشوة وغياب  الشفافية، وعدم استقلالية النظام القضائي والإدارة غير السليمة للمالية العامة إلى رفع تكاليف الأعمال وعرقلة جهود التنمية.  وتسمح معايير حوكمة وشفافية القطاع الخاص والتدقيق والمحاسبة بالوصول إلى المعلومات بشكل دوري. وبذلك فإن الإدارة الفعالة للمؤسسات الخاصة والعامة وحماية حقوق الملكية والملكية الفكرية هي من متطلبات بيئة الأعمال وأساسية  لتطورها.

 2. البنية التحتية

تتضمن البنية التحتية 9 مؤشرات تحدد شموليتها وفعاليتها، مثل وسائل وشبكات الإتصالات والكهرباء وجودة الطرق وخطوط السكك الحديدية والمطارات والموانىء.  وتؤشر جودة البنية التحتية على مستوى النشاط الاقتصادي وطبيعة الأنشطة والقطاعات التي يمكن تطويرها داخل الدولة، لأن من شأنها أن تقرب بين الأقاليم وتسهم في دمج وربط الأسواق وتوفير السلع بأقل التكاليف وبشكل منتظم، وتسهل حركة اليد العاملة وتحد من عدم المساواة والفقر بوسائل مختلفة. وقد حققت معظم الدول العربية إنجازات كبيرة في مجال إقامة البنية التحتية، ولا تزال الجزائر وتونس ومصر ولبنان بحاجة إلى تحسينات لمرافقها العامة.

3. بيئة الاقتصاد الكلي

تتضمن بيئة الاقتصاد الكلي 5 مؤشرات تعكس أهمية استقرار الاقتصاد الكلي للقدرة التنافسية الشاملة. وتتطلب جهود التنمية إدارة الحكومة للاقتصاد باستخدام سياسات مالية فيما يتعلق بالضرائب والإنفاق، وسياسات نقدية فيما يتعلق بسعر الفائدة وسياسات الإقراض، بشكل رشيد وفعال لتحقيق التوازن على المدى البعيد لتجنب مستويات عالية من العجز المالي  أو التضخم.

وقد أظهرت الأزمة المالية العالمية مقدار الضرر الذي تتسبب به غياب الإدارة الرشيدة للاقتصاد الكلي كما حدث في الولايات المتحدة وأوربا ودول أخرى. ولا يمكن للاقتصاد أن ينمو بطريقة مستدامة ولا تستطيع مؤسسات الأعمال العمل بكفاءة في ظل ظروف تضخمية أو ضرائب عالية، وما لم تكن هناك بيئة اقتصادية كلية مستقرة. وقد حققت الإمارات وقطر والكويت والمغرب والسعودية إنجازات في مجال تحسين بيئة الاقتصاد الكلي، بينما تعاني بقية الدول من أعباء كبيرة في هذا المجال.

4. الصحة والتعليم الأساسي

يتضمن عامل الصحة والتعليم الأساسي 10 مؤشرات، لا تستطيع أي دولة تفتقر إليها أن تكون دولة منتجة، وتتمتع أخلاقيا بالصفة التمثيلية، ولذلك تعد عاملاً حيوياً في تحديد القدرة التنافسية والإنتاجية وبالغة الأهمية للاقتصادات السليمة. والإنسان هو هدف التنمية للدولة ، ويسمح توفر وجودة خدمات التعليم والصحة الأساسية بتطوير إمكانات العمال ودمجهم في عمليات إنتاج أكثر تقدمًا ويزيد من كفاءتهم الإنتاجية، وخفض تكاليف مؤسسات الأعمال للتأمين الصحي وغياب العاملين. وقد حققت الإمارات وقطر والسعودية والبحرين إنجازات في مجال تحسين خدمات التعليم والصحة الأساسية، بينما تعاني بقية الدول من أعباء كبيرة في هذا المجال.

ثانياً: معززات الكفاءة

تضم معززات الكفاءة 53 مؤشراً، وتتصل بجودة التعليم والتدريب وكفاءة أسواق السلع والعمل والمال والقدرة على استيعاب التكنولوجيا، وبالتالي مدى اهلية واستعداد الإقتصاد للإنتقال إلى المرحلة الأكثر تقدماً المبنية على تطوير التكنولوجيا والإقتصاد المعرفي. وقد حققت الإمارات وقطر والسعودية والبحرين تقدماً كبيراً في هذا المجال، ولم تنجح بقية الدول في تحقيق معززات الكفاءة الضرورية لتحقيق تقدم نوعي على طريق التنمية.

5. التعليم العالي والتدريب

تضم جودة عامل التعليم العالي والتدريب المستمر للعاملين 8 مؤشرات، وتشكل عنصراً حاسماً في الاقتصاديات التي ترغب في التقدم إلى مراحل إنتاجية متقدمة في عالم يستند إلى الإقتصاد المعرفي والمهارات التقنية الحديثة.  وتنعكس جودة هذا العامل في توفير القوى العاملة التي تتمتع بالمهارات التقنية والإدارية التي تتطلبها بيئة الأعمال المتغيرة التي تقوم على الأتمتة واستخدام الروبوتات والمنتجات عالية القيمة، وفي معدلات التوظيف ومجالات التدريب المستمر وفق تطور تقنيات الإنتاج.  وقد حققت الإمارات وقطر والسعودية والبحرين تقدماً كبيراً في هذا المجال، غير أن بقية الدول لا تزال تعاني من تدني ترتيب جودة التعليم العالمي.

6. كفاءة سوق السلع

تضم كفاءة سوق السلع 16 مؤشراً تعكس فعالية قوى السوق في توجيه الإنتاج للمنتجات والخدمات التي يمكن تسويقها بكفاءة أكبر في الاقتصاد وفقًا لقواعد العرض والطلب وبحيث يكون تدخل الحكومة في حده الأدنى. ومن شأن التوسع في وضع الأنظمة الرقابية وزيادة الأعباء المالية على المنتجين (الرسوم ..) تثبيط نشاطات الإستثمار والحد من النمو. وتعتمد كفاءة الأسواق على مدى وعي المستهلكين ومعرفتهم بالسوق والتي يمكن أن تؤدي إلى تطوير ميزة تنافسية  لبعض المنتجين في الدولة.

التنافسية العربية 2008 و 2018

7. كفاءة سوق العمل

تتضمن كفاءة سوق العمل 10 مؤشرات تعكس مدى المرونة التي يتصف بها سوق العمل والتي تسمح بإنتقال العمال من نشاط اقتصادي إلى آخر بسهولة وباقل التكاليف، وبإمكانية تغير الأجور بحيث لا يؤدي ذلك إلى ردود فعل اجتماعية كبيرة. كما تعكس قدرة سوق العمل هلى نوفير حوافز للعاملين الأكثر جدارة وكفاءة والمساواة بين الجنسين، الأمر الذي يسمح بتحسين أداء العاملين والقدرة على اجتذاب اصحاب المهارات المتميزة .

8. تطوير الأسواق المالية

يتضمن تطور الأسواق المالية 8 مؤشرات تعكس قدرة الأسواق على اجتذاب إدخارات المواطنين  والمستثمرين من الخارج وتوجيهها لأصحاب الأعمال في القطاع الخاص وفي المشاريع الاستثمارية الأكثر إنتاجية، حيث يمكنها أن تحصل على أفضل عائد. ومن المتطلبات الرئيسية لسوق مالية سليمة أن يتصف القطاع المصرفي بالشفافية والمصداقية وبالحوكمة  لحماية المستثمرين وذوي العلاقة بالنشاطات الاقتصادية من المخاطر الناتجة عن غياب المعلومات.

9. استخدام التقنيات الحديثة

يشمل عامل القدرة على استخدام التقنيات الحديثة 7 مؤشرات تقيس قدرة الاقتصاد ومنظمات الأعمال على استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات أيا كان مصدرها في النشاطات اليومية وعمليات الإنتاج لرفع الكفاءة الإنتاجية للصناعات وروح الابتكار لتعزيز القدرة التنافسية.  وقد حققت الإمارات وقطر والسعودية والبحرين تقدماً كبيراً في تحسين كفاءة أسواق السلع والعمل والمال و عامل القدرة على استخدام التقنيات الحديثة، غير أن بقية الدول لا تزال تعاني من تدني ترتيب هذه العوامل.

10 . حجم السوق

يضم حجم السوق 4 مؤشرات تؤثر على الإنتاجية لأن الإقتصاديات الكبيرة توفر لمنظمات الأعمال إمكانية الاستفادة من مزايا السعة الاقتصادية الكبيرة.  وتسهم عولمة الأسواق في إتاحة الفرصة للدول ذات الأسواق المحلية الصغيرة بالاستفادة من هذه المزايا. وهذا يدعم الفرضية العامة بأن لحرية التجارة الدولية آثار إيجابية على نمو اقتصاديات الدول الصغيرة  حتى وإن كانت متماثلة. وهذا يجعل الصادرات طلباً خارجياً مكملاً للطلب المحلي لتحديد الحجم الإجمالي لسوق الأعمال. وتتميز الإمارات والسعودية والجزائر ومصر وبدرجة أقل قطر والبحرين والمغرب بالتنافسية في هذا المجال إما لكبر حجم السكان أو نتيجة القدرة على الوصول للأسواق الخارجية.

ثالثاً: عوامل الابتكار والتطوير: تطور قطاع  الأعمال والتكنولوجيا

تضم عوامل الابتكار والتطوير 16 مؤشراً تتصل بتطور قطاع  الأعمال وتطوير التكنولوجيا. وهذين العاملين هما الأكثر أهمية في تنافسية الدول المتقدمة ذات مستويات الدخل الفردي المرتفعة والتي تتطلب قطاع أعمال متطور وهيئات بحث وإجهزة حكومية مساندة ومتقدمة تقنياُ.

11. تطور قطاع الأعمال

يشمل تطور قطاع الأعمال 9 مؤشرات، تعكس قدرة منظمات الأعمال على تحقيق إنتاجية أعلى للسلع من بضائع وخدمات. ويتصل هذا العامل بعنصرين متداخلين؛ نوعية وكمية شبكة الاعمال المساندة (الموردين المحليين) من ناحية، وجودة التشغيل واستراتيجيات منظمات الأعمال الفردية من ناحية أخرى وعمق التفاعل معهم.  ويسهم تواجد منظمات الأعمال ومورديها في مناطق جغرافية محددة، في خلق فرص جديدة للابتكار في المنتجات وفي رفع كفاءة عمليات الإنتاج وفي تغييب الحواجز أمام دخول منشآت جديدة.

وينعكس تطور عمليات تشغيل منظمات الأعمال واستراتيجياتها إيجابياً على الجوانب المتعلقة بإدارة العلامات التجارية والتسويق والتوزيع وفي إنتاج سلع فريدة ومتطورة وفي توفر قطاع حديث ومتطور للأعمال في مختلف قطاعات اقتصاديات الدول.  وقد حققت الإمارات وقطر والسعودية والبحرين وبدرجة أقل الأردن ولبنان تقدماً كبيراً في هذا المجال، غير أن بقية الدول لا تزال تعاني من تدني ترتيبها في تطور قطاع الأعمال.

  1. الابتكار: البحث والتطوير

يضم عامل الابتكار 7 مؤشرات تتصل بقدرة الإقتصاد على البحث والتطوير وإنتاج أو ابتكار أساليب وادوات إنتاج السلع، بينما يتصل العامل التاسع بالإستعداد والقدرة على استخدام التكنولوجيا.   وبينما تهدف جميع العوامل السابقة إلى زيادة العوائد الإقتصادية للمجتمعات والدول المالية والمادية، فإن هذه الزيادة في الإنتاجية تخضع لقانون تناقص الغلة في المدى القصير. غير أن زيادة رفاهية المجتمع بشكل كبير لا يمكن تحقيقها إلا من خلال استخدام التقنيات على المدى الطويل (لرفع دالة الإنتاج)، الأمر الذي يسمح بإنتاج كمية أكبر من المنتج بنفس كمية المورد، أو نفس الكمية بكمية مدخل اقل، كما يسمح بإنتاج سلع جديدة أكثر تطوراً ويلغي الحاجة لسلع من بضائع وخدمات لم يعد المجتمع بحاجة إليها.

ويشكل التقدم التكنولوجي العامل الأساسي في تطوير اساليب الإنتاج لتحسين الإنتاجية في كثير من الاقتصاديات الناشئة وفي تطوير منتجات وخدمات جديدة، وهذا أكبر عامل ضعف نسبي في المنطقة العربية. وقد حققت الإمارات وقطر و وبدرجة أقل السعودية والبحرين والأردن ولبنان تقدماً  في هذا المجال، غير أن بقية الدول لا تزال تعاني من قدرتها على الإبتكار. ولذلك، فإن الإستثمار في البحث والتطوير من القطاعين العام والخاص وفي المؤسسات العاملة في مجال البحث والتعاون بين الجامعات في مجال البحث والتكنولوجيا وفي حماية الملكية الفكرية وفي توفر مصادر التمويل هي من الجوانب الهامة المحددة للتنافسية في الإقتصاديات المتقدمة.

المصادر

http://www3.weforum.org/docs/GCR2017-2018/05FullReport/TheGlobalCompetitivenessReport2017%E2%80%932018.pdf
http://www3.weforum.org/docs/Arab-World-Competitiveness-Report-018/AWCR%202018.0724_1342.pdf
http://www3.weforum.org/docs/WEF_GlobalCompetitivenessReport_2008-09.pdf

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *