مناخ الوطن العربي

حلة الطقس ليوم معين

مناخ الوطن العربي

أثر الموقع على مناخ الوطن العربي

يمتد الوطن العربي على39  درجة عرضية بين دائرتي عرض 2 درجة جنوب خط الإستواء و37 درجة شمالاً كما تبين خارطة الوطن العربي. وبذلك ينتمى شمال الوطن العربي إلى المناخ المعتدل الدافيء، بينما ينتمي أقصى جنوبه للمنطقة الاستوائية وشبه الاستوائية. ولذلك هناك تدرج مناخي على شكل أقاليم مناخية متميزة تتميز باختلاف عناصر المناخ صيفا وشتاء والتي تؤدي الى تنوع الغطاء النباتي الطبيعي وتحدد مدى ملائمته لزراعة المحاصيل. ، وهناك تدرج في مناخ الوطن العربي بين جنوبه وشماله.

ويمتد الوطن العربي على 77 خط طول بين خطي طول 60 شرق خط غرينتش على الخليج العربي و 17 غرباً على المحيط الأطلسي (الخارطة)، وبذلك يمثل كتلة واسعة جدا من اليابسة ممتدة  من آسيا شرقاً وأفريقيا غرباً ، ولا يدخل في هذه الكتلة سوى المسطح الضيق للبحر الأحمر الذي يؤثر بشكل محدود على المناطق المحيطة به. ولذلك يتعرض الوطن العربي للمؤثرات القارية من مناطق اليابسة المجاورة في القارتين وللرياح الجافة التي تهب عليه من كتل اليابسة المجاورة سواء كانت تجارية أو موسمية.  وهذا يعلل انتشار الصحراء والمناخ الصحراوي الجاف الحار في قلب الوطن العربي وامتداده المستمر من المحيط الى الخليج كأضخم امتداد للبيئة الصحراوية في العالم.


  موقع عالم عربي    https://alamarabi.com/


موضوعات ذات صلة
الموقع الفلكي للعالم العربي | دورة الأرض … التوقيت في العالم العربي
سكان الوطن العربي 2019
الوطن العربي| الاقاليم المناخية والنباتية
تضاريس الوطن العربي
العالم العربي | الموقع والمساحة
اداء الإقتصاد العربي الكلي | مؤشرات إجمالي الناتج المحلي (2019)
بلاد العرب| أرض الحضارات ومهد الديانات

شكل 1:خارطة طبيعية (http://geo-maroc.blogspot.com/2012/09/blog-post_603.html)

ويتأثر مناخ الوطن العربي بالمسطحات المائية المحيطة؛  البحر الأبيض المتوسط، شمالاً، والذي  يفصله عن أوروبا، والمحيط الأطلسي غرباَ على حدوده في المغرب وموريتانيا، والمحيط الهندي جنوباً في حدوده على الجزيرة العربية والصومال.  ومع أن تأثير هذه المسطحات محدود في عمقه ويتركز على المناطق المحاذية للمسطحات في صورة اعتدال في الحرارة وفي سقوط الأمطار، إلا أن تاثيره كبير على البيئة الجغرافية المحاذية. ويتعرض الوطن العربي للمؤثرات البحرية فى الشمال والجنوب.

ويشكل البحر المتوسط منطقة تكوُن ومرور للمنخفضات الجوية، والتي تتسبب في هبوب الرياح العكسية وسقوط المطر في هذا الإقليم  شتاء، وفى اعتدال الحرارة فى الشتاء والصيف. وتسقط أمطار صيفية في جنوب السودان واليمن والصومال التي تتعرض  لنظام الرياح الموسمية المطيرة صيفاً بتأثير المحيط الهندي وكذلك تسقط أمطار صيفية في جنوب موريتانيا لقربها من المحيط الأطلسي.

تتمركز في المحيط الأطلسي قرب جزر الآزور  بين دائرتي عرض 30 و 35 شمال خط الاستواء منطقة ضغط مرتفع (مرتفع الآزور) تؤثر في طقس ومناخ مناطق واسعة من أوروبا وشمال افريقيا. ويتحرك هذا المرتفع الجوى جنوباً فى فصل الشتاء نظرا لتعامد أشعة الشمس على مدار الجدى، وهذا يؤدي لهبوب رياح عكسية جنوبية غربية تتجه نحو سواحل غرب أوربا عبر المحيط الأطلسى حيث تتشبع ببخار الماء وتؤدي لهطول أمطار غزيرة على غرب اوربا، وتقل هذه الأمطار كلما اتجهت الرياح للشرق والجنوب.  وهذا التحرك يتيح الفرصة لتحرك المنخفضات الجوية فوق البحر المتوسط من الغرب الى الشرق تدفع معها اعاصير شتوية تسقط الأمطار على شمال المغرب العربي، وقد تصل شمال مصر.

في فصل الصيف تتحرك منطقة الضغط المرتفع نحو الشمال نظرا لتعامد أشعة الشمس على مدار السرطان، فيصبح المغرب العربي خارج نطاق الرياح الغربية وينشأ عنه استقرار الأحوال الجوية وتصبح السماء صافية في القسم الجنوبي من أوروبا . وحيث أن مناطق الضغط المرتفع هي جافة عادة، فإن الأراضي التي تغطيها تعاني عادة من الجفاف ويسود فصل الصيف الجاف.

يمر بسواحل المغرب وموريتانيا تيار كناري البارد، الذي يعمل على خفض درجة حرارة السواحل المشرفة على المحيط الأطلسي صيفاً، كما أن  تمركز المرتفع الأزوري قبالة السواحل المغربية، يؤدي إلى طقس مستقر ومعتدل في المناطق الساحلية ، بينما يكون الجو حاراً داخل البلاد.

تسقط أمطار صيفية في جنوب السودان واليمن والصومال التي تتعرض  لنظام الرياح الموسمية المطيرة صيفاً بتأثير المحيط الهندي وكذلك تسقط أمطار صيفية في جنوب موريتانيا لقربها من المحيط الأطلسي بينما تبقى المناطق الداخلية متطرفة المناخ.

شكل 2: الرياح الدائمة والمناطق المناخية

يتأثر مناخ الوطن العربي بالموقع الفلكي والجغرافي وارتفاع وامتداد واتجاه سلاسل الجبال. ويقع الوطن العربي في نطاق المنطقتين الحارة (بين خط الإستواء ومدار السرطان) والمعتدلة الحارة (شمال مدار السرطان) كما يبين شكل 2 أعلاه، وتغلب عليه التأثيرات القارية (المناطق البعيدة عن البحار). وتضعف المؤثرات البحرية نظراً لمحدودية المساحات المائية التي تخترقه كالبحر الأحمر والخليج العربي، ولا تُغير إلا بشكل محدود من معالم مناخ الصحراء أو صورة النبات الطبيعي على الجانبين الآسيوي والإفريقي للبحر الأحمر. ويقتصر تأثير المسطحات الواسعة على الجهات الساحلية من حيث خفض الحرارة صيفا ورفع الرطوبة وكمية التساقط شتاء في إقليم المتوسط.

يعمل اتجاه التضاريس الموازي للساحل على عزل المناطق الداخلية عن تأثير البحار .ولذلك، يتميز مناخ الوطن العربي بارتفاع درجات الحرارة وارتفاع المدى الحراري بين النهار والليل خلال أشهر عديدة من السنة، مما يؤدي لسيادة فصلين واضحين هما الصيف والشتاء ومحدودية فصلي الربيع والخريف. وبذلك يسيطر الجفاف وقلة الأمطار على معظم المناطق العربية ويؤدي لانتشار البيئات الصحراوية،  الأمر الذي يعتبر من العوامل البارزة التي تحدد اوجة النشاط الاقتصادي الزراعي والصناعي والخدمي، ويجعل من إدارة المياه من أكبر التحديات التي تواجه الوطن العربي.  

مفهوم المناخ والطقس  

يعرف المختصون في مؤسسة ناسا  (NASA) المناخ بأنه متوسط حالة الطقس لمنطقة معينة في فترة زمنية طويلة. وتتناول هذه القيمة المتوسطة عدداً من العناصر أو المؤشرات تشمل كمية وتوزيع الأمطار ودرجة الحرارة والرطوبة وكثافة وارتفاع السحب (الغيوم) وسرعة الرياح وظواهر أخرى مثل الصقيع والبرد والثلج في منطقة معينة وعلى مدى زمني طويل.

الطقس هو حالة الغلاف الجوي والتغيرات في العناصر المشار إليه أعلاه وعناصر أخرى مثل الضباب والعواصف الثلجية والرعدية والفياضانات والمنخفضات والمرتفعات الجوية والضغط الجوي، ولكن في المدى الزمني القصير، خلال ساعات أو أيام. الفرق بين المناخ والطقس إذن، هو في البعد الزمني. فالطقس يتصل بحالة الغلاف الجوي خلال فترة زمنية قصيرة، والمناخ هو حالة متوسطة لسلوك الغلاف الجوي على مدى زمي طويل، عادة ما تكون 30 عاما. الطقس حالة متغيرة.

تستخدم عناصر أو مؤشرات الطقس في وصف  التغير في حالة الطقس. فالطقس يتغير بين ساعة وأخرى أو يوم وآخر، وموسم الشتاء قد يكون  أبرد (أو أدفأ) من المتوسط وكميات الأمطار أكثر (أو أقل) من المتوسط .  والمناخ هو حالة نمطية (مستقرة نوعاً ما) لمتوسط الطقس لمنطقة معينة على مدى زمني طويل. وإذا استمرت درجات  الحرارة أو كميات الامطاربأن تكون أعلى أو أقل من القيم المتوسطة، فهذا يؤشر على وجود تغير مناخي الذي يكثر الحديث عنه وعقدت حوله كثير من المؤتمرات وجرت حوله الكثير من الإتفاقيات العالمية.

   مناخ الوطن العربي: أهمية المناخ

يؤثر مناخ الوطن العربي على الحياة البشرية والحيوية والنباتية  وعلى الموارد المائية. ولذلك للمناخ أهمية تطبيقية في مجالات التخطيط والتكامل الإقتصادي العربي واستثمار الموارد الطبيعية في مجالات مثل تنمية الزراعة والثروة الحيوانية وتخطيط المدن والسياحة والمواصلات. ويؤثر المناخ على الأمن الغذائي والمائي وهي قضايا هامة ترقى إلى حد المس بالأمن العربي. كما سيؤثر المناخ على مستوى معيشة شريحة من سكان الريف باعتبار الزراعة مجالا للعمل ومصدرا للدخل فضلاً عن تأثيره على البيئة وعلى جودة  الحياة.

عناصر مناخ الوطن العربي  

◊  الحرارة الحرارة هي أهم عناصر المناخ حيث ترتبط بها العناصر الأخرى من ضغط ورياح وأمطار، وبالتالي تُؤثر على مظاهر الحياة النباتية والحيوانية.

في فصل الشتاء تكون الجهات الجنوبية من الوطن العربي حارة شتاءً بسبب قربها من خط الاستواء، بينما تنخفض الحرارة بالاتجاه شمالاً وفي مناطق البحر المتوسط .وفي شهر كانون الثاني، تكون الشمس عمودية بين دائرتي الإستواء والجدي جنوبي خط الإستواء، وتكون درجات الحرارة مرتفعة في الأطراف الجنوبية في الصومال (33 درجة) والسودان (29 درجة)، بينما تنخفض درجة الحرارة في شمال الوطن العربي. وبذلك، تنخفض الحرارة كلما اتجهنا شمالا من الخرطوم ألى أسوان وإلى القاهرة من 22 إلى  16 ثم 12 درجة على التوالي. وتبلغ درجات الحرارة على المدن الساحلية في الدار البيضاء والجزائر وتونس والإسكندرية وبيروت وحيفا من 10- 14 درجة، بينما يبلغ المتوسط في المدن الداخلية مثل القدس ودمشق 7 – 8 درجات. ويكون مدى الحرارة اليومي أقل من مثيله في المناطق التي تقع بعيدا عن تأثير البحر.

وفي فصل الصيف، ترتفع درجات الحرارة وخاصة في الأجزاء الوسطى من الوطن العربي بسبب انتشار الصحراء، بينما تعتدل الحرارة شمالاً في مناطق البحر المتوسط. وفي شهر تموز، تكون أشعة الشمس عمودية بين دائرتي الإستواء والسرطان وتتراوح درجات الحرارة على امتداد إقليم الصحراء بين 25 – 40 درجة وبمتوسط حوالي 33 درجة في بسكره (بالجزائر) وأسوان والرياض، ويكون مدى الحرارة اليومي كبيراً. وتكون الحرارة معتدلة جنوباً،  فيكون المتوسط 25 درجة في جوبا  في جنوب السودان. وكذلك في الأطراف الشمالية حيث يظهر الأثر الملطف للمسطحات المائية. ويكون المدى الحراري محدوداً إذ يبلغ المتوسط في الدار البيضاء 22 درجة. ويظهر تأثير تيار كناري البحري على ساحل الأطلسي في المغرب فتبلغ درجة الحرارة في أغادير 20 درجة.  هذا في حين تشتد الحرارة في المناطق البعيدة عن البحر فتبلغ 28 درجة في كل من القاهرة ودمشق و 34 درجة في بغداد. ولا يعني تعامد الشمس على خط الإستواء أن المنطقة الإستوائية هي أكثر جهات الأرض حرارة نظرا لتدخل عوامل أخرى تشمل الغطاء النباتي، الرطوبة، السحب وغزارة الأمطار.

شكل 3: آلية تشكل الرياح

◊  الضغط الجوي والرياح

يؤدي اختلاف الحرارة إلي اختلاف الضغط الجوي، فالمناطق المرتفعة الحرارة يكون ضغطها منخفضاً، والمناطق المنخفضة الحرارة يكون ضغطها مرتفعاً . ويؤدي اختلاف الضغط الجوي إلى تحرك الهواء من مناطق الضغط المرتفع الي مناطق الضغط المنخفض علي شكل رياح، كما تبين آلية تشكل الرياح في شكل 3.  والرياح  قد تكون دائمة أو موسمية أو محلية يومية (جدول 1).

وتهب  الرياح الدائمة بانتظام طوال العام، وتنقسم إلى رياح تجارية  ورياح غربية (عكسية) ورياح قطبية. ولا تهب الرياح في خط مستقيم، وإنما تنحرف إلى يمين اتجاهها في النصف الشمالي وإلى يسار اتجاهها في النصف الجنوبي بسبب دوران الأرض حول نفسها ( شكل 2). وتعمل الرياح على توزيع درجه حرارة و توزيع ضغط الغلاف الجوى المحيط بالارض وعلى سقوط الامطار وتحمل بذور النباتات إلى أماكن قد تكون بعيدة وبذلك تنشر وتغني الحياة النباتية. ولكنها أيضاً قد تؤدي إلى تعرية التربة ونقل أجزاء منها لمناطق أخرى.

تهب الرياح التجارية من دائرتي عرض 30 شمالا وجنوباً، وهي منطقتي الضغط المرتفع المداريتين نحو منطقة الضغط المنخفض الاستوائي في خط الاستواء. وهذه الرياح منتظمة ومعتدلة السرعة طول العام وسرعتها نحو 15 – 20 كم في الساعة. والرياح التجارية جافة وغير ممطرة لأنها تأتي من مناطق دافئة معتدلة إلى أخرى حارة، وبذلك  تلطف درجة حرارة صيفاً لأنها تأتي من جهات أقل حرارة إلي جهات أعلى حرارة، لكنها تحمل الكتل الهوائية التي قد تكون شديدة البرودة شتاء. ويكون اتجاه الرياح  شمالي شرقي في نصف الكرة الشمالي، وجنوبي شرقي في نصف الكرة الجنوبي كما يبين الشكل 3.  وسميت هذه الرياح بالتجارية لأنها كان يستفاد منها فى دفع وتسيير السفن الشراعية.

تهب الرياح الغربية (العكسية) من مناطق الضغط الجوي المرتفع المدارية من دائرتي عرض 30 شمالا وجنوباً نحو الدائرتين القطبيتين الشمالية والجنوبية ويكون اتجاهها جنوبي غربي في نصف الكرة الشمالي وشمالي غربي في نصف الكرة الجنوبي تجاه مناطق الضغط الجوي المنخفض المعتدلة وشبه القطبية. وتتميز الرياح الغربية بأنها سريعة وأكبر سرعة من الرياح التجارية وتبلغ سرعتها نحو 25 – 30 كم في الساعة.  وقد عرفت الرياح الغربية بالعكسية لأنها تهب بعكس اتجاه الرياح التجارية. وترافق هذه الرياح المنخفضات الجوية شتاء في شمال الوطن العربي.

تتعرض مناطق إقليم المتوسط في فصل الشتاء في شهر كانون الثاني، للمنخفضات الجوية التي تسبب الأمطار حيث تتعرض الجهات الساحلية  للرياح الغربية العكسية الرطبة وتؤدي إلى انخفاض الحرارة وسقوط المطر شمال الوطن العربي. وتأخذ هذه المنخفضات مسارات مختلفة على شمال البحر المتوسط أو وسطه أو جنوبه وتتباين من عام لآخر. ويخفض اتباع المنخفضات للمسار الشمالي من كمية الأمطار المتساقطة. بينما تشتد البرودة على وسط آسيا وتصبح مركزا للضغط المرتفع وتهب الرياح الجافة منها لأنها خارجة من اليابسة، وتسيطر على معظم شبه الجزيرة العربية. غير أن مرورها عبر خليج عمان يحملها بالرطوبة فتسقط الأمطار على جبال عمان ويؤدي انتقالها عبر البحر الأحمر الى سقوط الأمطار في شرق السودان.

تهب الرياح القطبية شديدة البرودة, قليلة الرطوبة من منطقتي القطبين الشمالي والجنوي ذات الضغط المرتفع نحو المناطق المعتدلة ذات الضغط المنخفض في الدائرتين القطبيتين الشمالية والجنوبية.

تهب  الرياح الموسمية في فصل أو موسم معين وعلى أقاليم معينة في المناطق المدارية.  ففي فصل الصيف،  ترتفع درجة الحرارة كثيرا في أواسط آسيا مما يؤدي إلى نشوء منطقة ضغط منخفض تنجذب الرياح إليها من المحيطين الهادي والهندي المجاورين. ولذلك تهب الرياح نتيجة لتجاور مساحات كبيرة من اليابسة لمساحات كبيرة من الماء من بحار أو محيطات ويختلف كل منهما في درجة الحرارة و الضغط الجوى.

بسبب اختلاف الحرارة النوعية (وهي كميّة الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من المادة درجةً مئويةً واحدة) لكل من اليابسة والماء، فإن مناطق الضغط المرتفع تتكون على المياه في فصل الصيف، في حين تتكون مناطق الضغط المنخفض على اليابسة، فتندفع الرياح من الماء إلى اليابسة مسببة أمطاراً موسمية غزيرة.

أمّا في فصل الشتاء، فيحدث عكس هذه الحالة في نظام هبوب الرياح، إذ يتكون نطاق من الضغط المرتفع الفصلي على اليابسة، تخرج منه الرياح الموسمية الجافة متجهة إلى المسطحات المائية المجاورة التي تتمركز فوقها مناطق من الضغط المنخفض، ولذلك تهب من وسط شرق آسيا (مثلاً) رياح موسمية شتوية تجاه المحيطين الهندي والهادي.

وهكذا تتعرض كل من المسطحات المائية واليابسة المجاورة لنظام فصلي للرياح، تهب في اتجاهات مضادة من فصل إلى آخر. وتتمركز على وسط آسيا وخليج عمان في فصل الصيف في شهر تموز، منطقة ضغط منخفض تجذب اليها الرياح الموسمية الرطبة من المحيط الهندي فتسبب سقوط المطر في عمان واليمن وبعض أطراف جنوب الجزيرة العربية. بينما تنتقل منطقة الضغط المنخفض الإستوائية ويكون مركزها في إفريقيا جنوب السودان وتجذب اليها الرياح الموسمية الرطبة من الأطلسي الجنوبي والهندي فيسقط المطر على وسط وجنوب السودان وجنوب موريتانيا.

وقد عرف العرب مواسم هبوب الرياح الموسمية واستخدموها للوصول إلى السواحل الشرقية لأفريقيا. ففي الشتاء، تهب هذه الرياح من الشمال الشرقي (أي من جهة الخليج العربي) خلال شهور تشرين الثاني (نوفمبر) وحتى آذار (مارس)، فيقوم البحارة برحلتهم في سفنهم الشراعية من الخليج في اتجاه السواحل الشرقية لأفريقيا. وتأخذ الرحلة  20-25 يوما في هذه الحالة، بينما تسير ببطء وتقطع المسافة في  30-40 يوما في بقية السنة.   وتكون رحلة العودة للخليج خلال فترة ابريل – سبتمبر حيث تهب الرياح من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي. ويعد شهري أبريل وأكتوبر فترة انتقالية بين فصلي الشتاء والصيف.

الرياح المحلية  ذات تأثير محلي وتهب فوق مناطق محدودة من سطح الأرض، وقد تكون باردة أو حارة . وتنشط الرياح المحلية الباردة في المناطق الجبلية العالية مثل رياح المسترال في أوروبا وهي رياح شمالية باردة  وتتراوح سرعتها بين  50-65 كم /ساعة وقد تبلغ  100 كم. و تهب رياح المسترال في الشتاء من جبال الألب الغربية، ومن هضبة جنوبي فرنسا ذات الضغط المرتفع وتتجه صوب البحر الأبيض المتوسط  ذوالضغط المنخفض. ويسبِّب ذلك رياحاً عنيفة أثناء انحدار الهواء البارد التدريجي إلى مستوى البحر وقد يسبب أضرارًا واسعة للنباتات. وغالبًا مايستمر هبوب المسترال لمدة مائة يوم سنويًا.

تهب في الوطن العربي رياح محلية في فصل الربيع واوائل الصيف عندما تكون المحاصيل الشجرية و الحقلية في طور الإزهار أو الإثمار المبكر.  وتهب هذه  الرياح من المناطق الصحراوية الحارة و الجافة إلى مناطق مجاورة وتؤدي لإثارة الغبار والرمال التي تحد من الرؤية وضيق التنفس وتؤدي لجفاف النبات. وتأخذ هذه الرياح تسميات محلية،  فهي رياح الخماسين في مصر وبلاد الشام ورياح السموم في السعودية والطوز في دول الخليج العربي، ورياح الهبوب  في السودان والقبلي في ليبيا ورياح السيروكو في الجزائر والشرقي ورياح السولانو في المغرب.

تحدث الرياح اليومية نتيجة لاختلاف الحرارة والضغط الجوي اليومي بين اليابسة والماء (نسيم البر والبحر) أو بين المرتفعات و الأودية المتجاورين أثناء الليل والنهار (نسيم الجبل و الوادي) .

ونسيم البحر هو نسمات من الرياح الرطبة المنعشة تهب نهاراً من البحر الأقل حرارة (مرتفع الضغط) تجاه اليابسة الأعلى حرارة (منخفضة الضغط)، وقد تصل لمسافات تبلغ 30 كيلو متراً، وتؤدي لتلطيف درجة حرارة المناطق الساحلية و ترفع نسبة الرطوبة على المناطق الساحلية في الوطن العربي.

وعلى العكس من نسيم البحر، يهب نسيم البر الجاف ليلاً من اليابسة  الأقل حرارة (مرتفعة الضغط) التي تفقد حرارتها بسرعة باعتبارها سطح صلب تجاه البحر الأعلى حرارة الذي يحتفظ كسائل بدفئه النسبي (منخفض الضغط).

يهب نسيم الجبل البارد من قمم وسفوح الجبال هبوطاً تجاه الأودية ليلاً عندما تبرد سطوح وقمم الجبال بسرعة (منطقة الضغط المرتفع) بينما تحتفظ الأودية بحرارتها مما يؤدي إلى تحولها إلى منطقة ضغط منخفض، فيهبط الهواء البارد من الاعالى إلى الأودية ويعمل هذا الهواء على خفض درجة حرارة هذه الوديان أثناء الليل.

ويهب نسيم الوادي في النهار نتيجة سقوط أشعة الشمس على سطوح الجبال (الأقرب للشمس) بوقت أبكر من الوادي، ممّا يرفع من درجة حرارة الهواء الملامس للجبل ويزيد من  حجمه ويخفض من كثافته،  ويؤدي بالتالي إلى تشكيل منطقة ضغط منخفض في الجبل. وهذا يعمل على انتقال الهواء من الوادي (منطقة الضغط المرتفع)، إلى الجبل (منطقة الضغط المنخفض نهاراً).  ويساعد نسيم الوادي على سرعة نمو الأشجار المثمرة والنباتات.

◊  المــــطر ينعكس توزيع الأمطار على كل مظاهر الحياة الطبيعية والبشرية التي تتباين كثيرًا في بعض المناطق المتجاورة. فتكون الحياة النباتية في المناطق المطيرة في جبال لبنان وفلسطين وسوريا وشمال ليبيا والمغرب مناطق غابات، بينما تتناقص النباتات كلما ابتعدنا عن البحر حتى تنتهي في النطاق الصحراوي الممتد إلى الجنوب من الجبال.

يسود الوطن العربي النظام المطري الشتوى بشكل رئيسي، غير أن أجزاء من الوطن العربي تتبع النظام الصيفي:

•  النظام الشتوي: إقليم البحر الأبيض المتوسط: تسقط الأمطار في فصل الشتاء في هذا الإقليم نتيجة للمنخفضات الجوية الإعصارية والتي تتكون من الرياح الغربية العكسية التي تنشأ على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي وتندفع من مضيق طارق أو خليج بسكاي عبر جبال بيرنيز وتتجه شرقاَ. ويكون البحر المتوسط منطقة تكون وتعمق ومرور للمنخفضات الجويه التي تسبب سقوط المطر في هذا الأقليم.

تتفاوت مواعيد سقوط وكمية الآمطار من عام لآخر تبعا للتضاريس والموقع من المسطحات المائية وامتداد الساحل باتجاه الرياح ومدى تعمق المنخفضات وسرعة الرياح وحسب مسلك الأعاصير شمال أو وسط أو جنوب المتوسط وتقل الأمطار عندما يتخذ مسارالأعاصير شمالي المتوسط وكذلك بالأتجاه شرقاً.

شكل 4: أمطار التضاريس

وأمطار إقليم المتوسط تضاريسية كما يبين شكل 4، تحدث عندما تتعامد الرياح مع الجبال الساحلية في معظم إقليم البحر المتوسط في بلاد الشام والمغرب العربي. فعندما تصطدم الرياح الرطبة المحملة ببخار الماء بالمرتفعات الجبلية ، يرتفع الهواء الى أعلى فيبرد، ولا يعود قادراً على حمل كثير من الرطوبة، ويتكاثف ما فيه من بخار ماء وتسقط أمطار أو ثلوج على السفوح الجبلية المواجهة للرياح الرطبة حسب ارتفاع الجبال، وبشكل اكبر من السفوح الواقعة في ظل المطر.  وعلى الجانب الخلفي للجبال وما بعدها يحمل الهواء القليل من الرطوبة، الأمر الذي يؤدي لسقوط القليل من الأمطار.

وهذا ما يفسر ان السفوح الغربية لجبال الشام الغربية في سوريا ولبنان وفلسطين، وفي الجبل الخضر في ليبيا وجبال اطلس في الجزائر والمغرب تتلقى كمية اكبر من الامطار، لانها مواجهة للرياح الرطبة القادمة من البحر المتوسط ، بينما تتلقى السفوح الشرقية مثل دمشق وعمان القليل من الأمطار لانها تقع في ظل المطر.

وتتناقص الأمطار أيضاً كلما اتجهنا جنوباً إلى داخل الوطن العربي .وتكون الأمطارعاصفية بحيث تسقط بغزارة في فترة قصيرة من السنة ويتبعها فترات انقطاع تتفاوت كثيراً بين عام وآخر. فكمية الأمطار هي 900 ملم في بيروت لتعرضها للرياح المحملة بالرطوبة، ولكنها 230 ملم في دمشق القريبة من بيروت، ولكنها تقع خلف الجبال.

الإقليم الصحراوي: تشتد البرودة في بداية فصل الشتاء في نهاية شهر كانون أول في وسط آسيا وتصبح مركزاً للضغط المرتفع, ومع وجود منخفض جوي في جنوب خط الأستواء في أفريقيا، تهب الرياح التجارية الشمالية الباردة والجافة لأنها خارجة من اليابسة وسط آسيا وتسيطر على معظم الإقليم الصحراوي، ولذلك تندرالأمطار فيه.

يسود الإقليم الصحراوي في 80% من مساحة الوطن العربي ويضم شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا وحتى جنوب السودان والصومال. وتسقط الأمطار في المناطق الحدية المحاذية للإقليمين المتوسط والمداري.  غير أن عبور الرياح الجافة خليج عمان يؤدي لتشبعها بالرطوبة ويسبب امطارا شتوية في سلطنة عمان. وبالمثل، يؤدي مرورها عبر البحر الأحمر الى تساقط الأمطار في بور سودان.

بشكل عام يتناقص المطر من غرب الوطن العربي إلى مشرقه، فبينما يبلغ المعدل السنوي في مدينة الجزائر  750 ملم،  فإنه يبلغ 400 ملم في طرابلس الغرب و200 ملم في الإسكندرية و50 ملم في بغداد والكويت.  كما تتناقص الأمطار الشتوية كذلك تدريجيًّا كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب الصحراوي.

وتزيد الأمطارحينما تكون الجبال الموازية للسواحل ، وبذلك تكون مواجهة أو متعامدة مع الرياح القادمة من البحر كما في مناطق من فلسطين ولبنان والمغرب، بينما تقل كثيرًا في المناطق التي تقع خلف الجبال. فبينما تزيد الأمطار السنوية على السفوح الشمالية لجبال أطلس التل عن 800 ملم، لا يزيد على السفوح الجنوبية لنفس الجبال عن 300 ملم.

تبلغ كمية الأمطار السنوية أقصاها في جنوب السودان، حيث تتراوح بين 800 و1100 ملم، ويليها السفوح الجبلية المواجهة للبحر المتوسط في سوريا ولبنان وفلسطين والمغرب العربي حيث تتراوح المعدلات السنوية بين 700 و1000 ملم. ويسود المناخ الصحراوي في أكثر من 80% هذه المساحة، بينما توصف بقية المساحة بأنها شبه جافة أو شبه صحراوية.

•  النظام الموسمي الصيفي: الإقليم المداري والموسمي تتعامد الشمس على على مدار السرطان في فصل الصيف في شهر تموز, جنوب الوطن العربي وهذا يشمل جنوب المغرب العربي وجنوب مصر وجنوب الجزيرة العربية  بما في ذلك جنوب السعودية وعمان واليمن.  وتتمركز على وسط آسيا وخليج عمان منطقة ضغط منخفض تجذب اليها الرياح الموسمية الجنوبية الغربية الرطبة من المحيط الهندي الذي يتمركز فوقه ضغط مرتفع فتسبب سقوط المطر في اليمن وبعض أطراف جنوب الجزيرة العربية بعد أن تفقد قسماً كبيرا من رطوبتها عند مرورها على شرق أفريقيا.  بينما تتحرك منطقة الضغط المنخفض الإستوائية الى جنوب السودان وتجذب اليها رياحا تجارية شمالية جافة وأخرى جنوبية موسمية رطبة من الأطلسي الجنوبي الذي ينتقل مرتفع الآزور الى جنوبه، فيؤدي الى سقوط الأمطار على وسط وجنوب السودان وجنوب موريتانيا.  وتقل الأمطار الصيفية الموسمية بالإتجاه شمالا فهي 950 ملم في جوبا, 350 ملم في الأبيض و 160 ملم في الخرطوم.

◊  رطوبة الهواء تنخفض الرطوبة النسبية نتيجة هبوب الرياح المحلية الصحراوية مما يؤثر على انتاجية الحيوانات وعلى المحاصيل الزراعية خاصة في فترات الإزهار والمراحل الأولى للإثمار فتضمر حبوب القمح والشعير.  بينما ترتفع الرطوبة النسبية في المناطق الساحلية مقترنة بالحرارة العالية وتحول الجبال دون أنتشارها في الداخل فتبقى راكدة خاصة على سواحل البحر الآحمر كما في سهل تهامه في السعودية وكذلك في خليجي عدن وعُمان والخليج العربي وعلى سواحل بلاد الشام.  ولارتفاع الرطوبة نتائج ايجابية أيضا، فأذا تدنت الحرارة ليلا وبلغت نقطة الندى عند الفجر فأنه يحدث ندى كثيف كما هو الحال على سواحل المتوسط الشرقية وعمان وساحل اليمن على البحر الأحمر لفترة قد تمتد الى 250 يوما ويمثل الندى 1\4 كمية التساقط السنوي في بيروت وهذا يمثل عنصرا هاما في سقي المزروعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *