كريم جعفر من المغرب| سفير الثقافة العربية في فرنسا

لوحة لكريم جعفر

الخطاط الفرنسي كريم جعفر من المغرب: سفير الثقافة العربية في فرنسا

 حكاية كريم جعفر مع الخط العربي

ولد كريم جعفر في مدينة صغيرة في المغرب في عام 1974، في إقليم الريف شمال شرقي المغرب وهي زايو (ثايوث بالأمازيغية)، التي جاء منها المناضل عبد الكريم الخطّابي، وهو الأصغر بين تسعة أشقاء.  وتبعد زايو عن مدينة الناظور ب 40 كيلومترا، القريبة من مدينة مليلة المحتلة من إسبانيا،  وبلغ عدد سكانها 39 ألف نسمة في عام 2014.

كان والده  مهاجراً وعاملاً في محل ميكانيك في مدينة ليباف القريبة من مدينة روان في أقصى شمال فرنسا منذ سنوات طويلة. وقد التحق كريم وأسرته به في عام 1986 عندما كان  في الثانية عشرة ونصف من عمره، وهم يحملون الجنسية الفرنسية.


موضوعات ذات صلة

الخط العربي [1]|الخطاط فوآد هوندا الذي نقل الخط العربي للجزيرة اليابانية
الخط العربي [2] | الخطاط نور الدين مي غوانغ الذي يكتب الخط العربي بحروف صينية
الخط العربي [3]| الأميركي الأوروبي محمد زكريا سفير الفن الإسلامي في أميركا
الخط العربي [4]| الإيبيرية نورية غارسيا التي نقلت الخط العربي للعالمية
الخط العربي[5]| الأميركية إلينور هولند…نجمة ساطعة في الخط العربي واللاتيني
اللغة العربية في ميزان اللغات العالمي

كمال الوافي| مصمم الحدائق اللامع في برلين…مهندس عربي من الجزائر

جهاد مصطفى| منقذ السيقان في أميركا… طبيب عربي من لبنان

الطبيب العربي أسامة إبراهيم من مصر … الوحيد الذي يمارس مهنة الطب في اليابان

سميح دروزة | مؤسس حكمة للأدوية في الأردن .. نقل الشركة والدواء العربي للعالمية

زها حديد| سيدة العمارة في العالم من العراق

إقبال الأسعد | أصغر طبيبة في العالم من فلسطين


سجله والده في في المدرسة الابتدائية،  وكان لا يعرف شيئاً عن اللغة الفرنسية. ولم يكن بوسعه أن يقيم اتصالاً مع محيطه الجديد سواء مع معلميه أو التلاميذ في مدرسته. عجز عن الإندماج في بيئته، وكان يشعر بالعزلة شأن أبناء المهاجرين حديثي العهد ببلاد المهجر الأوروبي.

لم يستطع أن ينسجم مع محيطه الجديد في المدرسة، وكان يشعر بالغربة مع اللغة الفرنسية التي كان يجهلها ولم يكن قادراً على استخدامها.  وكان السبيل الذي رأى الطفل أن يثبت نفسه فيه أمام أقرانه الفرنسيين هو أن يخط الحروف العربية.

كان يقضي معظم الوقت في تخطيط وتشكيل الحروف على دفاتره المدرسية دون أي يكون لذلك معنى محدد. وكان التلاميذ الفرنسيين يجدون في ذلك مدعاة للتهكم على ما يفعله، لأنه كان بلا معنى لهم، حتى أن والده أيضاً كان يرى فيما يفعل مجرد خربشات أطفال، وكانت أمه تشكوا من كثرة الورق المستخدم في كتابة الحروف المبعثر هنا وهناك.

كريم جعفر طفلاَ في المدرسة في فرنسا
مدرسة كريم جعفر
منزل كريم جعفر
زايو في المغرب التي انحدر منها كريم جعفر

كان شعور كريم مزيجاً من الخيبة والتحدي،  قبل أن يتحول اهتمامه بتشكيل الأحرف إلى شغف بكتابة الخطوط . وبدأ الخط العربي يصبح هواية وملاذاً لكريم، إذ وجد الفتى  القادم من جنوب المتوسط لنفسه طريقاً للتعبيرعن ذاته.
ذات يوم، كان كريم يلعب مع التلاميذ، حين أخذ ورقة وراح يخط فيها حروف. فجاءه تلميذ وقال له ماذا تفعل يا كريم؟

فقال أكتب حروفاً عربية. قال الطفل، ولماذا تكتب من اليمين إلى الشمال ؟، فأجبته هكذا اللغة العربية تكتب من اليمين إلى الشمال. ثم سألته، ما اسمك؟  قال كريستوف، فكتبت له إسمه على ورقة، وقلت هذه هدية مني لك يا كريستوف.

ذهب كريستوف لزملاءه، وقال هذا إسمي قد كتبه كريم.

فجاء التلاميذ إلى كريم وقالوا له، أن تهزأ بكريستوف، فهذه ليست كتابة.

شرحت لهم أن لغتي الأم هي العربية، وأن لهذه اللغة حروفاً كما الفرنسية أ ، ب، ت….. وأنها تكتب من اليمين إلى الشمال.

يقول كريم؛ بعد هذا الحوار مع التلاميذ،  ادركت أن الأطفال في هذه الإعدادية لا يعرفون ولا يفهمون عنا شيئاً.

حلم كريم: سفير الثقافة العربية

أخذ يحدث والده عما يجري معه في المدرسة. وقال له والده، يا بني: إن المهاجرين الذين يأتون لأوروبا لم يهتموا بالثقافة.

عندها قطع كريم على نفسه عهداً، وهو إبن الثالثة عشرة، إنه ربما لن يكون سفير الثقافة العربية في فرنسا،  ولكنه سيكون من يوصل هذه الرسالة لمحيط المجتمع الذي أصبح ينتمي إليه.

أراد أن يعرف الجميع ثقافته، وأن يحبوها ويحبوا بلاده المغرب، ويحبوا العرب بصفة عامة من خلال كتابة الخطوط العربية، والتي بها سيتمكن من التعريف بالثقافة العربية.

ثم أصبح التلاميذ يأتون ليكتب لهم أسماءهم بالعربية، وأخذوا بالإهتمام بجمالياتها.

بدى له أنها لعبة مسلية،  ووجد نفسه يستمر بها،  الأمرالذي مكنه من الخروج من حالة الإحباط التي كان يظن أنه وقع بها.

تلك كانت نقطة البداية، ولم يكن يدري ان لعبة التسلية بالحروف ستتحوّل الى فن سيفتح له باب الشهرة والعالمية.

هكذا هيأ القدر لكريم جعفر أن يبدأ مسيرة فنية أهّلته لأن يكون واحدا من أكبر الخطاطين والفنانين التشكيليين العرب في أوروبا.

عندما وصل الثانوية، كان هناك أستاذ للفنون التشكيلية وهو كلود جانبو  Claude Jambu .  كان يراه إنساناً طيباً  وأصبح صديقه فيما بعد،  وكان لديه حب وفكرة عن بالعرب.

قال كريم؛ قال لي كلود أنت عندك خط جميل، وأنا كنت لأول مرة أسمع هذه الكلمة؛  خط جميل !!!. قلت له أريد أن أتعلم وأشتغل بهذا الخط.

لقد  رعاني كلود وفتح لي الباب وساعدني كثيرا في بداياتي ولن أنسى فضله، إذ لولاه،  ربما ما كنت نجحت ولما تقدّمت في مسيرتي الفنية.

بالصلاة والإعتكاف يتقلص حجم الإختلاف
مرسم كريم جعفر
لوحة لكريم جعفر

قالوا في كريم جعفر

 قال الكاتب سعد زروق وهو صديق قريب من كريم، إنه إنسان حسن المعشر في الأوقات الطيبة وغير الطيبة. وقال أنه كان مهتماً بالخط العربي ومحباً لثقافته العربية منذ طفولته. لم يكن في نيته أن يتخلى عن ثقافته في بلاد الإغتراب، وكان يشعر أن لديه رسالة يريدها أن تصل للفرنسيين والأوروبيين والعرب.

لقد تمكن من الخط العربي ومن الثقافة العربية الفنية والثقافة الفرنسية، واستطاع أن يوظفهما معاً،  ولذلك وجد فنه وخطه صدى إيجابياً لدى المتلقى الأوروبي.  وذكر أنه وكريم جعفر، سيخوضان تجربة الجمع بين الخط والشعر العربي والموسيقى.

وذكر ستيفان كلومب هاوي لجمع اللوحات أن كريم إنسان متواضع وليس من الناس الذين يحبون الظهور والتألق.

منذ ظهر كريم ونحن نجمع لوحاته لأغراض الإستثمار فيها ، وأعماله تدفع إلى التفكير والتامل وتجعلني حالمين وتثير الأحاسيس بحكم طبيعة الموضوعات التي يتطرق إليها كمفهوم الخير ومثاليات أخرى.

وقال ميشال روبافسكي منسق المعارض في صالة  العرض في مدينة روان أن لوحات كريم تبعث على الحيرة والغرابة. فعند التفكير في الخط العربي يذهب تفكيرنا في إتجاه أصالة وتقاليد الخط العربي، غير أن كريم يذهب بنا لأبعد من ذلك، ويعبر بنا لأشياء أخرى جديدة من خلال تجسيده للخط العربي الأصيل في مزيج معبر من الحروف والصور والألوان .

وقالت زائرة في صالة  العرض في روان أن أعمال كريم تذكرها بلوحة الجيوكندا.  إنها لوحة دافنشي الشهيرة التي تعبر عن الجمال والاحترافية والغموض في آن واحد.  ويبدوا لي أن كريم يتعمق في الأشياء عندما يرسم فهو شديد الولع بفنه، فهو لا يجلس مفكراً فيما سيرسم، وإنما يستغرقه الرسم تماماً ويستسلم لخياله ويعمل دونما انقطاع.  وقد قال كريم، أنه عندما يرسم، يكون في حالة فنية من التركيز الشديد، ويكون مستغرقاً تماماً في الأجواء الفنية للرسم كما لوكان في حالة غياب من إدراك الذات.

قال صديقه الفرنسي ألان سشرير بأنه رأى أن لدى كريم موهبة منذ طفولته، وكان على يقين بأنه سيكون فناناً لامعاً. فهو يعبر ويعطي ويبدع ويتبادل المشاعر والأحاسيس، وإن لوحاته هي لوحات بالمعنى الكامل.

وقال ألان، مع أنني لا أفهم الحرف العربي، غير أن لوحاته تحرك أحاسيسي ووجداني فهي قادرة على التعبير، وهذا هو المهم في الفن المرئي. أنه يضيف الألوان على الحروف وهذا ما يثير مشاعري. لقد بدى لي غريباً بداية إضافته اللون للخط ، إلا أن هذا أعطى بعداً إنسانياً وعالمية لهذا الفن. فما يرسمه كريم مفعم بالمشاعر والأحاسيس.

وقال ألان، لقد كان من الغريب أنني التقيته في قاعة يتدرب فيها على الملاكمة،  وحينها أخذ يحدثني عن القيم الكونية وعن العلاقات الإنسانية وعن الحب والسلام.  إن له ارتباط وثيق مع أسرته فأول ما يقوم به في احتفاليات المعارض هو تقديم والده لكل الحاضرين.

قال الفنان التشكيلي السعودي محمد حيدر في معرض للوحات كريم جعفر في جدة بأنه أحد الفنانين الذين استطاعوا  ان يضعوا بصمة في عالم الفن بمزجه بين الخط والرسم.  أنه يستطيع أن يوصل الرساله الموجهة في داخل العمل الفني،  لا من خلال الخط وإنما من خلال الحرف والصورة واللون لتكون الرسالة لوحة فنية مرسومة بالخط.

وذكر حيدر أن كريم جعفر يحمل جنسية بلد اوربي، وهو فنان فرنسي، ولكنه فنان عربي مغربي استمد فنه من الخط العربي رغم كل تيارات الفنون والابداع الفرنسي والاوربي، وبقي كريم متصلاً بجذورة العربية الاصيلة.

وقال يوسف طلال رئيس قسم الشباب في بلدية كليون أن ما أثار إعجابه بكريم عند لقاءه به لأول مرة هو تمسكه بجذور ثقافته العربية والمغربية، وبقدرته الفائقة على التعلم والتواصل مع الآخرين. لقد اهتم بالتعريف بموروثه الثقافي بخط أصيل يطعمه باستخدامات ذكية لتقنيات حديثة، وعلم كيف يوفق بدقة متناهية بين أصالة الخط العربي وأنماط التعبير المعاصرة التي يستمدها من محيطه والتقنيات الحديثة.

كلود جانبو
ألان سشرير
يوسف طلال
م. روباكوفسكي
ستيفان كلومب

وقال يوسف، أن الفنانً العربي كريم جعفر لم يفقد هويته في المجتمع الغربي،  وقد أسهم في بلورة ثقافة جديدة عربية وغربية. إنه يعيش في فرنسا بدون أدنى شعو بالنقص، ويتعامل مع زملاءه الفنانين وكل الفاعلين في محيطه، مما يؤشر على  إنتماءه للمجتمع.  إنها القدرة التي يتمتع بها على استيعاب الماضي والتعايش  مع الحاضر. وهو يعمل مع هيئات المجتمع المدني، وخاصة في الأحياء الشعبية مما يعكس قدرته على الإندماج مع المجتمع الفرنسي مع الحفاظ على جذوره الثقافية.

قال ديدي ماري رئيس مجلس ليباف بأن كريم فنان معترف به وخاصة على المستوى المحلي، وقد عمل على ترسيخ مكانته في المجتمع. إنه معروف بفنه ومواقفه وحكمته وبقدرته على التواصل مع جميع الشرائح الاجتماعية.

وذكر والد كريم أن الجميع يعرفه ويحترمه، فكل فئات المجتمع تكن له الإحترام. إن هذا كله جاء نتيجة اهتمامه بالخط العربي، فهو أعطى قيمة مهمة للعرب والمسلمين المغتربين هنا. وأنا أرافقه في كل المعارض ويقدمني للشخصيات الهامة وهذا يسعدني ويشرفني. إن  ارتباطه وثيق مع أسرته ومع والدته التي توفاها الله الآن، وقد لقي تشجيعا كبيرا من أسرته ومن زوجته وأولاده.

كريم جعفر: مسيرة فنان تشكيلي مع الخط العربي

عمل كريم على تطوير الخط العربي الكوفي والمغربي والديواني بحيث يصبح أكثر فنية واكثر حداثة. وقد زاوج ما بين الصورة واللون مع الخط العربي في لوحة واحدة بحيث يستطيع الخط أن يعبر عن الصورة، وتستطيع الصورة أن تعبر عن الخط.

لقد هدف من ذلك إلى وضع حب الخط العربي وحب الثقافة العربية في قلب من يطلع على اللوحات من خلال الجمع الفني بين الخط والصورة واللون معاً في لوحاته التي أخذت مكانها بين اللوحات الفنية في معارض الفن التشكيلي.

في بداية طريقه، سانده والده للمشاركة في معرض لميشيل مارتينيك للفنون التشكيلية لمدة 15 يوماً لأغرض التعليم والتدريب.  وكانت تلك بداية مشاركته في معارض في باريس ليباف وريون وغيرها وكان والده يرافقه دائماً. وأصبح يشارك في معارض في تونس  والسعودية.

في عمر سبعة عشر عاماً، أقيم أول معرض لكريم جعفر المغربي الفرنسي الجنسية في دار ثقافة صغيرة في ليباف.

وبعد عشرين عاماً، أقيم  بمدينة روان الفرنسية (23 سبتمبر الى 6 أكتوبر 2009)،  معرضا للخط العربي لكريم جعفر.

كان المعرض احتفالية ثقافية كبيرة شهدت إطلاق كتاب كريم جعفر مسيرة خطاط عربي: عندما يتحدث القلم ضم مجموعة أعماله الفنية التي أنجزها طيلة عشرين عاما .

كما جمعت هذه الإحتفالية عدداَ كبيراً من الفنانين التشكيليين العرب والفرنسيين والنقاد وعشاق الخط العربي أو “عشاق الحروفية العربية” كما يسمونها في المغرب العربي.

كان ذلك احتفالا بمرور 20 عاماً على عشق الكلمة المخطوطة؛  حدث كان من شأنه أن يغيّر من حياة كريم جعفر تماماً.

وصف جعفر الحروف العربية بأنها كانت جسرا بينه وبين هويته؛ كانت طريقته في التعبير عن هويته، وعن الجمال في لغته العربية لكل من هم في سنه من تلاميذ المدرسة، ومن هنا بدأت العلاقة بينه وبين الحروف العربية.

كان من الممكن أن ينسى الفتى الصغير اللغة العربية ، وهو الصغير السن عندما هاجر لفرنسا. كان لديه حلم أن يكون سبباً في إشاعة جمال الحرف العربي في أوروبا؛  فالحروف العربية لوحة فنية بحد ذاتها، تستفز الفنان للإبداع، ناهيك عن جمالها حينما تجتمع في جملة واحدة.
كريم جعفر: الخط العربي جوهر الثقافة العربية

توجت احتفالية روان الفرنسية عشرين عاما من العمل الجاد ومسيرة خطاط عربي ناجح ومتميز باختراق كريم جعفر الاوساط الثقافية الفرنسية من الباب الكبير،  وأصبح واحدا من الخطاطين والفنانين التشكيليين الذين منحوا أبعادا جديدة لفن الخط العربي الذي يختزل خصوصيات الثقافة العربية.

حضر هذا الاحتفال الفرنسي عدد من الفنانين من تونس والمغرب والجزائر وليبيا لأن كريم جعفر، وهو الفرنسي الجنسية،  اعتبر نفسه دائماَ فناناً مغاربياً وعربيا قبل أن يكون مغربياً،  فالخط الذي هو عربي هو روح وجوهر الثقافة العربية.

تميّزت أعمال كريم جعفر كفنان تشكيلي بتطويع فن الخط الى تقنيات التشكيل والتحكّم في المساحة الضوئية والألوان، إذ أن الفن التشكيلي هو صياغة الواقع بتشكيل أو تجسيد جديد.  ولذلك استطاع  بما يملك من سحر بين أصابعه في تحويل الحرف الى لوحات تأسر الروح والوجدان.

نظم المعرض جمعية فضاء الخط العربي في مدينة روان الفرنسية التي أسسها كريم جعفر. ولم تتلقى الجمعية دعماً مادياً رسمياً، وكان هناك تردد وتأخير طويل في منح إذن لاستخدام قاعة العرض (أو الرواق كما يسميها كريم) من المجلس العام لبلديات مدن النورماندي، ولم يشارك رئيس المجلس في افتتاح المعرض، رغم وعد سابق منه.

قال كريم؛  لم يحضر رئيس المجلس العام لمدن النورماندي لأن الخط العربي يستفزهم. ولو كانت المناسبة قد نظمت لتقديم طعام الكسكسي المغربي والمرطبات والشاي والفولكلور، لربما حصلت على دعم ومشاركة أكبر من المجلس العام!.

أن معظم الاوروبيين لا يرون في الثقافة العربية الا ضروباً من السحر والغرائب.

حضر افتتاح المعرض قرابة الألف، معظمهم من الفرنسيين،  الأمر الذي فاجأ المجلس العام لمدن النورماندي. انهالت مكالمات الاعتذار من رؤساء البلديات ومساعدي رئيس المجلس، ورأى كريم أن ذلك كان لأسباب إنتخابية إذ كانت انتخابات البلديات على مسافة عامين.  خاف الاشتراكيون من خيبة أمل الرأي العام منهم، وهم الذين يسيطرون على معظم بلديات النورماندي ويرفعون شعار نصرة المهاجرين من العرب وغيرهم.

وهكذا بعد عشرين عاما من الحفر في الصّخر،  اخترق كريم جعفر الاوساط الثقافية الفرنسية من الباب الكبير.

استطاع أن يغير المعادلة عبر مسيرة طويلة من من العرق والجهد إلى جانب الموهبة ، مما أهله لأن يكون في قلب الحياة الثقافة الفرنسية.
كان الهدف أن نقول للفرنسيين أن الثقافة العربية ليست كسكسي ولا حلويات ولا فنون شعبية،  وإنما إنسان عربي يفكر ويبدع وله ما يقوله للعالم.  لقد كانت معاناة طويلة وشاقة قبل أن نتمكن من تنظيم هذا المعرض الناجح.

لم يكن من السهل أن ننجح في جعل الخط العربي أحد المواد التي تدرّس في رياض الاطفال ويقبلون عليها.

كان هاجسي منذ سنوات أن نستطيع ادخال الخط العربي الى الحياة الثقافية في روان وفي فرنسا، بل وفي أوروبا بشكل عام.
قال كريم : أنا فنّان ورسالتي هي الدفاع عن الثقافة العربية واقناع أوروبا والغرب عموماً أننا أمّة حرف ولسنا أمة ارهاب كما يصوّروننا.

 كريم جعفر: المغاربي العربي

اكتشف الملتقى الدولي للفنون التشكيلية والصورة الفوتوغرافية في المهرجان الدولي للصحراء في مدينة دوز التونسية  كريم جعفر قبل سنوات من شهرته واحتفاليته العشرينية. وقد عرضت أعماله الفنية في تونس في صفاقس وفي دار الفنون بتونس العاصمة.

تقع مدينة دوز الصغيرة (38 ألف نسمة في 2014) في الجنوب الأوسط التونسي وتتميز بمناخ صحراوي حار وجاف. وتعرف دوز بمهرجانها السنوي المعروف بمهرجان دوز أو المهرجان الدولي للصحراء بدوزالذي بدأ في 1967.   ( ويكيبيديا).

وقد شارك كريم جعفر في مهرجان دوز الثالث والأربعون في عام  2010 وأشرف على ورشة للخط العربي. ويحتفظ بصداقات واسعة مع الوسط الثقافي التونسي الذي اكتشفه، حتى أن كثير من المواقع تشير إليه على أنه ينحدر من تونس.

دعى  كريم أصدقائه الفنانين من تونس وليبيا والجزائر لحضور المعرض في روان واحتفالية العشرين عاما التي قطعها على الدرب الشاق والطويل. وكانت تلك حركة رمزية أراد من خلالها أن يقول أن الفنانين قادرين على بناء مغرب عربي موحد ثقافياً على الأقل،  طالما ان النخب السياسية عجزت عن بنائه سياسياً.

يرى كريم جعفر الحروفي العربي أن الخط هو روح الثقافة العربية والاسلامية وجوهرها، ويذكر زملاؤه الخطاطين العرب المقيمين في أوروبا أن الخط لا يمكن أن يكون مجرد فن،  بل هو رسالة، رسالة الثقافة العربية الى العالم.

وقد إستضافت مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في مايو أيار 2014 معرضاً لكريم جعفر أقيم بداية في الصالة الخاصة بالقنصلية الفرنسية وبدعوة منها، ثم إنتقل إلى قاعة المركز السعودي للفنون المعاصرة.

احتوى المعرض على 20 لوحة تمثل نماذج فنية لتجربة جديدة في تناول الخط العربي من خلال دمج الخط بالفكره واستخدام تشكيلات  مختلفة من الأحرف والصور والألوان في صورة لوحات مميزة.

كريم يعلم أطفال فرنسا الخطوط العربية
سعد زروق .. نعمل على دمج الخط والشعر والموسيقى
أسرة كريم جعفر

حلم تحقق: سفير الثقافة العربية في فرنسا

خرج كريم من سجن التقاليد في الخط ليكتب بحرية أكثر بدون قواعد وقوانين وحدود. وجمع الحروف العربية والصورة والألوان بتشكيلات فريدة ذات معنى ورسالة. ويقول نور الدين بالطيب من الشروق التونسية، عن القنصل الفرنسي لويس بلين في أمسية استضافتها القنصلية الفرنسية في جدة؛ إن أعمال كريم جعفر هي معنى وجمال وصورة، هذا المزيج كون أسلوبا مبتكرا تم اعتماده دولياً.

أصبح للفنان كريم إشعاع كبير في جميع أنحاء أوروبا؛ سفير الثقافة العربية في فرنسا.  وقد أصبحت الطريقة التي ابتكرها الخطاط كريم في الرسم بالحروف العربية، تدرس في مدارس في تونس والمغرب، تحت مسمى «خط كريم جعفر»، التي وصفها كريم بأنها طريقة حرة في الكتابة تأتي بدون قيود من داخل الفنان.

المصادر

–  الشروق التونسية:نورالدين بالطيب                                                                                                                       https://www.turess.com/alchourouk/148641
–   بوابة زايو سيتي                                                                                                                                                                                http://zaiocity.net/?p=128453

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *